Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يبدو وجود فتح في قطاع غزة؟

مئات الكوارد تعرضوا للتعذيب على يد أجهزة الأمن خلال الأشهر الماضية

تجمع حركة فتح وسط غزة لإحياء ذكرى الانطلاقة في العام 2013 (اعلام حركة فتح)

منذ أحداث الانقسام الفلسطيني الداخلي عقب العام 2007 بعدما تولّت حركة حماس سدّة الحكم في قطاع غزّة، نتيجة فوزها في الانتخابات التشريعية المبرمة آنذاك، وحركة فتح ممنوعة من ممارسة نشاطها التنظيمي الميداني على ساحة غزّة، لأسباب وصفها قياديون بالعرقلة السياسية المقصودة. التضييق على الحركة مرّ بمراحل متعدّدة وأشكالٍ مختلفة، تتبدل حسب بيئة المناخ السياسي الأكثر تأثيراً في طبيعة العمل التنظيمي لكوادر فتح، وكثيراً ما تكون التجاذبات السياسية السبب الأهم في عرقلة حرية ممارسة نشاطهم على ساحة غزّة. قياديون بارزون من حركة فتح يعتبرون أنّ تنظيمهم لم يمارس نشاطه السياسي كما تمارسه الفصائل الفلسطينية في ساحة غزّة، وأنّهم الأكثر عرضة للاعتقال في زنازين أمن حماس، وللتعذيب أكثر من سواهم، على حد تعبيرهم.

دفع الثمن

عضو المجلس الثوري لحركة فتح إياد نصر يقول "عناصر فتح تدفع ثمناً باهظاً بسبب وجودهم في غزّة، فتُمنع الأنشطة والفعاليات، ويُمارس بحقهم الاعتقال السياسي، ويُمنعوا من القيام بدورهم في الشارع الفلسطيني، ولا يمارسون الحريات المكفولة للفصائل وفق القانون. أضاف "ربما تمر حركة فتح في أقصى حالات الحجر السياسي على أنشطتها، وتتجرع الألم والمعاناة بحق كوادرها، من أجل الحفاظ على اللحمة الوطنية، وعدم حرف بوصلة القيادة في لمّ الشمل الفلسطيني"، مؤكداً أن "الخلاف مع حركة حماس لا يتعدى الاختلاف السياسي في تباين وجهات النظر والآراء بين الطرفين، ويجب تجاوزه حفاظاً على القضايا الوطنية، وضرورة الانتباه لقضايا الصراع مع الجانب الإسرائيلي".


منع الأنشطة

ولفت إلى أنّ الاختلاف مع حماس ظهر في حجم الاعتقالات بحق كوادرها، ومنع أنشطتها واجتماعاتها، ومداهمة بيوت القادة، واجتماعات التنظيم، والاحتفالات، ومنع المطابع من طباعة مستلزمات فتح، وكذلك منع القاعات من استقبال فعاليات الحركة. وبيّن أنّ حرية النشاط التنظيمي تمر في حالة كر وفر، وذلك عائد الى الانفراجات على الصعيد السياسي والمصالحة، حينذاك تأخذ الحركة مساحة محدودة من الحرية، لكن عندما تسوء الأمور تعود حرية الحركة إلى الصفر. في الواقع، بعدما فرض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس بعض الإجراءات على قطاع غزّة، منعت أجهزة أمن حماس عناصر فتح من ممارسة نشاطهم السياسي، ومن إحياء ذكرى انطلاقتهم في 7 يناير (كانون الثاني) 2019، وزجّت بأكثر من 1500 كادر في زنازينها، بحسب ما أوضحه المتحدث باسمها آنذاك عاطف أبو سيف.

في المقابل، اتهمت حركة حماس حركة فتح بالوقوف وراء حراك "بدنا نعيش" الذي انطلق في منتصف مارس (اذار) الماضي، رفضاً للغلاء المعيشي، إذ المقصود منه إزاحة حماس عن سدّة حكم القطاع، والتعرض لسلاح جناحها العسكري. ونفى نصر بشكل قاطع أن تكون حركة فتح وراء الحراك، لا في قيادته، ولا رعايته، مؤكداً في الوقت عينه أنهم ليسوا مفصولين عن وضع الساحة في قطاع غزّة، وتالياً هم يشاركون المواطن همومه. ودفع ثمن هذا الحراك أبناء الحركة من تكسير عظامهم واعتقالهم، كل هذا وثقته هيئات حقوق الانسان. وأظهر نصر أن لا خلاف جوهرياً مع حماس، وأن الأمر مرتبط بمدى تفهم قيادة حماس باقي الأطراف الفلسطينية وقبولها، من أجل الذهاب لشراكة حقيقة والعمل على مجابهة "المشاريع التصفوية" للقضية الفلسطينية. 
وأوضح أنّ فتح لا تزال تعاني القهر السياسي، وعدم قدرة الحركة على ممارسة أنشطتها بحريّة، علماً أن الحركة طلبت من حماس الموافقة على تنفيذ سلسلة فعاليات، لكنها حتى اللحظة لم ترد على ذلك، وتطبق إجراءات أمنية مشددة.

تبرير

يرد الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم على ذلك بأنّ حماس تنظيم سياسي مثل حركة فتح، ولا علاقة لها بالوزارات الحكومية التي تعطي الإذن الخاص بإقامة الفعاليات الميدانية، ويجب الفصل بين الفصيل والحكومة، ولا يوجد أيّ تدخل من حماس التنظيم في الحكومة التي تسيّر قطاع غزّة. المتحدث باسم وزارة الداخلية إياد البزم قال إنّهم "يدرسون كل طلبات الفصائل التي تنوي القيام بالفعاليات الميدانية، ولا تفرّق بين الأحزاب السياسية، وفتح تمارس نشاطها السياسي الكامل من دون أي معوقات من قبل الأجهزة الأمنية". وبحسب المتابعة، فإنّ الفصائل الفلسطينية يُسمح لها بإقامة فعالياتها الميدانية بحريّة، بعد أخذ إذن من الأجهزة الأمنية المختصة في وزارة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزة، وقد تحتاج إلى إجراءات الإذن بضعة أيام للحصول عليها.

لكن وفق متابعين، فإنّ الأجهزة الأمنية تمنع فتح فعلياً من ممارسة نشاطها التنظيمي والميداني، وإقامة الفعاليات، وذلك من خلال عدم منحهم الإذن، أو محاصرة عناصرهم ومطاردتهم. ويبرّر الناطق باسم حماس حازم قاسم أنّ المنع يكون على الأنشطة التي تعكّر صفو الأمن في قطاع غزّة، وتسبب خلافاً سياسياً داخلياً في ظلّ انقسام حركة فتح.

ممارسة سرية

لكن عضو المجلس الاستشاري لحركة فتح رياض حلس يقول "إنّهم غير مستعدين لأخذ إذن من أجهزة أمن حماس لإقامة أي نشاط تنظيمي أو مهرجان في قطاع غزة"، مؤكداً أن حماس تمارس الاعتقالات والضرب بالهراوات والأسلحة في حق كوادر فتح". يُرجع حلس ما تقوم به حماس بحق كوادر فتح إلى حالة من الارباك تمر بها، وللحفاظ على بقائها في سدّة حكم قطاع غزة، ورفضها قبول الآخر في ساحة غزّة، مظهراً أنّ حماس تسمح لتيار دحلان بالقيام بالأنشطة تحت حماية حماس والأمن الداخلي، وتمنع فصيل فتح من ذلك. ويصف حلس ممارسات فتح لنشاطها في غزّة بأنّها "تقع تحت الاحتلال، وتمارس نشاطها بشكل سري، موضحاً أن حماس تعلن بشكل رسمي طلبها من قيادة فتح إذناً من أجل السماح لها بممارسة نشاطها".

تمييز بين الفصائل

ولفت إلى أن حماس تميّز بين الفصائل، فتسمح لتيار دحلان بحرية الحركة وإقامة الفعاليات الميدانية، كذلك تسمح للفصائل الأخرى بممارسة عملها في مقارّها، لكنها في المقابل ترفض التعاطي مع فتح، ويرجع ذلك الى المناكفات داخل السلطة الفلسطينية. وبشأن ممارسة العمل التنظيمي، يقول حلس "حركة فتح تمارس أنشطتها واجتماعاتها التنظيمية من منازل القيادات وبشكل سري، بسبب منع حماس لهم من ممارسة نشاطهم الحركي"، مبيناً أن "الأجهزة الأمنية تتسلط في عملية الاعتقال على كوادر فتح، وأن مكاتب الأمن الداخلي مفتوحة من أجل ملاحقة قيادات الحركة وكوادرها، ورصد أبناء التنظيم بوسائل متعددة". المتحدث باسم حماس حازم قاسم يدافع عن ذلك بالقول "فتح تحاول أن تروّج مجموعة "أكاذيب" من أجل التغطية على حجم القمع الذي تقوم به في الضفة الغربية، لكل الفصائل الفلسطينية، وممارسة الاعتقال السياسي بشكل يومي. 
ويوضح أن لدى فتح مكاتب في كل الأقاليم، وقيادات تجتمع بشكل يومي ودائم، وعشرات الجمعيات التي لا يتعرض لها أحد. كذلك لديها مجموعات مسلحة تحت رعاية وزارة الداخلية، وتمارس نشاطها كاملاً.

المزيد من العالم العربي