Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تنظر قواتنا المسلحة إلى عسكرة الفضاء؟

1.4 مليار جنيه إسترليني خصصت لعملياتها في العقد المقبل ما يدل على أهميتها المستقبلية

تشكل الصواريخ ركنا أساسا في أسلحة الفضاء العسكرية (غيتي)

تجثم طائرة "بي- 8 بوسيدون" على مدرج في مطار "لوسيماوث" العسكري التابع لـ"سلاح الجو الملكي" ضمن أسطول من الطائرات التي تؤدي دوراً رئيساً في الاستراتيجية العسكرية البريطانية. وتعد طائرة الدوريات البحرية هذه نموذجاً من التركيز على الأسلحة العالية التقنية التي تعد أساسية في المراجعة الأخيرة بشأن سياسات الدفاع والأمن.

وتوجد داخل هيكل الـ" بوينغ 737" الذي يكوّن جسم تلك الطائرة، مجموعة من المعدات تشمل نظام استشعار صوتي مع أسطوانات الـ"سونوبويز" المتعددة الحالات، ورادار من نوع "إيباي- 10" APY-10 مع برامج رسم الخرائط العالية الدقة، وبرج كهربائي بصري بالأشعة تحت الحمراء وتقنيات دعم إلكترونية. وتتسلح الطائرة أيضاً بطوربيدات "أم كيه 54" MK 54 التي تمكنها من الاشتباك مع أهداف تحت الماء، وصواريخ "هاربون" المضادة للسفن. إضافة إلى ذلك، تُجرّب البحرية الأميركية أسلحة مضادة للغواصات على ارتفاعات عالية، تستطيع تحويل طوربيد "أم كيه 54"، بمظلته الموجهة بواسطة نظام "جي بي أس" GPS المعروف، قنبلة انزلاقية يمكن إطلاقها من ارتفاع 30 ألف قدم. وتُستخدم "بي-8 بوسيدون" في تصيد الغواصات الروسية في المياه الشمالية، وحراسة الأسطول النووي المكوّن من غواصات "بولاريس "المتمركزة في قاعدة "فاسلاين" مع حاملتي الطائرات الجديدتين، "أتش أم أس الملكة إليزابيث" و"أتش أم أس أمير ويلز". ومن المتوقع أن يزداد التهديد الأمني ​​ضد بريطانيا في المستقبل مع ذوبان الغطاء الجليدي في القطب الشمالي وفتح ممر جديد إلى المحيط الأطلسي، يمكن أن تسلكه القوات الروسية والصينية.

وفي هذا الصدد، أشار الرئيس الأميركي الأسبق لجيش الناتو الأدميرال جورج ستافريديس، إلى أن "الصينيين يبنون كاسحات جليد تعمل بالطاقة النووية، ما لم حتى تفكّر فيه الولايات المتحدة. وبوزنها المقدر بـ30 ألف طن، ستتفوق هذه السفن الصينية على قدرات الدول الأخرى باستثناء روسيا". إذ تتوقع "المراجعة المتكاملة" بشأن سياسات الدفاع والعلاقات الدولية، و"ورقة القيادة" التي ستليها لاحقاً، أن تتركز صراعات المستقبل على الفضاء السيبراني والطائرات من دون طيار والفضاء الكوني والطائرات المتقدمة والقوات الخاصة. لذا، يثير تقسيم ميزانيتنا المحدودة بين وسائل الحرب الحديثة وأساليب الحرب التقليدية، نقاشاً خلافياً.

وكذلك  يزعم منتقدون، بمن فيهم رئيس أركان الدفاع السابق اللورد ديفيد ريتشاردز من" هيرستمونسو"، ورئيس لجنة الدفاع في مجلس العموم توبياس إلوود، أن استثمار كثير من الأموال في حروب المستقبل سيُفقد الجيش توازنه على المدى القصير.  واتصالاً بذلك، ثمة مخاوف بشأن انخفاض قوة السلاح المدرع، في ظل وجود عدد أقل من دبابات "تشالنجر 2"، وخفض عدد الجيش من 82500 إلى 72500. ولقد خلصت المراجعة إلى أن الجنود سيكونون أفضل تجهيزاً وحمايةً، لكنهم سيكونون أقل عدداً.

ويستمر الجدل حول المراجعة. ففي يوم الثلاثاء الماضي، أصر الجنرال السير نيك كارتر، الذي خلف اللورد ريتشاردز كرئيس لأركان الدفاع، خلال ندوة في "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" على وجود إجماع هائل حول التغيير. وبحسب الجنرال كارتر، "لا أتذكر وقتاً بدت فيه لجنة رؤساء هيئة الأركان أكثر اتحاداً" حول القرارات المتخذة.

واستطراداً، يعتبر تخصيص 1.4 مليار جنيه إسترليني للعمليات الفضائية على مدار العقد المقبل، مع إنشاء قيادة فضائية، بمثابة بيان مدو بشأن المستقبل. ويشعر عدد من محللي الدفاع أنه كان من المنطقي لو تولى "سلاح الجو الملكي" الذي يضم بالفعل فريقاً من أكثر من مائة شخص متخصص في أمن الفضاء، القيادة في هذا المجال، مع استقطاب موظفين من الفرعين الآخرين للقوات المسلحة. لكن على الأقل، سيرأس "القوة الفضائية" الجديدة قائد أسبق في "سلاح الجو الملكي" يعمل في قاعدة "لوسيماوث"، هو نائب الفريق طيار بول غودفري.

وتعد قاعدة "لوسيماوث" موقعاً مناسباً للنظر في مدى تقييم "سلاح الجو الملكي البريطاني" للأمر. وبحسب المراجعة، سيُستبدل أسطول القاعدة المكون من 14 طائرة نقل من "طراز سي-130 هيركوليز" بطائرة النقل العسكرية من طراز إيرباص "إيه 400 أم آتلا" A400M Atla. في ما يخص أسطول طائرات الهليكوبتر، من المقرر أيضاً تحديث تسع طائرات "شينوك" و20 من نوع "بوما". كذلك تقرر استبدال أسطول "بوينغ إي-3 سينتري" E-3 Sentry بخمس طائرات "بوينغ ويدجتيل أي-7" Wedgetail E-7 (القصيرة الذيل) المحملة بنظم السيطرة والإنذار المبكر. وقد خُفِض عدد هذه الطائرات منذ ذلك الحين من خمس إلى ثلاث. كذلك التزمت وزارة الدفاع شراء عدد أكثر من طائرات "أف-35 بي". وثمة حاجة إلى مزيد من الطائرات، لكن الجدول الزمني لذلك لا يزال غير واضح.

وفي غضون ذلك، ستُحال 24 طائرة من طراز "تايفون" من الشريحة الأولى إلى التقاعد، مع وصول طائرات "أف- 35" وطائرة جديدة يجري تطويرها في المملكة المتحدة في إطار مشروع "تيمبيست" Tempest Project. ولا تتناسب طائرات الشريحة الأولى مع رادارات مصفوفات المسح الإلكتروني النشط، التي سيجري تركيبها على طائرات الشريحتين الثانية والثالثة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، أفاد الفريق أول طيار مايك ويجستون، رئيس هيئة أركان "سلاح الجو الملكي"، إنه لا يعتقد "حدوث تقصير تجاهنا بأي شكل من الأشكال. لقد جرى ما يجب أن يجري. نحن بحاجة إلى المضي قدماً ونحن نفعل ذلك بطريقة منهجية. من الضروري التفكير في المستقبل. إنها فرصة عظيمة لتحديث "سلاح الجو الملكي"، إلى جانب الأفرع الأخرى للقوات المسلحة، وتلك فرصة نحتاج إلى اغتنامها".

 وأشار ويجستون إلى "أننا بحاجة إلى التفكير في ما ستكون عليه عمليات المستقبل. سيكون هناك أسراب طائرات من دون طيار، لكنها ستكون في تشكيلات مختلطة مع الطائرات التقليدية. لهذا السبب، نعمل على تطوير مقاتلة "تيمبست" النفاثة التي ستغير طبيعة القتال الجوي. ستكون هناك تحديات مستقبلية، من حماية الكابلات البحرية إلى الفضاء، الذي أصبح الآن مجالاً قتالياً، ولم يعد وصولنا إليه متاحاً من دون منازع، إذ باتت البلدان تسيء استخدام ما كان مجالاً جيداً للبشرية جمعاء، والآن لدينا عسكرة الفضاء". 

ويعد التمويل وقيوده العامل الثابت في كل مراجعة دفاعية. وفي هذا الصدد، أعلنت الحكومة عن مبلغ إضافي قدره 16.5 مليار جنيه إسترليني على مدى السنوات الأربع المقبلة، إلى جانب زيادة سنوية من حيث القيمة الحقيقية بـ0.5 في المئة في ميزانية الدفاع لمدة ست سنوات بعد 2024. وسوف يسد بعضها ثغرة مالية كبيرة في برنامج المعدات، الذي يُقدر بـ17.4 مليار جنيه إسترليني وفقاً لـ"لجنة الحسابات العامة"، وبـ7.3 مليار جنيه إسترليني، وفقاً لوزارة الدفاع. وفي ذلك الإطار، سيذهب جزء من هذه الأموال إلى الدوائر الانتخابية الشمالية التي شكلت "الجدار الأحمر" وقد انتزعها المحافظون من حزب العمال في الانتخابات الأخيرة. وستظهر أيضاً مشاريع جديدة في ويلز وإيرلندا الشمالية واسكتلندا، وهي استثمارات يأمل بوريس جونسون أن تساعد في إنقاذ الاتحاد.

وفي الأسبوع الماضي زار وزير الدولة البريطاني لشؤون اسكتلندا، أليستر جاك، "سلاح الجو الملكي" في قاعدة "لوسيموث". وأثناء وقوفه في حظيرة طائرات "بوسيدون"، ألقى أليستر جاك خطاباً موجهاً إلى الموظفين حول كيفية استفادة اسكتلندا من زيادة الاستثمار الدفاعي. وأشار عبر إعادة صياغة كلام بوريس جونسون، إلى "أن اتحادنا سيكون أكثر أمناً ورخاء".

 وبالنتيجة، تناول السؤال الأول بعد خطابه عما إذا لم يكن الأمر كله "مجرد حيلة ساخرة"، بمعنى كونه محاولة ترمي إلى وقف تنامي القومية الاسكتلندية. ولقد بدا الوزير متفاجئاً بضع لحظات، لأن البعد السياسي للإنفاق الدفاعي لا يخفى على أفراد الجيش الذين يخدمون البلاد.

© The Independent

المزيد من آراء