Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حروب ترمب التجارية وأثرها في أسواق الطاقة

أكبر المتضررين من انخفاض النمو الاقتصادي العالمي هم منتجو الطاقة الأميركيون

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

يتفقُ أغلب الخبراء على أن الحروب التجارية تؤدي إلى انخفاض نمو الاقتصاد العالمي، الذي يؤدي بدوره إلى انخفاض الطلب على الطاقة، وبالتالي انخفاض الطلب على النفط والغاز والغاز المسال، وهذا فعلاً ما حصل، إذ انخفض نمو الاقتصاد العالمي مقارنةً بما كان متوقعاً، وما زالت أسعار النفط والغاز والغاز المسال تتأرجح ضمن مستويات منخفضة نسبياً.

وتمثّلت حروب ترمب التجارية بإلغاء عددٍ من الاتفاقات الدوليَّة التجاريَّة، وإلغاء عديد من الاتفاقات الثنائية، ولعل أهمها فرض رسوم جمركيَّة على كمية من الواردات من الصين، على أن ترتفع بشكل كبير فيما بعد، إذا لم يتم الوصول إلى اتفاق.

وقد هزَّت تغريدة ترمب، يوم الأحد الماضي، الأسواق الماليَّة في آسيا، التي هدد فيها برفع الرسوم الجمركيَّة على جزء كبير من الواردات من الصين، إذا لم يتم الوصول إلى اتفاق بحلول يوم الجمعة المقبل، فقد انخفضت أسواق الأسهم الصينية بأكثر من 5% عند كتابة هذا المقال، كما انخفضت أسعار النفط بحدود 2%.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والسؤال هنا: كيف تؤدي زيادة الرسوم الجمركيَّة على الواردات من الصين إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي؟

رفع الرسوم الجمركيَّة بشكل كبير على الواردات من الصين يؤدي إلى خفض صادرات الصين، وهذا يؤدي بدوره إلى تباطؤ النمو الاقتصادي فيها، وانخفاض الدخول، الذي يؤدي بدوره إلى انخفاض واردات الصين بشكل عام من دول مختلفة، وبالأخص المواد التي تحتاجها لتصنيع المواد المصدّرة إلى الولايات المتحدة.

من ناحية أخرى، ينتج عن ذلك انخفاض قيمة اليوان الصيني وارتفاع الدولار الأميركي. ارتفاع الدولار الأميركي يحجّم نمو الصادرات الأميركية، لأنها أصبحت أغلى سعراً الآن مما سبق من وجهة نظر العالم الخارجي، كما يؤدي إلى زيادة معدلات التضخم في الولايات المتحدة. وينتج عن ذلك انخفاضٌ في النمو الاقتصادي الحقيقي في الولايات المتحدة، وقد يتفاقم الأمر إذا قام البنك المركزي الأميركي (الفيدرالي الأميركي) برفع أسعار الفائدة، الذي قد يسهم في جذب رؤوس أموال أجنبية، بما في ذلك من الصين، فيخفض من النمو فيها أيضاً.

ونظراً إلى هذه البلبلة في الأسواق، ينخفض الاستثمار حتى تتضح الأمور. انخفاض الاستثمار هذا يؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي العالمي.

ونظراً إلى عدم قدرة المزارعين الأميركيين على تصدير منتجاتهم الزراعية إلى الصين، يحققون خسائر كبيرة، وتنخفض دخولهم، ومن ثم تنخفض استثماراتهم، فينكمش القطاع الزراعي، وينخفض معه النمو الاقتصادي الأميركي. وانكماش القطاع الزراعي يعني انخفاض الطلب على المعدلات والآلات الزراعيَّة، كما يخفض الطلب على الأسمدة والمبيدات الحشريَّة، فيؤثر ذلك سلباً في القطاع الصناعي، الأمر الذي ينتج عنه انخفاض النمو الاقتصادي.

النمو الاقتصادي والطلب على الطاقة
هناك علاقة طرديَّة بين النمو الاقتصادي والطلب على الطاقة بكل مصادرها في كل أنحاء العالم، وانخفاض النمو الاقتصادي يعني انخفاض الطلب على الطاقة، والرئيس ترمب وضع نفسه في مأزقٍ كبيرٍ، لأن أكبر المتضررين من انخفاض النمو الاقتصادي العالمي هم منتجو الطاقة الأميركيون.

مع انخفاض النمو الاقتصادي ينخفض الطلب العالمي على النفط، وينخفض طلب الصين على النفط، وتنخفض أسعار النفط عالمياً، وهذا سيخفّض صادرات الولايات المتحدة من النفط، فتنخفض أسعاره داخل الولايات المتحدة، الأمر الذي سينتج عنه تحجيم نمو النفط الصخري.

لكن أكبر خسارة لترمب من حروبه التجارية ستكون في قطاع الغاز المسال، الذي يحاول أن يروّج له باستمرار، فانخفاض الطلب العالمي على الطاقة سيؤثر مباشرة في صادرات الولايات المتحدة من الغاز المسال، وذلك من ثلاث نواحٍ:

الأولى، انخفاضٌ في الطلب، الأمر الذي سيخفض صادرات الغاز المسال، وهذا يمثل كارثة لمنتجي الغاز الأميركيين، إذ إن هناك وفرةً كبيرةً في الغاز، لدرجة أنه يباع في بعض المناطق بسعر سالب. هذا يعني انخفاض متوسط الأسعار بشكل كبير، الأمر الذي قد يؤدي إلى إفلاس كثير من شركات الغاز، كما حصل في عام 2015.

الثانية، هي أن الغاز الأميركي المسال منافسٌ عالمياً في ظل أسعار نفط مرتفعة، لأن كل الدول الأخرى المنتجة الغاز المسال تربط سعر الغاز المسال بالنفط، إلا الولايات المتحدة، فإذا انخفضت أسعار النفط بشكل كبير فإن تنافسيَّة الغاز الأميركي تنخفض بشكل كبير، مقارنة بما تنتجه الدول الأخرى، مثل قطر وروسيا وأستراليا.

الثالثة، أن هناك منتجات غازيَّة تنافس بعض المنتجات النفطيَّة في صناعة البتروكيماويات. انخفاض أسعار النفط يفقد المنتجات الغازية تنافسياتها لصالح المنتجات النفطية.

والعكس بالعكس
لكن إذا تم التوصل إلى اتفاق تجاري في ظل رسوم جمركية منخفضة، فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي العالمي، وزيادة الطلب على الطاقة، وبالتالي زيادة الطلب على النفط والغاز والغاز المسال، وارتفاع أسعارهم كلهم.

خلاصة الأمر، إن حروب ترمب التجارية مفصليَّة، وتؤثر في كل دول العالم، بما في ذلك دول الخليج. حالياً تؤثر هذه الحروب سلبياً في دول الخليج، بسبب انخفاض أسعار النفط والغاز المسال، لكن التوصل إلى اتفاق تجاري، خصوصاً بين الولايات المتحدة والصين سيؤثر إيجابياً في دول الخليج، إذ سيزيد الطلب على هذه المنتجات ويرفع أسعارها.

اقرأ المزيد

المزيد من