Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جولة مباحثات أميركية عراقية لرسم شكل العلاقات مع إدارة بايدن

تساؤلات عن نتائجها التي قد لا تكون مؤثرة في غمرة ضعف الدولة أمام الجماعات المسلحة

استئناف الحوار الأميركي العراقي الذي توقف منذ تسعة أشهر (رويترز)

على الرغم من التصعيد المستمر للأحزاب والميليشيات الموالية لإيران إعلامياً وسياسياً وحتى عسكرياً من خلال الانتشار المسلح لهما في بعض المدن العراقية، تبدو بغداد حريصة على تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة، متجاهلة هذه الجهات ومن ورائها إيران التي ترفض بشكل قاطع وجود علاقات وثيقة بين البلدين.

ومثّل طلب الخارجية العراقية من نظيرتها الأميركية استئناف الحوار الذي توقف منذ تسعة أشهر بين البلدين، دليلاً واضحاً على نيّة الأولى الاتجاه نحو الأمام في العلاقات مع واشنطن، ضمن اتفاقية الإطار الاستراتيجية الموقعة عام 2008، بهدف تعزيزها في المجالات كافة.

ويبدو أن الرد الأميركي لم يتأخر كثيراً، وقد أظهر تصريح المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، حماسة لاستئناف المفاوضات من جديد، حين أكدت أن الإدارة الأميركية تتطلع إلى مراجعة الحوار الاستراتيجي مع العراق في أبريل (نيسان) المقبل، مبيّنة أن الهدف سيكون توضيح مهمة قوات التحالف التي تقتصر على تدريب القوات العراقية وتقديم المشورة لضمان عدم عودة تنظيم "داعش".

وتتضمن اتفاقية الإطار الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن، تعزيز العلاقات في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية، فضلاً عن تقديم الدعم الأميركي للعراق في مختلف المجالات، إلا أن غالبية فقراتها لم تأخذ طريقها إلى التنفيذ بسبب معارضة الأحزاب الشيعية بحجج مختلفة.

وتمخضت مفاوضات يونيو (حزيران) 2020 بين بغداد وواشنطن عن تأكيدات أميركية بالتزامها سيادة العراق ووحدة أرضيه واحترام علاقاته الخارجية وانسحاب مجدول منه خلال ثلاث سنوات ومواصلة دعمه في محاربة "داعش" وتأهيل قواته المسلحة ودعم اقتصاده وإقامة انتخابات برلمانية عادلة.

أهمية كبيرة للعراق

وتنظر لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي إلى استئناف المفاوضات بين بغداد وواشنطن، بأهمية كبيرة كونها تمثل عاملاً مساعداً لاستقرار البلاد ودعمها في مختلف المجالات.

ويصف رئيسها شيركو محمد صالح، هذه المفاوضات بـ"الاستراتيجية"، مؤكداً أن لها أهمية كبيرة لبلاده في المجالات الحيوية كافة، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

ويضيف أن "الولايات المتحدة والتحالف الدولي لهما تأثير كبير في الاستقرار الأمني بالعراق، وكذلك المجالات الاقتصادية والثقافية والتعليم، وأنه بحاجة إلى التحالف الدولي لتدريب القوات العراقية وتمكينها من مسك الأمن في البلاد".

ويعتبر محمد صالح أن "من أهم أولويات العراق، سيادته واستقلالية قراره"، ويوضح أن وزارة الخارجية ستشرف على الحوار، فيما سيتابع مجلس النواب مستجدات المفاوضات.

سيحدد شكل العلاقة

ويشير رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إلى أن الحوار سيحدد شكل العلاقة ما بين واشنطن وبغداد، متوقعاً أن يبحث الجانبان طبيعة الوجود الأميركي في العراق وتعاطي الأخير مع الفصائل المسلحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف أن "جولة المباحثات الجديدة بين العراق والولايات المتحدة هي لتحفيز اتفاقية الإطار الاستراتيجي ووضع العلاقة ما بين الدولتين في الإطار الذي رسمته هذه الاتفاقية".

أول تواصل رسمي

ويضيف "أن أهمية اللقاء تكمن في أنه أول تواصل رسمي مؤسساتي يناقش شكل العلاقة ما بين الدولتين"، لافتاً إلى أن الطاقم المفاوض الأميركي سيجري حوارات معمقة مع الجانب العراقي، الذي سيضع الخطوط العامة للمقاربة التي سيطرحها ساكن البيت الأبيض جو بايدن للتعاطي مع بغداد.

ملفات متعددة

ويرى الشمري أن المفاوضات ستركز على طبيعة العلاقة الأمنية المشتركة، لا سيما أن بايدن سيضع في حساباته الفصائل المسلحة التي استهدفت المصالح الأميركية.

وعن أهم الملفات التي سيناقشها الجانبان، يبيّن أن العراق سيركز على إمكانية الحفاظ على المصالح الأميركية ورؤيته تجاه تلك القوات وبقائها أو رحيلها، وتوصيف جديد لمهماتها وطبيعة تعاطي بغداد مع الفصائل المسلحة.

ويقول الشمري إن الشخصيات العراقية التي ستجري المفاوضات هي نفسها التي كانت انضمت إلى الطاقم القديم، إلا أن الجانب الأميركي سيدفع بشخصيات قريبة من الديمقراطيين.

تحتاج إلى إرادة حقيقية

ويرى الكاتب والصحافي باسم الشرع أن هذه المفاوضات تحتاج الى إجماع عراقي داخلي، خصوصاً من قبل القوى الشيعية المتنازعة على السلطة لتحويلها إلى واقع على الأرض.

ويضيف أن اللقاء سيتضمن دراسة تحويل دور القوات الأميركية لتأهيل القوات العراقية وتدريبها إلى حلف "ناتو" بالكامل والعمل من خلاله، فضلاً عن تطوير اتفاقية الإطار الاستراتيجي في المجالات كافة وتسهيل تجهيز البلاد بالمعدات العسكرية ودعم اقتصادها وحماية البعثات الدبلوماسية، خصوصاً السفارة الأميركية من الهجمات التي تشنّها الفصائل الشيعية الموالية لإيران.

ويشير الشرع إلى أن هذه الملفات لا يوجد عليها إجماع من قبل القوى الشيعية الحاكمة للعراق فعلياً، لكونها منقسمة بين رافضة لإقامة علاقات مع واشنطن انسجاماً مع الموقف الإيراني، وأخرى ترى أن علاقات وثيقة مع الجانب الأميركي يمكن أن تحمي النظام السياسي من السقوط، خصوصاً أنه يعاني من تراجع كبير في شعبيته بعد تظاهرات أكتوبر (تشرين الأول) 2019 التي شهدتها المناطق الوسطى والجنوبية من البلاد.

ويؤكد أن العراق بحاجة الى إرادة حقيقية لتطوير العلاقات مع واشنطن وليس مجرد تصريحات إعلامية من الصعب تنفيذها على أرض الواقع، مبيّناً أن المفاوضات قد تحقق بعض النجاح، لكن في ظل الضعف الكبير للدولة العراقية أمام الجماعات المسلحة، نتائجها لن تكون مؤثرة بشكل كبير في الوضع المحلي.

وكان الأمين العام لـ"ناتو" ينس ستولتنبرغ أعلن في فبراير (شباط) الماضي زيادة أعداد بعثة الحلف في العراق من جديد خلال الفترة المقبلة، بعد تخفيضها عام 2020 بطلب من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.

القدرة على مواجهة التحديات

وتتكوّن البعثة حالياً من 500 عنصر وستتم زيادة أعدادها، بحسب ستولتنبرغ إلى 4000 عنصر أو أكثر، تكون من ضمنها القوات الأميركية، وتُنشر خارج العاصمة بغداد في قواعد ومعسكرات بهدف توسيع مهمة الحلف الخاصة بتدريب القوات العراقية وجعلها قادرة على منع أي تهديدات إرهابية سواء من تنظيم "داعش" أو من الميليشيات.

وأوصت القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية في شهر فبراير الماضي في تقرير لها، رئيس الحكومة باستمرار التعاون مع القوات الأميركية وزيادة عدد المدربين لتطوير قدراتها في مواجهة تهديدات "داعش" والمجموعات المسلحة داخل البلاد.

وبيّنت التوصية أن الجيش العراقي وبقية الأجهزة الأمنية العسكرية غير قادرة على مواجهة التحديات بمفردها بسبب المشكلات الإدارية والفنية التي تعاني منها، خصوصاً تراجع القدرات القتالية بسبب عدم إخضاع غالبية الوحدات العسكرية التي شاركت في الحرب على "داعش" للتدريب مجدداً، فضلاً عن تسلّم القوات العراقية الملف الأمني في مناطق إضافية لم تكن ضمن سيطرتها قبل 2014، وهي مناطق تقدّر مساحتها بأكثر من 30 ألف كلم، كانت تابعة لقوات البيشمركة التي انسحبت منها في أكتوبر 2017 تحت ضغط القوات العراقية، وهي كركوك وخانقين والطوز وسنجار وغالبية مناطق سهل نينوى ومخمور.

المزيد من تقارير