رأى وزير الصحة البريطاني السابق جيريمي هانت أنه يتعين على الوزراء تقبل مفهوم استخدام تقنية تتبع الأشخاص الذين يعزلون أنفسهم من جراء إصابتهم بفيروس كورونا، من خلال اعتماد نظام التموضع العالمي "جي بي أس" GPS عبر الهواتف المحمولة، إضافة إلى الإقرار بدفع الرواتب التي قد يخسرها هؤلاء خلال فترة العزل.
وحذر المسؤول السابق عن الصحة العامة في المملكة المتحدة، أمام القلق المتزايد من احتمال ظهور سلالات جديدة أشد فتكاً من فيروس "كوفيد - 19" يمكنها تجاوز اللقاحات، من أن التلكؤ في الامتثال للعزل الذاتي قد يشكل "أكبر ثغرة في الاستراتيجية الراهنة".
تعليقات هانت أحدثت ضغوطاً إضافية على رئيس الوزراء بوريس جونسون قبيل اجتماع طارئ للجنة "عمليات كوفيد" Covid Operations الحكومية أمس، لمناقشة إجراءات جديدة محتملة تستهدف منع انتشار سلالات فيروس كورونا المتغيرة، كإغلاق الحدود أو إجبار الوافدين الجدد على التزام الحجر الصحي في فنادق المطارات.
وتتحدث تقارير عن أن رئيس الوزراء البريطاني ربما يميل إلى دعم خطة حجر الوافدين في الفنادق التي كانت وزيرة الداخلية بريتي باتيل ووزير الصحة مات هانكوك قد دفعا بها إلى الطاولة، والتي بات معلوماً أيضاً أن وزير الخزانة ريشي سوناك يؤيد المضي في تطبيقها.
لكن الوزير السابق هانت الذي يتولى رئاسة لجنة الصحة ذات النفوذ الكبير في مجلس العموم البريطاني، اعتبر اليوم أن التدابير المطبقة على الحدود، ليست كافية للتمكن من احتواء المشكلة الصحية بالسرعة اللازمة، وأنه يتوجب على الوزراء اتخاذ القرار بالبدء في تنفيذ أوامر العزل.
ودعا هانت الحكومة إلى أن "تلتزم الحذر" في النهج الذي تتبعه، على الرغم من أجواء التفاؤل السائدة مع وصول اللقاح إلى أكثر من 6 ملايين شخص، وتراجع أرقام الإصابات بنسبة 22 في المئة عن الذروة التي كانت قد بلغتها، وذلك بسبب المخاوف التي تثيرها السلالات المتحورة الجديدة من فيروس كورونا، والآتية من جنوب أفريقيا والبرازيل.
وحذر رئيس لجنة الصحة في مجلس العموم البريطاني في المقابل من أنه "في حين أن السلالات الجديدة من غير المرجح أن تؤثر على صمود اللقاح، إلا أنها قد تخفض من فاعليته في إبقاء الناس خارج المستشفيات. وبما أن الفيروسات بارعة في التحور، فقد تنشأ عاجلاً أم آجلاً سلالة محصنة تماماً وعصية على اللقاح، لكن قد لا يكون ذلك بالضرورة في وقت قريب".
وأضاف هانت: "لذلك فإن عزل الأفراد المصابين بالعدوى بشكل فعال، سيظل جزءاً أساسياً من استراتيجيتنا لبعض الوقت، خصوصاً أن الاستطلاعات التي يجريها مكتب شؤون مجلس الوزراء تشير إلى أن ثلاثة أرباع الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض المرض لا يقومون بعزل أنفسهم عزلاً كاملاً. حتى أن خمسة عشر في المئة منهم يواصلون الذهاب إلى أماكن عملهم".
ولفت إلى أنه في حال كانت هذه الأرقام صحيحة، فإن نحو 427 ألف شخص من الذين طلب منهم عزل أنفسهم بعد اتصالهم بحالة إيجابية مصابة بالفيروس، لم يقوموا بذلك، وأن قرابة 85 ألف شخص قد توجهوا إلى أماكن عملهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفيما وصف جيريمي هانت إغلاق الحدود والحجر في الفنادق بأنهما "خطوة رشيدة"، رأى أنه لا "يمكن معالجة جوهر المشكلة ما لم يتم العمل على احتواء الانتشار المحلي للفيروس". وطالب رئيس لجنة الصحة البرلمانية "بزيادة مستوى الامتثال للعزلة في المملكة المتحدة ليجتاز معدل 95 في المئة الذي حققته كوريا وتايوان وسنغافورة". ودعا إلى اعتماد نهج ثلاثي الجوانب، بما في ذلك:
- تأمين "راتب مضمون" لكل شخص فقد أجره بسبب اضطراره إلى عزل نفسه.
- إجراء اتصال يومي مع كل الذين طلب منهم عزل أنفسهم، والحذو حذو تايوان باستخدام التتبع بتقنية "جي بي إس" (نظام تحديد المواقع العالمي)، إذا لزم الأمر.
- تجهيز المجالس المحلية وتمويلها كي تتمكن من مراقبة التزام إجراءات العزل.
وأشار جيريمي هانت إلى أنه من الواضح أنه لا يمكن إجراء تدقيق فاعل في مسألة الامتثال للإجراءات من خلال مكالمات هاتفية من مراكز الاتصال الوطنية. ورأى أن اعتماد تقنية التتبع عبر الهاتف سيساعد في إقناع الناس بمدى أهمية امتثالهم لتعليمات السلطات.
رئيس لجنة الصحة في مجلس العموم أقر في المقابل بالكلفة العالية التي ستتكبدها الحكومة البريطانية من خلال التعويض الكامل عن الخسائر التي يتكبدها الأفراد نتيجة فقدان مداخيلهم، مقارنة مع الخطة الحكومية الراهنة التي تتيح للأفراد المؤهلين للحصول على منافع معينة، المطالبة بمبلغ 500 جنيه إسترليني (حوالى 685 دولاراً أميركياً) يدفع لمرة واحدة (إذا طلب منهم حجر انفسهم).
لكنه استنتج، أخيراً، أن "خسارة المداخيل تبدو السبب الأكبر لعدم الامتثال لقواعد العزل"، ورأى أن "الكلفة الإجمالية تبقى أقل بكثير من فرض إغلاق آخر".
© The Independent