Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إحراق "مروى" في حضرموت يشعل قلوب اليمنيين

نساء كثيرات لا يرغبن في البوح والشكوى مما يعانينه باعتبار أن ذلك من "قانون العيب"

العنف ضد النساء في حضرموت موجود بأشكاله وألوانه كافة (رويترز)

بعد مرور أسبوع على مقتلها حرقاً، شيعت مجاميع حاشدة من أهالي مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت اليمنية، القتيلة مروى البيتي، في قضية هزت الرأي العام الحضرمي. وحسب مصادر متطابقة، أقدم زوج مروى على إحراقها، بعد أن صب على جسدها مادة البترول وأشعل النار فيها، قبل أن تتوفى لاحقاً متأثرة بجروحها.

وأفاد مدير أمن قطاع ساحل حضرموت اللواء سعيد العامري في تصريح صحافي بأن الأجهزة الأمنية باشرت إجراء تحقيق شامل في قضية وفاتها. وأضاف "الأجهزة الأمنية تحفظت على الزوج المتهم بالقيام بالجريمة البشعة التي هزت الرأي العام، وباشرت على الفور التحقيق معه وضبطه، لإحالته إلى الجهات القضائية"، مشدداً على أن "الأجهزة الأمنية لن تتهاون مع مرتكبي الجرائم، لكشفهم وتقديمهم للعادلة لينالوا جزاءهم العادل".

موقف القبيلة

في السياق ذاته، دانت قبيلة آل البيتي الجريمة التي تعرضت لها ابنتهم التي أحرقها زوجها أمام طفليها الأسبوع الماضي. وأكد بيان صادر عنها "تمسكهم بحق القصاص العاجل من الجاني، وهو زوج المجنى عليها، باعتبار أن ما ارتكبه الجاني من جريمة مروعة في حق ابنتهم مروى، لا يتحمل عواقبها إلا هو وحده، والذي لا يمثل إلا نفسه". وأشار البيان أيضاً إلى أن قبيلتهم والقبيلة التي ينتمي إليها الجاني تربطهما علاقات احترام وتقدير متبادلة ووشائج قرابة ومصاهرة، معبرين عن الموقف الموحد والثابت الذي اتخذه أبناء آل البيتي جميعاً في الوطن والمهجر، على عدم التنازل عن قضية ابنتهم، وتمسكهم بأخذ حق دم الضحية مروى كاملاً غير منقوص.

وكشف البيان عن أن الجاني، زوج مروى (22 عاماً)، أحرقها متعمداً أمام طفليها في حوش المنزل مع سبق الإصرار والترصد، من دون أي رأفة لحالها، وحال طفليها، حتى قضت النيران على 80 في المئة من جسمها.

حملة مناهضة العنف

تزامنت حادثة مروى مع انطلاق فعاليات حملة "16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة" في حضرموت، بتنظيم مشترك من عدد من المؤسسات والجمعيات المدنية ذات الصلة بالأسرة، وتزامناً أيضاً مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي يصادف في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، لمحاولة بث الوعي المجتمعي العالمي حول مدى حجم المشكلات التي تتعرض لها المرأة، والعنف الذي يمارس ضدها بكل أشكاله، للحد من انتشار الظواهر السلبية التي تتعرض لها المرأة، وخصوصاً في مناطق الحروب والنزاعات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتضمن الحملة في حضرموت، التي تقام خلال الفترة من 25 نوفمبر حتى 10 ديسمبر (كانون الأول) من كل عام، ورشاً ودورات عمل للنساء، ضمن برنامج تعزيز الحماية المجتمعية للمرأة عبر برامج الإرشاد الأسري والتوعية بالتشريعات والقوانين الخاصة بالمرأة، وتهدف أنشطة الحملة إلى توعية أوساط المجتمع والرأي العام، بمناهضة العنف ضد النساء وحق المرأة في حياة من دون عنف، واعتبار العنف ضد النساء انتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية وشكلاً من أشكال التمييز، بالإضافة إلى توفير الحماية القانونية والاجتماعية للضحايا من النساء.

العنف ألوان وأشكال

قالت مسؤولة اتحاد النساء بمحافظة حضرموت، عليا الحامدي، إن قيادة الاتحاد عملت منذ اللحظة الأولى لجريمة مقتل البيتي، على متابعة القضية ومعرفة حيثياتها، والتضامن مع أسرة القتيلة ومساندتها ودعمها، وأضافت "هذه الجريمة المروعة جعلتنا كاتحاد نساء نجتهد بالتحرك والتضامن مع الأسرة، وتوجهنا إلى النيابة العامة والبحث الجنائي وتواصلنا مع رجال القانون، لمساندة الأسرة والانتصار لقضية مروى من خلال القبض على المتهم وسرعة التحقيق معه، وإحالته للجهات القضائية والمحاكمة العاجلة، كما عرضنا على الأسرة تقديم جلسات دعم نفسي لأطفال القتيلة الذين تعرضوا لصدمة نفسية شديدة لمشاهدتهم الجريمة".

وأكدت الحامدي أن "العنف ضد النساء في حضرموت موجود بأشكاله وألوانه كافة، وأن ما يصل إلينا في قيادة اتحاد النساء، قسم إدارة الحالة، أو ما يصل إلى الأجهزة الأمنية والقضائية من بلاغات قليل جداً، فكثيرات من النساء لا يرغبن في البوح والشكوى من العنف ضدهن، باعتبار أن ذلك من قانون العيب، صحيح أن السنوات الأخيرة شهدت وعياً لدى النساء، لكن ما زالت الأكثرية تفضل الصمت".

تنامي العنف

تابعت الحامدي "العنف ضد النساء تنامى في الشارع والمدرسة والجامعة والمنزل والمؤسسات الحكومية والخاصة، بأشكال مختلفة (الجسدي والجنسي والاقتصادي واللفظي والحسي)، وتأتي إلينا حالات بين الحين والآخر، لكن القليل منها ما يصل إلى القتل، فبالإضافة إلى قضية مروى الأسبوع الماضي، هناك قضية قتل أخرى، خنقاً، تعرضت لها امرأة من قبل زوجها الشهر الماضي، وتطور مستوى العنف إلى أعلى درجة، وهو القتل، وهذا الأمر بحاجة إلى دراسة معمقة ومنهجية لمعرفة أسبابه وتداعياته، وليس للتبرير وإيجاد الذرائع، ولكن لتفادي تكراره وتناميه، فمجتمع حضرموت عرف بالسلام والأمان، ويجب أن يبقى محافظاً عليها".

وتطرقت مسؤولة اتحاد النساء بمحافظة حضرموت إلى أهمية تكامل الجهود لوقف العنف الأسري في المحافظة "فلا بد أن تتطرق المناهج الدراسية لظاهرة العنف الأسري، بالتوعية والتربية ضد سلوك العنف، بالإضافة إلى أهمية الردع القانوني لمثل جرائم وانتهاكات كهذه، كما تقع على وسائل الإعلام بمختلف أشكالها مسؤولية أخلاقية في تنوير المجتمع، والحث على نبذ العنف، ولا شك أن العمل كبير، والتغيير لن يأتي بين ليلة وضحاها، ويحتاج إلى مساندة وتدخل من كل الجهات في السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية والتربوية والمنظومة القضائية والدينية، وغيرها".

وختمت الحامدي قائلة "نحن في اللا دولة وفي حرب مستمرة منذ ست سنوات، ولا شك أن للحرب تداعياتها بشكل مباشر، أو غير مباشر، فالحرب هي العنف، وأصبحت ثقافة اليمنيين هي الحرب والعنف، والنساء في مقدمة المتضررات من العنف، ولهذا فإن وقف الحرب ضروري ليعم السلام والأمن والاستقرار كل أرجاء الوطن".

الأزمة الاقتصادية

قالت الإعلامية والناشطة في منظمات المجتمع المدني، عبير واكد، إن ما حدث لمروى البيتي جريمة قتل وحشية هزت الرأي العام في الشارع الحضرمي، وتفاعلت معها بشكل كبير منظمات المجتمع المدني والجهات النسوية في حضرموت والمحافظات اليمنية الأخرى، وزارها الفريق المكلف من اتحاد نساء اليمن في المستشفى والتقى أهلها هناك، وتابع قضيتها، وتبنت مؤسسة عدالة للتنمية القانونية قضيتها ومتابعة كل إجراءات المرافعة والتكفل بها أمام الجهات القضائية، وأكدت أن "ما يحدث من تنامٍ لحوادث العنف في حضرموت، يعود إلى الأزمة الاقتصادية، وتدهور قيمة العملة الوطنية التي تسببت بالفقر المدقع للناس، ما خلف ردة فعل عنيفة من أرباب المنازل ضد زوجاتهن لعدم المقدرة على الإنفاق والحياة المعيشية، إضافة إلى إرجاع الأهل بناتهن إلى بيوت الزوجية، مع علمهم بالتعنيف الذي يقع على عاتق بناتهم، والسبب عدم مقدرة الأهالي على الإنفاق على بناتهم وأطفالهن في حال لجوئها إلى بيت أهلها من عنف زوجها، ناهيك بتعاطي المخدرات عند البعض من الأزواج الذي بات منتشراً في الفترة الأخيرة".

وأشارت إلى أن هناك وعياً بدأ يتشكل لمجابهة هذه الظاهرة من خلال إقامة عدد من الورش والدورات التوعوية المتعلقة بالعنف ضد المرأة وتعزيز العدالة بين الجنسين، وتوعية الشباب في الجامعات بالعنف ضد المرأة وتعريفهم بالقرار الأممي 1325 الذي يلزم الدول الأعضاء بحماية النساء في النزاعات المسلحة والسلم، والذي تبنته الحكومة اليمنية من خلال لجنة حماية النساء والفتيات.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات