Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مجلس الأمن الدولي يعد قائمة سوداء لمعاقبة معرقلي الحوار الليبي

مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة تهدد رافضي المسار التفاوضي بالخروج من المشهد السياسي

حاطة وليامز أمام مجلس الأمن في 19 نوفمبر الحالي (صفحة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا)

في خطوة جديدة عُدت بمثابة دلالة على جدية تحركات الأمم المتحدة، لإنجاز خريطة طريق سياسية لحل الأزمة الليبية، عقد مجلس الأمن جلسة افتراضية لمنقاشة المستجدات المتعلقة بالملف الليبي، خصوصاً الحوارات التي تشرف عليها وتديرها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والتي شهدت تقدماً ملحوظاً في مساريها العسكري والاقتصادي، وتعثراً مخيباً على المسار السياسي في تونس قبل أيام قليلة.

وذكرت مصادر صحافية دولية وليبية متطابقة، أن مجلس الأمن يرتب لإصدار "قائمة سوداء" بأسماء معرقلي المفاوضات بهدف فرض عقوبات عليهم، أفراداً وكيانات، وربما بعض الدول التي تعمل على استمرار التصعيد في الملف الليبي، ومنع تطبيق القرارات الصادرة عن لجان الحوار المحلية، المدعمة بقرارات دولية تعطيها صفة الإلزام.

في المقابل، بدأ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش بحثاً جدياً عن بديل لمبعوثه إلى ليبيا المستقيل، اللبناني غسان سلامة، ليتسلم مهماته قبل نهاية مارس (آذار) المقبل.

ترحيب ودعم من موسكو

وعقد مجلس الأمن الدولي جلسةً خاصة لمناقشة ملف الأزمة الليبية، شهدت مداخلات تلفزيونية عبر الدائرة المغلقة، لعدد من مندوبي الدول الأعضاء، رحب أغلبها بالتطورات الإيجابية في المسار التفاوضي بين أطراف النزاع، الذي رتبته وتشرف عليه الأمم المتحدة. وركزت تلك المداخلات على بذل مزيد من الجهود لاستثمار هذه الفرصة، للتوصل إلى حل شامل ينهي الصراع الليبي، الذي تجاوز عقداً كاملاً.

وفي أبرز مداخلات مندوبي الدول الأعضاء خلال الجلسة، عبر مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، عن "ارتياح بلاده للحوارات التي تجريها الأطراف الليبية لتسوية الأزمة بالوسائل السياسية، ولتوقف المواجهات المسلحة بين الأشقاء، التي تمزق ليبيا منذ عام 2011، وانتقالها إلى ساحة المفاوضات"، مؤكداً أن بلاده "تدعو باستمرار إلى تسوية سلمية للأزمة الليبية، وأن نهجها يستند إلى ضرورة اتخاذ كل القرارات من قبل الليبيين أنفسهم، دون تدخل خارجي".

وقال إن "موسكو دفعت في مختلف المحافل الدولية، بفكرة أن أي مقترحات ومبادرات يجب أن تحظى بموافقة الأطراف الليبية، لأنه عندما يُوفَ بهذا الشرط، تزداد بشكل كبير فرص التوصل إلى توافق، يدفع العملية السياسية إلى الأمام".

وتتهم أطراف عدة منذ سنوات، على رأسها الولايات المتحدة، روسيا بالتدخل في النزاع الليبي، عبر الدعم العسكري لقائد "الجيش الوطني" في الشرق، المشير خليفة حفتر، الذي انتقدته تقارير وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أكثر من مرة، كما حذر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عقب توقيع الاتفاق الليبي لوقف إطلاق النار في جنيف الشهر الماضي، من استمراره وتداعياته، التي قد تسهم في فشل تطبيق الاتفاق، الذي ينص صراحةً على خروج كل القوات الأجنبية من ليبيا، ووقف توريد السلاح لأطراف النزاع فيها.

خروج القوات الأجنبية

من جانبه، ركز مندوب فرنسا لدى مجلس الأمن، فرنسوا ديلاتر، في كلمته على خروج القوات الأجنبية من ليبيا، في غضون الـ90 يوماً المُحددة في اتفاق جنيف، واحترام حظر السلاح، عملاً بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وطالب ديلاتر مجلس الأمن، بتحمل مسؤوليته تجاه مطلب الأطراف الليبية اعتماد قرار لضمان وقف إطلاق النار، إضافة إلى اتخاذ آلية فعالة ذات مصداقية لرصد أي انتهاكات، ودعم الجهود الليبية – الليبية. مشيرًا إلى أن "المجلس بحاجة إلى اقتراح من الأمانة العامة بشأن هذه النقطة، وهو ما ستعمل فرنسا مع شركائها لتحقيقه".

وتعليقاً على ذلك، قال الباحث السياسي الليبي، مبروك الغزالي، إن "كلمات المندوبين الممثلين للدول الأعضاء في جلسة مجلس الأمن، تألف أغلبها من شقين، شق، يتماشى مع الموقف العام السائد في الجلسة، المتعلق بدعم الحل بالوسائل التفاوضية، وشق ثانٍ، يحمل رسائل تعبر عن موقف كل دولة من الأزمة". وتابع "مثلاً كلمة المندوب الروسي، حاولت نفي المخاوف والاتهامات لبلاده بعرقلة الحلول السياسية في ليبيا، مع التشديد على رفع يد الدول الأخرى عن البلاد، لضمان مصادقة موسكو على أي اتفاق، ينص على خروجها من ليبيا، ما يعني أنها لن تخرج إلا إذا خرج الجميع، في مقدمهم تركيا وفرنسا، والأهم عدم وقوعها تحت هيمنة الولايات المتحدة، وانفراد واشنطن بالملف الليبي".

واعتبر الغزالي أن "باريس ركزت في كلمة مندوبها، على ضرورة خروج القوات الأجنبية من ليبيا في غضون ثلاثة أشهر، حسبما اتُفق عليه في جنيف بين أطراف النزاع، وهي رسالة لا تُخفى، تشير إلى تركيا، الحاضر الأكبر في الصراع الليبي، في إطار الحرب الدبلوماسية بين باريس وأنقرة، التي يشكل الملف الليبي وقودها منذ مدة، إضافة إلى ملفات أخرى، مثل الصراع على الطاقة في البحر المتوسط".

وقرأ الغزالي في هذه الرسائل "دلالة مقلقة على عدم الوصول إلى حالة وئام دولي كامل، وموقف واحد من الأزمة، واستمرار استخدام أطراف دولية عدة الملف الليبي، لتصفية حسابات وخلافات قديمة وجديدة بين القوى الدولية، في هذه الساحة ذات الأهمية الجيوستراتيجية الكبيرة لكثير منها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


قائمة سوداء

في الأثناء، تحدثت مصادر محلية ودولية، عن قائمة عقوبات سوداء دولية، يجري التجهيز لإصدارها في أروقة مجلس الأمن، تُفرض من خلالها مجموعة عقوبات على مخالفي القرارات الدولية الخاصة بليبيا، ومعرقلي مسار المفاوضات الجارية حالياً، بين لجان محلية لحل الأزمة سياسياً".

واستندت هذه المصادر إلى تصريح من مبعوثة الأمم المتحدة إلى ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، حضت فيه مجلس الأمن الدولي على "إدراج أي شخص يعرقل جهود السلام في قائمة سوداء، تفرض جملة عقوبات عليهم، تشمل تجميد الأصول وحظر السفر على الأفراد، وقيود من نوع آخر على الكيانات". وأضافت ويليامز أن "المجلس يملك أدوات تحت تصرفه، بما في ذلك منع المعرقلين من تعريض هذه الفرصة النادرة لاستعادة السلام في ليبيا للخطر"، مشيرةً إلى أنه "على الرغم من إحراز بعض التقدم في تنفيذ وقف النار المعلن، فإنه لم ينسحب أي من الجانبين بعد من الخطوط الأمامية، ولا تزال رحلات الشحنات العسكرية تصل إلى القواعد الجوية، التي يسيطر عليها الطرفان".

"هذه القائمة السوداء، التي تدعو إليها ستيفاني ويليامز، تكشف عن غضبها مما جرى في قاعة الحوار بتونس، من تحركات في الكواليس، أفسدت جهودها للخروج باتفاق يكمل نجاحها في المسارين الاقتصادي والعسكري، في المغرب وسويسرا على التوالي"، بحسب الصحافي الليبي مراد الرياني.

وقال الرياني إن "ويليامز هددت في المؤتمر الصحافي الذي عقدته ليلة فشل الحوار السياسي في تونس، بالرد على الأطراف التي عرقلت اتمام الاتفاق رداً قوياً، ملمحةً إلى أن مَن يصر من الأفراد والقوى السياسية على موقفه الرافض للمسار التفاوضي، قد يجدون أنفسهم خارج المشهد تماماً". وأضاف أنها "تنفذ تهديدها، محاولةً العودة إلى المفاوضات بعصا عقوبات دولية على رؤوس كل الأطراف، تجبرهم على توقيع اتفاق سياسي، يكمل مثلث البعثة للحل، بأضلاعه الثلاثة، الاقتصادي والعسكري، والأهم وهو السياسي الذي ينقصه حالياً ليتكامل، ويُخرِجها منتصرةً من المهمة الشاقة، قبل مغادرتها منصبها المؤقت، بداية العام المقبل".

المزيد من العالم العربي