Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب الخارج من البيت الأبيض قد يفجر واشنطن بكوفيد والإنفاق الحكومي

خسر الرئيس قدرته في مسائل السياسات الجوهرية المعروضة أمام الكونغرس لكنه قادر على تعقيد حياة الجميع

يتصرف ترمب على نحو غير مألوف في الفترة الانتقالية للرئاسة، فإلى أي مدى يصل؟ (غيتي)

ثمة سوابق قليلة تتشابه مع طريقة حكم دونالد ترمب للبيت الأبيض طوال السنوات الأربع الماضية، ولذلك يبدو منطقياً ألا يملك حتى أشد المراقبين حذاقة في واشنطن، أدنى فكرة عن طريقة تصرف الرئيس المنتهية ولايته خلال الشهرين المتبقيين من حكمه.

في المقابل، إن المواضيع المطروحة في غاية الأهمية، إذ تشمل أن يواجه السيد ترمب والكونغرس الـ116 اقتراب المواعيد النهائية من أجل تمويل القوات العسكرية الأميركية وتفادي الإغلاق الحكومي وضخّ حزمة جديدة من الإغاثات الضرورية بسبب الجائحة في الاقتصاد الأميركي.

ويتزامن ذلك كله مع اشتداد وباء فيروس كورونا أكثر من أي وقت مضى واستمرار الانقسام الحاد في البلاد بين معسكرَي الحزبين الرئيسين. 

(يعتقد اثنان من بين كل ثلاثة أشخاص في الحزب الجمهوري، وهم على خطأ، بأنّ تزوير الانتخابات بشكل واسع النطاق ربما جعل كفّة انتخابات 2020 تميل إلى صالح جو بايدن، وهي رواية اختلقها الرئيس بنفسه وسمح لها قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس أن تكتسب زخماً عبر عدم تحركهم لصدّها).

ويتمثّل الموقف الأساسي الذي قد يوضح طريقة حكم السيد ترمب خلال الأسابيع الثمانية المقبلة في تخطيطه منذ الآن للترشح من جديد في انتخابات 2024، وفق تأكيد وسائل إعلام أميركية عدة.

وخلافاً لمعظم الرؤساء عند انتهاء ولايتهم، ما زال يحكم وفي ذهنه حسابات سياسية.

ووفق العادة [بالنسبة إلى ترمب]، تتميّز تلك الحسابات بأنها بارزة على غرار ما كانت عليه طوال فترة حكمه، وتهدّد بالتالي سلاسة المرحلة الانتقالية وترخي بظلال عدم اليقين على الكونغرس الذي ليس لديه سوى أسابيع قليلة، أو حتى أيام معدودة، كي يتفادى ثالث إغلاق حكومي خلال أربع سنوات، ويحافظ على استمرار العمل الجزئي في البلاد.

علينا العودة بالزمن إلى آخر أيام القرن التاسع عشر كي نشهد آخر رئيس أميركي منهزم أعرب عن نيّته الترشح مجدداً بعد أربع سنوات.

وحتى عندها، لم يتبنَّ غروفر كليفلاند، الرئيس الثاني والعشرون (والرابع والعشرون) الذي خسر أمام بنجامين هاريسون في انتخابات 1888 قبل أن يعود إلى هزيمة هاريسون مع تكرار المعركة الانتخابية عام 1892، المقاربة ذاتها في حكم الفترة الأخيرة من ولايته كتلك التي تبنّاها السيد ترمب في نهاية عام 2020.

وفي ما يلي ثلاثة مجالات رئيسة يهدد الرئيس أن يفجّر الأوضاع فيها مع خروجه من منصبه.

 

1- منع الحكومة من الإغلاق

كشف السيد ترمب عن عزيمة أقوى من أي رئيس قبله في مجال إغلاق الحكومة، فمرّت فترتا انقطاع مختلفتين في التمويل الفيدرالي خلال الأعوام الأربعة الماضية، وشكّلت محاولة منه للوي ذراع الديمقراطيين في موضوع الهجرة. 

ولم يفلح.

لم يتمكن السيد ترمب من انتزاع المبلغ الذي أراده من الكونغرس من أجل بناء جداره على الحدود الأميركية-المكسيكية، فلجأ إلى سحب المال من مشاريع وزارة الدفاع بهدف تشييد أميال من السياج المضلّع الذي ما زال غير مكتمل، فيما يدخل السيد بايدن البيت الأبيض.

وأصدرت إدارة ترمب تحذيرات مبهمة مجدداً من أنه يستطيع إسقاط أي اتفاق ينبثق من المفاوضات بين رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الغالبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، اللذين يبدو أنهما سيحافظان على موقعيهما على الأرجح خلال الولاية المقبلة للكونغرس. 

ويتضمن مشروع "قانون الأمن القومي" في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون مبلغ الملياري دولار الذي طلبه السيد ترمب من أجل جداره الحدودي. في المقابل، ليس من مبلغ يساوي ذلك في مشروع القانون المشابه [لـ"قانون الأمن القومي"] المطروح في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون. في الواقع، يقتطع مشروع القانون الأخير 1.4 مليار دولار من الإنفاق المتفق عليه السنة الماضية والمخصص لبناء الجدار الحدودي. 

وكذلك يعتزم قادة الكونغرس تمرير مشروع قانون "شامل" للحزبين يموّل كل مجالات الحكومة الفيدرالية الـ12 لما تبقّى من السنة المالية 2021.

ثمة تطوّر موازٍ قد يتمثل في عدم توصل السيدة بيلوسي والسيد ماكونيل إلى اتفاق جديد للإنفاق، ويوقّعان على ما يسمّى بـ"قرار تمديد" جديد. ويعني ذلك بلغة واشنطن مشروع قانون يمدد مستويات تمويل السنة المالية السابقة في مختلف الوزارات والبرامج التي تتألف منها الحكومة الفيدرالية بداية من إدارة المتنزهات الوطنية، مروراً بـ"وزارة الأمن القومي" التي تشرف على الهجرة ووصولاً إلى السلطة التشريعية (أي الكونغرس).

وتعتبر قرارات التمديد ضرباً من سوء الحوكمة لأنها تمدد فعلياً مستويات إنفاق العام الماضي مع أن الظروف الراهنة ربما تغيّرت كلّياً. فمثلاً، لم تتضمن خطة الإنفاق الحكومي في 2020 اعتمادات فيدرالية مخصصة للتعاطي مع الجائحة. ويرجع ذلك إلى أنه جرى التوقيع عليها قبل أشهر من وصول فيروس كورونا بالفعل إلى السواحل الأميركية.

مع مغادرة السيد ترمب منصبه في يناير (كانون الثاني)، فإنه لا يملك سوى القليل من النفوذ، بالمعنى التقليدي، على مفاوضات الإنفاق بما أن إطالة العملية ستتيح لخلفه الديمقراطي أن يستلم مهمة مهر أي مشروع قانون بالختم الرئاسي كي يحوّله قانوناً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

2-مشروع قانون الدفاع

هنا يمكن للسيد ترمب أن يختبر فعلياً قوته السياسية.

طوال 59 عاماً مضت، تمكّن الكونغرس والرئيس من تمرير "قانون تفويض الدفاع الوطني" الذي يتحكّم في الإنفاق العسكري ونشر القوات في العالم وغيرها من المعايير السياسية.

هذا العام، توصّل الجمهوريون والديمقراطيون أساساً إلى اتفاقات ترضي الحزبين في مجلسي النواب والشيوخ، ولم يبقَ سوى خلافات صغيرة يجب تسويتها بين مشروعي قانون المجلسين.

في المقابل، تعهّد السيد ترمب بمنع تمرير الصيغة النهائية للمشروعين إذا تضمنت بنداً، وهما يتضمنان هذا البند، يفرض على القوات العسكرية إعادة تسمية بعض القواعد التي تحمل اسم قادة كونفيدراليين كالجنرالات روبرت إي لي وهنري إل بينينغ وجون بيل هود وسبعة غيرهم.

ولوّح الرئيس بهذا الرفض خلال فصل الصيف، ولم يتراجع عنه، وفق ما أكد مصدران في كابيتول هيل لـ"اندبندنت"، إذ كتب ترمب في تغريدة نشرها في يوليو (تموز) "سأعترض على مشروع قانون تفويض الدفاع إذا كان يتضمن تعديل إليزابيث "بوكاهونتاس" وارين (هي من بين كل الناس!) الذي سيؤدي إلى إعادة تسمية (وأمور سيئة أخرى!) "فورت براغ" و"فورت روبرت إي لي" وكثير غيرها من القواعد العسكرية التي ربحنا حربين عالميتين انطلاقاً منها!".

واستطراداً، إذا تشبّث ترمب بموقفه، فقد يزيل الكونغرس ذلك البند من مشروع قانونه، بينما أشار السيد بايدن في هذه الحال إلى أنه سيغيّر أسماء القواعد العسكرية من خلال قرار تنفيذي. لكن القرارات التنفيذية يمكن عكسها مع كل إدارة جديدة، لذلك لن يصبح تغيير الأسماء دائماً كما تكون الحالة إذا دُوّن ذلك في تشريع. 

3- الإغاثة من كوفيد

شكّل الرئيس المنتهية ولايته أحد الداعمين الأساسيين لتوزيع سلسلة جديدة من شيكات تحفيز الاقتصاد قيمتها 1200 دولار إلى دافعي الضرائب الأميركيين باعتبارها جزءًا من حزمة تبلغ تريليونات الدولارات من أجل مكافحة تداعيات جائحة فيروس كورونا على الاقتصاد ونظام الرعاية الصحية.

وأحياناً، وضعته هذه الأولويات التي من شأنها تبذير المال في مواجهة مع السيد ماكونيل وطاقم من صقور مكافحة العجز في الموازنة داخل مجلس الشيوخ، تفوق صدامهم مع السيدة [نانسي] بيلوسي التي أشار السيد ترمب إلى إنه سيسعده أن ينفق أكثر منها.

وقد بلغ آخر عرض للإدارة 1.8 تريليون دولار، أي أقل بنصف تريليون دولار مما طلبه الديمقراطيون.

وتذكيراً، أتى ذلك قبل خسارة السيد ترمب في انتخابات 2020، لذا ستكشف الأيام المقبلة كيف تغيرت أولوياته في ختام ولايته.

وإلى الآن، يتصرف ترمب كما لو أن الجائحة ما عادت موجودة ببساطة، فما عاد المتكهّنون بالآتي من الأمور قادرين على معرفة أي شيء. وبدلاً من ذلك، يصبّ الرئيس تركيزه على التشبّث بالسلطة، ويتلقى الضربة تلو الأخرى من القضاء أثناء سعيه إلى الطعن في نتائج انتخابات 2020 ومحاولة عكسها.

لقد قضى السيد ترمب الدقائق الأربعين كاملة تقريباً من أول مقابلة فردية علنية له منذ الانتخابات، في التفوّه بسيلٍ من نظريات المؤامرة غير المستندة إلى أي أساس والتي أثبت عدم صحتها بشأن انتخابات "مزوّرة" ومسروقة. وبالكاد ذكر موضوع المسار المستقبلي في الإغاثة من الجائحة.  

ويقضي زعماء الكونغرس أسبوعهم هذا في محاولة اكتشاف وسائل لنقل تمديد البرامج الشعبية التي يؤيدها الحزبان من أجل استمرار الحكومة، من قانون "مساعدة فيروس كورونا والإغاثة والأمن الاقتصادي" (يعرف باسمه المختصر "كيرز" CARES) الذي أقرّ في مارس (آذار) بقيمة 2.2 تريليون دولار وإضافتها إلى مشروع "قانون المخصصات" الذي يجب تمريره بحلول 11 ديسمبر (كانون الأول) كموعد أقصى.

وتتضمن تلك البرامج ضخ مزيد من المال لمصلحة "برنامج حماية الأجور" الموجّه إلى المؤسسات الصغيرة وتمديد مهل دفع الإيجارات وأقساط قروض الطلاب الدراسية.

© The Independent

المزيد من آراء