Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"رفقة الشارني" ضحية جديدة للعنف ضد المرأة في تونس

قتلها بـ5 رصاصات في بيتها الأبوي ما أثار تنديداً واسعاً بعجز القوانين

تونسيات يتظاهرن اعتراضا على تصاعد العنف ضد المرأة في البلاد (أ ف ب)

خمس رصاصات أطلقها الزوج الغاضب على رفقة الشارني في منزل والديها في مدينة الكاف شمال غربي تونس، كانت كفيلة بإنهاء حياة زوجية صاخبة لم يتوان فيها عن استعمال العنف وضربها، بحسب ما ذكره جيران القتيلة وشكاوى تقدمت بها الضحية للقضاء قبل مقتلها.

يومان قبل فرحة عيد الفطر وبعد تعرضها للضرب والاعتداء بالعنف تقدمت بشكوى للنيابة العمومية، ولكن بحسب العادات السائدة فقد تنازلت عن القضية بضغط العائلة والأصدقاء، فكيف لزوجها أن يقضي العيد موقوفاً بتهمة الاعتداء بالعنف على زوجته؟

وختامها قتل

بين خروجها من مكتب النيابة العمومية ومقتلها ساعات قليلة كانت كافية لتوضح حجم العنف والقهر الذي تعرضت له، حيث التحق بها زوجها الذي أُطلق سراحه، وتجدد الخلاف بينهما في منزل والديها، وانتهى بمقتلها أمام أعين والدتها وابنها الصغير البالغ سنتين من العمر.

"رفقة"، ذات الستة والعشرين ربيعاً آخر ضحايا العنف المسلط على المرأة ولن تكون الأخيرة، فبحسب بيان جمعية "النساء الديمقراطيات" بعنوان، "لا عزاء للنساء، والعنف يقتلهن كما الوباء"، تحولت الجريمة إلى مناسبة للتحرك من أجل تطبيق حقيقي لقانون تجريم العنف ضد المرأة، معتبرة أن "رفقة" ضحية دولة جعلت قوانينها حبراً على ورق، ولم ترفق إصدارها بسياسات جزائية لتطبيقها، معتبرة أن النيابة العمومية متهاونة في تطبيق القانون ومتراخية في اتخاذ الاجراءات.

رفقه أيقونة 

الجمعية حولت الشعار لحملة شاركت فيها مئات النساء على مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد بالتهاون في تجريم العنف ضد المرأة الذي دفع بالنيابة العمومية في المحكمة الابتدائية في مدينة الكاف، لإصدار بيان توضيحي حول أسباب عدم إيقاف زوج الضحية الذي اعتدى عليها بالعنف الشديد، وحصلت على شهادة طبية من المستشفى المحلي تثبت آثار ذلك.

فوزي الداودي، الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في الكاف، ذكر في البيان "أن الضحية تقدمت بشكوى قضائية ضد زوجها بعد قيامه بتعنيفها بشدة لمرات عدة، لكنها سحبتها لاحقاً بعدما طلب زوجها العفو، متعهداً بعدم تعنيفها مستقبلاً". وأضاف، أن الجاني "أحيل على الرغم من تراجع الزوجة عن الشكوى على أنظار المجلس الجناحي بتهمة الاعتداء على القرين، لكنه بقي في حالة سراح حينها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأثار إبقاء المتهم في حالة سراح غضباً كبيراً في صفوف المحاميات وناشطات المجتمع المدني، لأن القانون التونسي واضح التتبع القضائي لمرتكبي العنف لا يسقط التتبع بمجرد تنازل الضحية عن الشكوى.

وبحسب المحامية بشرى بلحاج حميدة، التي قالت لـ"اندبندنت عربية"، "إن التنازل يحدث دائماً بسبب تعرض الضحية للضغط العائلي، أو التهديد ومخافة ردود الفعل والخوف من الزوج، رجل الأمن دفعها للتنازل عن الشكوى، والعنف ضد المرأة مسؤولية جماعية وتبقى الدولة هي المسؤولة الأولى عنها، وليست في أي حال من الأحوال مسؤولية فردية وثقافة مجتمع ذكوري يعتبر أن العنف ضد المرأة ليس جريمة".

مطالب والد الضحية

وفد من جمعية النساء الديمقراطيات وناشطات في المجتمع المدني زاروا

منزل الضحية، حيث التقوا والديها في نفس المنزل الذي شهد الجريمة ونقلت المحامية بلحاج حميدة عن والد الضحية طلبه من رئيس الجمهورية ووزيرة العدل بحرمان أي رجل يقتل زوجته من الحق آلياً من العفو.

الجريمة خلفت ردود فعل عنيفة ومتباينة داخل المجتمع التونسي. وتزامنها قبل يومين من عيد الفطر أعاد الحديث مجدداً حول "واجبات المرأة في تفهم ظروف زوجها المهنية والنفسية وواجب الزوجة تحمل زوجها والقبول بما قسمته لها الحياة". حسب عبارة وصفت بها فاطمة بن معاوية، ربة منزل، الواقع الذي تسير عليه ظروف المجتمع في تونس. معتبرة أن على المرأة التنازل وعدم التصعيد مع زوجها حفاظاً على الأسرة، وعدم تدمير العائلة لأن مصلحة الأبناء هي الأهم والتضحية ليست جريمة من أجل الأبناء.

في المقابل اعتبرت الإعلامية وصال الكسراوي، في تصريح لنا، "أن الحديث عن مسؤولية المرأة وعليها أن تقبل بالظلم والتميز في المنزل والعمل أمر غير مقبول. وأن العلاقة بين الزوجين مبنية على التكامل وليس تفضيل الذكر على الأنثى، وأن المساواة التامة هي أساس العلاقة بينهما". وعبرت عن رفضها "لثقافة التنازل والعفو على من اعتدى عليها"، معتبرة "أن المرأة تتحمل المسؤولية بما تتعرض له من عنف إن سكتت على الاعتداء عليها".  

وزارة المرأة تواجه

وزارة المرأة وكبار السن الجريمة أدانت واستنكرت في بيان رسمي تصاعد منسوب العنف المنزلي على النساء في شهر رمضان، وخلال جائحة كورونا، الذي تقوم فيه المرأة لوحدها بكل الأدوار داخل المنزل، لتجد نفسها ضحية ممارسة عنيفة داخل فضاء الأسرة. والحال أن هذا الفضاء يجب أن يكون سكناً ومودة ورحمة بين أفراد العائلة.

وطالبت الوزارة في بيانها، أن تكون هذه الجريمة البشعة منعرجاً ليجد القانون 58 لعام 2017 الذي قطع مع الضغط المسلط على النساء في التخلي عن الشكاوى قصد تتبع المعتدي مجالاً للتطبيق من كل الأطراف المتدخلة، والوصول إلى الغاية من إصداره، وهو القضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير