Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تحيي الأراضي المشتركة "القبلية" جنوب تونس؟

تتوزع على 11 محافظة بالبلاد وآخر نزاع أسفر عن قتيل وعشرات الجرحى

قيس سعيد أثناء زيارة منطقة النزاع عقب الاشتباكات  (الرئاسة التونسية)

يسود هدوء حذر منطقة "العين السخونة" إثر اشتباكات دامية حول ملكية قطعة أرض بين عدد من أهالي معتمديتي دوز من ولاية قبلي، وبني خداش من ولاية مدنين الواقعتين في الجنوب التونسي، الأمر الذي تسببت في وفاة شابين من منطقة بني خداش، وإصابة أكثر من 80 شخصاً من الجانبين.

وترجع منطقة "العين السخونة" إدارياً، إلى ولاية قبلي، وهي عبارة عن بركة مياه ساخنة، بات يقصدها الأهالي للتداوي بالماء الدافئ من بعض الأمراض الجلدية.

ثلاثة ملايين هكتار من الأراضي المشتركة

وضعية "العين السخونة" كغيرها من الأراضي المشتركة معقدة بسبب موقعها الجغرافي، وانتمائها الإداري، وجذورها التاريخية، التي لم تَحسمها الدولة التونسية منذ عقود، وبقيت تلك الأراضي ملكاً مشاعاً للمتساكنين للرعي. وتبلغ المساحة الإجمالية لها (من دون تصفية) 343 ألف هكتار، موزعة على إحدى عشر محافظة أغلبها في الجنوب التونسي. وتعتبر هذه الأراضي عقاراً مملوكاً للمجموعة، وتُسند على وجه الملكية الخاصة بصفة فردية أو في نطاق تعاضديات أو شركات فلاحية بقرار من والي الجهة.

أراض جامدة بلا استثمار

وأكد الأكاديمي المتخصص في علم الاجتماع بالعيد أولاد عبدالله، لـ"اندبندنت عربية"، أن هذه الأراضي تخضع لـ(عروش)؛ أي عائلات، إلا أن التحولات السكانية أسهمت في تشتت الملكية، وهو ما يحول دون استثمارها بالشكل الجيد، كما أنها مصدر للخلافات وصراعات العائلات، التي تتفجر من حين لآخر.

وأشار أولاد عبدالله، إلى أن النزاع بين أهالي المنطقتين يعود إلى ضعف الدولة، التي لم تتواصل بالشكل المطلوب مع أهالي المنطقتين، لافتاً إلى أن إشاعة حول اكتشاف بئر نفطية في المنطقة، دفعت بعدد من الأهالي إلى محاولة بسط سيطرتهم عليها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ودعا الأهالي إلى التعقل والحوار، كما دعا الدولة إلى العمل على إيجاد حل لمعضلة الأراضي المشتركة التي تعاني الجمود، ولم يتم استثمارها في زراعة النخيل أو حفر الآبار، لاستغلال المياه الجوفية الحارة، لافتاً إلى تفاقم أزمة هذه الأراضي، كلما تغيرت التركيبة السكانية لهذه المناطق، مشدداً على ضرورة تحييد هذا الملف عن التوظيف السياسي.

بعد اجتماعي عميق  

ومن جهته، أكد الوالي السابق لمحافظة مدنين، وليد الوقيني، أن النزاع القائم بين مجموعة من أهالي بني خداش ودوز الشمالية، يعود إلى تسعينيات القرن الماضي، بسبب خلافات حول ملكية الأراضي المشتركة، حيث تدعي كل جهة امتلاكها لجزء من هذه الأراضي، مشيراً إلى عدم وجود إرادة سياسية جدية من الدولة لحل هذه النزاعات.

وفيما أكد لوقيني أن للموضوع بعداً اجتماعياً عميقاً، شدد على أهمية دور السلطة المحلية والمجتمع المدني في تلك المناطق، داعياً إياه إلى تكثيف الجهود لفض مشكلات هذا النوع من الأراضي.

الانتماء لتونس لا للقبيلة

وفي السياق ذاته، أكد رئيس الجمهورية قيس سعيد، الذي زار المنطقة أمس، أن تونس ''بلاد واحدة ودولة واحدة، ولا مجال لأي اقتتال داخلي، مشدداً على أن الانتماء لتونس وللوطن وليس للقبيلة"، لافتاً إلى "إمكانية تدخل القوات المسلحة العسكرية والأمنية عند الضرورة".

من جهته، قال رئيس الحكومة هشام المشيشي من باريس، حيث يقوم بزيارة رسمية، في تصريحات صحافية، إن ''هذه الأحداث وقعت حتى في زمن الديكتاتورية''، مضيفاً أن "هناك أطرافاً تسعى إلى ضرب الدولة"، من دون أن يكشف عن هويتها.

وفي محاولة لتطويق الأزمة التي تعصف بالمنطقة، قرر واليا قبلي ومدنين، فرض حظر التجول بداية من 14 ديسمبر (كانون الأول) 2020، بكل من معتمدتي دوز الشمالية ودوز الجنوبية، وبكامل تراب معتمدية بني خداش من الرابعة مساء إلى الخامسة صباحاً.

لا تزال ظاهرة الولاء القبلي ساكنة في العقل الباطني للتونسي، وهي نزعة كامنة تزدهر خاصة في لحظات الانفلات الأمني، وضعف أجهزة الدولة، وهي ظاهرة لافتة باتت تهدد تماسك المجتمع بخاصة في تلك الربوع، وما على الدولة إلا العمل على تسوية وضعية تلك الأراضي، ووضع حد لحالة الضبابية التي تشوب ملكيتها من خلال بعث جهاز حكومي يضم قضاة ومتخصصين لإيجاد حل للعقارات المستعصية.

تجدر الإشارة إلى أن تونس شهدت بعد 2011، صدامات دامية عدة بين عدد من أهالي مناطق الجنوب، بسبب ملكية الأراضي المشتركة، أدت إلى سقوط قتلى وعدد من الإصابات.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي