Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"نوموفوبيا"... مرض يصيب مدمني الإنترنت

يقول متخصصو الصحة النفسية إن السن المناسبة لحصول الطفل على هاتفه الخاص تتراوح بين الـ 12 والـ 13 عاماً

يصنّف الإندونيسيون من بين الدول الأعلى استخداماً ونشاطاً على الإنترنت (أ ف ب)

عادت إلى الواجهة تأثيرات الهواتف المحمولة على الأطفال، فأوردت وسائل الإعلام الإندونيسية حادثة وفاة طفل يبلغ من العمر 12 عاماً، بسبب إدمانه الهواتف المحمولة والألعاب الإلكترونية.

وتواجه بعض البلدان في الشرق الآسيوي مشكلة إدمان الأطفال والمراهقين الهواتف المحمولة، إذ تصنف دول جنوب شرق آسيا من أكثر الدول نشاطاً في الفضاء الإلكتروني، مما يؤدى إلى التسمّر أمام الهاتف المحمول، وبالتالي الاندفاع نحو المادية وإدمان الشراء، في مقابل القيم الفكرية والثقافية بحسب دراسات علمية، فضلاً عن تداعيات سلبية مباشرة على الصحة الجسمانية والنفسية، إلى جانب العلاقات مع الآخرين.

نوموفوبيا

أصبح إدمان الهواتف المحمولة ظاهرة تهدد كثيراً من الأشخاص، خصوصاً الأطفال والمراهقين، وتوصف معاناة الأشخاص المرتبطين بشكل غير معتاد بالهواتف المحمولة بـ "نوموفوبيا"، وهي حال نفسية تشعر مدمن التقنية بالخوف من البقاء بعيداً من أجهزتهم.

وتشير دراسة لجامعة بايلور إلى أن إدمان الهواتف المحمولة يرتبط بالاندفاع والمادية والانشغال بالأشياء المادية في مقابل القيم الفكرية والروحية والثقافية، ويرتبط بهوس الشراء وإساءة استخدام بطاقات الائتمان.

ومن بين الأعراض السيئة التي يطورها المصابون بهذا الإدمان ضعف احترام الذات، وتراجع أداء العمل والصراعات الشخصية، والانسحاب والمحاولات الفاشلة لتقليص استخدام الهاتف المحمول، واستخدام الهاتف المحمول في التعامل مع المشاعر غير المرغوبة وإجهاد العين الرقمي.

ومع انتشار الهواتف بين صغار السن، فإن المراهقين صاروا من بين الفئات الأكثر تطويراً لأعراض إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تشير إحصاءات في الولايات المتحدة إلى إدمان 60 في المئة من الطلبة الهواتف المحمولة، إلى جانب أن ما يزيد على 70 في المئة من الأشخاص ينامون أثناء استخدامهم هواتفهم.

ويعاني المراهقون، ممن لديهم إدمان الإنترنت والهواتف المحمولة، قلّة تواصل الدماغ في المناطق التي تنظم الانفعالات والقرارات والسيطرة على الاندفاع، إلى جانب تزايد إمكان استهلاك الكحول والتبغ، وزيادة احتمال امتلاك عادات غذائية سيئة، وزيادة مستويات الوحدة الاجتماعية، كما يتسبب أيضاً في الضغط العصبي والمزاج الاكتئابي واضطرابات النوم وتقليل التحصيل الدراسي.

وأصدرت منظمة الصحة العالمية في 2015 تقريراً عن تداعيات الصحة العامة للاستخدام المبالغ فيه للإنترنت والهواتف الذكية، وذكرت فيه أن من بين هذه التداعيات الإصابة بالقلق والاكتئاب والضغط العصبي. ويشير الباحثون إلى خطر تعرض الأطفال والمراهقين بسبب الهواتف المحمولة للمواقع الممنوعة، أو التنمر الذي يمكن أن يؤثر في طريقة تفكير الأطفال وتحصيلهم الدراسي.

اضطراب عصبي للمراهقين

تشير بيانات التقرير السنوي الرقمي في إندونيسيا لعام 2019 إلى أن عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في تزايد، إذ وصلوا إلى 150 مليون مستخدم، ويمتلك نحو 66 في المئة من سكان إندونيسيا هاتفاً ذكياً، معظمهم من الشباب.

ويصنف الإندونيسيون من بين الدول الأعلى استخداماً ونشاطاً على الإنترنت، إذ احتلوا المرتبة الخامسة عالمياً عام 2019، بمتوسط ثمان ساعات ونصف يومياً على الإنترنت. وأُجريت دراسة موسعة عام 2018 في إندونيسيا على عدد من الطلاب الذين تراوح أعمارهم بين 15 و18 عاماً، وأثبتت أن ما يزيد على 52 في المئة صنفوا من مدمني الهواتف المحمول، ويعانون ضعف ضبط النفس تجاه أجهزتهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتكرر الحوادث المرتبطة بإدمان المراهقين والأطفال للهواتف المحمولة في الإعلام الإندونيسي، ففي مارس (آذار) الماضي أوردت وسائل إعلام محلية تعرض مراهق لاضطراب عصبي، بسبب إدمانه الهواتف المحمولة والألعاب على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي العام الماضي، تسبب الأمر في جاوا الغربية في إصابة اثنين من المراهقين بأمراض عقلية.

وتنبهت السلطات الإندونيسية إلى خطورة إدمان الأطفال والمراهقين والشباب للهواتف الإلكترونية، فأعلنت في نوفمبر من العام قبل الماضي عن حلّ مبتكر في إحدى الولايات الإندونيسية، باستبدال الهواتف المحمولة لدى الأطفال بالكتاكيت الصغيرة وتربيتها. فيما ابتكر عدد من الطلاب الإندونيسيين ساعة ذكية تحاول التغلب على مشكلة إدمان الإنترنت، إذ تقوم الساعة بالكشف عن ساعات نشاط المستخدم على الإنترنت، وتنبه الشخص في حال وجود أي تأثير على الصحة بسبب الاستخدام المبالغ فيه.

وفي ماليزيا، تظهر بيانات قطاع الإحصاءات أن 71 في المئة من الماليزيين الذين تزيد أعمارهم على 15 سنة يستخدمون الإنترنت. وذكرت دراسة أن ما يقرب من 47 في المئة من الطلبة الماليزيين مدمنون للهواتف الذكية، ويعتمدون بشكل مبالغ عليها في حياتهم اليومية، إذ يقضي 30 في المئة من الطلبة الماليزيين ما يزيد على سبع ساعات يومياً في استخدام الهاتف، بينما يمضي 45 في المئة منهم ما بين أربع إلى ست ساعات على الهاتف يومياً.

كما أكد باحثون في ماليزيا أن طلاب الجامعات الحكومية لديهم ارتباط بين إدمان الهواتف المحمولة والإصابة بالقلق والاكتئاب، إذ سجّل الطلبة ذوو الارتباط الوثيق بالهواتف المحمولة مستويات عالية من القلق والاكتئاب. ويشير الخبراء إلى أن معظم الطلاب، خصوصاً في المدارس الثانوية في ماليزيا، يستخدمون هواتفهم في الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وتسجيل القصص على "إنستغرام"، كما أكدوا في دراسة ماليزية أجريت العام الماضي أن إدمان الهواتف المحمولة يؤدي بشكل مباشر إلى تراجع الأداء الدراسي والأكاديمي للطلاب.

الفيليبين الأنشط عالمياً

ووفقاً لتقرير حديث صدر أخيراً، فإن الفيليبينيين هم الأكثر نشاطاً على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي عالمياً، إذ يقضون أكثر من 10 ساعات يومياً على الإنترنت. وأثبتت دراسة أُجريت العام الماضي على عدد من المراهقين بالمرحلة الثانوية أن 62 في المئة منهم يعاني إدمان الهواتف الذكية، وأوضحت الدراسة أن الأمر ترك بصمته على أسلوب حياة الطلاب وتقديراتهم العلمية والصحة الروحية إلى جانب العلاقات مع الآخرين.

ووفقاً لمؤشرات "يونيسف" الإقليمية في الفيليبين، فإن الأطفال يحصلون على هواتفهم المحمولة الخاصة بهم في متوسط عمر الـ 10، ومعظمهم يمكنهم الدخول على الإنترنت، وهي سن مبكرة من الناحية النفسية، ولا يوصي بها الاختصاصيون النفسيون. وتتفاقم أزمة إدمان الأطفال والمراهقين على الهواتف المحمولة في مانيلا، بسبب تصنيف الفيليبين الأولى عالمياً في استغلال الأطفال بالمواد الإباحية، مما يعرضهم للخطر النفسي والجسدي والعقلي.

وتتسع رقعة المشكلة فتشمل الصين أيضاً، التي كشفت استبانة حديثة عن اعتقاد أكثر من 40 في المئة من الآباء الصينيين إدمان أبنائهم الهواتف المحمولة، إذ يقضي الأطفال الصينيون بين عمر الـ 10 والـ 17 عاماً متوسط أربع ساعات ونصف على الهواتف الذكية خلال كورونا، بزيادة ساعتين عما قبل الجائحة.

وفي محاولة من الحكومة الصينية للحد من الإدمان الذي بدأ ينتشر بين الأطفال والمراهقين الصينيين، منعت بكين استخدام الهواتف المحمولة في المدارس، فأعلنت وزارة التعليم في فبراير (شباط) الماضي حظر إحضار الطلبة هواتفهم إلى المدارس، باستثناء من يحصلون على موافقة مكتوبة من الوالدين. كما أعلنت السلطات في 2018 خططاً لتنظيم صناعة الألعاب الإلكترونية، كونها تسبب إدمان الأطفال على الأجهزة، وتسبب تردياً في صحتهم العقلية.

وينصح خبراء الصحة النفسية بضرورة مراقبة سلوك الأبناء في تعاملهم مع الأجهزة الإلكترونية، وإذا وجدوا أن الألعاب تسبب اضطرابات في النوم أو خللاً في علاقاتهم الاجتماعية مع الأصدقاء والعائلة، فعليهم أن يضعوا قوانين وحدوداً للحد من هذه المشكلة.

ويوصي الخبراء بوضع دليل استرشادي للأبناء في التعامل بتوازن بين وقت التكنولوجيا ووقت الأنشطة الخارجية والإبداعية البعيدة عن التكنولوجيا، إلى جانب التأكد من مناسبة الألعاب لسنّ الأبناء، ومنع الألعاب قبل إنجاز المهمات الروتينية المطلوبة من الطفل. كما يشير متخصصو الصحة النفسية إلى أن السنّ المناسبة لحصول الطفل على هاتفه الخاص تراوح بين الـ 12 والـ 13 عاماً.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات