Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جدل لبناني حول الدعوة إلى مؤتمر دولي و"التيار" يتماهى مع نصرالله

"القوات" تدعم مواقف البطريرك الراعي وجنبلاط أوفد مسؤول الارتباط مع "حزب الله" إلى بكركي

الراعي مستقبلاً مدير عام جهاز الأمن العام اللواء عباس ابراهيم الخميس 25 فبراير في بكركي (صفحة البطريركية المارونية)

بين كلام الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصر الله الذي انتقد فيه دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي، من دون أن يسميه، إلى عقد مؤتمر دولي من أجل لبنان، والبيان المباشر الحاد ضد الدعوة الصادر عن المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان (المفتي الأول بين المفتين الشيعة في لبنان)، أيام قليلة.

لم تكن المرة الأولى التي ينتقد فيها الشيخ قبلان طروحات بكركي (مقر كرسي البطريرك الماروني في جبل لبنان)، ولن تكون الأخيرة على ما يبدو، فهو انتقد طرح الحياد الذي اقترحه البطريرك في يوليو (تموز) 2020 ورأى فيه مصلحة لإسرائيل، وعندما طالب الراعي مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه لبنان المنهار وعقد مؤتمر دولي لإنقاذه، رد قبلان قائلاً إن "الدعوة الى مؤتمر دولي هي إجهاز على صيغة لبنان"، معتبراً أن "سيادة لبنان ليست صيحة موضة، ساعة نشاء نلبسها وساعة نشاء نخلعها"، وذهب الشيخ قبلان بعيداً في اتهام بطريرك الموارنة واضعاً إياه في مصاف "الجوقات التي تلعب دور (مبعوث الأمم المتحدة السابق تيري رود) لارسن و(المحقق الدولي السابق في جريمة اغتيال رفيق الحريري ديتليف) ميليس و(السفير الأميركي السابق في لبنان ديفيد) ساترفيلد و(مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق جيفري) فيلتمان و(مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى الحالي ديفيد) شنكر، والتي لا ترى لبنان إلا بعين تل أبيب ونسخة 1559".

طُلب من قبلان قول ما قاله

والتزمت القيادات والمرجعيات السياسية الشيعية الصمت بعد البيان الصادر عن قبلان، حتى رئيس مجلس النواب نبيه بري المعروف بعلاقته الجيدة مع بكركي لم يصدر عنه أي تعليق، وعندما سألت بكركي عبر المجلس الكاثوليكي للإعلام عما إذا كان البيان الصادر عن قبلان يعبّر عن موقف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، المرجعية العليا للطائفة الشيعية في لبنان، لم يأت الجواب.

وشرح أحد المشايخ الشيعة لـ "اندبندنت عربية" أن "المجلس الإسلامي الشيعي لم يعد كما كان أيام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، إذ إن الشيخ قبلان يُستخدَم من قبل حزب الله ككرة اختبار، وهو يقرأ ما يصل إليه من نصوص جاهزة"، مستغرباً أن "يرتضي الشيخ قبلان على نفسه هذه الوظيفة بدلاً من أن يكون خطابه كرجل دين، خطاب تهدئة وحوار". وأضاف "عيب أن يتناول موقعاً طائفياً آخر بهذه الخفة".

وشرح الشيخ الشيعي أن "الخطأ حصل في مقاربة موقف البطريرك الراعي الداعي إلى الاتفاق في الداخل حتى لا نضطر إلى الاتفاق على الحامي" (أي عندما تتدهور الأوضاع)، مذكراً بأن "منتقدي المؤتمر الدولي هم نفسهم وبينهم الذين يقفون خلف الشيخ قبلان، ينتظرون اتفاقاً دولياً بين أميركا وإيران".

ومن موقع المُطالب بتعددية الآراء داخل الطائفة الشيعية، يؤكد الشيخ ذاته أن "الخطأ الذي ارتكبه الشيخ قبلان هو في قلب الأدوار، بحيث ظهر في الموقف المتشدد غير المدروس، في مقابل "حزب الله" الهادئ الذي يخوض غيره عنه المعركة ضد كل مَن يتجرأ ويبحث عن حل للبنان خارج محور إيران".

 

المجلس الكاثوليكي يرد من دون قفازات

لم يمرّ كلام قبلان في الشارع المسيحي مرور الكرام، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتأييد لمواقف الراعي، وكان الرد الأقسى أتى على لسان المركز الكاثوليكي للإعلام التابع لبكركي، والذي اعتمد بياناً جريئاً مباشراً في التخاطب، "لأن التلميح لم يعد يجدي" كما قال رئيس المجلس الكاثوليكي للإعلام، الأب عبدو أبو كسم لـ "اندبندنت عربية".

البيان الصادر عن المركز الكاثوليكي للإعلام للرد على كلام قبلان، "لم يكن من باب التحدي لأية جهة"، وفق أبو كسم، "وإنما لوضع الأمور في نصابها، وقد قلنا الحقائق كما هي من دون قفازات، خصوصاً بعد ما لاحظنا أنه كلما طرح البطريرك الماروني طرحاً جديداً لحل الأزمة في لبنان، يخرج الشيخ قبلان وكأنه مكلّف بالرد، ويأخذ طرح البطريرك إلى مكان آخر غير المقصود منه. وعندما طالب البطريرك الراعي بمؤتمر دولي من أجل لبنان تحت رعاية الأمم المتحدة وليس دولة معينة، خرج الشيخ قبلان معتبراً أن الطرح هو للاستقواء بالخارج، على عكس ما قصده البطريرك، الذي شرح في عظة الأحد خلفيات دعوته إلى مؤتمر دولي للحفاظ على الكيان اللبناني المهدّد، ولتثبيت اتفاق الطائف".

وأكد أبو كسم أن "لبنان كان دائماً بحاجة إلى رعاية دولية لتأمين الاتفاق بين أبنائه، كما حصل في الدوحة و"لا سال سان كلو" في فرنسا، والطائف وقبلها في لوزان"، ويأتي رد المجلس الكاثوليكي للإعلام على الشيخ قبلان بهدف تصويب طرح البطريرك الراعي، وفق أبو كسم، الذي اعتبر أنه "آن الاوان ليتصارح اللبنانيون في ما بينهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هل أراد قبلان استدراج شارع في مقابل شارع؟

لم تحبذ بكركي فكرة تولي رجل دين الرد على رجل دين، مع ما قد يثيره ذلك من عصبيات طائفية في بلد مثل لبنان، وبين بكركي والطائفة الشيعية علاقة قديمة مبنية على الاحترام المتبادل منذ أيام الإمام موسى الصدر، مروراً بالشيخ محمد مهدي شمس الدين، وصولاً إلى الشيخ عبد الأمير قبلان رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، والد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان.

وفي هذا السياق، دعا الأب عبدو أبو كسم "من التبس عليه طرح البطريرك إلى اللجوء للجنة الحوار الإسلامي - المسيحي لمناقشة الموضوع، بدلاً من التخاطب عبر الإعلام، لا سيما أن هذه اللجنة تضم شخصيات مرموقة من الشيعة، فلماذا لم يتم تكليفها بالاستفسار عن حقيقة موقف بكركي؟ ولماذا لم يجرِ الاتصال مباشرة بالصرح البطريركي الذي لم تُقفل أبوابه أمام أحد؟"، وتساءل أبو كسم أنه "إذا دخلت المرجعيات الدينية بمبارزة اعلامية في ما بينها، فماذا سيبقى للشارع الملتهب أصلاً جراء الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية التي يعانيها؟ البلد ذاهب إلى الانهيار وسينهار على الجميع وليس فقط على المسيحيين، وإن لم نبحث سريعاً عن حل فعلى الدنيا السلام".

تأييد شعبي لمواقف الراعي

منذ انتقاد الأمين العام لـ "حزب الله" مواقف البطريرك الماروني، وبعد كلام المفتي الجعفري الممتاز الشيخ قبلان، تحولت بكركي إلى مقصد للمؤيدين على اختلاف طوائفهم، وللوسطاء العاملين على خط بكركي - الضاحية.

وفيما يستعد الصرح البطريركي ليوم شعبي حاشد تداعت إليه أحزاب وتيارات وجمعيات من المجتمع المدني لدعم مواقف البطريرك الراعي، كرّست زيارة وفد من "التيار الوطني الحر" إلى السفارة البابوية في لبنان قبل لقاء مع الراعي، عمق الخلاف في نظرة الطرفين إلى حل الأزمة اللبنانية، فوفد التيار الوطني الحر الذي أعلن من بكركي استعداده للمساعدة في أي طرح يقدمه الراعي، كان قبل ساعات قليلة يزور السفير البابوي في مقر السفارة في حريصا على بعد أمتار قليلة من الصرح البطريركي، حاملاً إلى الفاتيكان مذكرة تحذر من "خطورة طرح مواضيع خلافية داخلية"، في التفاف واضح على مطلب البطريرك بضرورة عقد مؤتمر دولي من أجل لبنان، متماهياً مع موقف "حزب الله" الرافض لهذه الدعوة.

وبحسب المعلومات، فإن وفد التيار وبتكليف من رئيسه النائب جبران باسيل، خاطب الفاتيكان مشيراً إلى الخلل في التوازن الحاصل بين المسيحيين والمسلمين في لبنان، داعياً الى تعديل "اتفاق الطائف" الذي أنهى الحرب الأهلية للمحافظة على هذا التوازن.

 

"القوات" و"الاشتراكي"

على الضفة الأخرى زار وفد نيابي موسّع من حزب "القوات اللبنانية" بكركي، معبراً عن دعمه المطلق لمواقف البطريرك، بدءاً من الحياد ووصولاً إلى المؤتمر الدولي، وعُلم أن "القوات اللبنانية" كما حزب "الكتائب اللبنانية" وشخصيات سياسية مستقلة ستشارك بكثافة عبر جمهورها بعد غد السبت.

كذلك أوفد رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط إلى بكركي، النائب غازي العريضي، المكلّف أيضاً بالعلاقة الثنائية بين "الاشتراكي" و"حزب الله"، في خطوة تقصَّدها جنبلاط لعدم استفزاز "الحزب"، علماً أنه شارك وفي خطوة لافتة، في اجتماع عبر تطبيق زوم، مع "لقاء سيدة الجبل" الذي يترأسه المنسق السابق لقوى "14 آذار" فارس سعيد، والذي يرفع عنوان "تحرير لبنان من الاحتلال الإيراني".

ومن بكركي، لفت كلام العريضي التطميني بعد لقائه البطريرك الراعي بحيث بدا وكأنه يتوجه إلى نصر الله وقبلان معاً عندما سأل، "هل سمع أحد في لبنان البطريرك يتحدث عن فصل سابع؟ أو عن جيوش أجنبية تأتي إلى لبنان؟". وتبنى العريضي باسم جنبلاط الدعوة إلى المؤتمر الدولي بقوله إن "المؤتمر الدولي هو تلاقي كل الدول، وإذا لم نتمكن من جمع رئيس الجمهورية (ميشال عون) مع الرئيس المكلف (سعد الحريري) حول حكومة، فماذا نفعل؟".

الحدث السبت، إذاً سيكون في بكركي، التي أكدت مصادرها أنها طلبت من كل الوفود والجمعيات والشخصيات المشاركة البقاء في خطابها وشعاراتها تحت سقف طرح البطريرك الذي سيكون له كلمة يعيد من خلالها التأكيد على مواقفه السابقة، وكان الراعي أكد أمام وفد من "الهيئة التأسيسية للبنان الجديد"، ووفد مشترك من "المبادرة الوطنية" و"سيدة الجبل" أن "علينا نحن أن نطرح الحل الذي يناسبنا ويستند إلى اتفاق الطائف الذي لم يُنفذ لا نصاً ولا روحاً".

المزيد من العالم العربي