Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"كنعان" فريق نسوي لتوثيق آثار غزة

يسجل المعالم القديمة عبر تطبيق رقمي باللغتين العربية والإنجليزية

يعمل فريق كنعان على دمج آثار غزّة ضمن لوائح اليونسكو (مريم أبو دقة - اندبندنت عربية)

بين جنبات الحضارة والتاريخ في دير القديس هيلاريون المصنف على قائمة التراث العالمي بأنه أول دير في التاريخ المسيحي، تتجول المهندسة سندس النخالة في ساحته، تعاين المكان وتأخذ قياساته الكاملة، وباستخدام طائرة التصوير "الدرون" تجري مسحاً كاملاً لكل الأزقة فيه من كل الجوانب، استعداداً لإدراجه على قائمة المواقع الأثرية على تطبيق "كنعان" المخصص لتوثيق الأماكن القديمة بطريقة عصرية.
منذ أربع سنوات تعمل سندس برفقة ثلاث مهندسات على توثيق آثار غزّة بطريقة رقمية عصرية، إذ أنتجن تطبيقاً وموقعاً إلكترونياً يتضمن جميع المواقع القديمة للحضارات التي سكنت القطاع. وقالت "أطلقنا عليه اسم كنعان، نسبةً إلى قبائل الكنعانيين الذين يُعدون أول من سكن غزّة وعمروا فيها مناطق عدة لا تزال شاهدة على حضارتهم".


تجول افتراضي

وتابعت سندس "هناك توجه كبير لاستخدام أدوات التكنولوجيا، يقابله عزوف واضح عن العودة إلى الوثائق، أو زيارة الأماكن الأثرية، وقمنا بتجربتنا في محاولة لنقل المعلومات الصحيحة بطريقة عصرية للأجيال الصاعدة، وللمهتمين خارج القطاع".
وتعتمد فكرة فريق "كنعان"، بشكل أساس على توثيق آثار غزّة، بتقنية التجول الافتراضي، وإدراج صور ومقاطع فيديو لكل الأمكنة الأثرية، إلى جانب معلومات شاملة عن كل المعالم، باللغتين العربية والإنجليزية، ليستفيد منها الباحثون والمهتمون بالحضارات والدراسات التاريخية.

وتظهر أهمية هذا المشروع، في عنايته بالمناطق الأثرية المُهمَلة رسمياً، بسبب الانشغال بالقضايا السياسية وضعف حركة السياح، والتهميش من منظمة السياحة العالمية التي لا تتعامل مع قطاع غزّة.

المعلومات شحيحة

إلا أن صعوبات كثيرة واجهت الفريق النسوي أثناء توثيق المناطق لتضمينها في إطار المواقع الأثرية، فعملية البحث عن معلومات دقيقة حول تاريخ وحضارة الآثار في غزّة، صعبة للغاية إذ انقطعت زيارات وفود المنقبين والمؤرخين منذ تولي حركة حماس سدة الحكم (في عام 2006).
وتشير سندس إلى أن فريق "كنعان" لم يعتمد على بيانات وزارة السياحة والآثار كمصدر وحيد للمعلومات المدرجة حول بطاقة التعريف لمعالم غزّة القديمة، بل عمل على التوثيق وفق دراسات بحثية، ومقابلات مع المؤرخين، وسجلات الحكم البريطاني للقطاع، إضافة إلى إجراء مقابلات مع متخصصين أجانب، لإضافة قيمة إثرائية للمواقع الأثرية.
وإلى جانب التوثيق، أجرى "كنعان" عمليات بحث إضافية عن المناطق الأثرية، وأوضحت سندس أن الفريق تمكن من اكتشاف أبنية ومواقع ومحلات قديمة عدة غير مدرجة على لوائح الآثار في غزّة.


إهمال التنقيب

وتعاني حركة البحث والتنقيب عن آثار ومواقع جديدة في غزّة من إهمال الجهات الحكومية، وتُكتشف عادةً عن طريق الصدفة أثناء عمليات بناء يقوم بها المواطنون، أو عن طريق هواة أو باحثين شباب.
وبرر ذلك مدير عام الآثار في وزارة السياحة والآثار جمال أبو ريدة بأن "السبب هو ضعف الإمكانات المادية، وغياب اهتمام المنظمات الدولية، لكن العمل جار على توثيق كل المناطق الجديدة في سجلات الوزارة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


اكتشاف مناطق

ووثّق فريق كنعان، أثناء عملية البحث الميداني، 311 مبنى، و76 موقعاً أثرياً، ويُعد ذلك إنجازاً لدى مقارنته بسجلات وزارة السياحة والآثار في غزّة، التي تحتوي على 150 بيتاً و12 موقعاً و40 مسجداً، و22 مبنى، وأنقاض كنيستين وكنيسة قائمة، ودير القديس هيلاريون، وغالبية تلك المواقع مدرجة على قائمة التراث العالمي.
إلا أن الفريق اعتمد في بحثه على القيمة التاريخية والحضارية للأماكن التي تُوثق، فيما تحدد لوائح وزارة السياحة أن المكان يصبح أثرياً بعد مرور مئة عام عليه. وأكدت سندس مراعاة ذلك، لكن ثمة مواقع وبيوت قديمة تحتوي على معلومات حضارية عاصرت فترات زمنية طويلة منذ العهد العثماني في فلسطين، وكان إدراجها ضمن المواقع الأثرية حتمياً.
وأوضحت أن 50 في المئة من المناطق المكتشفة مهجورة دون اهتمام، وهناك كثير من البيوت الأثرية تعرضت للهدم بسبب الزحف العمراني، بدوافع استبدالها بمبان حديثة، وسبّب ذلك صعوبة أكبر خلال عملية البحث والتوثيق.
كذلك، تعرضت المناطق الأثرية في قطاع غزّة لانتهاكات محلية عدة، إذ دمرت حكومة "حماس" أجزاءً من تل السكن الأثري بهدف تعويض موظفيها من أراضيه، لأنهم لا يتلقون مستحقاتهم المالية (تراجعت عن ذلك لاحقاً)، بينما استهدف الإسرائيليون موقع الكنيسة البيزنطية وتل أم عامر ومسجد المحكمة وغيرها من البيوت الأثرية في العملية العسكرية على القطاع عام 2014، ما ألحق بها أضراراً جسيمة.


إدراجها في "اليونسكو"

في الواقع، يعمل فريق كنعان ضمن مشروع تابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" التي عادت إلى العمل في غزّة من خلال منظمات ومؤسسات مهتمة، بعدما كانت أوقفت كل نشاطها بعد سيطرة "حماس" على القطاع.
وأكد ذلك وكيل الوزارة المساعد في وزارة السياحة والآثار محمد خلّة، إذ قال، إن "اليونسكو باتت تعمل من خلال فرق ومؤسسات مهتمة، على توثيق المناطق الأثرية وإعادة ترميمها، ومن بين أعمالها ترميم الكنيسة البيزنطية وتل أم عامر، وهما منطقتان مسجلتان كمواقع أثرية عالمية في المنظمة الدولية".

كما أشارت سندس إلى أن "مشروع كنعان يرمي بشكل أساس إلى تسجيل كل مناطق غزّة الأثرية في سجلات اليونسكو، وهذه خطوة مهمة لتحديث بيانات وأعداد المناطق القديمة في القطاع. وبمجرد دمجها في سجلات المنظمة الدولية، يؤدي ذلك مباشرةً إلى حمايتها من أي انتهاكات أو اعتداء، سواء من جهات فلسطينية أو إسرائيلية".

المزيد من منوعات