Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الهرب الإسرائيلي الصعب من مأزق القوة

"العالم رقعة شطرنج جيوسياسية واحدة، وإذا أرادت أميركا تحسين العلاقات مع إندونيسيا، فإن عليها تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي"

تظاهرة يمينية ضد الحكومة الإسرائيلية العتيدة أمام مقر الكنيست في القدس في 10 يونيو الحالي (رويترز)

في كتاب "المفارقة اليهودية"، ينقل ناحوم غولدمان كلاماً صريحاً سمعه من بن غوريون في لقاء جرى عام 1956. قال مؤسس إسرائيل، "لا سبب يشجع العرب على إقامة سلام معنا. ولو كنت زعيماً عربياً لما وقّعت أي شيء مع إسرائيل. نحن سطونا على بلدهم. انتزعناه منهم. صحيح أنه وعد الله لنا، ولكن لماذا سيهمّهم ذلك؟". وما فعله بنيامين نتنياهو كرئيس للحكومة على مدى 12 عاماً متواصلة وقبلها ثلاثة، أي أطول من حكم بن غوريون، هو المماطلة في التسوية مع العرب حين قبلوا استعادة جزء من الأرض ضمن معادلة الأرض مقابل السلام. ومن المبكر كتابة النعي السياسي لنتنياهو. لكن إسرائيل معه ومن دونه، في مأزق، مهما تكن قوية ومدعومة أميركياً وأوروبياً ولديها علاقات جيدة مع روسيا والصين ومعاهدات سلام مع دول عربية. إنه مأزق القوي الساطي على الأرض والعاجز في الوقت ذاته عن دفع الضحية إلى نسيان الجريمة، وحتى عن إقناع أصدقائه بالكف عن الدعوة إلى التسوية. والمثال البسيط على ذلك، هو قول البروفيسور كيشور محبوباتي من سنغافورة "العالم رقعة شطرنج جيوسياسية واحدة، وإذا أرادت أميركا تحسين العلاقات مع إندونيسيا، فإن عليها تسوية الصراع العربي-الإسرائيلي".

وليس متوقعاً أن تفعل حكومة يائير لبيد - نفتالي بينيت شيئاً في مجال التسوية. فهي مؤلفة من ثمانية أحزاب من اليمين والوسط واليسار، لا يجمعها سوى التخلص من حكم نتنياهو. وهي تواجه كل أنواع التحريض لإسقاطها على يد الديماغوجي البارع نتنياهو، "أبو يائير"، الرافض للاستسلام أمام يائير. فضلاً عن أن بينيت، المقرر أن يتولّى رئاسة الحكومة في النصف الأول من ولايتها، لم يتردد في القول إنه مستعد لشنّ حرب على غزة ولبنان ولو انهارت الحكومة. ولا تخلّى عن الموقف الصهيوني التقليدي القائل "الصراع مع الفلسطينيين ليس على الأرض، فهم لا يعترفون بوجودنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نتنياهو، في رأي "الإيكونوميست" البريطانية، "سياسي مميز، لكن إصراره على البقاء في السلطة يدمر ديمقراطية إسرائيل". وهو، من أجل البقاء في السلطة والخوف من المحاكمة والسجن، أخذ الإسرائيليين الى أربعة انتخابات خلال عامين من دون أن تتغيّر النتائج. وهذا هو "الجنون المطبق" الذي وصف به أينشتاين تكرار التجارب على المواد ذاتها وتوقّع نتيجة مختلفة، غير أنه جزء مما فعله نتنياهو بإسرائيل تحت شعار العمل من أجلها. والواقع أن مأزق القوة يتجلّى في خمسة عوامل مهمة. الأول هو استحالة الحفاظ على "الستاتيكو" المريح لإسرائيل في الضفة الغربية من خلال اتفاق أوسلو - على الرغم من المعارك التي تنشب بين حين وآخر مع غزة - والمريح لها في المنطقة عبر اتفاقات السلام من دون تسوية للصراع. العامل الثاني هو تعميق الانقسام السياسي بين التيارات الإسرائيلية، وإضافة عامل جديد إليه هو انتفاضة الفلسطينيين داخل الخط الأخضر ضد التمييز العنصري وفي تضامن مع إخوانهم في الضفة والقطاع. العامل الثالث هو تنامي أمواج اليمين المتشدد العلماني والديني إلى حد السيطرة الكاملة على السلطة والمجتمع. والنتيجة الحتمية لذلك هي غلبة التيار الديني المتطرف، بالتالي تغلّب ما يُسمّى "الطابع اليهودي" على "الطابع الديمقراطي" في اتجاه نظام ثيوقراطي. والرابع هو ازدياد الضغوط الأميركية والأوروبية والروسية والصينية والعربية والتركية على إسرائيل للتفاوض على تسوية سياسية، لا استقرار في المنطقة ولمصالح الكبار من دونها. والخامس هو العامل الإيراني المتمثل في السعي لحصول جمهورية الملالي في إيران على سلاح نووي، وتطويق إسرائيل بعشرات أو مئات آلاف الصواريخ المنصوبة لدى الميليشيات التابعة لها في لبنان وغزة وسوريا والعراق واليمن.

والتاريخ لا يمزح في مساره. مشروع إسرائيل الكبرى سقط. "صفقة القرن" وُلدت ميتة. 12 مليون فلسطيني لن يختفوا من على وجه الأرض. ومن الصعب استمرار الهرب من تحذير رئيس الوزراء الليكودي الأسبق إيهود أولمرت عبر صحيفة "هآرتس": "إذا لم تحقق إسرائيل حل الدولتين، فإنها تنتهي".

المزيد من تحلیل