Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إلى أين تتجه مصر بأسعار الفائدة؟

التضخم يعاود الارتفاع وتوقعات بوصوله إلى 7 في المئة خلال الربع الأخير من 2021

البنك المركزي المصري يتجه إلى تثبيت أسعار الفائدة تحسباً من ارتفاع معدلات التضخم (أ ف ب)

ربما يكون اجتماع لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري يوم الخميس المقبل، هو الأصعب خلال العام الحالي، خصوصاً في ظل عودة معدلات التضخم إلى الارتفاع، واستمرار الركود في السوق المحلية، ما يجعل من قرار تحريك أسعار الفائدة في الوقت الحالي أمراً صعباً.

لكن في الوقت نفسه، من المرجح في ظل ارتفاع أسعار السلع العالمية وصعود العوائد على أذون الخزانة الأميركية، أن يبقي البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة من دون تغيير خلال اجتماع الخميس المقبل، وهو الاجتماع الثاني للجنة خلال العام الحالي. فقد كشفت نتائج استطلاع حديث أجرته نشرة "إنتربرايز"، وشمل 12 محللاً مالياً، ترجيح الاتجاه إلى تثبيت أسعار الفائدة كإجراء احترازي يقوم به البنك المركزي المصري تحسباً من ارتفاع معدلات التضخم وعودة التقلبات إلى تدفقات المحافظ الأجنبية في الأسواق الناشئة.

وخلال اجتماعها الأخير في الأول من فبراير (شباط) الماضي، قررت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري تثبيت سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 8.25 و9.25 في المئة على الترتيب، في حين يبلغ سعر العملية الرئيسة وسعر الخصم والائتمان نحو 8.75 في المئة لكل منها.

وأبقى البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة من دون تغيير منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي شهد خفضاً مفاجئاً بواقع 50 نقطة أساس، بعد خفض بنفس القيمة في سبتمبر (أيلول). وبإضافة الخفض التاريخي في مارس (آذار) الماضي بواقع 300 نقطة أساس لاحتواء تداعيات جائحة كورونا، يكون "المركزي" المصري قد خفض أسعار الفائدة بإجمالي 400 نقطة أساس خلال 2020.

استقرار أسعار السلع في مصر

في الوقت نفسه، هناك عدد من المعطيات القائمة التي تزعج صناع السياسات المالية والنقدية في الوقت الحالي، حيث هناك مخاوف من أن تتضرر مصر كدولة تعتمد على الاستيراد، من الطفرة التي تشهدها أسعار السلع الأساسية عالمياً، أو ما يعرف بالدورة الفائقة للسلع، لا سيما قطاعات المعادن والطاقة والأغذية، ما قد يتسبب في قفزة تضخمية بالسوق المحلية. وحتى الآن، كان التضخم السنوي العام في مصر ضعيفاً على الرغم من صعوده عالمياً على مدار العام الماضي.

وتشير البيانات الرسمية إلى ارتفاع التضخم السنوي العام بالمدن المصرية إلى 4.5 في المئة خلال شهر فبراير الماضي من 4.3 في المئة خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، لكنه لا يزال بعيداً عن الحد الأدنى من مستهدفات البنك المركزي التي حددها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عند مستوى سبعة في المئة (±2 في المئة)، لكن لم تتأثر أسعار المواد الغذائية في مصر حتى الآن بما يحدث في الأسواق العالمية، والتي سجلت أعلى مستوى لها في نحو سبع سنوات.

ووفق مذكرة بحثية حديثة لشركة "برايم"، فإن الأمر لا يقتصر على العوامل العالمية في دفع الضغوط التضخمية، فثمة عوامل موسمية تمثل ضغوطاً تصاعدية ناجمة عن بداية الفصل الدراسي الثاني وموسم شهر رمضان وعيد الفطر المقبل، والتي ستؤثر على أسعار المواد الغذائية خلال الفترة المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق الاستطلاع، يتوقع المحللون زيادة معتدلة في التضخم خلال الأشهر المقبلة، واستبعدوا أن يتجاوز التضخم النطاق المستهدف من البنك المركزي. ويرى بنك الاستثمار "رينيسانس كابيتال"، أن التضخم سيستقر في حدود 5 في المئة خلال العام الحالي، في حين تتوقع "أرقام كابيتال" أن يتراوح التضخم بين 6 و7 في المئة، فيما ترجح المجموعة المالية "هيرميس" أن يسجل 6 في المئة، بينما تتوقع "فاروس" القابضة، أن يصل متوسط التضخم إلى 7 في المئة حتى الربع الأخير من العام الحالي، قبل أن يبدأ في الانحسار مجدداً.

وترى كبيرة الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار "بلتون"، عالية ممدوح، أنه "مع استقرار أسعار السلع الغذائية على أساس شهري بعد التراجع الذي شهدته خلال الشهرين الماضيين، والذي تزامن مع ارتفاع ملحوظ في الأسعار العالمية للسلع، فضلاً عن ارتفاع أسعار البترول، نتوقع الإبقاء على أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل".

كيف تتأثر مصر بارتفاع عائد السندات الأميركية؟

في الوقت نفسه، تسبب الارتفاع الطفيف في عوائد سندات الخزانة الأميركية هذا العام، في تقليص التدفقات إلى الأسواق الناشئة، والتي رفعت الأسهم في تلك الأسواق إلى مستويات قياسية. وسجلت الأسواق الناشئة تدفقات خارجة مطلع مارس الحالي، وذلك للمرة الأولى منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وسط اتجاه للمستثمرين للتخلص من الأصول عالية المخاطر، في الوقت الذي بدأ فيه المحللون ترجيح تكرار مشهد الذعر البيعي المدفوع بمخاوف التضخم وعوائد سندات الخزانة الأميركية الذي حدث في 2013.

وعلى الرغم من أن أرقام التضخم تعزز خفضاً جديداً لأسعار الفائدة بواقع 25 إلى 50 نقطة أساس، فإن ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية ومخاطر استثمارات المحافظ الأجنبية في الأسواق الناشئة، سيدفع لجنة السياسة النقدية للإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية.

ووفق ما كشفت عنه شركة "أتش سي"، للأوراق المالية، فإن مصر تعتمد في الوقت الحالي على تدفقات رأس المال الأجنبي كمصدر رئيس للعملة الأجنبية بعد انهيار إيرادات السياحة وتراجع نشاط التصدير. ومع ارتفاع عائدات أذون الخزانة في الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك الأسواق الناشئة المختلفة، مثل تركيا، فإن البنك المركزي المصري لديه مجال محدود لإجراء مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل.

لكن حتى الآن، فإن تجارة الفائدة تحتفظ بجاذبيتها، حيث تقدم أذون الخزانة المصرية بأجل عام عائداً حقيقياً قدره 5.1 في المئة، أي أعلى بنسبة 300 نقطة أساس من العائد الحقيقي في تركيا، والتي تعد أبرز منافس لمصر في الأسواق الناشئة.

ومن المرجح أن يبقي المركزي على سياسة حذرة وتحفظية خلال الأشهر المقبلة، حيث يعزز التسارع الأخير في أسعار السلع العالمية، وخصوصاً أسعار النفط والمواد الغذائية، بالإضافة إلى العوامل الموسمية، الاعتقاد أن دورة التيسير تقترب من نهايتها، وليس من المتوقع حدوث أي تخفيض آخر قبل النصف الثاني من العام الحالي.

قفزة باستثمارات الأجانب بأدوات الدين المصرية

وكانت وكالة "بلومبيرغ"، قد توقعت في تقرير حديث، أن تكون مصر بين أكبر الخاسرين من "الدورة الفائقة للسلع". وأوضحت أن مصر "بصفتها أكبر مُشترٍ للقمح في العالم ومستورداً صافياً للبترول، تعاني بشدة كلما ارتفعت أسعار السلع الأساسية". ويؤدي دفع مزيد من المال في الواردات الرئيسة إلى الضغط على الجنيه وارتفاع التضخم.

أما الفرضية الأساسية التي بنت عليها "بلومبيرغ" استنتاجها، فتتمثل في أن المستوردين الصافين سيعانون من مخاطر تضخمية هائلة، في حين أن المصدرين الصافين (مثل روسيا والسعودية) سيكونون على ما يرام، لكن الوضع الحالي ليس سيئاً على الإطلاق، فالتضخم لا يزال مستقراً بعد، إذ ارتفع بشكل هامشي من 4.3 في المئة خلال شهر يناير الماضي إلى 4.5 في المئة خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، ولا يزال المستثمرون الأجانب يشترون السندات المحلية.

وتشير البيانات الرسمية إلى انتعاش الحيازات الأجنبية في أدوات الدين المصرية، وتخطت مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، إذ وصلت إلى 29 مليار دولار بحلول نهاية الشهر الماضي. فيما ظلت العائدات الحقيقية لأسعار الفائدة في السندات بالجنيه المصري - أو العائد المعدل للتضخم - من بين أكثر العائدات الحقيقية ارتفاعاً في العالم. وقالت "فاروس"، إن مصر "محمية نسبياً" ضد ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية.

لكن حتى الآن، يبدو أن عائدات السندات الأميركية تتجه نحو الاستقرار، فقد كشف تقرير حديث أصدرته وزارة العمل الأميركية عن ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك بنسبة 0.4 في المئة خلال الشهر الماضي، وذلك بعد زيادة بنسبة 0.3 في المئة بأول شهر من العام الحالي. واستقرت العائدات القياسية للسندات بنحو 1.5 في المئة بعد أن قفزت لأعلى مستوى لها خلال عام إلى أكثر من 1.6 في المئة خلال تعاملات الأسبوع الماضي.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد