Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بأقدام مبتورة يلعبون كرة القدم في غزة

مبادرات وتمارين فردية بغياب الرعاية الرسمية

يمارس أعضاء فريق مبتوري الأقدام بعض التمارين التي تسبق المباراة (الصليب الأحمر الدولي)

انطلق صوت الصافرة، سامحاً لـ 15 لاعباً، بالنزول إلى ملعب كرة القدم. فالمباراة ليست اعتيادية، واللاعبون بلا أقدام، وهي المرة الأولى التي تنظم فيها مباراة كرة قدم لمبتوري الأقدام في غزّة. بيده، تحسّس محمود قدمه المبتورة، وضرب عليها قائلاً: "يجب أن أبدع وأبذل كل طاقتي". التقط عكازه الطبّي. أسند جسده إليه، واتجه صوب الملعب لإجراء تمارين اللياقة. مشهد العكاكيز تبدو وكأنها صفاً واحداً بلا إعوجاج، والجميع ينتظر المدرّب، متى سيعطي إشارة البدء.

في الناحية الثانية من الملعب، يتجهّز الفريق الخصم. ينتعل محمد أحد حذاء طبياً في قدمه المتبقية، بعدما فقد الأخرى جراء تعرضه لإصابة من قناص إسرائيلي خلال مشاركته في العودة. يقول الشاب: "مررت بظروف قاسية، حتى تمكنت من التأقلم والسير على قدمٍ واحدة".  وتضم غزة خمسة فرقٍ من مبتوري الأقدام، ضحايا العنف الإسرائيلي، وتتألف من 80 لاعباً، منهم 20 من مصابي مسيرات العودة، فيما البقية أصيب جراء القصف على غزّة أعوام 2008، 2012 و2014.

تمارين اللياقة

خلال تمارين التحمية، وضع المدرب قطعة بلاستيك وسط الملعب، وأعطى إشارة إلى محمد الذي بدأ في الركض تجاهها. ويشير محمد إلى أنه ورفاقه يركضون بعضلة ساق واحدة، ما يؤدي إلى تعبهم سريعاً، لكن التمارين التي يعتمدونها تساعد في تقوية العضلة وتأخير الإرهاق قليلاً. تُوقِف صافرة الحكم تمارين اللياقة، فيفهم اللاعبون أن عليهم الاصطفاف لبدء المباراة. وتتميّز العكاكيز التي يعتمدها اللاعبون بالصلابة والقوة لتتحمل أجساد اللاعبين، لكن هذه النوعيّة غير متوافرة في قطاع غزّة.

تنطلق المباراة، ومعها ينتشر اللاعبون على أرض الملعب الأخضر. يستحوذ محمود برشاقة على الكرة، ويهم بالتسديد صوب المرمى، لكن محمد يعترضه ويحرمه من تسجيل هدف. اللافت في المباراة أن محمد لم يفقد الأمل، ولم يترك حلمه في أن يصبح لاعب كرة قدم. تلقى علاجاً مكثفاً ومساعدة نفسية من عائلته وأصدقائه، لتحقيق ما أراده دوماً. وبعدما توقف في العام 2014 عن ممارسة هوايته المفضلة بسبب صاروخ استطلاع تسبّب في بتر قدمه، يعود اليوم إلى الملعب وإن على قدم واحدة.

هدف في المرمى

يقود محمد هجمة عكسية بمساعدة رفاقة وحين يصل إلى منطقة الجزاء يسدّد بقدمه اليمنى تسديدة قوية "تسكن" زاوية المرمى. يصرخ الجمهور فرحاً: "غووول"، ويتوجه محمد صوبه للاحتفال بهدف التقدّم. في المقابل يقول محمود الشاب الواثق من نفسه: "كنت أشعر بالضجر وفقدان الأمل كوني أصبحت من ذوي الاحتياجات الخاصة، لكن عندما انضممت إلى الفريق، تغيّر مجرى حياتي، وأصبحت أسعى إلى تحقيق حلمي وتمثيل فلسطين رياضياً".

تعاني فرق المبتورين في غزّة من عدم وجود ملاعب خاصة بهم، فتمارس تمارينها في ملاعب بلديات المحافظات، يوماً واحداً في الأسبوع، وهو غير كافٍ، إضافة إلى قلة الموارد المالية لتغطية احتياجات التمرين. أتت فكرة إنشاء الفريق بعد انطلاق مسيرات العودة، وتزايد أعداد حالات البتر، كأحد أنواع التفريغ النفسي عن المصابين، ونجحت الفكرة وهي مباردات فردية من مبتوري الأقدام، من دون رعاية رسمية حكومية.

مراعاة احتياجات اللاعبين

انتهت المباراة بتعادل الفريقين واستغرقت 25 دقيقة، والجهد الذي بذله اللاعبون كان مضاعفاً لعدم مراعاة الملعب احتياجات اللاعبين. ونظمت اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر المباراة، كجزءٍ من برنامج التأهيل الجسدي لمبتوري الأقدام، ومساعدة من فقدوا أطرافهم للاندماج في المجتمع مجدداً، بعد تلقيهم التأهيل الجسدي في مركز الأطراف الإصنطاعية المدعوم من اللجنة الدولية، وفق ما أوضحته الناطقة باسم اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر سهير زقوت.

تقول زقوت في حديث إلى "اندبندنت عربية": "لم أصدق أنني رأيت بعض المشاركين في المستشفى من شهور. واليوم يركضون برشاقة وراء الحلم. ما يُميز هؤلاء الأشخاص تمسكهم في الحياة وإرادتهم الصلبة والعزيمة التي يتمتعون بها لتخطي أزماتهم النفسية والجسدية، والأهم إصرارهم على تمثيل بلادهم في بطولات دولية".

المزيد من رياضة