Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السلطات اللبنانية تعتقل عشرات المحتجين في طرابلس وتتهم بـ"الانتقائية"

تستمر النقمة الشعبية في المدينة واضعة شارعها أمام احتمال الانفجار

أوقفت الأجهزة الأمنية حوالى 30 محتجاً على خلفية مشاركتهم في أعمال الشغب في مدينة طرابلس (غيتي)

أيام قليلة مضت على "إحراق المقار الرسمية" في طرابلس اللبنانية، ولكن آثارها لم تنتهِ بعد. وفيما تستمر النقمة الشعبية المبطنة لتضع الشارع أمام احتمال الانفجار عند كل محطة، بدأت حملة مكثفة لتوقيف مجموعات شبابية شاركت في الاحتجاجات، أو في الهجوم على السراي الحكومي والقصر البلدي.

وفي مقابل اتساع رقعة الحل الأمني، ينتظر أهالي عاصمة الشمال قطار "الحل التنموي" الذي غاب عن مناطق الأطراف منذ عهد الاستقلال. 

اعتقالات بالجملة

في أعقاب كل حادثة، تجنّد الدولة اللبنانية القوى العسكرية والقضائية لملاحقة وتوقيف المشتبه فيهم. وكما كان متوقعاً، شهدت مدينة طرابلس والمناطق المحيطة بها حملة توقيفات. 

وفي وقت أُفرج حتى مساء الأربعاء 3 فبراير (فبراير) عن مجموعة من الموقوفين، عُرف منهم محمد الزين وخالد الديك وعبد الناصر قدور وربيع مينا، أحالت النيابة العامة العسكرية 10 موقوفين آخرين إلى القضاء للمحاكمة. 

وكانت والدة الديك قالت قبل إطلاق سراحه إن ابنها غير متورط بأي عمل أمني، وإلا "ما كان ليسلّم نفسه إلى الاستخبارات". ولفتت إلى أنه اتصل بشقيقه مرة واحدة بعد وصوله إلى وزارة الدفاع من أجل طمأنتها.

ونفت "أم خالد" الولاء السياسي عن ابنها، لأنه نزل إلى الشارع بسبب الفقر والحرقة على وفاة أحد أطفاله على باب المستشفى. وحمّلت السلطة مسؤولية ما وصلت إليه المدينة وأهلها، مشيرةً إلى أن سكان طرابلس لم يعتادوا المهادنة وانتهاك الكرامة، لذلك صبّوا غضبهم ضد مبنى السراي الحكومي.  

انتتهاك حقوق الموقوفين والمادة 47

وبرزت على الساحة الطرابلسية تساؤلات من قبيل إذا كان هؤلاء الأفراد شديدي الخطورة و"مندسين"، فلماذا أُطلق سراحهم بعد مرور 48 ساعة على توقيف بعضهم؟ 

أكد المحامي فهمي كرامي أن عدد الموقوفين بلغ حوالى 30 شخصاً، أما الذين أُطلق سراحهم حتى الأربعاء، فلا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة. 

وشكا من عدم امتثال الأجهزة الأمنية لمضمون ومفهوم المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تحدد أصول التفتيش والتعامل مع الموقوف، وتمنحه مجموعة من الحقوق كالاتصال بأحد أفراد عائلته والتواصل مع محامٍ وعرضه على طبيب، وعدم التعرض للتعذيب أو الإكراه على الكلام تحت طائلة بطلان التحقيقات الأولية.

وأشار كرامي إلى أن محامي الحراك ونقابة المحامين في طرابلس، يتابعون ملف الموقوفين. وتوجه فريق منهم إلى مراكز التوقيف وأجهزة الاستخبارات والمحكمة العسكرية لجلاء الناشطين، وقد كان هناك تعاون متفاوت. ولفت إلى أن مكتب المعونة القضائية في نقابة طرابلس يُقدم المساعدة القانونية المجانية منذ بدء انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول). 

إلى ذلك، وجهت نقابة المحامين في طرابلس دعوة إلى جميع منظمات حقوق الإنسان العاملة في لبنان، للمشاركة في جلسة مناقشة نهار الثلاثاء المقبل في 9 يناير، بشأن "توقيع عريضة" لتقديمها إلى لجنة حقوق الإنسان في المجلس النيابي اللبناني. 

ووفق معلومات "اندبندنت عربية"، تطالب العريضة بـ"مساءلة الوزراء المسؤولين عن عدم تطبيق المادة 47 من أصول المحاكمات الجزائية لدى بعض الأجهزة الأمنية، إضافة إلى المادة 65 من القانون ذاته". 

محمد الزين إلى الحرية 

في ليلة إحراق المقار الرسمية، كان مراسل "المنتدى الإخباري" محمد الزين في تغطية مباشرة عبر صفحته على "فيسبوك"، انتهت بتوقيفه.

وكشف الزين، الذي أطلق سراحه الأربعاء، عن أنه "توجه إلى الطبيب الشرعي لتوثيق الكدمات والجروح التي تعرّض لها أثناء الاعتقال، تمهيداً لرفع دعوى قضائية"، مؤكداً أنه لن يسكت لأنه "ليس من الأشخاص الذين يمكن ترهيبهم". 

ولفت الزين إلى أن "استخبارات الجيش أوقفت رفيقه الذي كان معه في السيارة عمر ناصر هزيم"، مرجحاً نقله بعد سجن القبة إلى وزارة الدفاع.  

توقيفات انتقائية

مع بدء التوقيفات، توالت التسريبات وتوجيه الأصابع إلى "أشخاص مندسين"، وتقاذف المسؤولون الأمنيون في المدينة حجر المسؤوليات.

وتحدث اللواء أشرف ريفي، عبر "تويتر" عن توقيفات انتقائية، مطالباً بحصرها بـ"المخربين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفيما يستمر توقيف وائل حمزة، أحد المقربين من "المنتديات" (مجموعة سياسية في شمال لبنان)، الذي أصيب بقنبلة دخانية في وجهه، وناشطين آخرين في الانتفاضة مثل علاء حسين ومحمد شعبان، أشار أحمد حلواني، الناشط فيها، إلى مخالفة القانون من خلال عدم السماح للمحامين بمتابعة التحقيقات التي باشرتها الأجهزة الأمنية. 

ووصف الاعتقالات بـ"التعسفية"، لأنها تستهدف شخصيات لا علاقة لها بالتخريب وعمليات الإحراق، مشيراً إلى أنها تستند إلى أسباب سياسية من أجل معاقبة من يواجه السلطة. وأوضح أن التوقيفات استهدفت ناشطين شاركوا في منع تهريب السلع المدعومة من لبنان إلى سوريا. 

وطالب حلواني قائد الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية بالنأي عن محاولات استهداف "الناشطين الشرفاء الذين يُراد وضعهم ضمن قائمة الزعران"، متهماً السلطة بالانتقائية و"تسريب التحقيقات من خلال أدوات إعلامية سلطوية من أجل الاستثمار في السياسة وإطفاء الثورة الطرابلسية واللبنانية".

الإنماء المحتجز

بعد بدء التوقيفات، ظهرت أصوات تضع الحل الأمني في خانة المحاولة لاسترجاع هيبة خسرتها السلطة في طرابلس. 

تحفّظ الناشط سامر حجار على مصطلح "الحل الأمني" لأن ما يجري لن يحل المشكلة، بل سيدفع الأمور نحو الأسوأ. 

ودعا إلى خطة اقتصادية تنموية، لأن "ما يُراد من الحل الأمني هو قمع الفقراء، والقول لهم ممنوع رفع الصوت أو التعبير".

وأعرب حجار عن اعتقاده أن هناك من يظن بأنه من خلال البطش الأمني سيمنع ميلاد أي حراك مستقبلي، لذلك فإن التحركات ستعود إلى الشارع بأشكال مختلفة. ولفت إلى أن "أي حل لن يكون إلا من خلال تغيير الطبقة السياسية والنظرة إلى طرابلس، بإعطاء الأولوية للتنمية والإنماء، لا للأمن".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير