Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يقضي "المركزي المصري" على تجارة الفائدة المربحة؟

أسعارها التي تجاوزت 26 في المئة دفعت إلى تسييل الأصول والاستفادة من المكاسب

مقر البنك المركزي المصري وسط القاهرة   (رويترز)

على عكس توقعات المحللين وشركات وبنوك الاستثمار، قررت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري مواصلة دورة التيسير النقدي عبر إقرار خفض جديد في أسعار الفائدة، إذ صادقت في اجتماعها الأخير على خفض كل من سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملة الرئيسة للبنك المركزي بواقع 50 نقطة أساس، ليصل إلى 8.25 في المئة و9.25 في المئة و8.75 في المئة، على الترتيب. كما تقرر خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 50 نقطة أساس ليصل إلى 8.75 في المئة.

يأتي ذلك في الوقت الذي كانت تشير توقعات المحللين وبنوك وشركات الاستثمار، إلى اتجاه لتثبيت أسعار الفائدة، بخاصة في ظل البيانات الحديثة التي تفيد  بارتفاع معدلات التضخم خلال الفترة الماضية، ما دفع اتجاه دعم التقديرات الخاصة إلى تثبيت أسعار الفائدة.

وفي تعليقه، قال رئيس اتحاد بنوك مصر محمد الإتربي إن حجم ودائع البنوك يصل إلى 4.6 تريليون جنيه (294.2 مليار دولار)، مؤكداً أن خفض البنك المركزي لأسعار الفائدة 0.5 في المئة يصب في صالح الموازنة العامة للدولة ويقلّل تكلفة الإقراض ويدعم الاستثمار.

سلاح أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم المرتفع

وتسبب تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي نفذته الحكومة المصرية وبدأ بقرار تعويم الجنيه وتحرير سوق الصرف بشكل كامل، في أن ترتفع معدلات التضخم إلى مستويات تاريخية في البلاد، حيث بلغت ذروتها منتصف عام 2017 عندما تجاوزت مستوى 35 في المئة.

وفي إطار السيطرة على التضخم المرتفع، لجأ البنك المركزي المصري إلى استخدام سلاح أسعار الفائدة لامتصاص جزء من السيولة الضخمة، التي كانت أحد أهم أسباب ارتفاع معدلات التضخم، وبالفعل واصل رفع أسعار الفائدة إلى مستويات تجاوزت 26 في المئة في بعض الأوعية الادّخارية، ما تسبب في أن تتحوّل الفائدة إلى تجارة مربحة.

وفق المحلل المصرفي علي محمود، فإن الأسعار المرتفعة للفائدة دفعت شريحة كبيرة من المصريين إلى تسييل بعض أصولهم ووضعها في أوعية ادّخارية بفائدة تجاوزت 26 في المئة. لكن هذا التوجه مثلما أسهم في أن ترتدّ معدلات التضخم إلى مستوياتها الطبيعية، أوجد كذلك تجارة الفائدة التي أدّت إلى ركود عنيف في القطاعات والأنشطة الاستثمارية كافة.

وأشار إلى أن السوق كانت بحاجة ملحّة إلى خفض أسعار الفائدة، خصوصاً أن خزائن البنوك أصبحت تحتوي على أكوام كبيرة من النقود، ومن المتوقع أن تتسبب قرارات خفض الفائدة في أن يتحوّل المودعون إلى سحب مدّخراتهم وضخها في أنشطة استثمارية لتجاوز حالة الركود العنيف التي تواجهها السوق المصرية في الوقت الحالي.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن إجمالي الودائع في البنوك سجّلت ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة الماضية، إذ أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن قيمة الودائع وصلت إلى نحو 4.788 تريليون جنيه (306.53 مليار دولار) بنهاية شهر يوليو (تموز) الماضي، مقابل نحو 3.999 تريليون جنيه (256.017 مليار دولار) خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، بزيادة بلغت 789 مليار جنيه (50.512 مليار دولار)، أي نحو 19.7 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أعلى معدلات الفائدة في مصر

وفي تقرير حديث، أشارت وكالة "بلومبيرغ" إلى أن انعدام الضغوط التضخمية وعودة التدفقات المالية لصالح السندات المقوّمة بالجنيه، ستطمئن المستثمرين الأجانب حيال الخفض الأخير للفائدة.

وترى رضوى السويفي، رئيسة البحوث في شركة "فاروس" القابضة للاستثمارات المالية أن "حجم ومعدل التيسيرات النقدية متدرجة جداً للحفاظ على جاذبية أدوات الدين للأجانب في ظل تغييرات النمو العالمية المتقلبة". وتعتبر وكالة "بلومبيرغ" أن مصر تحتفظ بأحد أعلى معدلات الفائدة الحقيقية في العالم حتى بعد الخفض الأخير، وتعدّ عائدات تجارة الفائدة فيها الأفضل بعد الأرجنتين، وسيساعد خفض الفائدة على تقليل نفقات التمويل الحكومية ودعم القطاع الخاص، الأمر الذي قد يعزز أيضاً من معدلات الإنفاق الرأسمالي، ما يعتبر جيداً للمقرضين والأسواق بشكل عام.

وسجّل مؤشر القطاع الخاص غير النفطي في مصر نمواً في أكتوبر (تشرين الأول) على أعلى مستوى منذ ديسمبر (كانون الأول) من عام 2014، محققاً 51.4 بدعم من ارتفاع معدلات الإنتاج ونمو الطلبات الجديدة والمشتريات مع استمرار التعافي بعد انحسار إجراءات كوفيد-19 تدريجاً.

أما التحدي الأكبر أمام القطاع الآن، فيتمثّل في انخفاض نسب السيولة، وهو ما يدفع إلى استمرار تراجع معدلات التوظيف وعدم قدرة الشركات على تعيين موظفين جدد، لكن ذلك ربما يتحسّن بفعل خفض أسعار الفائدة.

وحول إمكانية أن يشهد العام الحالي مزيداً من خفض أسعار الفائدة، تقول السويفي إنه "من المبكر الحكم بذلك". ومن المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية مجدداً في 24 ديسمبر المقبل. وتشير رئيسة البحوث في شركة "فاروس" إلى أنه "من الممكن ألا يتخذ البنك المزيد من الإجراءات في اجتماعه المقبل، ولكن علينا الانتظار لبيان تغيير نسبة التضخم والتدفقات الدولارية أو أي تغييرات عالمية في النمو بسبب كوفيد-19.

وعلى المدى الطويل، يتوقع بنك الاستثمار "رينيسانس كابيتال" خفض أسعار الفائدة بنحو 200-300 نقطة أساس خلال العام المقبل، بما يحفّز الاستثمارات ويجذب الأجنبية المباشرة منها إلى قطاع التصنيع خلال عام 2022، وفق ما كتبه كبير الاقتصاديين العالميين لدى البنك تشارلز روبرتسون في مذكرة بحثية أمس. وتلك التخفيضات من الممكن أن تؤثر في سعر الجنيه الذي ربما يتراجع إلى مستوى 16.5-17 جنيهاً للدولار، بحسب قوله.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد