Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الممثلة المغربية يسرا طارق: ألجأ إلى الكتابة لترسيخ العمل الفني

فازت بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان القدس السينمائي الدولي

الممثلة المغربية يسرا طارق (الصورة تخضع لحقوق الملكية الفكرية - صفحة الممثلة على فيسبوك)

فاز الفيلم المغربي "دقات القدر" للمخرج محمد اليونسي بثلاث جوائز في الدورة الأخيرة لمهرجان القدس السينمائي الدولي، التي اختتمت قبل أيام قليلة: جائزة لجنة التحكيم، وجائزة التصوير، وجائزة أفضل ممثلة، وكانت من نصيب الفنانة يسرا طارق، التي فاجأت لجنة التحكيم وجمهور الفن السابع بأداء متميز في دور متطلّب، ساعدها في تجسيده على النحو المأمول مرجعيتُها الثقافية وانتماؤها إلى مجتمع مدني يقاوم باستمرار من أجل قيم جمالية مشتركة.

يعود الفيلم إلى مرحلة العشرينيات من القرن الماضي، ليفتح ملف الحرب الإسبانية على منطقة الريف المغربي، وقصف المنطقة بوابل من الغازات السامة التي ما زال سكان الريف يعانون من تبعاتها إلى اليوم. في الفيلم الذي أخرجه محمد اليونسي وشارك فيه ممثلون من المغرب والجزائر وإسبانيا، تأخذ يسرا طارق دور البطلة الأمازيغية "توضا" التي تقاوم على أكثر من واجهة.

في هذا الحوار تفتح "اندبندنت عربية" صفحات من الحياة الفنية والثقافية ليسرا طارق، المغربية التي تجمع بين التمثيل والإعلام والكتابة. فهي مقدمة برامج تلفزيونية وناشطة ثقافية وكاتبة رواية. لكنها تحب أن تقدم نفسها على النحو الآتي: ممثلة تمارس الإعلام والكتابة. سندخل معها إلى ورشتها الخاصة لنعرف كيف تجمع بين هذه المتفرقات، ولتحكي لنا أيضاً عما تعرضت له من تنمّر بعد حلقها شعرها كاملاً بسبب دورها في الفيلم. كما سنعرف إن كان زواجها بمخرج فيلمها عنصراً معيقاً أم محفزاً.

سطوة التمثيل

سألنا يسرا طارق إن كانت الجائزة التي حصلت عليها أخيراً ستسحبها إلى عالم السينما أكثر، وتأخذها بعيداً من الإعلام والكتابة، فصرّحت لنا بأن التمثيل يأخذها من جميع المجالات: "إذا كنتُ سأخيّر بين هذه المجالات الثلاثة؛ الإعلام الكتابة والتمثيل، سأختار دائماً التمثيل. أحب السينما كثيراً، وأحاول دائماً التطوير من آلياتي في التشخيص السينمائي، وأنا دائماً منفتحة على تجارب مختلفة، بخاصة الأفلام الجديدة وآخر الإنتاجات في عالم السينما والكتب. كما أني أستفيد أيضاً من المشخِّصين الكبار سواء داخل المغرب أو خارجه، وأحاول أن أبقى على تواصل دائم معهم ومع كل ما له علاقة بالسينما، وكل ما يمكن أن يساعدني على تطوير آليات التشخيص السينمائي عندي كممثلة".

أردنا أن نعرف إن كان فوز الممثلة المغربية بهذه الجائزة الكبيرة، سيشكل نقطة تحول وانعطافة في حياتها، فأكدت ذلك: "خصوصاً عندما يأتيك الاعتراف من خارج الحدود، وتتوج بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان مرموق وله اسم بارز على المستوى العربي والدولي، لا سيما أنه كانت هناك مشاركات لأفلام مغربية وعربية وعالمية. كما شهد المهرجان منافسة شديدة وقوية بين ممثلات لهن تجارب كبيرة في عالم السينما، وعلى رغم ذلك استطعت أن أتوج بهذه الجائزة التي كانت تشجيعاً لي، لأحفز نفسي وأطوّر أدائي كممثلة، وأخطو خطوة مهمة نحو العالم السينمائي".

 

تحس يسرا طارق بالفخر لأن حصولها على جائزة أفضل ممثلة جاء بالموازاة مع تتويج  الفنان السوري المعروف أيمن زيدان بجائزة أفضل ممثل، وهو صاحب تاريخ كبير في الدراما وفي السينما.

سألنا الممثلة المغربية عن الدور الصعب الذي أدته في الفيلم المتوج، وعما تعرضت له من تنمر جراء حلاقتها لشعرها بالكامل، فقالت: "الدور الذي أديته في دقات القدر استنزفني على المستوى الجسدي والنفسي، استنزفني حتى بعد الانتهاء من التصوير والعودة إلى الحياة الطبيعية، كأن أتعرض لمضايقات وأنا أمرّ في الشارع حليقة الرأس. لم يتم احترامي كفرد، كما أن حلق رأسي حرمني من المشاركة في بعض الأعمال، كل هذا تسبب لي ببعض المضايقات والإرهاق على المستوى النفسي".

عدنا مع يسرا طارق إلى روايتها "الواهمة" التي أصدرتها مع مطلع العام، وسألناها عن ظروف تلقي هذا العمل. تقول بخصوص ذلك: "أعتبر الواهمة حلماً تحقق لي في مجال الكتابة، بخاصة أنني كنت منكبة عليها، لكني كنت أنشر فقط في مواقع التواصل الاجتماعي التي أعتبرها فضاء بديلاً لتقاسم الإبداع. فالواهمة أتت لتتوج هذه التجربة في الكتابة، وسعدت بالتفاعل الكبير التي عرفته الرواية سواء داخل المغرب أو خارجه، باعتبار أنها نشرت في مصر وشاركت في معارض دولية كبيرة. وكنت أجد تفاعلاً من القراء من خلال رسائلهم لي عبر البريد الإلكتروني أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يشجعني ويسعدني".

المستقبل للشباب

تضيف يسرا: "يجب أيضاً أن نفتخر بالشباب ونشجعهم ونعطيهم فرصة، ونقدر مجهود الشباب المغربي، ويجب أن يكون هناك توازن بشكل عام ليس فقط في مجالات معينة على حساب مجالات أخرى. وعموماً أنا سعيدة بهذا الاهتمام لأنه يشجعني على تطوير نفسي في ما هو أفضل".

أردنا أن نعرف إن كانت الممثلة والكاتبة المغربية تفكر في كتابة سيناريوهات للسينما. لكنها بدت حاسمة في هذا الموضوع: "أبداً حين يطرح علي هذا السؤال سيكون جوابي دائماً الرفض، لأنني لا أحب أن أكون متطفلة. الكثيرون يستصغرون مجال كتابة السيناريو، ويظنون أنه عليك أن تكون متمكناً من اللغة فقط أو أن تكون مدرساً أو أستاذاً أو غير ذلك لكتابة السيناريو".

تضيف يسرا: "في نظري كتابة السيناريو جنس أدبي يجب أن يُدرّس، وله قواعده العلمية لأنه هو ما يطور السينما والدراما في جميع الدول والمجتمعات. أنا لم أتلقّ تكويناً في كتابة السيناريو ولن أتطفل عليه، سأركز فقط في ما أحب القيام به وما يمكن أن أطور نفسي فيه".

توقفنا عند مسألة الهوية الأمازيغية التي تشغل يسرا طارق على نحو لافت، إذ يبدو نضالها في هذه القضية من داخل الأدب والفن الإعلامي من جهة، وكذلك في الحياة العامة. لذلك سألناها عن سر هذا الانشغال المزدوج بمسألة الهوية. تقول: "بصراحة أنا دائماً تشغلني القضايا الإنسانية بالدرجة الأولى والقضايا ذات البعد الكوني، فالأمازيغية ليست هوية فقط بل هي قضية إنسانية، وأنا في طفولتي عشت في وسط أمازيغي أتحدث بلغته، عائلتي أمازيغية وهويتي كذلك. والدفاع عنها فقط في حقها في الوجود والتفاوض والتقابل مع الثقافات الأخرى داخل مجتمع يستوعب ويتقبل الجميع، وحتى منظوري في الدفاع عن الثقافة الأمازيغية ليس ضيقاً أبداً، فأنا أحب الثقافة العربية والفرنسية وجميع الثقافات، فقط أحاول أن تجد هذه الثقافة موضعاً مناسباً لها يتلاءم مع الرأسمال الحضاري والتاريخي والإنساني لها. وهي كما نعلم مكون أساسي للهوية المغربية، فما علينا إلا أن نسهم جميعاً في تطويرها وأن تحظى بالمقام اللائق لها بين جميع المكونات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سألنا يسرا طارق عن زوجها محمد اليونسي مخرج فيلم دقات القدر. وأردنا أن نعرف منها، حين يكون الزوج مخرجاً أو المخرج زوجاً، هل يمكن اعتبار هذا عائقاً أم حافزاً. تقول يسرا: "في الحقيقة هو عائق إذا اعتبرته زوجاً في مجال العمل، أنا والأستاذ محمد اليونسي، بعيداً من العلاقة الإنسانية التي أعتبرها في الحقيقة صداقة متينة، ليست لدينا حياة مشتركة فحسب. نحن نتقاسم أفكاراً مشتركة ونحاول تطوير أنفسنا وأن نقدم دائماً ما هو أفضل في مجال الإبداع. لكل منا استقلاليته، ورؤيته الخاصة للحياة وحتى أيضاً في المجالات الإبداعية، لكن نحاول أن نتشارك الأفكار حتى نقدم إنتاجات إبداعية وفناً يحترم ذكاء المتلقي".

تحاول الممثلة المغربية أن تضبط المسافة بين الحياة الفنية والحياة الأسرية. ففي استوديو التصوير لا وجود لزوج، بل لمخرج. تقول يسرا: "عندما كنتُ أصور فيلم دقات القدر لمدة ثلاثة أشهر أنا والأستاذ محمد اليونسي لم نكن نتقاسم الغرفة نفسها في الفندق، حتى إننا نجعل مسافة فاصلة بيننا لاحترام العمل الذي أعتبره مقدّساً وأمانة كانت على عاتقي، وكنت أبذل جهداً كبيراً حتى يصل العمل إلى المستوى الذي شاهدتموه".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة