Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وفد اقتصادي سعودي في بغداد لترجمة اتفاقات التنسيقي المشترك

الرياض وبغداد يؤكدان الرغبة بترجمة اتفاقات المجلس التنسيقي المشترك

فتحت العلاقات السعودية - العراقية صفحة جديدة، أكدتها اليوم زيارة وفد سعودي رفيع المستوى إلى العاصمة بغداد، ترأسه وزير التجارة والإعلام المكلّف الدكتور ماجد القصبي، كما ضم الوفد السعودي ممثلين عن وزارات (المالية والخارجية والرياضة والإعلام وهيئة التجارة الخارجية وهيئة تنمية الصادرات والصندوق السعودي للتنمية وبرنامج ريادة الشركات الوطنية) وعدد من رجال الأعمال يمثلون 22 من كبرى الشركات في قطاعات الصناعة والطاقة وتحلية المياه والتطوير العقاري.

وفيما عقد الجانبان محادثات مكثفة، استقبل الرئيس العراقي برهم صالح الوفد السعودي، وانطلقت أعمال ملتقى رجال أعمال البلدين برعاية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، على هامش الزيارة، لتعزيز المشاريع التجارية والاستثمارية. كما التقى الوفد كل من رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ووزير المالية عبد الأمير علاوي، رئيس المجلس التنسيقي من الجانب العراقي.

وجرى خلال الملتقى توقيع قرض تمويلي لمشروع إنشاء "صوامع غلال" معدنية للقمح في محافظة الديوانية، وآخر لإنشاء مستشفى الصقلاوية في محافظة الأنبار. كما تمّ الاطلاع على لموقع إنشاء المدينة الرياضية المهداة من الملك سلمان بن عبد العزيز للشعب العراقي.

وتهدف الزيارة إلى تتويج العلاقات الثنائية والمشاريع التجارية التي أُقرت خلال الفترة الماضية، بحسب وكالة الأنباء السعودية.

مجلس التنسيق نحو آفاق جديدة

يمثل مجلس التنسيق السعودي - العراقي المشترك حلقة الوصل الأولى بين البلدين اللذين أعلنا تدشينه في أغسطس (آب) العام 2017، بهدف تعزيز التواصل بينهما على المستوى الاستراتيجي، وتعميق الثقة السياسية بينهما، إضافة إلى التعاون في مختلف المجالات.

وشهدت العلاقات الثنائية بين البلدين تطوراً سريعاً ومستمراً على الصعد كافة، وهو ما أرجعه المحلل السياسي سامي المرشد إلى "حرص الرياض وبغداد على زيادة التنسيق بينهما، وفتح الآفاق الجديدة للتعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والتنمية".

عزلة العراق تشهد حلقتها الأخيرة

وتتسابق المناطق العراقية التي ترتبط حدودياً مع السعودية لتدشين منافذها، بعد افتتاح "منفذ عرعر" الذي يعد الأول بين البلدين عقب انقطاع اقتصادي دام قرابة الـ 30 عاماً، ليشهد انفراجة خجولة منذ نحو ثلاث سنوات، بغرض عبور الحجاج والمعتمرين من وإلى مكة المكرمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعلق الآمال على المعابر الحدودية لإنعاش هذه المناطق اقتصادياً واجتماعياً، ووضعها على قائمة الاستثمار السعودي، إضافة إلى دول أخرى.

وأعلن محافظ النجف لؤي الياسري، الثلاثاء الماضي، عن انطلاق مشروع برّي يربط المحافظة مع السعودية، مضيفاً أن "له آثاراً اقتصادية إيجابية في القطاعات التجارية والصناعية والزراعية، وسينعش عشرات القرى التي يمر بها الطريق".

وتشهد العزلة التي فرضتها الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية للعراق حلقتها الأخيرة، كما وصف الكاتب والباحث السياسي سالم اليامي، موضحاً أن العلاقات الثنائية هي "تفاعل طبيعي بين البلدين الشقيقين، وتساعد بغداد في العودة إلى المحيط العربي".

البداية بالاستثمار الزراعي

وكان الاستثمار الزراعي الذي أعلنته السعودية أكمل مسيرته على نحو مليون هكتار من الأراضي العراقية، ضارباً بزيف الادعاءات عرض الحائط، بعدما استنفرت الجماعات الموالية لإيران في محاولة لهدم جسور العلاقات بين البلدين، مستهدفة مشروع الاستزراع الذي أعلن عنه المجلس التنسيقي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واصفة إياه بـ "الاستعمار".

من جانبه، وقف الكاظمي في وجه كل الشائعات والمنغصات موبخاً صانعيها، عبر مؤتمر صحافي أقامه في منتصف نوفمبر الماضي قائلاً، "متى تحول الاستثمار إلى استعمار؟ وإيجاد فرص العمل لأبنائنا بمئات الآلاف عن طريق الاستثمار تدخلاً؟".

وأكد رئيس الوزراء العراقي، خلال المؤتمر ذاته، أن المستثمر وضع أمواله في المشاريع، وبقيت مسؤولية توفير البيئة الحامية للاستثمارات على عاتق أبناء العراق، مضيفاً أن "السعودية واحدة من أغنى خمس دول حول العالم، تضع استثماراتها في العراق، والرياض تمتلك استثمارات زراعية في كندا والأرجنتين والبرازيل، وتشكل من إجمالي بعض المقاطعات نحو 50 في المئة، فلماذا لم يصف أحد ذلك بالاستعمار؟".

في السياق ذاته، يرى اليامي أن الممارسات السلبية من بعض الكتل السياسية في العراق لم تؤثر في الداخل العراقي، الذي أصبح يعي جيداً أن العلاقات الثنائية هي لمصلحة وأمن واستقرار المنطقة العربية ككل.

واعتبر أن "التنظيمات الحزبية والميليشياوية الموالية لإيران لا تريد تعافياً للعراق، لأنه سيخرجها من أراضيه مباشرة بعد ذلك، والميليشيات والأحزاب تتحدث بلسان إيران، وليس الشعب العراقي".

يذكر أن المشروع الزراعي سيكون أكبر استثمار لإحياء الأراضي الزراعية في العراق، وسيوفر نحو 30 ألف وظيفة في محافظتي الأنبار والمثنى، وسيخصص جزء من الإنتاج للاستهلاك المحلي، فيما سيتم تصدير الجزء الآخر.

العراق وبعده العربي

وفي تعليق على الزيارة، صرح نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي ظافر العاني أن "زيارة الوفد تؤكد جدية السياسات السعودية تجاه العراق وبأنها عازمة على المضي في تنمية آفاق التعاون التجاري والتنموي". وأوضح العاني أن تواصل الزيارات بين البلدين وتوقيع الاتفاقيات "يفصح عن وجود توجيه من أعلى المستويات وبالذات من خادم الحرمين الشريفين والتزامه تجاه اشقائه من العراقيين".
وأشار العاني إلى أن "العرب لم يضعوا حاجز بينهم وبين العراق، بل أن تراكم السياسات العراقية الخاطئة جعلته يدور في فلك دول إقليمية مبتعداً عن اشقائه العرب". وختم العاني بالقول إن العراق "مخيَّر بين الغرق في فوضى التقارب مع إيران المعزولة دولياً أو على محيط إخوانه العرب وفيه فرصاً واعدة في التنمية والرخاء والاستقرار".
في سياق متصل، أوضحت رئيسة الباحثيين في "منتدى صنع السياسات" (مقره لندن) رنا خالد أن زيارة الوفد السعودي إلى العراق تؤكد أن الروابط والعلاقات بين البلدين "اقوى من مهاترات قوى الفوضى واللادولة التي تريد أن ترسم صورةً مشوّهة عن واقع العراق وعمقه العربي".
ورأت خالد أن "إعادة العراق إلى محيطه العربي، أمر قاطع تحتمه معطيات الواقع والمستقبل والجغرافيا". وختمت بالقول إن "أي حكومة عراقية لا تفهم هذه الحتمية ولا تتعامل بجدية معه إنما تعرّض مستقبل العراق للخطر والتهديد".


العلاقات مستمرة

من ناحية ثانية، رأى رئيس "مركز التفكير السياسي" إحسان الشمري أن "الموقف الرسمي المعلن من المملكة العربية السعودية مستمر بدعم العراق كحكومة وشعب على الرغم من الاعتذارات التي صدرت عن بعض المستثمرين السعودين وعزوفهم عن الاستثمار في العراق". وأوضح الشمري أن "عزوف بعض المستثمرين لا يعني بأي حال أن تتوقف امذكرات التفاهم بين البلدين على المستوى الرسمي"، معبراً عن اعتقاده بأن "المملكة العربية السعودية جادة بنقل العلاقات بين البلدين إلى مستويات جديدة ونهج جديد". وأضاف أن "الاستثمارات ستمضي وسيتم أستقطاب المستثمرين". 
ولفت الشمري إلى وجود رغبة متبادلة بين بغداد والرياض لعودة العراق إلى المنظومة العربية والخليجية تحديداً عبر السعودية ، التي "تمثل دولة ارتكاز ليس عربياً فحسب بل في الشرق الأوسط أيضاً (سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً)". واعتبر أن "تنمية العلاقات مع السعودية بحكم ثقلها وعلاقاتها مع الدول العربية تسهم  بالتالي بعودة العراق  إلى محيطه العربي".

حذر إيران

من جهة أخرى، وعلى الرغم من الضغوط التي مورست على الحكومات العراقية المتعاقبة من قبل حلفاء إيران لمنع العراق من التوجه إلى المنظومة العربية، لكن طريق التقارب العراقي – العربي  يمضي بخطوات ثابثة مثلما يحصل حاليا في العلاقات مع السعودية وقبلها في التقارب العراقي مع الأردن ومصر.وقال الشمري إن "العراق يسعى إلى تثبيت مبدأ التوازن في علاقاته الخارجية فهو لا يرغب بأن يكون دولة تابعة ومبتلعة من قبل الجوار على حساب المنظومة العربية". وأضاف أن "الضغوط التي تمارَس على الحكومة العراقية من أجل التصدي لأي محاولة لعودة العراق إلى محيطه العربي تبقى ضمن مجال الآراء فقط، فالحكومة بالنهاية ووفقاً للدستور، هي مسؤولة عن رسم السياسة الخارجية".

وختم الشمري بالقول إن التقارب العراقي – العربي هو " رسالة صلبة من العراق  بأنه لن يكون تابع ضمن المجال الحيوي لإيران" التي تنظر إلى هذا التقارب بقلق  كونه سيضعف نفوذها السياسي والاقتصادي وسيضعف نفوذ حلفاؤها في الداخلالعراقي.

التبادل التجاري

على صعيد آخر، قال الخبير المالي والاقتصادي صفوان قصي إلى أن "حجم التبادل التجاري بين العراق والسعودية  يبلغ حوالي مليار دولار سنوياً وهذا لا يتناسب مع وجود اقتصاد سعودي قوي"، مشيراً إلى أن "العراق بامكانه أن يتحول من مستورد فقط من السعودية إلى مصدّر لها، إذ يمكن للشركات العراقية أن تعمل على دراسة الأسواق السعودية واحتياجاتها وامكانية تزويدها بمواد على المستويَين المتوسط والبعيد". وأوضح قصي أن "الأسواق العراقية من الممكن أن تقدم للسعودية الانتاج الزراعي على اعتبار أن العراق يمتلك ثروة مائية، كما يمكن تحريك بوصلة الاستثمارات السعودية نحو مختلف القطاعات في العراق".


الصناعات النفطية في المقدمة

إلا أن صفوان قصي أكد أن "العائد على الاستثمار الحالي سيكون  الصناعات النفطية والغاز والبتروكيماويات والانتاج النباتي والزراعي و الصناعات الغذائية والمدن الصناعية. وعلى المستوى البعيد من الممكن بناء سوق متكاملة ويكون العراق جزءاً من المنظومة الاقتصادية الخليجية وعضواً فعالاً فيها. كما من الممكن مستقبلاً خلق عملة موحدة  لدول الخليج ويكون العراق جزء من هذه القوة المالية".


تنمية الاقتصاد العراقي

وأوضح قصي أنه "كلما تعمقت علاقات العراق مع دول المنطقة سيرتفع مستوى التبادل التجاري وسيكون العراق ضمن خارطة التجهيز العالمية عندما يصبح نافذة  لنقل السلع سواء بحراً أو جواً، كما يمكن الاستفادة من السياحة الدينية عن طريق نقل الحجاج باتجاه المملكة من خلال المنافذ الجديدة وبالتالي زيادة العوائد من السياحة الدينية".

يُذكر أن السعودية استأنفت علاقاتها الدبلوماسية مع العراق في ديسمبر (كانون الأول) 2015، عندما أعادت فتح سفارتها في بغداد بعد انقطاع دام 25 سنة.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد