في مؤشر على استمرار فقدانهم الثقة، يشكو معظم الشعب الفلسطيني من أن حجم الفساد في السلطة الفلسطينية لا يزال كبيراً وفي ارتفاع، وذلك بحسب استطلاع للرأي أجراه الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، وقال "الائتلاف" إن "الفلسطينيين غير مقتنعين بجدية جهود مكافحة الفساد، ويشـككون باستقلالية هيئة مكافحته ويعتقدون بتأثرها بالسلطة التنفيذية".
بين متوسط وضعيف الفعالية
وبحسب الاستطلاع الذي أُجري في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن 80 في المئة من الفلسطينيين يعتبرون أن جهود مكافحة الفساد غير كافية، إذ يرى 46 في المئة منهم أن أداء هيئة مكافحة الفساد في الضفة "فعّال إلى متوسط الفعالية"، في حين أشار 84 في المئة منهم إلى أن دور نيابة مكافحة الفساد في غزة يقع بين "متوسط وضعيف الفعالية".
وبسبب خضوع الضفة الغربية وقطاع غزة إلى سلطتين مختلفتين، أظهر استطلاع الرأي تبايناً في النتائج والمشكلات في كلا المنطقتين، ففي حين يرى 67 في المئة ممن استطلعت آراؤهم في الضفة الغربية أن مستوى الفساد ارتفع العام الماضي، فإن تلك النسبة تنخفض إلى 33 في المئة في قطاع غزة.
تحدي تفشي الفساد
وبينما حلّ تحدي تفشي الفساد بالضفة الغربية أولاً في الضفة الغربية، جاء في المرتبة الرابعة في قطاع غزة، حيث حظيت مشكلة الانقسام بالمرتبة الأولى.
ويشير 58 في المئة من الفلسطينيين إلى أن مستوى حجم الفساد في مؤسسات السلطة لا يزال كبيراً، لاسيما بين الموظفين فيها في الفئات العليا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الواسطة والمحسوبية
وعن صور الفساد، أفاد استطلاع الرأي بأن "الواسطة والمحسوبية" هما أكثر أشكاله انتشاراً في فلسطين، تلاهما "اختلاس الأموال العامة" و"إساءة استعمل السلطة" و"الرشوة" و"جريمة غسل الأموال" و"المتاجرة بالنفوذ".
كما لفت 69 في المئة ممن استطلعت آراؤهم إلى أنهم يعتقدون "بوجود فساد في المحاكم والنيابة العامة"، وترتفع تلك النسبة إلى 76 في المئة بالضفة الغربية مقارنة بـ 58 في المئة في قطاع غزة، وأبدى 79 في المئة عدم رضاهم عن عقوبات مرتكبي جرائم الفساد، مشيرين إلى أنها "غير رادعة".
وقال الباحث الرئيس في ائتلاف "أمان" جهاد حرب، إن تلك الأرقام "ليست سوى انطباعات عن مستوى الفساد وليست حقائق"، مضيفاً أن سببها يعود "إلى عدم تطبيق القانون وضعف جهود محاربة الفساد وغياب الشفافية، إضافة إلى آليات تعيين كبار الموظفين".
وفي رد على ذلك، قال المتحدث باسم هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية منتصر حمدان إن الهيئة شكّلت لجنة لدرس نتائج استطلاع الرأي.
وكان رئيس هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية أحمد البراك استقال من منصبه الشهر الماضي بضغوط من مؤسسة الرئاسة، وذلك بعد أن "أصبح شخصاً لا يمكن استمرار التعامل معه"، على حدّ قول مسؤولين فلسطينيين.
دعم سياسي كامل
وكشفت مصادر فلسطينية أن البراك أجبر على تقديم استقالته بعد مداهمة عناصر الاستخبارات العسكرية مكتبه، وبعد أسابيع على طلب الرئاسة الفلسطينية منه الاستقالة، لكنه طلب إمهاله بعض الوقت قبل تقديمها.
وعيّن الرئيس الفلسطيني محمود عباس القيادي في حركة فتح رائد رضوان رئيساً للهيئة، مؤكداً أنها "تحظى بدعم سياسي كامل ومطلق من الرئيس عباس"، وأشار رضوان إلى أن الهيئة "تسعى لمواءمة القانون الناظم لعملها مع الاتفاق الأممي لمكافحة الفساد، مع التركيز على الأنشطة التثقيفية التي تعمل على رفع كفاءة الموظفين المهنية، وتساعدهم في تجنب الوقوع بشبهات الفساد".