Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 من يربح حرب روايات بريكست؟ 

يرزح الطرفان تحت ضغوطهما السياسية الخاصة ولا رغبة لديهما بمفاقمة مشاكلهما عبر الظهور بمظهر الجهة المسؤولة عن 'فشل (تاريخي) في فن الحكم' 

كان لقاء بوريس جونسون وأورسولا فون دير لاين على العشاء مخيباً للآمال (غيتي)

نظراً لأنّ موعد العشاء بين بوريس وأورسولا لم يسِر جيداً، وأن أياً من الطرفين لم يغيّر مواقفه في التفاوض أو "خطوطه الحمراء"، قد يكون سبب استمرار المحادثات البريطانية الأوروبية بخطوات متعثّرة لما تبقى من نهاية عطلة الأسبوع - أو حتى بعدها - ضرباً من الغموض. وعلى الرغم من إشارة بوريس جونسون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في بيانيهما المنفصلين إلى قرب اتخاذ قرار ("نهاية عطلة الأسبوع" في حال جونسون، و"الأحد" بالنسبة لفون دير لاين)، ترك وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب الباب مفتوحاً على احتمال تواصل الأمر لمدة أطول بعد. وقال راب إنه "لا يرجح" استمرار المفاوضات التجارية لما بعد يوم الأحد، لكن كم من أمر "غير مرجّح" حدوثه قد حدث بالفعل السنة الماضية؟ ففي النهاية لم تمرّ سوى سنة واحدة على حملة الانتخابات البريطانية حين أعلن جونسون أن "الفرص معدومة" لحصول "بريكست دون اتفاق".

أحد الأسباب الواضحة لتواصل استعداد الخوض في النقاشات والحجج القديمة عينها هو كما يقول جونسون أنّ "الأمل لا ينضب"، ولا سيما أن الكثير من الأمور على المحك. أما السبب الآخر فهو خوف الطرفين الشديد من تحمّل مسؤولية الفشل في النهاية، وهما يبذلان كل ما في وسعهما كي يظهران في مظهر المنطقيين. ويتفق الاثنان على الحاجة إلى التسوية على الجهتين. ويردد كلاهما أنهما يريدان التوصل لاتفاق "إنما ليس بأي ثمن" كما كررت أنغيلا ميركل مؤخراً. ويشير كل منهما بحذرٍ إلى الطرف الآخر على أنه "أصدقاؤنا". ويرزح الطرفان فعلياً تحت وطأة ضغوطاتهما السياسية الخاصة ولا رغبة لديهما بمفاقمة مشاكلهما عبر الظهور بمظهر الجهة المسؤولة عن "فشل (تاريخي) في فن الحكم"، وفقاً للتعبير الذي استخدمه رئيس الوزراء.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكلّ منهما حجته. الرئيسة فون دير لاين تختار أن تعبّر عنها بنبرة منطقية هادئة لطيفة. فأوروبا يسعدها أن تعطي امتيازات خاصة لبريطانيا وأن تسمح لها بولوج السوق الأوروبي الموحد، وهو الأكبر في العالم، إنما وفق شروط "عادلة". بينما يميل البريطانيون إلى اعتماد نبرة تفخيم وتظلّم من أن الاتحاد الأوروبي غير مستعد لمعاملة المملكة المتحدة باعتبارها دولة مستقلة ذات سيادة مطلقة مسؤولة عن مالها وحدودها وقوانينها ومياهها الخاصة. وقال جونسون أمام مجلس العموم إن الاتحاد الأوروبي يريد من بريطانيا أن تتبع قوانينه وأن تعاقب تلقائياً في حال عدم قيامها بذلك- وكيف لأي رئيس وزراء أن يقبل بهذا؟  

بعض ما يجري، ولا سيما على الجانب البريطاني، ضربٌ من اتخاذ المواقف الشكلية في حال لم يُتوصل إلى اتفاق، كي يتحمل الأوروبيون اللوم على نقص الغذاء وإغلاق المصانع والفوضى العامة. ولكنه إعداد جزئي لأي اتفاق يتضمن تسوية لا بدّ منها، أو "تراجعاً" كما يسميه أنصار بريكست. يجب أن يُنظر إلى رئيس الوزراء على أنه بذل كل ما في وسعه، وقام بجهد أكبر من المطلوب، وتصرف كرجل دولة، بما يراعي المصلحة الوطنية. وأي شيء يستطيع الظفر به سيُقدّم على أنه "اتفاق رائع" حتى لو كان في ذلك إرجاء لاتخاذ القرارات المحرجة والتسويات على السيادة المطلقة. وسوف يُقدمّ، كما حصل مع اتفاق الانسحاب البريطاني الأوروبي، على أنه انتصار بريطاني، وسوف يُتستر على التفاصيل المهمة، ويُفسح المجال للبريطانيين كي يتراجعوا عنه لاحقاً، وكي يغشّوا في العموم، مع وجود تحكيمٍ ورقابة ضعيفين. لمَ التجادل بشأن الابتعاد عن القانون الأوروبي قبل احتمال حدوثه بكثير؟ 

إن الرأي العام منقسم في الأحوال كلها. سوف يُنظر إلى ما يعود به جونسون، مهما كان، على أنه "خيانة لبريكست" من قِبل أمثال نايجل فاراج الذي لا يعجبه أبداً وقع عبارة "اتفاق شراكة" بريطاني-أوروبي. كما سيعتبره "مناصرو البقاء في الاتحاد" أقل بكثير من شروط عضوية الاتحاد الأوروبي التي عفا عنها الزمن الآن. لكن سيكون هناك كثيرون غيرهم ممن يتبنون موقفاً قدرياً ومرتاباً من الموضوع برمّته، وسوف ينظرون إلى النتيجة النهائية على أنها حتمية تاريخية، نظراً لحجم الوقت والجهد والطاقة العاطفية التي استهلكتها عملية بريكست. بعبارات أخرى، سوف تُعتبر أي تسوية أفضل الممكن. وسوف تتواصل لعبة اللوم، ويدور نقاش لا ينتهي حول كل الاحتمالات التي لم تحدث، لكن خلال السنوات القليلة المقبلة، سيحدد نجاحُ بريكست الظاهر او فشله، وليس طريقة وصولنا إلى هذه النقطة، نظرةَ عامة البريطانيين إلى الانسحاب من الاتحاد الأوروبي وإلى أشهر رموزه القابع حالياً في مقر رئاسة الوزراء.

© The Independent

المزيد من دوليات