Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طرابلس اللبنانية تحصي خسائرها بعد ليلة إحراق المقار الرسمية

القوى الأمنية أوقفت خمسة شبان تورطوا في أعمال الشغب

بدأت مدينة طرابلس اللبنانية مرحلة إحصاء الخسائر في أعقاب ليلة "إحراق المقار الرسمية"، انطلاقاً من مبنى البلدية، الذي تحول الجمعة إلى محجة لأبناء المدينة، استنكاراً لما تعرض له الرمز التاريخي لعاصمة الشمال. 

القصر يتشح بالسواد 

تعرض القصر البلدي لمدينة طرابلس لخسائر فادحة، حيث حول الحريق في طابقه الأول المبنى إلى منطقة خربة. ولبس القصر مظهراً غير مألوف للطرابلسيين، فالمبنى الجاذب للأنظار بسبب لونه الفاتح، تكلل بالسواد وتشلعت نوافذه. 

على طول الدرج المؤدي إلى داخل البلدية، يتجمهر عدد كبير من الناس، الذين أجمعوا على أن "من أحرق البلدية ليس من أبناء طرابلس"، كما أنه "لا يمكن أن يكون من الثوار". عند البوابة، يستقبلك ثلاثة عناصر من شرطة البلدية، ينظمون حركة الدخول والخروج إلى المبنى المدمر. 

في الداخل الصورة صاعقة، إذ لم يبق من القصر إلا حجارته، أما مختلف الأجزاء والأقسام فتدمرت بصورة كاملة. وتغطت الأرضية بأكوام من المستندات والملفات. 

يؤكد نائب رئيس البلدية خالد الولي أن "استهداف بلدية طرابلس أمر مقصود ومدبر"، متطلعاً أن تؤدي التحقيقات التي بدأها المجلس البلدي، وأتبعها بتقديم شكوى للقضاء، إلى كشف الفاعلين. 

ويقول رئيس لجنة الآثار في البلدية خالد تدمري، إن الأضرار فادحة للغاية، ويشير إلى تدمير طاول قاعة انعقاد المجلس البلدي، وسنترال البلدية، وغرفة الديوان، وغرف المالية والصندوق، بالإضافة إلى قسم خدمة المواطن. يستبشر تدمري خيراً بأن إحدى اللوحات التي أنقذتها لجنة الآثار، تعود إلى 700 عام، وتؤرخ لبناء المدرسة التاريخية (سبط العطار)، التي تؤكد أن مدينة طرابلس هي مدينة العلم والعلماء".

يطمئن تدمري أن الأرشيف الهندسي وأرشيف ديوان المجلس البلدي، وكذلك الأقسام الخلفية للقصر لم تتضرر، مؤكداً أن البيانات محفوظة على خوادم معلوماتية وبقيت بأمان، لذلك فإن عملية التأهيل غير مستحيلة، ويبقى الأهم أن تكشف القوى الأمنية من قام بإحراق الإدارة المحلية وواجهة طرابلس. 

يتحدث تدمري عن القيمة التاريخية لهذا المبنى الذي وضعت خططه في العهد العثماني، وبني خلال الانتداب الفرنسي. 

البلدية مع الفقراء 

هال الهجوم على بلدية طرابلس أهالي المدينة، ويردد رئيس البلدية رياض يمق أن "من قام بهذا العمل المجرم ليسوا الثوار، لأن بلدية طرابلس اتخذت موقفاً مؤيداً للثورة منذ انطلاقتها في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019. كما أن المجلس البلدي وقف إلى جانب الأحياء الفقيرة منذ أمد بعيد". 

يعتقد يمق، في حديث خاص، أن "مشاغبين وغوغاء قاموا بإحراق البلدية، ويبدو أنهم قاموا بعمل منظم"، ويكرر أنهم "ليسوا من فقراء طرابلس، لأن البلدية قامت بتقديم مساعدات للمناطق الشعبية، و40 ألف حصة، ووزعت 300 مليار ليرة (200 مليون دولار وفق السعر الرسمي) على المحتاجين، كما أنها خصصت 300 مليون (200 ألف دولار) للمستشفى الميداني".  

ويكشف يمق أن القوى الأمنية أوقفت خمسة أشخاص، وينتظر المجلس البلدي نتائج التحقيقات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير إلى أنه "منذ اتخاذ قرارات الإقفال العام للحد من تفشي كورونا، وُضعت بلدية طرابلس والمنطقة المحيطة بها تحت عهدة وحماية القوى الأمنية"، ووصلت قوة من الجيش إلى البلدية بعد أن اندلعت فيه النيران وحالت دون إحراق المباني المحاذية. 

وعن اتهام شرطة البلدية بالتقصير، يقول يمق "السرايا التي تعد المبنى الأكثر تحصيناً وتجهيزاً وحضوراً أمنياً، تعرضت للهجوم ومحاولات الإحراق، فكيف البلدية؟". 

يطمئن يمق أن الأقسام الجديدة للبلدية بقيت سليمة، ولم يحترق قسم الهندسة وجناح الرئاسة، الذي حاول المهاجمون الدخول إليه، مشيراً إلى أنه "تلقى عدداً كبيراً من الاتصالات من قبل أشخاص ومتمولين، عرضوا إعادة ترميم القصر".

اجتماع دار الفتوى

في دار الفتوى في طرابلس، اجتمعت "قيادات المدينة الزمنية والروحية وفعاليات نقابية" بدعوة من المفتي محمد إمام. يضع يمق هذا الاجتماع في خانة "وضع الجميع أمام مسؤولياتهم تجاه المدينة المظلومة منذ فترة كبيرة"، قائلاً "لن نرضى من الدولة أن تعامل طرابلس إلا كجزء من الأراضي اللبنانية"، متهماً الوزارات المعنية بالتقصير، وهو "أمر لا نرضى به".

وأكد المفتي محمد إمام، أن "دور السلطات السياسية والأمنية ليس الإدانة والاستنكار، وإنما حفظ المدينة وتطويرها وإنماؤها والارتقاء بأهلها وشعبها"، مضيفاً أن "عبث الأيادي المندسة والمتورطة بمدينتنا ومؤسساتها الرسمية وممتلكاتها العامة والخاصة ليس إلا مؤامرة على المدينة ولا يمت إلى المطالب المحقة بحال من الأحوال". 

نقمة شعبية على التقصير 

يؤكد شهود العيان أن مجموعة منظمة استغلت الفوضى، وهاجمت مقر بلدية طرابلس. ويعتقد أحد الشهود أن هناك "أناساً مأجورين، دُفعوا لإحراق القصر البلدي، وكانوا يتنقلون بحرية، وكانت الملاحقة من قبل القوى الأمنية بطيئة، وكذلك قدوم فرق الإطفاء".

وروى محمود الصمدي، صاحب مؤسسة مقابلة لسرايا المدينة، أن مجموعة مؤلفة من 10 إلى 15 مراهقاً حطموا كاميرات المراقبة وحاولوا خلع أبواب المحلات المجاورة في وضح النهار.

ويحمّل الصمدي رئيس بلدية طرابلس وشرطة المدينة مسؤولية التقصير في حماية القصر البلدي، لأنهم لم يطالبوا القوى الأمنية بتخصيص فرقة لحراسته. ويقول "كبسة على المطعم يتولاها 20 شرطياً بلدياً، أما القصر فيحميه عنصران فقط".  

تنفي مصادر في شرطة البلدية التقصير، وتؤكد أن عدد عناصرها لا يتجاوز الـ50، وهم موزعون على عشرة مراكز في أنحاء المدينة، مشيرة إلى أن أكثرية العناصر شارفوا على التقاعد.  

 

يستهجن الناشط محمد الأبرش إحراق المجلس البلدي، ويضعه ضمن مخطط لتعطيل المؤسسات الفاعلة في المدينة. ويلفت إلى أن من قام بهذه الجريمة لا يمكن أن يكون من أبناء طرابلس، لأن "من يحب بيته، لا يقوم بإحراقه". 

أما العسكري المتقاعد عبد اللطيف الزين فيلفت إلى أن "الثوار غادروا الساحة عند الخامسة من مساء الخميس مع بدء المناوشات"، مستهجناً التعرض لمبنى البلدية لأن "الباحث عن لقمته ومعيشته لن يحرق مبنى رمزياً ويحمل هوية طرابلس". ويحمل الناشط إبراهيم الخولي المسؤولية "لمجموعات محسوبة على العهد لأن العونيين (نسبة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون) يريدون التخريب في طرابلس".

المنتديات تنفي

مع تصاعد مستويات العنف، ساد الحديث عن صراع الإخوة بين بهاء وسعد الحريري، كما وُجهت الاتهامات إلى المنتديات السياسية والاجتماعية بضلوعها بأعمال التخريب. 

يضع الناشط في المنتديات نصر معماري هذه الاتهامات ضمن دائرة "التهجم الممنهج على الثوار بشكل عام وعلى المنتديات بشكل خاص". 

ويشير معماري إلى أنه منذ بدء أعمال العنف في ساحات الانتفاضة، حاول أنصار أحزاب السلطة إلصاق الاتهامات بالمنتديات، ولكن سرعان ما اتضح ضلوع هذه الأحزاب بأعمال الشغب، بخاصة عند سعيها إلى إطلاق سراح الموقوفين المحسوبين عليها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير