Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هياكل المقاومة... التاريخ يعيد نفسه؟

جماعة دينية تتشكل تحت غطاء ديني وبمهمة مقدسة، ثم مع مرور الأيام، تتحول إلى جماعة إرهابية تقتات على الابتزاز السياسي والقرصنة والإرهاب

تشكل حزب الله لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي ثم أصبح حصان طروادة الإيراني في العالم العربي. (رويترز)

في القرن الحادي عشر الميلادي، وعندما كان الساحل الغربي للبحر المتوسط تحت السيطرة المسيحية، تأسست جماعة الفرسان الشهيرة التي اتخذت أسماء عدة بعد ذلك منها، فرسان المشفى، فرسان المعبد، فرسان القديس يوحنا، وغيرها من الأسماء التي واكبت حياة هذه الجماعة المسلحة عبر قرون. ويذكر المؤرخون أن السبب الرئيس وراء تشكل هذه الجماعة هو حماية الحجاج المسيحيين إلى الأراضي المقدسة من كل ما يمكن أن يتعرضوا له من أخطار السفر وقطع الطريق وغير ذلك، بالإضافة إلى إشرافها على مشفى معدّ للعناية بالفقراء والمساكين.

ميليشيا مسلحة

هذه الجماعة هي المرادف التاريخي لما نطلق عليه الآن (الميليشيا) المسلحة، ومن طرائف التاريخ أنه يمنحنا دائماً هذه المرادفات التي تذكرنا كيف يكرر البشر اختراعاتهم الاجتماعية قرناً بعد قرن إلى حد التطابق مع القليل من "الرتوش" الزمنية التي توهمنا أن الأمر حديث ومبتكر ومختلف، وإلا فإن النظرة العميقة تحيلنا إلى الحقيقة الواضحة... لا جديد.

وبعد انتصارات الدول الإسلامية المتتابعة على تلك الممالك المسيحية المتوزعة على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، كانت ضربة المماليك هي الأخيرة التي أسقطت آخر معقل مسيحي في عكا، واضطر فرسان المشفى آنذاك أن ينقلوا قاعدتهم العسكرية إلى قبرص، ثم رودس، ثم مالطة. وفي كل نقلة لهم عبر القرون كان المبدأ الأيديولوجي للجماعة لا يتغير... قوة عسكرية مسيحية مهمتها إدارة المشفى وحماية الحجاج.

من كان يموّل هذه الجماعة؟ الممالك الأوربية كانت تتشارك في تمويل هذه الجماعة بالقوى العسكرية والدعم المادي عبر عشرات الأوقاف المسيحية الموزعة في أنحاء أوروبا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قراصنة البحر المتوسط

ولذلك كانت هذه الجماعة عبر عن (حلف ناتو) تاريخي، والفرسان الذي يشكلونه مختلفو الألسن، ألمان وإنجليز وفرنسيون وإيطاليون وإسبان وبرتغاليون لا تجمعهم لغة، بل يجمعهم الولاء الأيديولوجي لمهمة الفرسان الأزلية، حماية الحجاج المسيحيين. ولكن، هل التزمت الجماعة بهذه المهمة؟ الحقيقة أن هذه المهمة تحولت إلى شعار متقادم مرفوع على أسنة الرماح، لكنّ الاستحالة التطبيقية له مع دخول الأماكن المقدسة تحت حكم المسلمين منعتهم من ذلك، فتحولت الجماعة مع مرور الأيام من حماة الأماكن المقدسة إلى... قراصنة البحر المتوسط!

الزمن الماضي... عود على بدء

ألا يبدو السيناريو مألوفاً بعض الشيء؟ جماعة دينية تتشكل تحت غطاء ديني وبمهمة مقدسة، ثم مع مرور الأيام، تتحول إلى جماعة إرهابية تقتات على الابتزاز السياسي والقرصنة والإرهاب، ولكنها تستمر في تدوير أسطوانة المقاومة والجهاد المقدس من أجل تجنيد العناصر وإبقاء الجذوة الأيديولوجية مشتعلة في قلب الجماعة. وكما كان لفرسان الهيكل المسيحيين قادة من الفرسان الذين يرفعون بيمينهم سيف المبدأ المسيحي المقدس، وبشمالهم سيف الجريمة المنظمة سواء كانت إرهاباً أو قرصنة، فإن عصرنا الحديث منحنا من هذه النماذج المتكررة بالقدر الذي أصبح الأمر معه معتاداً ومتوقعاً.

وأصبحت دورة حياة الميليشيات معروفة مثل دورة حياة ذبابة الفاكهة، تشكل الجهاد الأفغاني لتحرير أفغانستان ثم أصبح مولداً للجماعات الإرهابية ومزارع الأفيون.

تشكل حزب الله لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي ثم أصبح حصان طروادة الإيراني في العالم العربي.

تشكلت حماس لخدمة القضية الفلسطينية العادلة ثم أصبح كياناً مؤدلجاً يخدم التيار أكثر من القضية، والمذهب أكثر من الوطن، ويقمع مواطنيه أكثر مما يحميهم.

لا أحد يريد أن يفرّط بما حققه من مكاسب

ميليشيات ليبيا التي أسهمت في ثورتها تمشي على الطريق على الرغم من الأمنيات والأحلام والصلوات بأن لا تنتهي بالنهاية نفسها، ورفع الشعارات الشعبوية المبدئية علناً ورفض الانضواء تحت لواء دولة واحدة سراً.

لا أحد يريد أن يفرط في المكاسب السلطوية التي حققتها جماعته، وبالتالي فإنه يتمسك بمدفعه الرشاش حتى آخر رمق، غير منتبه أن إسهامه في تأخير السلام والاستقرار الليبي ينقض نضاله الثوريّ بأكمله.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء