Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر بين "الغياب" و"الإبعاد" عن مسارات حل الأزمة الليبية

آثرت الصمت حيال المبادرة المغربية ورفضت المصرية بينما دعمت التونسية

مع انطلاق جلسات الحوار الليبي في تونس، بعد جلسات سابقة عقدت في بوزنيقة المغربية والقاهرة المصرية، وفي ظل المؤشرات الإيجابية المحققة حتى الساعة، عاد التساؤل بشأن موقع الجزائر ودورها في حل الأزمة الليبية.
وعلى الرغم من الترحيب الجزائري بجلوس الفرقاء الليبيين على طاولة الحوار في تونس، إلا أن غياب الجزائر كان محط استغراب المتابعين، بخاصة أنه كان يُرتقب ظهورها بعد "إبعادها" من لقاءات المغرب ومصر وسويسرا، بعدما كانت حاضرة بقوة كلما تعلق الأمر بجارتها الشرقية، إلى درجة التلويح بأن "لا حل في ليبيا من دون الجزائر".

بين "الغياب" والحضور

وعن هذا "الغياب"، صرح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إدريس عطية أن "الجزائر غير موجودة في المفاوضات الجارية في تونس، لكن مقاربتها لحلحلة الصراع الليبي حاضرة بقوة، القائمة على التحرك الدبلوماسي من أجل الحفاظ على وحدة ليبيا، ورفض التدخلات الأجنبية العسكرية"، مضيفاً بخصوص نجاح الرباط وتونس في تنظيم جلسات حوار، أن "المغرب لم ينجح وإنما كان يحاول ترميم اتفاق الصخيرات، وحتى في جولاته الأخيرة لم يوفق في الجمع بين الفرقاء الليبيين، وقد تلاعب بقائمة الحضور بشكل خطير، ما دفع الحضور إلى المغادرة، أما تونس فقد كُلفت من طرف الأمم المتحدة، وأعلنت منذ البداية أنها ستلتزم مقاربة الجزائر".
وقال عطية إن "الجزائر لم يتراجع دورها، بل هي تقود من الخلف وتتابع ما تفعل تونس"، مشدداً على أن "الجانب التونسي يقوم حالياً بدور بالتوافق مع الجزائر التي تراقب كل شيء عن كثب، سواء المفاوضات الجارية في تونس، أو اللقاءات العسكرية في سرت، أو حتى تحركات المشير خليفة حفتر". وختم بالقول إن "الجزائر هي اللاعب الأساس".

"سوء تفاهم"

في سياق متصل، يرى متابعون أن "إبعاد" الجزائر عائد إلى "اتهامات" وجهت إليها بمحاولتها فرض مبادرتها ورؤيتها، وهو ما كشفه "سوء" التفاهم بينها والأمم المتحدة، وأكدته تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، حين قال إن "الجزائر لن تعرقل خطة الأمم المتحدة لتسوية الأزمة في ليبيا، لكن لن يحدث أي شيء في هذا البلد من دون موافقة الجزائر، سنفرض أنفسنا للمشاركة في الحل، وإذا لم يشاركونا سنتحمل مسؤولياتنا". وشدد تبون على "وجود صراع دولي في ليبيا، والانحياز إلى طرف أو طرفين يعطي نتائج ظرفية، وعليه فالحل الدائم ينبثق من الشرعية الشعبية حتى لو كانت مؤقتة في البداية، لأن سياسة التعيينات أثبتت فشلها في هذا البلد"، مضيفاً أنه "يبدو أن الأمم المتحدة هي من طلبت من (رئيس حكومة الوفاق) فايز السراج، الاستقالة وربما من آخرين أيضاً، من أجل لم شمل طرابلس وبنغازي والحصول على الشرعية الانتخابية. الأمم المتحدة ليست رافضة للانتخابات والجزائر لن تعرقل خطتها، لأننا نأمل في حل دائم وليس حل أشخاص".

الورطة؟

ويبدو أن الدبلوماسية الجزائرية تورطت في الأزمة الليبية، بعدما واجهت صعوبات ميدانية تتعلق بالانقسام السياسي والاجتماعي الليبي الداخلي، وتشعبات الأزمة وامتداداتها الإقليمية والدولية، إذ صارت ليبيا ساحةً للصراع بين القوى الكبرى على النفوذ في منطقة المغرب العربي والساحل الأفريقي.
كما وضعت الأزمة الليبية مبادئ سياسة الجزائر الخارجية القائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وعقيدتها الأمنية والعسكرية المرتكزة على عدم مشاركة الجيش الجزائري في عمليات عسكرية خارج حدود البلاد، أمام امتحان صعب، يتمثل في التوفيق بين تحقيق مصالحها الأمنية والسياسية والاقتصادية، بمكافحتها للتهديدات الأمنية الناجمة عن الأزمة الليبية من إرهاب وتهريب ومخاطر أمنية واقتصادية وإنسانية، وتأدية الواجب الأخلاقي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


التفكير في المستقبل

في السياق، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية الباحث في الشؤون الأفريقية، مبروك كاهي أن "دور الجزائر حاضر من خلال دعم جلسات الحوار التونسية التي أعلنت عنها الرئاسة والخارجية، ثم إن الأزمة الليبية لم تعد إقليمية بل دولية، وعليه فحلها يكون دولياً وليس من جانب واحد". وأضاف أنه "لا يمكن نكران الجهد الذي تقوم به مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة إلى ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، بعد تمكنها من جمع الفرقاء العسكريين الليبيين في غدامس وسرت"، مشيراً الى أن "الجزائر آثرت الصمت عن المبادرة المغربية ورفضت المصرية ودعمت التونسية، ولا تزال تحتفظ بمبادرتها كحل أخير، في حال فشل كل المبادرات".
وكشف كاهي أنه "لا يمكن استبعاد الجزائر خصوصاً أن حكومة الوفاق تستشيرها، كما أن وجهة نظر الجزائر متطابقة مع وجهة النظر التونسية والإيطالية والتركية، فيما أصيب الطرف الثاني بالارتباك بعد خسارة دونالد ترمب الانتخابات الرئاسية الأميركية، فقد بدأت عملية إعادة الحسابات تماشياً مع متطلبات المرحلة الجديدة، وهو ما يظهر جلياً مع خطة ويليامز"، مبرزاً أن "على الجزائر التفكير في المستقبل مع اقتراب حل الأزمة، وذلك من دون ممارسة رد الفعل وإنما بناء تصور للعلاقات الثنائية".

"ثناء" أممي

وجاء ثناء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على دور الجزائر وإسهامها في التسوية النهائية للأزمة في ليبيا، ليكشف "انتهاء" دور الجزائر، فقد ذكر بيان لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، أن غوتيريش، تقدم خلال جلسة محادثات مع وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، عبر تقنية التواصل المرئي عن بُعد، بالشكر للجزائر، نظير دورها النشط والتزامها التام الإسهام في التسوية النهائية للأزمة الليبية، متمنياً مواصلة الجزائر عملها لصالح ليبيا.

المزيد من العالم العربي