Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا تعرف عن القصيمي الذي قادته "قافلة الإبل" إلى هوليوود؟

شارك خليل الرواف في فيلم رفقة الشهير جون واين في 1937

خليل الرواف بجوار جون واين في فيلم "كنت مراسلا حربيا" في الثلاثينات (موقع آي إم دي بي السينمائي)

يعرف العالم وجه الممثل المصري عمر الشريف كأول من شاهدوه على شاشة هوليوود الكبيرة في فيلم "لورانس العرب" الذي صدر عام 1962، بعد أن أدى دور الشريف علي، بجوار الفنان البريطاني بيتر أوتول الذي لعب دور الجاسوس الإنجليزي. إلا أن الاستوديوهات الأميركية كانت قد شهدت أول وجه ذي سحنة عربية قبل ذلك التاريخ بـ25 سنة.

الحديث هنا عن القصيمي خليل الرواف، الذي سلك طريق الهجرة الطويلة المعتادة، التي يسلكها أجداده في رحلاتهم بين نجد في السعودية إلى العراق وسوريا والأردن لبيع الإبل، فيما تعرف محلياً بـ"رحلات العقيلات"، حتى وصل إلى لوس أنجليس الأميركية واستوديوهاتها ذائعة الصيت.

رحلة العقيلات... رحلة العمر

وكان من يسمون "العقيلات" لكونهم أول من لبس العقال على الرأس في نجد، في ترحال مستمر لبيع الخيول والأغنام والذهب بين بلادهم باتجاه الشمال الغني في حينها.

إذ يذكر الباحث في تاريخ الجزيرة العربية وصاحب متحف العقيلات عبد اللطيف الصالح الوهيبي، أن خليل الرواف كان "عقيلياً" (مفرد مصطلح العقيلات)، إذ عاش أربع مراحل في حياته، أولاً، طفولته التي عاشها في مجالس العقيلات مع والده إبراهيم الرواف الذي كان من كبار العقيلات وقائد محمل الحج من دمشق إلى مكة يحمي نحو 500 من القوافل من السرقة، وكان والده متعهداً يؤمن خيلاً وجمالاً للدولة العثمانية أيام حكم جمال باشا لدمشق. ومن ثم مراهقته التي شكلت حبه للرحلات والمغامرات بسبب ما كان يسمعه من كلام المسافرين بمجلس والده. وبدأ رحلة مع والده من عمر 15 عاماً ليجول الأقطار بين العراق وسوريا ومصر، ثم في مرحلة شبابه عندما أصبح رجلاً من رجال الملك عبد العزيز آل سعود ومرسوله الخارجي بشكل غير رسمي.

 

وكان خليل إبراهيم الرواف الذي ولد عام 1895، وبدأ حياته العملية رجلاً من رجال الملك السعودي الأول عبد العزيز، يعمل في بيع الإبل، وبعد نهاية دوره السياسي، قادته حملته التجارية إلى بغداد، حيث قرر بيع جِماله ومن ثم الاستقرار في العاصمة العراقية.

إلا أن حلمه بالهجرة كان أبعد بكثير من حلم أجداده، فبعد أن التقى هناك الدكتور خير الله أحد أوائل المهاجرين العرب في أميركا، حصل الرواف على ما يكفي من المعلومات عن "أرض الأحلام"، التي باتت تشغل باله أكثر من أي شيء آخر، حتى حلت عليه أحلام أخرى شغلته أكثر، وهي الباحثة الأميركية فرانسيس أليسون، التي قصدت بغداد لمعرفة العرب ودراسة طباعهم، لتلتقي به وتتوطد بينهما علاقة كانت عميقة، ليترك تجارته ويرافقها من بغداد لدمشق ومنها إلى بيروت، ومن بيروت عبر البحر إلى نيويورك ويتزوجا هناك.

رحلة زواج فاشلة

تذكر حنان الخضيري، الباحثة في تاريخ العقيلات بقسم التاريخ في جامعة الملك سعود، أن الرواف وفرانسيس قررا عام 1935 الارتباط في بغداد وانطلقا بعدها على إحدى البواخر من بيروت إلى أميركا، وهنا كانت نقطة التحول، "أخذته فرانسيس بجولة طويلة في أنحاء الولايات المتحدة، ولكن مشاعره اختلفت عندما اصطدم باختلاف العادات هناك، فكلما حلت في مكان تجد استقبالاً حاراً من أصدقائها الرجال، فراحت علاقة الحب بينهما تأخذ منحىً مختلفاً وانقلبت إلى خلافات بسبب الغيرة". شكل آخر من أشكال التصادم الثقافي أثر على علاقتهما، "ففي موقف آخر أحس الرجل العربي بإهانة عندما سددت النقود لسائق تاكسي فاحتدم الخلاف حينها لسبب لم تفهمه، وتطور إلى أن تطلقا".

ولأن إجراءات الطلاق صعبة في أميركا "عادت الزوجة فرانسيس إلى الشام لتحصل على الطلاق، فأوكلت المحامي فارس الخوري أحد رجالات السياسة في سوريا، والسياسي الكبير مكرم عبيد في مصر، فيما استعانت بالشيخ فوزان السابق ممثل السعودية في مصر حتى نجحت في انتزاع الطلاق".

نهاية الزواج بداية هوليوود

إلا أن رحلته لم تنتهِ هنا، بل بدأت للتو، إذ انتقل بعد انفصاله الأول إلى لوس أنجليس ليبدأ العمل في استوديوهاتها.

لم يواجه صعوبة بالغة في اقتحام المجال بسبب عاملين، أولهما، ثانوي وهو إجادة اللغة الإنجليزية، وثانيهما، الشهرة التي كان قد اكتسبها من تغطية وسائل الإعلام الأميركية لخبر زواجه من الثرية فرانسيس، وتجواله معها في أرجاء الولايات المتحدة وحضور حفلات علية القوم من الأثرياء ونجوم السينما والإعلام.

قاده بقاؤه في كواليس صناعة الأفلام إلى أن حصل على دوره الأول عام 1937، عندما قرر ذائع الصيت جون واين تصوير فيلمه الشهير "كنت مراسلاً حربياً" "I Cover the War"، ليستعين بالعربي الوحيد في استوديوهات كاليفورنيا للعب دور حارس بدوي لشيخ قبيلة في صحراء العراق.

وتدور قصة الفيلم الذي حصل على تقييم 6.3 من عشرة من قبل النقاد، حول مصور أميركي لنشرات الأخبار يتجه إلى شمال أفريقيا لتغطية انتفاضة عربية ضد البريطانيين، ليجد نفسه في الشرق الأوسط في مواجهة شقيقه الذي يتآمر مع العرب ومنهم خليل الرواف "الحارس البدوي" عليه.

ولعب الممثل السعودي دور الجاسوس الذي يسرب أخبار البريطانيين إلى العشائر العربية.

ولم تكلل تجربة الرواف بالنجاح، إذ لم يذهب أبعد من الأدوار الثانوية، لكنه بقي في كواليسها، إذ عمل مستشاراً فنياً للتراث العربي والعادات البدوية والتقاليد الشرقية في الأعمال التي تنتجها هوليوود عن العرب.

وعلى الرغم من تسجيل عمر الشريف النجاح الأبرز، فإن الأسماء التي عاشت في ظل أنوار كاليفورنيا الساطعة كان لها دور، إذ سجل اللبناني "محمد لاقطين" الذي أطلق على نفسه اسم "فرانك لاكتين"، ظهوراً في فيلم حمل عنوان "الخط الأصفر" 1961، أي قبل لورانس بعام.

وهناك لبناني آخر يدعى "جورج نادر"، كان صاحب مشاركات سينمائية وتلفزيونية عدة منذ خمسينيات القرن الـ20، فيما وجد القصيمي لنفسه طريقاً بعد أن قادته قافلة الجِمال إلى شقراء بغداد في الثلاثينيات، والتي كانت بدورها تذكرة دخول العربي الأول إلى معهد الصناعة السينمائية.

اقرأ المزيد

المزيد من سينما