Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كي لا ننسى اللاجئين السوريين بعد عشر سنوات على اندلاع الحرب

كانت العائلات السورية التي التقيت بها عبر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تحمل أملاً مشتركا هو إعادة بناء حياتها. كانت غالبيتها تريد العودة، لكن هذه الأحلام تبددت مرة تلو أخرى.

عودة ملايين اللاجئين السوريين إلى وطنهم في المدى القريب تبدو مستبعدة، في وقت تفاقم تدهور ظروفهم المعيشية بسبب وباء كورونا (أ ب)

في عام 2019، التقيت محمد وزوجته منى، وهما لاجئان سوريان في مصر. كان أملهما كأمل 5.6 مليون لاجئ سوري ما زالوا في المنطقة، هو أن تنتهي الحرب "قريباً."

لكن تلك الأحلام كانت تتحطم مرة تلو أخرى. بعد عشر سنوات من تحول التظاهرات السلمية التي اندلعت في عام 2011 إلى صراع شامل – وإلى أكبر أزمة نزوح في عصرنا - لا يزال السلام الدائم أمراً بعيد المنال. ولقد طال أمد هذا الصراع إلى ما يقرب الآن ضعف المدة التي استغرقتها الحرب العالمية الثانية.

فقدت منى ساقها في انفجار، وأصيب محمد بشظية في ظهره، ما جعله يعاني من آلام مستمرة. ونتيجة لذلك، أصبحا يعتمدان على ابنهما عمران، الذي كان يعمل كصبي توصيل لمدة 11 ساعة في اليوم، ستة أيام في الأسبوع - شاب يبلغ من العمر 14 سنة يُعيل والديه وإخوته.

كانت العائلات السورية التي التقيتها في لبنان والأردن ومصر، من خلال مفوضية اللاجئين، تتقاسم الأمل نفسه في الشروع في إعادة بناء حياتهم. كان معظمها يريد العودة، لكن الظروف في سوريا تعني أن هذا الأمر محفوف بمخاطرة كبيرة في الغالب.

ومع ذلك، فإن الحلول المقدمة إلى ملايين اللاجئين الذين ما زالوا منسيين- بالإضافة إلى 6.7 مليون نازح داخل سوريا - تبدو ضئيلة، في وقت تفاقمت ظروفهم المعيشية بسبب جائحة كورونا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من التضحيات التي تحّملتها المجتمعات في جميع أنحاء العالم خلال فترة الوباء، إلا أنه يبنغي التفكير في الـ 20.7 مليون لاجئ في العالم الذين تُشرف عليهم المفوضية، ويعيش معظمهم في بلدان ذات الدخل المنخفض. بالنسبة لهم، أضِيفت حالة الطوارئ المتعلقة بكوفيد-19 إلى حالات طوارئ كانوا يقبعون فيها سلفاً. ولقد أدى ذلك إلى تفاقم ظروفهم الهشة، حيث فقد الكثيرون وظائفهم وأصبحوا لا يعرفون من أين تأتي وجبتهم التالية. ويعيش معظمهم في ملاجئ غير مناسبة و رديئة، ويشعرون بأنهم أقل أمناً من أي وقت مضى. حتى قبل الوباء، كان أكثر من ثلث الأطفال اللاجئين السوريين في سن الدراسة لا يحصلون على التعليم.

في هذا الصدد، أظهرت دراسة حديثة أجرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والبنك الدولي أنه منذ ظهور كوفيد -19، ربما سقط في الفقر ما يقرب من مليون لاجئ سوري، إلى جانب 4.4 مليون فرد من المجتمعات المضيفة لهم في الأردن ولبنان وإقليم كردستان العراق. في لبنان، يعد الوضع مزمناً، حيث يعيش تسعة من كل 10 لاجئين سوريين حالياً في فقر مدقع، مقارنة بـ 55 في المئة في عام 2019. وفي داخل سوريا، يعيش ثمانية من كل 10 أشخاص تحت خط الفقر.

تظهر هذه الإحصائيات أن السوريين بحاجة إلى المساعدة أكثر من أي وقت مضى. في عام 2021، ستحتاج الجهات الفاعلة في المجالين الإنساني والإنمائي إلى 5.8 مليار دولار أميركي (4.1 مليار جنيه إسترليني) لإغاثة اللاجئين في المنطقة. هناك أيضاً أكثر من 4.8 مليون شخص محتاج داخل المجتمعات المحلية التي قامت بإيواء اللاجئين. وفي العام الماضي جمعت حملة التبرعات 53 في المئة فقط من مبلغ التمويل المستهدف، أي أقل من السنوات السابقة.

كان محمد ومنى من بين القلائل المحظوظين الذين تمكنوا من الحصول على إعادة التوطين في أيرشاير، بإسكتلندا منذ عام تقريباً. وتساعد إعادة التوطين على ضمان حماية أولئك الذين قد تكون حياتهم في خطر أو الذين لديهم احتياجات محددة لا يمكن تلبيتها في البلد الذي طلبوا فيه الحماية.

إنها طريقة ملموسة يمكن من خلالها للمجتمعات الميسورة، بخاصة تلك التي تؤكد أهمية التضامن الدولي، أن تساعد في تقاسم عبء أزمة اللاجئين، بدلاً من الابتعاد عنها.

لقد شهدت فترة الوباء انخفاضاً في إعادة التوطين إلى مستوى قياسي. ومنذ ذروة الطلبات في عام 2016، حدث انخفاض كبير. ففي السنة الماضية، تمت إعادة توطين 22770 فقط من خلال المفوضية، من أصل 1.44 مليون لاجئ على مستوى العالم.

في المملكة المتحدة، تم تعليق إعادة التوطين في مارس (آذار) 2020، ولم يصل إليها إلا عدد قليل منذ ذلك الحين. وانتقلت العائلات التي صنّفتها المفوضية الأممية على أنها الأكثر عرضة للخطر إلى بلدات ومدن في جميع أنحاء بريطانيا بموجب خطة إعادة التوطين. تخيل الانتقال بحياتك إلى ثقافة جديدة. إنها ليست عملية سهلة، خاصة بالنسبة لكبار السن. لكن ما أدهشني هو عدد الأشخاص الذين كرّسوا وقتهم للترحيب بهم ومساعدتهم حتى يقفوا على أقدامهم مجدداً. لقد بذل المجتمع المدني مجهوداته وأعتقد أن روح الترحيب في بريطانيا لم تتأثر على الرغم من التحديات العديدة الحالية، حيث لم ينس الكثيرون محنة اللاجئين ويريدون الاستمرار في تقديم المساعدة.

في بريطانيا، تمكّنت من إعادة التواصل مجدداً مع مها وطلال، اللذين التقيتهما سابقاً في لبنان، حيث كانا يعيشان في بناية غير آمنة وغير قادرين على العمل. وبعد إعادة توطينهما في المملكة المتحدة، أصبحا يعيشان حياة مزدهرة. كانت إعادة التوطين بمثابة شريان حياة لهذه العائلة، التي كانت مصممة على إنجاحها، حيث بذلا قصارى جهدهما لتعلم اللغة الإنجليزية والعثور على عمل، وبناء مستقبلهما، وخدمة المجتمع الذي ساعدهما. لقد أظهرا أن إعادة التوطين وسيلة ناجحة في بث الأمل والتمكين.

دعونا نأمل في أن تظهر حكومة المملكة المتحدة التزاماً واضحاً بمواصلة وتوسيع مخطط التوطين خلال السنوات المقبلة.

إننا بحاجة إلى أن نظهر للسوريين بأن العالم لم ينسهم. أن بلادهم سيُعاد بناؤها، لكن حتى يحدث ذلك، يمكننا جميعاً أن نحاول مساعدة طالبي اللجوء واللاجئين في مجتمعاتنا، ودعم السلطات المحلية والمتطوعين، أو التبرع للجمعيات الخيرية التي تساعدهم.

(ديفيد موريسي ممثل بريطاني يدعم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين منذ عام 2014 وكان سفيراً للنوايا الحسنة منذ مارس 2017. يمكنك زيارة www.unrefugees.org.uk لدعم اللاجئين والنازحين).

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء