Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أنت مقابل البراري"... سلسلة تلفزيونية تفاعلية يتحكم المشاهدون في مسارها

التقديم للمهمة واستعراض العقبات وخريطة المنطقة والغرافيك... جعلت البرنامج قريباً من ألعاب الفيديو

بير غريلز في مشهد من السلسلة التلفزيونية "أنت مقابل البراري" (نيتفليكس)

بدأت "نيتفليكس" قبل أيام قليلة عرض سلسلة "أنت مقابل البراري" التلفزيونية للمغامر البريطاني "بير غريلز"، وهي تمثل عودة بحُلة جديدة لبرنامجه الشهير "رجل مقابل البرية"، المعروف أحياناً بعنوان "من أجل البقاء"، الذي قدَّمه بين عامي 2006 و2011، إذ كان "غريلز" يضع نفسه في أصعب الظروف على مستوى العالم، من حيث البقاء على قيد الحياة.

ورغم أن هذا النمط من الأعمال، الذي يتيح للمشاهدين فرصة تحديد مسار الأحداث عن طريق عرض خيارات على الشاشة، ما زال حديثاً نوعاً ما، ولم يسمع به الكثيرون، فإن السلسلة الجديدة هي سابع تجربة للبرامج التفاعلية، التي تقدمها الشبكة.

"غريلز" في مهمة... والجمهور يتدخل

تمت صياغة العمل، الذي يمتد على مدى ثماني حلقات مطروحة للمشاهدة دفعةً واحدةً، على شكل مهام يجب على "غريلز" إتمامها بمساعدة الجمهور، الذي يتدخل مرات عدة في كل حلقة، ويعبر عن رأيه، أو بالأحرى يصوِّت لصالح أحد خيارين، يظهران على الشاشة أمامه، إضافة إلى اعتماده على خبراته قائداً بحرياً بريطانياً سابقاً ومتسلق جبال ومغامراً خبيراً، ويقف في وجه البريَّة مرتدياً ملابس بسيطة، ومسلحاً بإمدادات قليلة في حقيبة ظهره، فيما يثبت امتلاكه أساليب البقاء حياً طوال رحلته، ويتحدى الطبيعة من أجل تنفيذ مهمته.

البطل إنسان والأماكن حقيقية... ولكن

التقديم للمهمة في بداية كل حلقة أمرٌ ضروريٌّ لتبرير المغامرة، لكن طريقة طرحه، واستعراض أهم وأخطر العقبات، التي قد تواجه "غريلز"، ناهيك بأسلوب رسم خريطة المنطقة، التي تحدث فيها الحلقة، والغرافيك المستخدم للخيارات المطروحة على المشاهدين، جاءت قريبة جداً من الأسلوب المستخدم في ألعاب الفيديو مع فارق بسيط، وهو أن بطل اللعبة إنسانٌ حقيقيٌّ، وأحداثها في أماكن حقيقية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الحلقة الأولى ينطلق "غريلز" في مهمة لإنقاذ طبيبة، كانت تحمل بعض الأدوية المضادة للملاريا، وضلَّت طريقها في أدغال أميركا الوسطى، عندما كانت متوجهة إلى إحدى القرى النائية لتوصيل الدواء إلى أطفال هم في أمس الحاجة إليه.

يمر المشاهدون بما يقارب المراحل الخمس أو الخيارات خلال كل حلقة، التي تتراوح مدتها بين 14 و26 دقيقة، قد تكون متعلقة بالأدوات، التي يجب على "غريلز" أخذها، أو المسارات التي سيسلكها، أو الأطعمة الشاذة التي سيتناولها، كي يبقى حياً وقادراً على المواصلة.

وإن كنتم تتساءلون، مجموعة واحدة من الخيارات فقط تؤدي إلى استمرار الرحلة، بينما تقود الأخرى إلى توقفها.

أسئلة مشروعة تبحث عن أجوبة

للوهلة الأولى بدا تعطُّل خيار الإعادة في الحلقة منطقياً، وهذه نقطة أخرى مشتركة مع ألعاب الفيديو، كي لا يتبخر عامل الإثارة، وكي يتحمل المشاهدون مسؤولية خياراتهم، ويتابعوا اللعبة حتى النهاية. وكان لزاماً أيضاً عدم توافر البرنامج للعرض على أجهزة غير مزوَّدة بخاصية التفاعل، مثل شاشات التلفزيون العادية، أو استخدام خاصية العرض المعروفة بـ"كروم كاست"، إذ لا بد من مشاركتك في مسار المغامرة، ولا يمكنك أن تكون متفرجاً فقط، لكن ما الهدف من ظهور خيار إعادة مشاهدة الحلقة من بدايتها بعد انتهائها تماماً، وبالتالي تغيير كل الخيارات السابقة؟ هل هو إرضاءٌ لتساؤلات المتابعين عن كيفية سير الأمور في حال اعتمدوا الخيارات الأخرى؟ أم هو منح فرصة أخرى للاعبين الذين لا يرضون الخسارة وتعطل المهمة؟

الشرح الذي يسبق ظهور الخيارات على الشاشة، وتعليقات "غريلز"، التي تلي عملية الاختيار أو عندما يبرهن الاختيار فعاليته بكلمات مثل: (خيار جيد، موفق، أحسنتم، اختياركم كذا وكذا كان ذكياً وفي محله)، يذكّرنا بأسلوب برنامج "دورا المستكشفة"، التي لا تسهو عن الثناء على مساعدة الأطفال لها لمتابعة مغامرتها الاستكشافية.

لم يطرأ في السلسلة الجديدة تغيرٌ يذكر على أسلوب التقديم أو العقبات، التي يقع فيها "غريلز" أو حيله في تخطيها، وحتى التطور المذهل في طريقة التصوير لم يكن في صالح العمل، إذ إن توزيع الكاميرات والمصورين بزوايا صعبة ومختلفة يؤكد للمتفرج أن اللقطات والمواقف مرتبة مسبقاً، وتمت إعادتها مرات ومرات، وهي بعيدة كل البعد عن العفويَّة والمفاجأة.

السؤال الذي لا بد منه: لماذا الإنفاق على عمل كهذا لا يقدم جديداً، ويحتاج إلى مبالغ طائلة لتغطية تكاليف السفر والتصوير والتأمين على حياة طاقم العمل؟ ومن ناحية أخرى، يجعلنا هذا النمط المستحدث من البرامج نعيد التفكير في تطور العروض التلفزيونية، في البداية كانت هناك محطات يتيمة في كل بلد، والجميع مجبرٌ على متابعتها، ثم تعددت القنوات في الدول، وزادت الخيارات، لكنها لم تكن كافية فجاءت الأقمار الاصطناعية بآلاف مؤلفة من المحطات من كل بقاع الأرض لترضي كل الأذواق، إلا أن المهمة باتت محيّرة، وراح المتفرجون يضيعون الوقت المخصص للمتابعة في عملية البحث عن شيء يستحق المشاهدة، مما دفع إلى ظهور ما يسمى "المشاهدة عند الطلب" و"الإفراط بالمشاهدة" المناسب للأشخاص الانتقائيين، أو الذين لا يملكون الصبر أو الوقت الكافي لانتظار الحلقة المقبلة، والآن لا يريد البعض الاكتفاء بالفرجة، ويريد التحكم بما يشاهد، فإلى أي حد سيصل هذا الإفراط في الخيارات المقدمة للمشاهدين؟

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة