Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حفيدة خروتشوف تطالب بايدن بالتشدد مع روسيا

أعادت قصة هرب ابنة ستالين إلى الولايات المتحدة ووصفها أباها بأنه "كان وقحاً جداً وقاسياً جداً"

أعادت تصريحات الحفيدة نينا خروتشوفا إلى الأذهان الكثير من مفردات ظاهرة لجوء عدد من أبناء زعماء الاتحاد السوفياتي وروسيا إلى الغرب (حقوق الصورة للبروفيسور خروتشيفا)

يبدو أن أسماء الأبناء والأحفاد سوف تبقى أبد الدهر عنواناً لكثير من الحكايات التي تظل الإثارة عنوانها، ولعل ما أثارته حكاية هرب سفيتلانا ابنة ستالين إلى الهند ومنها إلى الولايات المتحدة، كان ولا يزال لصيقاً بذاكرة كثيرين ممن يجنحون دوماً صوب استخدام الأبناء والأحفاد سبيلاً إلى تصفية الحسابات على الصعد كافة، العامة منها والخاصة، ولذا فما كاد الزعيمان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن يعلنان عن اتفاقهما حول أول لقاء يجمعهما في جنيف في 16 يونيو (حزيران) الحالي، حتى بادرت نينا خروتشوفا، وهي حفيدة الزعيم السوفياتي الأسبق نيكيتا خروتشوف عن ابنه سيرغي الذي اختار أن يسميها باسم أمه نينا خروتشوفا، بكتابة مقالة تناشد فيها الرئيس الأميركي بـ "عدم التحلي بالليبرالية مع روسيا"، أو بقول آخر التشدد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ونقلت وكالة "نوفوستي" الروسية الرسمية عن نينا خروتشوفا (الألف المضافة للقب إشارة الى المؤنث)، ما قاله معلق الوكالة دميتري كوسيريف حول ضرورة عدم تحميل الأبناء أوزار الآباء والأجداد، انطلاقاً من المثل الروسي القائل، "الابن ليس مسؤولاً عن تصرفات أبيه". ولم تكن مقالة نينا خروشوفا الأستاذة في كلية الدراسات العليا للعلاقات الدولية في نيويورك التي نشرتها في "Japan Times" لتعني أية أهمية، لو لم تكن كاتبتها تنتسب إلى شجرة عائلة خروتشوف ولو بالتبني، وهي التي تنتسب إلى الحزب الديمقراطي الأميركي الذي تشغل فيه منصباً مؤثراً.

كما أن تاريخ سيرغى خروتشوف لم يكن ليكون بعيداً من اهتمام متابعيه منذ أن اتخذ قراره بالهجرة إلى الولايات المتحدة، التي شاءت الاقدار أن يلقي فيها نهايته في يوليو (تموز) العام الماضي، ولم يكن أكمل الـ 85 من العمر. وبهذا الصدد، قالت سلطات مقاطعة "كرانستون" التابعة لولاية "رود آيلاند" الأميركية إنه "عُثر على سيرغى خروتشوف مقتولاً أو منتحراً بطلقة في الرأس"، في ظروف لا يزال الغموض يكتنف كثيراً من جوانبها، منذ أبلغت قرينته الشرطة بالحادثة، وليجري نقله لدفنه في مقبرة العائلة بموسكو إلى جوار ذويه في مجمع مقابر عظماء روسيا الذي يحمل اسم "نوفوديفيتشى موناستير" (دير العذارى) على ضفاف نهر موسكو.

وبغض النظر عن تسلسل شجرة العائلة وانتساب الابنة إلى عائلة خروتشوف بالتبني، فإن ما يستوجب التوقف عنده في هذا الصدد هو تكرار ظاهرة هرب أو لجوء أبناء كبار الزعماء السوفيات والروس حالياً إلى الغرب الذي طالما نعته الآباء والاجداد بأقذع الاوصاف. وحول سيرغى خروتشوف الابن الأكبر للزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف، فقد بادر، وكان تجاوز الـ 50 من العمر، بالسفر الى الولايات المتحدة مع آخر سنوات الـ "بيريسترويكا" في ثمانينيات القرن الماضي ومطلع التسعينيات، بحجة إلقاء بعض المحاضرات العلمية هناك. وعلى الرغم من تخصصه الدقيق كأحد أبرز علماء صناعة الصواريخ الحاملة للمركبات الفضائية، فقد اختار أن تكون هذه المحاضرات في البداية عن "الحرب الباردة"، والتي سرعان ما كانت السبيل إلى التحول من الهندسة الفضائية إلى العلوم السياسية، كما أنه عكف على كتابة مذكرات أبيه قبل وفاته، ليعود ويدبج كثيراً من المقالات والكتب السياسية حول سنوات حكم الأب نيكيتا خروتشوف، إلى أن انتهى به الأمر إلى الاستقرار في الولايات المتحدة التي حصل فيها على حق الإقامة الدائمة.

النظام السوفياتي

ومن اللافت في هذا الصدد أن مضيفي وزملاء سيرغى خروتشوف من مواطني الولايات المتحدة لم يكونوا نسوا بعد تاريخ الزعيم السوفياتي الذي طالما قضّ مضاجع كثيرين هناك بتهديداته المستمرة، حول أنه سوف "يدفنهم جميعاً وأن التاريخ مع النظام السوفياتي"، ولذا فقد كان لهجرة ابن ذلك الزعيم السوفياتي إلى الولايات المتحدة أوقع الأثر، بخاصة بعد أن اختارها ليعلن منها أنه "أصيب بخيبة الأمل في النظام الشيوعي"، مؤكداً أن مثل هذا النظام "ليس فعالاً في أي مجتمع".

وقد أعادت تصريحات الحفيدة نينا خروتشوفا إلى الأذهان كثيراً من مفردات ظاهرة هرب ولجوء عدد من أبناء زعماء الاتحاد السوفياتي وروسيا إلى الغرب الذي طالما كان ولا يزال الخصم التاريخي لقرون طوال، ومن هؤلاء يذكر المراقبون سفيتلانا ابنة الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين التي كانت اختارت الهرب إلى الولايات المتحدة بعد وفاة أبيها، وما لقي تاريخه من تنديد في إطار ما سمى آنذاك بـ "إدانة عبادة الفرد".

"اليليويفا"

وكانت سفيتلانا قررت آنذاك أن تحمل لقب أمها "يليويفا"، بديلاً عن لقب الأب دجوغاشفيلي، اللقب الحقيقي لستالين، في وقت عادت وفاجأت الاتحاد السوفياتي والعالم بقرار هربها إلى الولايات المتحدة عام 1967. ولتلك الحكاية بداية تستمد أصولها من سنوات طفولتها التي قضت ستاً منها في رحاب "الكرملين"، فقد كانت منذ مولدها في فبراير (شباط) 1926 الصغرى والوحيدة بعد شقيقين طالما كانوا جميعاً شهوداً على كثير من متاعب وهموم الأم "ناديجدا يليويفا" التي طالما أذاقها الأب كثيراً من الهوان بطباعه التي أجمع كثيرون على قسوتها وشديد غرابتها، والتي كانت سبباً في انتحارها بطلقة مسدس، ولم تكن سفيتلانا بلغت السادسة من العمر.

وعلى الرغم من كل ما حظيت به الابنة الوحيدة للزعيم السوفياتي ستالين من رغد العيش واهتمام المحيطين بها، فقد ظلت تعاني وطأة مشاعر الوحدة والعزلة، وهي التي طالما كانوا يعتبرونها "أميرة الكرملين"، بحسب ما كان الأب يحلو له أن يناديها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 ولذا لم يكن غريباً أن تسارع الابنة وبعد تخرجها من كلية الآداب في جامعة موسكو إلى محاولات الانفصال عن أبيها تحت مختلف الذرائع، حتى وفاته عام 1953. وكانت سفيتلانا ارتبطت بزيجة لم تستمر طويلاً مع مخرج يقولون إن ستالين أمر بنفيه إلى سيبيريا قبل وفاته.

غرام مواطن شيوعي هندي

وعلى الرغم من كل ما كان يحكم الاتحاد السوفياتي من نظم وقوانين تحرم الارتباط بالأجانب أو حتى الاتصال بهم، فقد وقعت سفيتلانا في غرام مواطن شيوعي هندي كان وفد إلى موسكو للعمل مترجماً بدار "التقدم"، أكبر دور النشر السوفياتية.

وعلى الرغم من كل محاذير الارتباط بمواطن أجنبي، نزل رفاق الأب من قيادات الحزب والدولة بعد وفاته عند رغبة الابنة، ليوافقوا على مضض وعن غير ارتياح على ارتباطها بذلك المترجم الهندي. ولم يمض كثير من الوقت حتى وافته المنية، واضطر المسؤولون السوفيات عن غير طيب خاطر إلى الموافقة على أن تسافر سفيتلانا برفقة "الجثمان" إلى الهند للمشاركة في مراسم وداعه هناك بنشر "رماده" بين ربوع الوطن.

في نيودلهي اتخذت سفيتلانا قرارها بعدم العودة والاتصال بالسفارة الأميركية لطلب اللجوء الذي سرعان ما استجابت السلطات الأميركية له عام 1967، مما أثار في حينة ضجة عالمية كبرى.

كتابة ونشر مذكراتها

وفي الولايات المتحدة، استهلت ابنة ستالين حياتها بالموافقة على كتابة ونشر مذكراتها التي لقيت انتشاراً واسع النطاق عاد عليها بعوائد مالية ضخمة، يقال إنها تجاوزت 1.5 دولار. ومن سخريات ما تضمنته هذه المذكرات ما نعتت به أباها، الذي وصفته بقولها إنه "كان رجلاً بسيطاً جداً، وقحاً جداً وقاسياً جداً. كان يحبني ويريدني أن أصبح ماركسية متعلمة". بل وقالت ما هو أشبه بالشكوى من إنها "أصبحت أسيرة اسم والدها".

وإذا كان ذلك صحيحاً، فلم يكن من الصحيح وعلى حد اعتقاد كثيرين من المراقبين في موسكو التمادي في "الخصومة" مع الوطن إلى حد الإساءة له باللجوء إلى الخصم والغريم، وذلك لا يقتصر على سفيتلانا وحدها، بل على كثيرين ممن حذوا حذوها سواء من أبناء الزعماء والمشاهير في الاتحاد السوفياتي وروسيا، أو من كبار الأدباء والفنانين والشعراء ونجوم الرياضة.

ومن هذه الأسماء ابن خروتشوف مهندس الصواريخ سيرغى خروتشوف، ويفغيني يفتوشينكو شاعر الكرملين المدلل الذي قضى نحبه في الولايات المتحدة قبل أن ينقل جثمانه ليدفن بين ربوع الوطن، والجنرال أوليج كالوجين رئيس إدارة مكافحة التجسس في جهاز "كي جي بي"، الذي طالما عمل في الولايات المتحدة تحت سقف السفارة السوفياتية، وانتهي به الحال إلى للهرب إلى الولايات المتحدة في تسعينيات القرن الماضي، التي يواصل العمل والحياة فيها حتى اليوم، وآخرون كثر.

أما عن سفيتلانا "اليليويفا" (ستالين)، فقد انتهى بها الحال أيضاً إلى التخبط بين إدانة الشيوعية والنظام السوفياتي، وتكرار تجارب البحث عن وطن بعدما تركت الولايات المتحدة لتعود إلى الاتحاد السوفياتي بعد بدء سياسات الـ "بيريسترويكا"، ومنها ثانية إلى كامبريدج في بريطانيا التي سرعان ما غادرتها إلى الولايات المتحدة لتقضي بها آخر أيامها إلى أن وافتها المنية في فبراير2011.

المزيد من سياسة