Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حقبة بايدن بين وقار الدبلوماسية ونار السجالات

روسيا والصين في مرمى العقوبات الأميركية لكن التنسيق مع واشنطن مستمر

سجال سياسي بين واشنطن وموسكو في أشهر بايدن الأولى في الرئاسة (أ ب)

دخل السجال الكلامي بين جو بايدن وفلاديمير بوتين، فصلاً جديداً، بعد رفض الولايات المتحدة مقترح موسكو عقد محادثات ثنائية بين الزعيمين النافذين، تبث على الهواء مباشرة، وذلك بعد أيام من التصريحات النارية التي أطلقها سيد البيت الأبيض، ضد بوتين، في مقابلة تلفزيونية وصف فيها الأخير بـ"القاتل"، ما دفع سيد الكرملين إلى إطلاق الصفة نفسها على الرئيس الأميركي، قبل أن يوجه باستدعاء سفيره لدى واشنطن، في خطوة غير مسبوقة منذ ما يزيد على عقدين، للتشاور حول مستقبل العلاقات بين البلدين.

عقوبات سبقت المعارك الكلامية

ومنذ أن بدأ بايدن حرباً كلامية مع بوتين، لم تكن التكهنات تحوم حول مستقبل العلاقة بين واشنطن وموسكو فقط، وإنما أثيرت الشكوك حول قدرة الإدارة الأميركية الحالية على اتباع الدبلوماسية التقليدية، التي بشرت منذ أيامها الأولى بإعادتها إلى مركز السياسة الخارجية، بهدف تعزيز التحالفات، وإنهاء النهج الاستثنائي الذي اتبعته إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب في التعامل مع القضايا الدولية.

وبخلاف ترمب الذي حافظ على استقرار العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا، متجاهلاً في الأسابيع التي سبقت انتهاء ولايته، الاتهامات الموجهة إلى موسكو في شأن شن هجمات إلكترونية ضد المؤسسات الأميركية، تبنى بايدن لغة عنيفة ضد بوتين، وصفها أنصار الرئيس الروسي بـ"فظاظة دبلوماسية" لا سابق لها، كما ورد في تصريح زعيم الحزب الشيوعي الروسي، غينادي زيوغانوف.

وبعد أن عاد السفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنتونوف إلى بلاده، ودخلت العلاقة بين البلدين نفقاً مظلماً، تجاهل بايدن ردة الفعل المتوقعة من موسكو، في حين وصف بوتين نظيره الأميركي بـ"القاتل"، مشيراً إلى ما حدث لـ"الأميركيين الأصليين وجرائم العبودية". وأضاف الرئيس الروسي في رده على تصريحات بايدن قائلاً "دائماً نرى مواصفاتنا في شخص آخر، ونعتقد أنه مثلنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من أن المعارك الكلامية لم يخمد أوارها بعد، فإن الأخيرة لم تكن سلاح واشنطن الوحيد في اتخاذ موقف حازم تجاه روسيا، إذ فرضت إدارة بايدن في الآونة الأخيرة عقوبات على موسكو، على خلفية المزاعم المتعلقة بتسميم زعيم المعارضة أليكسي نافالني التي تنفيها روسيا.

وكان التصعيد الأميركي، دفع المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف إلى التشكيك بنية بايدن إقامة علاقات طبيعية مع بلاده، معتبراً أن سلوك واشنطن لا يمكن التنبؤ به.

"الشهية مفتوحة للاشتباكات"

وبعد يوم على السؤال الجريء الذي وجهه مذيع قناة "أي بي سي"، جورج ستيفانوبولوس، لبايدن عما إذا كان يعتقد أن نظيره الروسي "قاتل"، وما أعقبه من إجابة مدوية، شهدت المحادثات الأميركية الصينية الأولى في عهد بايدن، والتي أجريت في ولاية ألاسكا الأميركية، مشادة كلامية جذبت مشاهدات عالية، بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ويانغ جيشي، أعلى مسؤول دبلوماسي في الحزب الشيوعي الصيني.

وفي قاعة فندقية بأكبر مدن ولاية ألاسكا، هاجم وزير الخارجية الأميركي، ممارسات الصين، قائلاً إنها "تهدد النظام القائم على القواعد، والذي يضمن الاستقرار العالمي". وأضاف بلينكن أمام المسؤولين الصينيين "سنناقش مخاوفنا العميقة في شأن تصرفات الصين في كل من شينجيانغ وهونغ كونغ وتايوان، مشيراً إلى التهم الموجهة لبكين بارتكاب "إبادة جماعية" ضد مسلمي الإيغور، وإلى "الهجمات الإلكترونية ضد الولايات المتحدة"، و"الإكراه الاقتصادي للحلفاء".

وبعد الخطاب الذي وصف فيه بلينكن السلوك الصيني بأنه "أكبر اختبار جيوسياسي في القرن الحادي والعشرين"، ألقى المسؤول في الحزب الشيوعي الصيني، يانغ جيشي، خطاباً غاضباً لمدة 17 دقيقة، بخلاف البروتوكول المتفق عليه، وهاجم خلاله ما وصفه بـ"الإمبريالية الأميركية والتدخلات العسكرية الفاشلة على مدار الـ20 عاماً الماضية"، متوعداً باتخاذ "إجراءات حازمة" ضد "التدخل الأميركي".

وعن توالي المناوشات الأميركية مع روسيا والصين، قالت صحيفة "واشنطن بوست"، إنه في غضون شهرين، أظهرت إدارة بايدن بشكل مفاجئ شهية مفتوحة للاشتباكات الخطابية مع أكبر خصوم واشنطن. واعتبرت الصحيفة أن هذه المواجهات تعكس التوجهات الأميركية الجديدة لحقبة ما بعد ترمب، محذرة في الوقت نفسه من أنها قد تؤدي إلى نتائج فوضوية وصعب التنبؤ بها في بعض الأحيان على المسرح الدبلوماسي، في إشارة إلى نهج بايدن الذي وصفته بأنه يميل إلى "معارضة رؤساء الحكومات والأحزاب الحاكمة".

الخلافات لا تلغي التعاون

وبعد السجالات الساخنة التي لم تطفئ لهيبها برودة الطقس في ألاسكا، علق بايدن على المحادثات الأميركية – الصينية هناك، قائلاً "فخور جداً بوزير الخارجية". وفي حين حظي بلينكن من الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض بثناء رئيسه، تساءلت "واشنطن بوست" عما إذا كانت الإدارة الأميركية تنوي إقامة علاقات مثمرة مع روسيا والصين، أم أن المواجهة المباشرة ستكون هي الوضع الطبيعي الجديد؟

مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أزاح بعض الغموض، بقوله إن "واشنطن لا تسعى للخلافات، ولكنها تقف إلى جانب المبادئ والأصدقاء"، غير أنه لم يتوان عن تأكيد حرص واشنطن على إقامة مناقشات صريحة مع الصينيين حول الملفات التي تثير قلقاً أميركياً.

وعلى الرغم من أن الدبلوماسيين الأميركيين غيروا بالفعل لهجة خطابهم تجاه روسيا، وجدد وزير الخارجية الأميركي مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020، وتسميم نافالني، بالإضافة إلى قضية العنف ضد المتظاهرين الروس، فإن الإدارة الحالية سارعت بالتنسيق مع موسكو لتمديد معاهدة "ستارت الجديدة" لتخفيض الأسلحة النووية، ما يشير إلى استمرار التعاون بين البلدين.

أما فيما يتعلق بالصين، فقد شددت واشنطن على أهمية التعاون المشترك، وأكد مسؤولون أميركيون أن أول محادثات جرت بين إدارة الرئيس جو بايدن، والصين، الأسبوع الماضي، كانت "صعبة ومباشرة"، لكن مصالح القوتين تطابقت في بعض المجالات. وعلى الرغم من الخلافات الكثيرة التي كان آخرها اتهام الصين للوفد الأميركي بانتهاك بروتوكول الاستقبال أثناء اجتماع ألاسكا، قال أعلى مسؤول دبلوماسي في الحزب الشيوعي الصيني يانغ جيشي، إن المحادثات مع الأميركيين كانت "صريحة وبناءة ومفيدة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير