Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيارة البابا تعيد الثقة إلى العراق أمام العالم

خطط التأمين بأيدٍ عراقية ومراقبون يرونها فرصة لاندماج بغداد بالمجتمع الدولي والتركيز مجدداً على الدعم

وسط استقبال شعبي ورسمي حافل رسم صورة أخرى للعراق الذي يعاني مشكلات أمنية وسياسية واقتصادية، وصل بابا الفاتيكان البابا فرنسيس في زيارة تاريخية للبلاد، تعد الأولى من نوعها لشخصية البابا منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عشرينيات القرن الماضي.

وسلك البابا منذ وصوله إلى المطار واستقباله من قبل رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، طريق مطار بغداد، قبل الوصول إلى قصر بغداد بالمنطقة الخضراء، وسط العاصمة، الذي قرر رئيس الجمهورية برهم صالح الانتقال إليه من قصر السندباد في منطقة الجادرية منذ يونيو (حزيران) الماضي، واتخاذه مقراً رئيساً له، بعد تهديدات الفصائل الشيعية باستهدافه على خلفية رفضه مرشحيهم لمنصب رئيس الوزراء.

وسبقت الزيارة تحضيرات حكومية واسعة النطاق، تمثلت في حملة تنظيف واسعة، وتعبيد عدد من الطرق، لا سيما المؤدية إلى مدينة أور، مولد النبي إبراهيم، فضلاً عن حملة إعلامية مكثفة في شوارع العاصمة وعدد من المحافظات بتعليق صور البابا، وأخرى تجمعه بالمرجع الديني للشيعة علي السيستاني، وعبارات تدعو إلى المحبة والسلام.

تأمين الزيارة

ونشرت الحكومة العراقية وحدات جهاز مكافحة الإرهاب، وفرقاً خاصة، وعدداً كبيراً من عناصر جهاز المخابرات والاستخبارات والأمن الوطني في بغداد والنجف والناصرية والموصل، بهدف التأمين ومنع حدوث خروقات أمنية.

وفي هذا الشأن، يقول متحدث الداخلية خالد المحنا، إن "الخطط الأمنية التي وضعت لتأمين الزيارة بأيادٍ عراقية تخطيطاً وتنفيذاً"، مؤكداً أن المهمة "ليست صعبة" على القوات الأمنية العراقية "بعد تمتعها بالجاهزية والاقتدار"، لافتاً إلى أن القوات "تمتلك خبرة متراكمة".

ترحيب دولي

ولقيت الزيارة ترحيباً دولياً ودينياً، وهو ما يشكل دعماً للحكومة العراقية، إذ وصف شيخ الأزهر أحمد الطيب زيارة البابا بـ"التاريخية والشجاعة".

وقال الطيب، في تغريدة على "تويتر"، "زيارة أخي البابا فرنسيس التاريخية والشجاعة للعراق العزيز تحمل رسالة سلام وتضامن ودعم لكل الشعب العراقي، أدعو له بالتوفيق، وأن تحقق هذه الزيارة الثمرات المأمولة على طريق الأخوة الإنسانية".

وكذلك أشادت بعثة الاتحاد الأوروبي بالزيارة، ووصفتها بـ"العلامة التاريخية الفارقة للعراق".

دعم للجناح المعتدل

يقول الكاتب الصحافي باسم الشرع، إن "الزيارة فرصة مهمة لاندماج العراق بالمجتمع الدولي والتركيز مجدداً على دعمه، بعد أن اهتزت الثقة بالدولة منذ القمع الذي استهدف التظاهرات في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 من قبل حكومة عبد المهدي. كما أنها تدعم الجناح السياسي المعتدل، خصوصاً الشيعي، الذي له توجهات تدعم البلاد، وترفض أن يكون العراق مكاناً للحرب نيابة عن إيران".

ويرى الشرع أن لقاء البابا المرتقب مع المرجع الديني الشيعي الأعلى علي السيستاني "يمثل دعماً للنجف"، باعتبارها "حضارة التشيع في العالم، وهي رسالة بليغة، لكن من يحاول ابتلاعها وتحويل نفوذها إلى الشرق"، مؤكداً أن الأصوات الرافضة، أو المشككة بالزيارة "تحاول التقليل من أهميتها" لأهداف تخص بعض دول الجوار العراقي، التي تبدو غير مرتاحة لها، وتعتبرها محاولة للتقليل من نفوذها خلال الفترة المقبلة.

الحج إلى أور

وتمثل زيارة البابا فرصة جديدة للعراق للتعريف بأهمية مدينة أور للأديان، كونها مهد الأنبياء والأديان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول أستاذ التاريخ صالح العلوي، إن "أور في الناصرية تمثل المسيحيين في العالم. وهي مهد الأنبياء، وأبوة النبي إبراهيم"، لافتاً إلى أن "المسيحيين يحجون إلى بيت إبراهيم عليه السلام".

ويضيف "العراق مهد الحضارة وأرض الأنبياء والرسل ومجتمع التعايش السلمي، وفي أور ولادة النبي إبراهيم الذي يرتبط به نسب كثير من الأنبياء، وبيته في المدينة إرث حضاري يمتد إلى آلاف السنين"، مشيراً إلى أن أور تضم عدداً من الأديرة القديمة.

وحول مدينة أور أيضاً، يشير الصحافي حسين العامل إلى أن الزيارة ستعيد الاعتبار إلى المحافظة التي عانت الإهمال، وستنعش الحركة السياحية باستقطاب السياح من العالم المسيحي إلى المدينة لزيارة بيت النبي إبراهيم، الأب الروحي للديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية، فضلاً عن قدسية بيته".

ويتابع "الزيارة رسالة للحكومة بضرورة الاهتمام بالمدينة، لما تمثله من مركز سياحي وديني، فالناصرية تضم أكثر من 1200 موقع أثري قديم يصل تاريخ بعضها إلى 7000 سنة مضت، ولا بد من استثمارها في إنعاش المحافظة اقتصادياً من خلال العملة الصعبة".

فرض أطواق أمنية

ويشير العامل إلى أن المحافظة تفتقر إلى كل شيء، سواء البنية التحتية أو المرافق السياحية، حيث إن عدد الفنادق محدود، وليس لديها قدرة استيعابية، وزيارة بابا الفاتيكان تلفت نظر الحكومة إلى وضع الناصرية وأهميتها وضرورة الاهتمام بها، لا سيما البنى التحتية والمرافق السياحية.

ويلفت إلى أن جميع أهالي المدينة ينتظرون البابا، لأنه يحمل رسالة سلام ووئام، وتعزيز المحبة، مشيراً إلى قدوم الكثير من الوفود إلى الناصرية مع فرض إجراءات أمنية واسعة من خلال ثلاثة أطواق أمنية، ويمنع الوصول إلى مدينة أور إلا للناس المخولين من قبل الحكومة الاتحادية.

تأسيس بيت إبراهيم للحوار

وخلال لقاء بابا الفاتيكان مع رئيس الجمهورية برهم صالح، دعا الأخير، خلال كلمة له، إلى متابعة مبادرة لتأسيس "بيت إبراهيم للحوار الديني"، الذي يضم مندوبين عن الفاتيكان والنجف والأزهر والزيتونة، المراكز الدينية الكبرى في العالم.

وقال البابا، في كلمة، إنه "جاء إلى العراق حاجاً، فهو مهد الحضارة"، مبيناً أن "بغداد خلال العقود الماضية عانت آفة الحروب والإرهاب، وكل ذلك جلب الموت والدمار للبلاد"، داعياً المجتمع الدولي إلى أن يؤدي دوراً حاسماً في تعزيز السلام في البلاد وكل الشرق الأوسط.

واختتم البابا يومه الأول بزيارته كنيسة سيدة النجاة، التقى خلالها الأساقفة والكهنة والرهبان ومعلمي التعليم المسيحي، واستذكر خلالها الضحايا الذين سقطوا بالكنيسة في الـ31 من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2010، بعد تعرضها لتفجير بسيارة مفخخة تابعة لتنظيم "القاعدة" في حينها، بمشاركة مسلحين فجروا أنفسهم في أثناء أداء قداس الأحد، بعد احتجاز العشرات من المصلين.

ومن المقرر أن يغادر بابا الفاتيكان، السبت المقبل، إلى النجف، للقاء المرجع الديني الشيعي علي السيستاني، ليتوجه بعدها إلى محافظة الناصرية جنوب العراق لمدينة أور، ويعود إلى بغداد ليختم يومه الثاني من زيارته بقداس في كاتدرائية القديس يوسف الكلدانية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات