فيما تداول سكان صنعاء أنباء تفيد بأن حكومة الحوثيين تطلق حملة لمنع النساء من العمل خارج المنزل نفت الميليشات وجود مثل هذا القرار. وذكر نشطاء يمنيون أن الجناح الديني، ذراع الضبط الاجتماعية لجماعة الحوثي يؤثر على سير العمل اليومي في العاصمة صنعاء، مما أصبح يثير حالة من التذمر والسخط في المدينة التي يسكنها قرابة المليوني يمني.
و أكد سكان محليون في المدينة التي يسيطر عليها الحوثيون، أن الجماعة وجهت بمنع الفتيات من العمل في المطاعم والفنادق بذريعة تنافي ذلك مع "الهوية اليمنية المحافظة".
من جابنها أصدرت منظمة العفو الدولية، بيانا انتقدت فيه بشدة إجراء منع الحوثيين للنساء من العمل في المطاعم، معتبرة إياه موقفاً "مخزياً وتمييزياً".
إن قرار السلطات الحوثية بمنع النساء من العمل في المطاعم هو مخزي وتمييزي. نقف مع كل النساء في كفاحهن ونضالهن من أجل حقوقهن في #اليمن pic.twitter.com/w2FA4ROorD
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) January 29, 2021
وقالت المنظمة الحقوقية، في تغريدة عبر "تويتر"، إن "إجراء الحوثيين بمنع النساء من العمل في المطاعم هو مخز وتمييزي"، مضيفة "نقف مع كل النساء في كفاحهن ونضالهن من أجل حقوقهن في اليمن".
جولة تفتيشية
وقال السكان إن رجال الميليشيات نفذوا حملة تفتيش على المطاعم والفنادق والحدائق لضمان تطبيق القرار، وهو الموقف الذي يخشى أن يفاقم من الأوضاع الإنسانية والاقتصادية لكثير من الأسر التي فقدت معيلها مع تزايد أعداد القتلى في الحرب التي تشهدها اليمن طيلة خمس سنوات.
ويقول سكان العاصمة أن تلك الحملة رافقت دعوات من منابر المساجد، تم فيها توزيع خُطب موحدة، شددت على مهاجمة النساء العاملات، وعدم السماح لهن بالعمل سوى في مدارس خاصة بالفتيات أو مرافق صحية للنساء فقط.
الحوثي ينفي
في المقابل، نفى نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثي، صحة هذا القرار، وقال في تغريدة له على "تويتر" "لا يوجد أي قرار بمنع المرأة عن مزاولة العمل، وعلى من يتحدث عن وجود قرار أن يتوخى المصداقية في ما يعتمد عليه من معلومات ومصادر".
— حسين العزي (@hussinalezzi5) January 30, 2021
وعزا المسؤول في حكومة الحوثيين هذا الإجراء إلى ما وصفها بـ "تصرفات فردية" مضيفا "نحرص على ضبطها والتوعية بشأنها أولاً بأول."
وعلى الرغم من نفي الحوثيين لهذا القرار، فإنه أثار سخط كثير من الناشطين والمهتمين بحقوق المرأة، حيث انتقدت الناشطة عهد علاء الإجراء وقالت "ترك الحوثيون كل شيء وتعلقوا بعمل المرأة، الذي تعيل من خلاله السيدة الفقيرة نفسها وأسرتها".
وأضافت "التسول مسموح، لكن تكسب المرأة من خلال طرق تصون كرامتها وكرامة أسرتها صارت جريمة"، مؤكدة أن ذلك يمثل حالة تراجع واضطهاد مخيف يطال المرأة اليمنية أكثر من قبل في ظل حكم هذه الجماعة الدينية، في بلد يعاني بالأساس من مشاكل مرتبطة بالتمييز الجندري.
ثنائية التدين والاقتصاد
يعيش البلد المحافظ في الأساس أزمة متعلقة بترتيب الأولويات، إذ تقبع غالبية الأسر اليمنية تحت ضغط الفقر الذي يضرب البلاد من قبل الحرب، وتفاقم بعدها.
إلا أن بعض السلطات الاجتماعية والأعراف لا يبدو أنها تبالي كثيراً، إذ لا ترغب في تقديم تنازلات معقولة لصالح الملف الاقتصادي المتفاقم، كما يقول المحلل الاقتصادي عبدالحميد المساجدي "الظروف القاسية الحالية اضطرت العائلات اليمنية، للعمل في أي مهنة لتعينها على توفير التزاماتها الرئيسة"، ويضيف "كما ترك عدد كبير من الأطفال مقاعد الدراسة لصالح العمل، إلا أن سلطات الأمر الواقع في صنعاء لا تبدو على استعداد لتفهم ذلك"، إذ تفرض قيوداً على عمل المرأة فيما يشرك الأطفال في جبهات القتال، بحسب المساجدي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "تهتم الحكومات بالمرأة والطفل كأساس لبناء مجتمع سليم، إلا أن الحوثي في اليمن يعقد حياة المرأة في الفضاء العام، فيما يقوم بتجنيد الطفل، بحسب تقارير دولية".
وأشار إلى أن ذلك الإجراء في حال صحته سيعني "تزايد أعداد المتسولين والمتسولات في الشوارع وزيادة معدلات الجريمة نتيجة لضيق خيارات العمل"، في ظل ارتفاع حالات الفقر والمجاعة التي تشهدها البلاد منذ بدء الحرب وما رافقه من تدهور اقتصادي كبير.
ليست المرة الأولى
ولم تكن هذه العملية من رجال الضبط الاجتماعي التابعة للميليشيات هي الأولى في الفترة الأخيرة، إذ شنت، الأسبوع الماضي، حملة على المستودعات التجارية للملابس النسائية والمطاعم في العاصمة الخاضعة لسيطرتهم، تحت مزاعم "وضعها مجسمات عرض الأزياء وصوراً مخالفة للهوية الإيمانية"، بحسب ما قاله أصحاب محال لـ"اندبندنت عربية".