Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاختراق السيبراني يغزو الشرق الآسيوي مجدداً

سرقة بيانات 130 ألف عميل من شركة سينجتل السنغافورية وازدهار القرصنة في زمن الجائحة

تعد سنغافورة البلد الأكثر استهدافاً بالهجمات الإلكترونية بين دول آسيان (أ ف ب)

أعلنت شركة سينجتل للاتصالات السنغافورية سرقة بيانات ما يقرب من 130 ألف عميل لديها، بعد تسريب بيانات نظام مشاركة المعلومات مع طرف ثالث، واستولى القراصنة على بيانات الحسابات البنكية والبطاقات الائتمانية لموظفين سابقين في الشركة، وتعد هذه حادثة الاختراق الأولى لشركة كبيرة في سنغافورة.

وفي ظل تصدّر الفيليبين معدل استخدام الإنترنت بمتوسط عشر ساعات يومياً، واعتماد دولة مثل فيتنام استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض العمل لما يقارب النصف من مستخدمي مواطنيها للإنترنت، ومع ذلك لا يزال الإنفاق الحكومي على حماية المواطنين من الهجمات الإلكترونية في جنوب شرق آسيا قليلاً للغاية.

كما أضحت القرصنة صناعة مستقبلية بالتزامن مع التوجه العالمي إلى رقمنة الاقتصاد، مما يؤكد ضرورة تفادي الهجمات السيبرانية في دول الشرق الآسيوي، خصوصاً بعد تحذير جديد للإنتربول لدول المنطقة من هجمات إلكترونية مستقبلية من خلال اعتراض بيانات التجارة الإلكترونية، وبرمجيات خبيثة متقدمة للاحتيال الرقمي، فيما بيّنت شركة كاسبر للأمن السيبراني أن إندونيسيا وماليزيا من بين أكثر الدول عُرضة لهجمات البرمجيات الخبيثة مستقبلاً.

سنغافورة والاختراق

تشير الإحصاءات إلى أن سنغافورة هي الأولى من حيث الإنترنت، وتوفر التغطية بين دول آسيان العشر، مما يجعل استخدام الشبكة العنكبوتية في الحياة اليومية إلى جانب اتجاه الحكومة نحو الرقمنة مهماً.

وتاريخياً تعد سنغافورة البلد الأكثر استهدافاً بالهجمات الإلكترونية، ففي يوليو (تموز) 2018 تعرضت شركة "ساين هيلث" السنغافورية المتخصصة في المجال الصحي لأكبر عملية اختراق إلكتروني، نتج منه قرصنة سجلات بيانات 1.5 مليون مريض.

كما سحبت بيانات ضخمة تجاوزت 1.5 تيرابايت من البيانات السرية لشركة "إس تي لهندسة الطيران" في يونيو (حزيران) الماضي، التي تتخذ من سنغافورة مقراً لها، كما كشفت وكالة سنغافورة للأمن الرقمي أن الجرائم الإلكترونية في البلاد قفزت بنسبة تقترب من 52 في المئة بين عامي 2018 و2019.

وتلفت الإحصاءات في البلاد إلى تعرض كثير من المتسوقين عبر الإنترنت إلى الاحتيال الرقمي، إذ وصلت نسبة الجرائم السيبرانية في البلاد إلى ما يقرب من 27 في المئة من إجمالي الجرائم خلال 2019، كما يتزايد عدد الهجمات الإلكترونية التي تتعرض لها المواقع في سنغافورة.

وتذكر صحيفة "ذا ستريتس تايمز" السنغافورية أن عدد العمليات المصرفية ومعاملات البطاقات البنكية غير القانونية ارتفع خلال العام الماضي، إذ سجلت عمليات الاحتيال الإلكتروني ارتفاعاً وصل إلى 65 في المئة عن عام 2019، بينما جمع المحتالون ما يعادل 201 مليون دولار من ضحاياهم على الإنترنت.

ويحظى القطاع التعليمي بنصيب من ضرر القرصنة الإلكترونية في البلاد، فحسب تقرير مستقل للتهديدات العالمية لعام 2020 فإن 29 في المئة من الهجمات السيبرانية في سنغافورة استهدفته، خصوصاً التعليم العالي.

آسيان والهجوم السيبراني

تعد سنغافورة غيضاً من فيض الاختراق السيبراني في الشرق الآسيوي، فقد أوضح متخصصون في التكنولوجيا والأمن الإلكتروني المتقدم أن منطقة جنوب شرق آسيا كانت بؤرة للهجمات الإلكترونية خلال العام الماضي، إذ استغلت جماعات الاختراق المختلفة موقف المنطقة من تغيرات جيوسياسية وأزمة وباء كورونا وزيادة التقدم التقني واعتماد قطاع المال والأعمال على الإنترنت في المنطقة.

وتذكر الإحصاءات أن الفيليبين تصدّرت دول آسيان في معدل استخدام الإنترنت بمتوسط عشر ساعات يومياً، وفيتنام هي الأعلى في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض العمل بـ 45 في المئة من مستخدمي الإنترنت.

بينما برزت أكبر حوادث الاختراق في المنطقة بعد تسريب البيانات الشخصية لحوالى 46 مليون مشترك لشركات الاتصالات في ماليزيا قبل أعوام مضت.

ويذكر مركز آسيا - المحيط الهادئ أن أخطار كلفة تسريب البيانات عالمياً بلغ عام 2019 حوالى تريليوني دولار أميركي.

وفي عصر الإنترنت الحالي، وجد الإرهاب طرقاً جديدة لمهاجمة أهدافه، فكان الإرهاب السيبراني في منطقة آسيان مصدر قلق متزايد، ونبه الخبراء إلى بطء استجابة المنطقة له.

وتشير بيانات إحدى شركات الاستشارة الإدارية المالية العالمية الأميركية إلى أن الإنفاق على حماية المواطنين من الهجمات الإلكترونية في جنوب شرق آسيا "قليل للغاية".

وفي مارس (آذار) 2019، تعرضت شركة تويوتا فيتنام وتايلاند إلى "محاولات غير مشروعة" للدخول إلى خوادمها، كما تأثر ما يقرب من 900 ألف عميل في شركة "كيبوانا" للتسويق عند تعرض خادمها للاختراق، فيما يؤكد متخصصون في الأمن الرقمي أن 71 في المئة من الشركات بسوق آسيان أقدمت على نشر واستخدام برامج مكافحة الفيروسات أو البرامج الضارّة، بينما استخدم 58 في المئة من الشركات منصات أمان سحابية موثوقة.

كما أن هناك مناوشات رقمية بين مواطني دول آسيان، ففي أغسطس (آب) 2019 أوردت الصحف الفيتنامية هجوماً من قِبل جارتها الفيليبين على مواقع فيتنامية خاصة وحكومية، وُصف بالانتقام من قرصنة منظمة من قبل فيتناميين لحسابات مواطنين فلبينيين على مواقع التواصل الاجتماعي.

القرصنة في زمن الجائحة

خلال عام الجائحة الأول شهدت آسيان، وفقاً لإحصاءات، ارتفاعاً سريعاً في أخطار الاختراق الإلكتروني على الحكومات والشركات والمواطنين، إذ كشف تقرير للإنتربول عن أنشطة سرقة واحتيال جديدة أدخلتها الجائحة المستجدة، منها محاولات بيع المنتجات الطبية الزائفة أو أدوات الحماية الشخصية المزورة.

كما توضح التقديرات أن الاختراق الإلكتروني سيكون بمثابة صناعة مستقبلية تتنامى خلال العقد المقبل، خصوصاً مع تزايد الاتجاه الدولي إلى رقمنة الاقتصاد العالمي، ومع الإقبال على التسوق الإلكتروني خلال فترات الحجر والإغلاق.

وذكر التقرير أن الهجمات الإلكترونية في جنوب شرق آسيا من خلال البريد الإلكتروني وهجمات التصيد والفدية واعتراض بيانات التجارة الإلكترونية إلى جانب برمجيات الجريمة والاحتيال الإلكتروني، هي من بين أهم الأخطار التي تعرّضت لها دول آسيان خلال العام الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير تقرير لـ "آسيان بيزنس" إلى أن سلاسل التوريد أصبحت مع الجائحة أكثر استهدافاً بهجمات القرصنة، فمنصات التجارة الإلكترونية التي شهدت ارتفاعاً في المبيعات قد تكون محط أنظار المقرصنين ومعرضة لخطر الاختراق. مؤكداً أن الحماية من خطر الاختراق مسؤولية جميع الشركات، وبالتالي فعلى المنظمات أن تعمل على حماية نفسها ومورديها وبائعيها، ومن يتعاملون مع شبكاتهم وأنظمتهم.

ومن أبرز الحوادث في العام الماضي، تعرض شركة "ريت مارت" الآسيوية في أكتوبر (تشرين الأول) لتسريب بيانات مليون مستخدم، كما استهدفت هجمات للفدية بعض الشركات والمستشفيات في تايلاند سبتمبر (أيول) الماضي.

واتجه الاختراق ليكون أكثر تماشياً مع أحداث الجائحة، فمثلاً اخترق قراصنة في الفيليبين خلال مايو (أيار) الماضي صفحة رسمية لإحدى شركات الإنترنت الأرضي في البلاد، مطالبين بخدمة إنترنت جيدة للفلبينيين خلال فترة الجائحة.

واتخذت آسيان عدداً من الخطوات لمحاربة الهجوم الإلكتروني منها التعاون مع الدول الأخرى، ففي قمة آسيان 2019 تعهدت دول الرابطة والولايات المتحدة الالتزام بتقوية الأمن السيبراني، وهو ما سبق أن أكدته روسيا أيضاً مع دول آسيان.

غير أن صحيفة "آسيان بوست" تذكر أن دول المنطقة تحتاج إلى إدراك أهمية الاستثمار في مجال الأمن السيبراني إلى جانب تقديم استراتيجية جديدة لمواجهة الهجمات الإلكترونية وتسريب البيانات، وفهم أكثر عمقاً لقطاع التكنولوجيا والإنترنت، وهو ما اتضح في تصريحات رئيس الوزراء الماليزي محيي الدين ياسين، الذي ذكر في أول اجتماع لوزراء الرقمنة بدول آسيان في يناير الماضي، أن على دول الرابطة العمل معاً لضمان تحسين التشريعات ومشاركة الخبرات، لتحقيق الأمن في الفضاء السيبراني.

الصين وقرصنة دول الجوار

كانت الصين من بين الدول التي استهدف قراصنتها مواقع في دول جنوب شرق آسيا، ويذكر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي أن قراصنة صينيين في نوفمبر العام الماضي استهدفوا منظمات يابانية وعدداً من الصناعات في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط. كما نظم مخترقون فيتناميون عدداً من المواقع الزائفة المكرسة للأخبار والنشاط في جنوب شرقي آسيا، التي استخدمت التصيد والاحتيال الرقمي.

وأوردت شركة "فاير آي" الأميركية المتخصصة في الأمن السيبراني قبل ستة أعوام، أن قراصنة مدعومين من الحكومة الصينية نظّموا عمليات اختراق معقدة استهدفت الحكومات والشركات والصحافيين في جنوب شرقي آسيا. كما اتهمت الولايات المتحدة خمسة قراصنة صينيين وماليزييَن باختراق ما يزيد على 100 شركة.

ووفقاً لوزارة العدل الأميركية، فإن رجلي أعمال ماليزييَن تآمرا مع اثنين من القراصنة الصينيين لاستهداف صناعة ألعاب الفيديو، بينما عمل القراصنة الثلاثة الآخرون على اختراق مطوري البرامج وصناع الكمبيوتر وشركات مواقع التواصل.

وألقت السلطات الماليزية القبض على الرجلين المتهمين، فيما ذكرت تقارير تقنية أن شركات للمقامرة عبر الإنترنت تنتمي إلى جنوب شرقي آسيا تعرّضت لهجمات من قراصنة صينيين صيف عام 2019.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات