Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"فلاينغ لوتس" من الموسيقى إلى فن التحريك في الساموراي الأسود على نتفليكس

المنتج المتعدد المواهب متحدثا إلى كيفن إي جي بيري عن كتابة عمل "ياسوكي" الذي تعرضه منصة الترفيه الشهيرة، وعن ما تعنيه تمثيلياً قصة هذه الشخصية السوداء، وكيفية إسهام هذا المشروع في تبديل طريقة عمله

فلاينغ لوتس ساهم في انتاج وكتابة "ياسوكي" الساموراي الأسود (نتفليكس)

قبل أن يصبح "فلاينغ لوتس" (اللوتس الطائر) Flying Lotus – المبتكِر الموسيقي ومؤسس شركة "برينفيدر" Brainfeeder المؤثرة في مجالها الإبداعي، كان هذا الشاب يدعى ستيفن أليسون. مراهق مهووس بفن الأنيميشن (التحريك)، يرسم شخصيات "دراغون بول زي" Dragon Ball Z المفضلة بالنسبة إليه، في هوامش كتبه المدرسية. واليوم، بمشاركة كل من لوشون توماس، الذي أسهم في إخراج "ذا بوندوكس" The Boondocks، والممثل لاكيث ستانفيلد، الذي رُشح في الآونة الأخيرة لجائزة أوسكار، يقوم إليسون البالغ من العمر 37 سنة باستعادة شغفه القديم بالشاشة، وذلك كمنتِج تنفيذي وكاتب ومؤلف موسيقي لمسلسل التحريك (أنيميشن) الجديد على "نتفليكس"، "ياسوكي" Yasuke.

عن هذا المشروع يحدثني إليسون عبر الهاتف من منزله في لوس أنجليس، وصوته يوحي بأنه ما زال مندهشاً (بما حقق) فيقول "الأمر غريب، بحياتي لم أفكر بأنني سأكون جزءاً من عمل جيد كهذا. على الدوام كنت من المعجبين بفن التحريك، لكنني لم أتصور أبداً أنه سيأتي يوم وأغدو فيه جزءاً من هذا العالم".

ولأن معظم أعمال التحريك التي عشقها إليسون خلال نشأته افتقرت إلى شخصيات سوداء، فإن من المهم على نحو خاص، بحسب قوله، أن يسهم المرء في تنويع سرديات هذا النمط الفني. ويذكر شارحاً "أعتقد أن أمراً كهذا هو أمر شديد الأهمية من ناحية التمثيلات، وكل تلك القصص المتنوعة التي يمكن سردها. أرى أن فن الـ "أنيميشن"، على مدى زمن طويل كما تعلم، بدا كأنه مقصور على اليابانيين. الآن ثمة أفكار جديدة تظهر، وهي أفكار بالغة الروعة".

ويستند "ياسوكي"، على نحو غير حرْفي، إلى قصة حياة ساموراي أسود حقيقي خدم تحت سلطة قائد قوي (عرف بـ "دايميو" daimyo)  يدعى أودا نوبوناغا خلال القرن السادس عشر في اليابان. وعلى الرغم من ندرة المعلومات التاريخية المتوفرة عن هذا الساموراي، إلا أن المعروف عنه يبقى مهماً. ومن المرجح أن يكون "ياسوكي" ولد في موزامبيق، أو في إثيوبيا أو السودان، إبان العقد الخامس من القرن السادس عشر، وجرى استعباده وبيعه لتجار برتغاليين، قبل أن ينتهي به الأمر حارساً مرافقاً للمرسل اليسوعي الإيطالي أليساندرو فالينانو.

وفي سنة 1579 سافر ياسوكي برفقة فالينانو إلى اليابان. وبعد مضي سنتين ضُم إلى حاشية نوبوناغا. وفي النهاية ساعده "دايميو" القوي كي يصبح الساموراي الأفريقي الأول. وقد حارب ياسوكي إلى جانب نوبوناغا في معارك عديدة، لكنه إثر موت الـ "دايميو" عاد والتحق بالبعثة اليسوعية. عند هذه النقطة تنتهي المعلومات التاريخية المتعلقة به وبقصته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في عمل الـ "أنيميشن"، "ياسوكي"، لا تمثل هذه القصة أكثر من خطوة بداية لحكاية مبتكرة جامحة، يكون فيها ذاك المحارب قد غدا بحاراً مسالماً، قبل أن يعيده عالم الخيال إلى المعارك، فيقاتل إلى جانب كاهن ممسوخ، وقاتل روسي يمكنه التحول إلى دب، ورجل آلي تهكمي مُسلح. وإليسون الذي انخرط منذ البداية في بلورة الخط السردي للقصة، أسهم في وضعها على سكة أكثر غنى بالخيال. عن تلك الوجهة أو السكة يقول إليسون، "لا أعتقد أن الـ أنيميشن يمثل مكاناً مناسباً لإعادة تمثيل التاريخ، بل هو مكان لوضع رؤية مجنونة لشيء ما". يتابع "وكون معظم حياة الساموراي الأسود ترزج في المجهول، فقد اعتمدت وجهة النظر القائلة إنني سأخوض في ذلك المجهول".

وإليسون هو كاتب جميع الحلقات الست للموسم الأول من "ياسوكي". والمعجبون بتآليفه الانتقائية في هيب هوب الآلات (من دون أصوات بشرية)، والموسيقى الإلكترونية الاختبارية والجاز النخبوي، سيلاحظون كثيراً من أوجه التداخل بين عمل "ياسوكي" وبين العالم الذي ابتكره هذا الفنان لنفسه في ألبوماته الستة المسجلة في الاستديو. وعندما يحمل العرض شخصياته لخوض المعركة في "المنبسط النجمي" astral plane، يشعر المرء بإحالة واضحة لمقطوعة "فلاينغ لوتس" "دو ذا استرال بلاين" Do The Astral Plane، تلك المقطوعة الكلاسيكية المتأثرة بأجواء المنزل من ألبومه "كوزموغراما" Cosmogramma الصادر سنة 2010. وعن هذا يقول إليسون مع ضحكة معتدلة "أنت تعرف أنني لم أقل هذا، لكني متأكد أنه يمكن الشعور ببعض الإحالات! (إلى مقطوعته السابقة)".

 والتغييرات والأجواء الموسيقية في هذا العرض، بحسب معيار "كل شيء مقبول" الذي أرساه "فلاينغ لوتس"، تبقى منضبطة نسبياً. ويذكر إليسون شارحاً في هذا الصدد، أن الصوت في "يوساكي" نشأ على نحو عضوي إثر قرار هادف للعمل ضمن ضوابط محددة. ويتابع "من الناحية الموسيقية كنت أعيش في حيرة طوال فترة، لأنني لم أكن أريد صنع أشياء (مقطوعات صوتية) سبق وسمعتها في أعمال التحريك. وأعتقد أن قيامي بوضع حدود للوحة الأشياء (والخيارات) أمامي ساعدني كثيراً. لقد اخترت حفنة من آلات المزج الصوتي (سنثيسيزر) الأثيرة على قلبي، وأحسست بأنني قادر على التعبير بمقدار كبير من خلالها. فقصرت نفسي على استخدام تلك الآلات والأصوات الإيقاعية، وهكذا كان".

وقد تصدّر هذه الآلات التي يذكرها الفنان جهاز "ياماها سي أس-60"،  الـ "سنثيسيزر" العريق الذي استخدمه مؤلف الموسيقى الإلكترونية "فانجيليس" Vangelis كي يبرز المؤثرات (الصوتية) في تأليفه الموسيقي لفيلم "بليد رانير" Blade Runner سنة 1982. "يبدو أنني استمعت إلى "بلايد رانير بلوز" أكثر من أي مقطوعة أخرى. لقد كانت فعلًا مصدر إلهام هائل".

وذاك المزج بين موسيقى مستمدة، على نحو متعمد، من لائحة خيارات "مكبوحة الجماح"، وبين بنية قصة "ياسوكي"، ساعد في دفع ابتكارية إليسون وتمديدها كي تبلغ نطاقات جديدة وغير متوقعة. وعن هذا قال الفنان "لاحظت أننا أحياناً لا نحتاج إلى مجموعة مكتملة من الأشياء (والآلات والأجهزة) كي تلعب. إذ إن المشهد أحيانًا لا يتطلب أكثر من موسيقى "مينيمالية" (الحد الأدنى منها)، وبعض النغمات القليلة جداً. وأنا ما كنت لأفكر أبداً على هذا النحو وبهذه الأمور لو أنني أعمل فقط على ألبوم لي. غير أن وجود الأمور المذكورة في هذا الفضاء، (فضاء عمل التحريك) أدرجها في سياق. وذاك جعلني أكتشف أشياء كثيرة عبرها. استخدام الفضاء والصمت، وعدم الاضطرار إلى ملء كل فاصلة في نطاق التردد الموسيقي ...هذا الأمر كان جديداً بالنسبة إلي!"

وفي هذا الإطار يأمل إليسون أن يقوم معجبو "فلاينغ لوتس" بتلقي ألبوم الموسيقى التصويرية لـ "ياسوكي" الذي سيصدر تزامناً مع انطلاق عروض السلسلة، متضمناً أيضاً جهود "ثاندركات" Thundercat المتعاون في العادة مع إليسون، وأن يتعاملوا معه كجزء من كل بإطار كاتالوغه الموجود. عن هذا يقول "بالنسبة إلي الأمر يمثل مقاربة جديدة. شخصياً أشعر أن هناك أرضاً جديدة بلغناها (قطعنا شوطاً كبيراً وبلغنا مرحلة جديدة)، لكني بذلت قصارى جهودي كي يبقى الأمر جزءاً من العالم الذي ثابرت على بنائه طوال هذا الوقت".

ويقول إليسون، بصراحة إن العمل غدا سلفاً ألبوماً يحيله ويربطه بطريقة مختلفة إلى كل شيء سبق وأصدره. وقد غرد أخيراً في هذا الإطار على "تويتر" قائلاً، "في المرة المقبلة استمعوا إلى موسيقى "ياسوكي" التصويرية وأنتم تتدربون". وذكر أن تغريدته تلك جاءت كمثل نصيحة استمدها من تجربته الخاصة. كما أوضح "كنت في الحقيقة متفاجئاً جداً. إذ أعتقد أنه لم يسبق أن ألفت ألبوماً يمكنني الاستماع إليه في النادي الرياضي. لكن هذا العمل بلور في داخلي إحساساً جميلاً. رحت أقول، يا رجل، أشعر كأني ساموراي يتدرب هنا، في هذه اللحظة!".

الشكوى الوحيدة التي يعبر عنها إليسون تجاه سلسلة "ياسوكي" هي أن الحلقات الست، التي تبلغ مدة الواحدة منها نصف ساعة، تمضي بسرعة كبيرة. لذا هو يأمل بأن تكون هناك أجزاء جديدة من "ياسوكي" في المستقبل، الأمر الذي قد يخلق فرصة للذهاب إلى مزيد من المغامرات، بموازاة غوص أعمق بتفاصيل القصة التاريخية لـ ياسوكي الحقيقي. لكنه، في كل الأحوال، يرى أن تجربة كتابة قصة هذا الساموراي، واحترام المواعيد الصارمة لإنتاج عمل التحريك، أسهما في تبديل طريقة عمله، وزادا قناعته بقوة أن يتبع المرء أحاسيسه الأولى. "أتمنى (من هذه التجربة) أن تجعلني إنساناً لا يقيم لفترة طويلة في الأشياء (ذاتها). وقد بت أكثر اقتناعاً بوجوب إنجاز الأشياء الآن. هذه مسألة مهمة، إذ لدي كثير من الموسيقى التي أطيل إقامتي وتفكيري فيها: هل يعجبني هذا الأمر؟ هل ينبغي التخلي عنه؟ أود أن أبلغ مرحلة أقوم فيها بإنجاز الأفكار سريعاً، وإنتاج أشياء أكثر، وأعتقد أن "ياسوكي" يدفعني في هذا الاتجاه".

والآن، بعد خمسة قرون من وصوله إلى اليابان للمرة الأولى، يحيا "ياسوكي" كأمثولة بطولية، وصوت في رأس "فلاينغ لوتس". "هذا صحيح"، يوافق إليسون ضاحكاً. ولسان حاله يقول، "كن ساموراياً ... وإن غداً لناظره قريب".

يعرض "ياسوكي" Yasukeعلى "نتفليكس"، ويصدر في الأثناء ألبوم الموسيقى التصويرية لـ "فلاينغ لوتس" Flying Lotus.     

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من