Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فرنسا تدفع بالحريري لتقديم تشكيلة حكومته والكرة في ملعب عون

لم يقرأ عون بإيجابية إسقاط الثلث المعطل من التركيبة وردّ بصيغة مضادة تتضمن تعديلات وإعادة توزيع للحقائب

 

قدم الرئيس المكلف سعد الحريري تشكيلة حكومية كاملة تضم 18 وزيراً تراعي الاختصاص والكفاءة وعدم الانتماء الحزبي (أ ف ب)

إلى قصر بعبدا، مقر رئاسة الجمهورية، عاد الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة في لبنان سعد الحريري ليوفي الوعد الذي قطعه الإثنين، عندما التقى رئيس الجمهورية ميشال عون بعد انقطاع طويل دام أكثر من ثلاثة أسابيع. وعلى عكس اللقاء المختصر في بداية الأسبوع، حين قالت ملامح الحريري المتجهّمة ما لم يقله في التصريح المقتضب، فإن اللقاء هذه المرة، الذي اعتمد فيه أيضاً الخطاب المقتضب المكتوب، شهد تطوراً ولو بالشكل، بمجرد الحديث عن تشكيلة طُرحت وأسماء وسير ذاتية عُرضت، وإن كان للحديث تتمة.

ولم يكن الإعلان عن الأجواء الإيجابية التي سادت اللقاء بين عون والحريري الحدث، وليس مؤشراً يبشر بانتهاء الاتفاق على حكومة جديدة، فالكلام عن الإيجابية عبارة ثابتة وردت بعد كل لقاء جمع الطرفين منذ التكليف، أي منذ حوالى ثلاثة أشهر، لكن جديد اللقاء هذه المرة أن الحريري قدم لعون وللمرة الأولى منذ تكليفه، تشكيلة حكومية كاملة تضم 18 وزيراً تراعي، وفق ما صرّح بعد اللقاء، الاختصاص والكفاءة وعدم الانتماء الحزبي، لكنها لم ترض رئيس الجمهورية الذي وفق ما كشفت مصادر القصر فور مغادرة الرئيس المكلف، أن عون أدخل على التشكيلة التي تسلمها تعديلات وأعاد توزيع الحقائب، مما يعني أن الاتفاق على تشكيلة واحدة غير متوفر بعد.

مبالغة في الإيجابية؟

ولم يحدد الحريري موعداً جديداً لعودته إلى بعبدا، واكتفى بالقول إنه سيلتقي عون مجدداً. وفُهم أن الحريري قام بما عليه، وصارت الكرة في ملعب رئيس الجمهورية الذي إما أن يوافق فتنفرج أزمة التأليف، أو يعترض فيطول التكليف ومعه النفق المظلم الذي دخلت فيه البلاد.

التصريح المقتضب للرئيس المكلف بدا وكأنه موجّه إلى الخارج قبل الداخل، على قاعدة اللهم إني حاولت، لا سيما في توصيفه للأسماء المقترحة التي قال إنها لا تنتمي إلى الأحزاب، وفي تصريح مقتضب آخر مكتوب تم توزيعه في القصر الجمهوري على الصحافيين من فريق مكتبه الإعلامي، وليس من دوائر القصر كما جرت العادة، أكد الحريري أن الرئيس سيدرس التشكيلة الحكومية، ووصف الجو بالإيجابي، وعبّر عن أمله بأن يتمكن من تشكيل حكومة بسرعة، توقف الانهيار الاقتصادي والمعاناة، وتعيد إعمار بيروت وترجع الثقة والأمل إلى اللبنانيين عبر تحقيق الإصلاحات المتفق عليها ضمن المبادرة الفرنسية. 

التشكيلة لم تلق موافقة رئيس الجمهورية صاحب التوقيع النهائي على مراسيمها، فقدم تشكيلة مضادة. بيان القصر الجمهوري تحدث عن تصور وطرح كامل قدمه عون رداً على صيغة الحريري، استند فيه وفق مصادر القصر الجمهوري إلى أسس ومبادئ واضحة. بمعنى آخر لا يزال عون يتبنى مطلب وحدة المعايير في التسمية وفي توزيع الحقائب الذي يصر عليه رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، بحجة الحصول على حقيبة الطاقة والثلث المعطّل. وقد علم أن عون بقي مصرّاً على إسناد الطاقة للتيار، وأن يسمي هو وزير الداخلية المقترح ضمن الحصة المسيحية في التشكيلة. مصادر بعبدا تحدثت عن تقدم على المستوى الحكومي وعن نقاط التقاء، لكن أيضاً عن نقاط خلاف لها علاقة بالحقائب وتوزيعها، وذكر بيان القصر أن رئيس الجمهورية اتفق مع الحريري على درس الاقتراحات المقدمة، ومتابعة التشاور لمعالجة الفروقات بين هذه الطروحات.

لا ثلث معطلاً

وبتشجيع من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي وفق مصادر مطلعة بقي على تواصل مع الحريري الثلاثاء، وهو الذي دفعه إلى تقديم تشكيلته ورمي الكرة في ملعب رئيس الجمهورية. إذاً بتشجيع فرنسي قدّم الحريري تشكيلة حكومية كاملة من 18 اسماً بتوزيع الحقائب على الطوائف والقوى. ولم تتضمن تشكيلته أي ثلث معطل لأي طرف، فاقترح لـ "التيار الوطني الحر" ورئيس الجمهورية خمسة وزراء مسيحيين يسميهم التيار، وزير لحزب الطاشناق ووزير لـ "تيار المردة" ووزير لـ "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، الذي كان وعده الحريري بحقيبة في مقابل تسميته لترؤس الحكومة، واقترح اسماً مسيحياً لحقيبة الداخلية هو نقولا الهبر.

لم يقرأ رئيس الجمهورية بإيجابية إسقاط الحريري الثلث المعطل من تركيبته، وفي ذلك استهداف مباشر إلى التيار الوطني الحر الذي يعمل رئيسه جاهداً على الحصول على الثلث المعطل في الحكومة الجديدة، وهي الحكومة التي قد تكون الأخيرة في عهد عون، والتي ستضع الإصلاحات وتحضّر للانتخابات النيابية، تمهيداً للاستحقاق الرئاسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم يتناول بيان القصر الجمهوري نقاط الخلاف حول التشكيلة الحكومية، لكن مجرد تقديم عون تشكيلة أخرى تحت مسمى تصور كامل، يعني أن الرئيس لم يقبل بتشكيلة الحريري، ولن يرضى بصيغة من 18 وزيراً بدلاً من 20، لاستبعاد حصول أي فريق على الثلث المعطل، إلا إذا حصل تعويض مقابل بالحصص والحقائب.

أولى ضحايا سقوط الثلث سيكون حليف "التيار الوطني الحر" رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال إرسلان، الذي كان أول من انتقد تشكيلة الـ 18 وزيراً، باعتبار أن اعتمادها لن يكون ممثّلاً في الحكومة، وذلك لأن حصة الدروز ستقتصر على وزير واحد فقط. فغرد قائلاً، "اقتراح الرئيس المكلف حكومة من 18 وزيراً غبن وإجحاف وظلم لطائفة الموحدين الدروز المؤسسة للكيان اللبناني، التي أيضاً تهمش حقوقها في المشاركة بالدولة. ونحذر من له يد بهذا الإجحاف من العواقب. أدعو جميع ممثلي الطائفة الدرزية إلى رفض هذا التعاطي وعدم الانجرار وراء مصالح شخصية على حساب مصلحة الطائفة العليا، التي يجب أن تكون فوق كل اعتبار، وإلا فإن الآتي من الأيام سيكون أصعب، ولن ينفع حينها الندم".

علماً أن رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط الذي ناشده إرسلان في تغريدته، كان سبق وانتقد ما وصفه بلعبة المحاصصة بين عون والحريري، معتبراً أنها مهزلة. جنبلاط كشف في تغريدته أن عون أخذ الداخلية والطاقة والدفاع والعدلية، أي مفاصل الدولة كلها، والثنائي الشيعي أخذ المالية، أما هو فمطروح تمثيله بوزير مع حقيبتي الخارجية والسياحة، واصفاً هذا الطرح بـ "المزحة الثقيلة". وأضاف، "في بلد مقسوم ليس له سياسة خارجية ما نفع وزارة الخارجية؟ أما السياحة، فشكراً لا أريد السياحة".

لا حكومة قريبة

وعلى الرغم من الأجواء الإيجابية والحديث عن أن التشكيلة الحكومية قطعت شوطاً كبيراً باتجاه الحلحلة، إلا أن مصادر سياسية مطلعة تؤكد أن لا حكومة في المدى المنظور، وأن تخطي بعض العقبات إن حصل لا يعني أن الاتفاق قد تم. كثرة العقبات الداخلية توازيها عقبات خارجية قد تكون أكثر تعقيداً. فقد أكدت مصادر سياسية مطلعة أن الحكومة في لبنان لن تُشكل قبل التواصل الأميركي- الإيراني. وما اتخاذ "حزب الله" موقف المتفرج في عملية التشكيل من دون التدخل لدى حليفه "التيار الوطني الحر" لتسهيل التشكيل، سوى دليل على أن الحكومة لم يحن وقتها بعد.

مصادر مقربة من الحزب علقت على لقاء بعبدا بالقول إنه "من المبكر الحديث عن تشكيل حكومة، إذ ليس المهم الكلام عن إيجابية، بل المهم أن تكون هذه الإيجابية جدية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير