Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريكست: شركات بريطانية تواجه خسارة بواقع 80 مليار جنيه إسترليني 

لا يزال العمل بـ15 اتفاقية تجارية مع بلدان ثالثة بما فيها كندا وتركيا غير ممدد من قبل بريطانيا في حين يبقى أقل من 50 يوما على بريكست

وزير التجارة البريطاني ألوك شارما لدى وصوله إلى مقر الحكومة للمشاركة في اجتماع مجلس الوزراء (رويترز)

تواجه الشركات البريطانية اضطرابات تجارية تصل قيمتها إلى 80 مليار جنيه إسترليني (أي حوالي 105 مليارات دولار أميركي) بسبب فشل بوريس جونسون في أن يمدد العمل في الوقت المناسب بـ15 اتفاقية تجارية مبرمة بين الاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى.

وفي وقت تحظى فيه محادثات المملكة المتحدة مع بروكسل حول صفقة، بمعظم الاهتمام، لا يزال أمام الحكومة البريطانية أقل من 50 يوماً فقط لتوقيع اتفاقيات للتجارة الحرة مع بلدان مثل "المكسيك وسنغافورة وكندا" للحلول محل الاتفاقيات التي لن تعود في متناول المملكة المتحدة في 31 ديسمبر (كانون الأول).

وفي مفاقمة للمناخ المتأزم، كتبت وزيرة التجارة الدولية في حكومة الظل (التابعة لحزب العمال)، إميلي ثورنبيري، إلى وزيرة التجارة ليز تروس مؤخرا، إن الوقت البرلماني المتاح قانوناً للنواب للموافقة على هذه الاتفاقات لن يكون كافياً ما لم تُبرم وتُنشر بحلول 11 نوفمبر (تشرين الثاني).

وكشف تحليل قامت به "اندبندنت" أن الاتفاقات المفقودة – وتشمل أيضاً صفقات مع تركيا ومصر والجزائر – قد تؤدي إلى فرض رسوم جمركية وحصص على ما قيمته 38 مليار جنيه إسترليني (حوالي 50 مليون دولار أميركي) من صادرات بريطانيا و41 مليار جنيه إسترليني (حوالي 53 مليار دولار أميركي) من وارداتها، وهذا من المرجح أن يسبب دماراً لبعض المؤسسات.

وتساوي الفجوة 5.5 في المئة من التجارة البريطانية الإجمالية وقد تمثل ضربة ثانية للشروط التجارية للمملكة المتحدة مع سائر دول العالم، بالتزامن مع الضربة الأولى المتمثلة في مغادرة السوق الموحدة والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي.

وقالت رئيسة قسم أوروبا والسياسة التجارية في "معهد المديرين" Institute of Directors، آلي رينيسون، إن من الحيوي للشركات البريطانية تمديد العمل بهذه الاتفاقات الأخرى.

وأضافت "في حين تبذل الحكومة كثيراً من الجهود من دون جدوى، يجب عدم التقليل من خطورة الاستمرار في عالم مليء بعدم اليقين. فقطاع الأعمال بحاجة إلى أكبر قدر ممكن من الاستقرار التجاري، والبلدان تحمي بشدة الوصول إلى أسواقها، لذلك فتمديد العمل بهذه الاتفاقات يجب ألا يُعتبر أمراً مفروغاً منه".

وتجري الحكومة محادثات لتمديد العمل بالاتفاقات كلها.

وقال ناطق باسم وزارة التجارة "ننظر في الخيارات الممكنة كلها للحفاظ على استمرارية الشروط التجارية الحالية، ونتطلع إلى توقيع اتفاقيات إضافية في الأسابيع المقبلة. ونعمل مع شركائنا لضمان استمرارية اتفاقات موقعة مع البلدان الشريكة، البالغ عددها 52 دولة، وذلك بعد نهاية المرحلة الانتقالية".

ويعتقد العديد من الخبراء التجاريين أن معظم الاتفاقيات لا تزال قابلة للاستبدال في اللحظة الأخيرة.

لكن الاندفاع المحموم للحفاظ على الوضع الحالي في مجال التجارة يتناقض مع تفاخر الحكومة بالشعار الجامح "بريطانيا العالمية" Global Britain المتحررة من ضوابط عضوية الاتحاد الأوروبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وقال كبير الأساتذة في مركز الإصلاح الأوروبي، سام لو Sam Lowe "يبدو الآن أن المملكة المتحدة ستتمكن من تمديد العمل بمعظم الاتفاقيات التجارية المبرمة من قبل الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية العام. ومن بين الاتفاقيات المعلقة، من المرجح إبرام تلك الخاصة بكندا وسنغافورة وفيتنام في الأسابيع المقبلة، لكن تمديد تلك المتعلقة بالمكسيك سيكون مرهقاً".

"وربما أهم اتفاقية معلقة ومن بين الأصعب التفاوض حولها، هي التي تتعلق بتركيا، حيث إن هذه الأخيرة عضو في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، ما يعني أنها لا تستطيع إبرام اتفاقية تجارية مع المملكة المتحدة ما لم يفعل ذلك أيضاً الاتحاد الأوروبي. وإذا افترضنا أن الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة توصلا إلى اتفاقية، فلن يترك ذلك كثيراً من الوقت لترتيب الأمور كلها مع تركيا".

وبلغت قيمة التبادل التجاري بين تركيا والمملكة المتحدة 18 مليار جنيه إسترليني (حوالي 24 مليار دولار أميركي) عام 2019، مما يجعلها من أكبر الحلقات المفقودة في قائمة الاتفاقيات التي يتعين توقيعها. ولا تفوق تركيا من بين البلدان البارزة سوى كندا بـ22 مليار جنيه إسترليني (حوالي 29 مليار دولار)، وتأتي سنغافورة في الرتبة الثالثة بـ17 مليار جنيه إسترليني (حوالي 22 مليار دولار أميركي).

ومنذ التصويت على بريكست، تمكنت الحكومة من تمديد العمل بـ24 اتفاقية تجارية مبرمة من قبل الاتحاد الأوروبي، وتغطي 146 مليار جنيه إسترليني (حوالي 192 مليار دولار أميركي) من التجارة البريطانية، أي 10 في المئة من الإجمالي، وتضم اللائحة بلداناً مختلفة بما في ذلك سويسرا وكوريا الجنوبية.

لكن ألان وينترز التابع لمرصد السياسة التجارية البريطانية UK Trade Policy Observatory في جامعة ساسكس، حذر من أن بعض هذه الاتفاقيات ليس بديلاً مماثلاً تماماً لأنها لا تتضمن الشروط المتعلقة بتجنب التدقيق في "قواعد المنشأ" الخاصة بالواردات، كما لا تتطرق لمختلف اتفاقيات الاعتراف المتبادل.

وقال "هناك أمور ليس في المستطاع فعل أي شيء إزاءها، لأنها تعتمد أساساً على موافقة الاتحاد الأوروبي".

وأضاف "هناك عوائق بسيطة، مقارنة بالوضع السابق، [و] في حالتين قد تكون مهمة"، مشيراً إلى الشركات البريطانية التي تصدر إلى سويسرا والتي قد تواجه تعطيلا بدءاً من 1 يناير (كانون الثاني).

ويشعر الخبراء التجاريون بقلق متزايد من ميل الحكومة إلى تضخيم المنافع الاقتصادية للاتفاقات الممدد العمل بها، إلى جانب منافع الاتفاقات التجارية الجديدة فعلياً.

فحين وقعت ليز تروس اتفاقية تجارية مع اليابان بعد بريكست في أكتوبر (تشرين الأول)، رحبت وزيرة التجارة الدولية بالاتفاقية باعتبارها "لحظة مفصلية لبريطانيا... تبين أن في مقدورنا النجاح كدولة متاجرة مستقلة".

ونوهت وزارة التجارة الدولية أيضاً بالمنافع الاقتصادية للاتفاقية المبرمة مع طوكيو، بما في ذلك الاعتقاد بأنها ستخفض سعر صلصة الصويا للمتسوقين البريطانيين.

لكن التحليل الذي أجراه الخبراء الاقتصاديون في الوزارة نفسها وجد أن الاتفاقية ستعزز الناتج المحلي الإجمالي البريطاني في المدى البعيد بـ1.5 مليار جنيه إسترليني فقط (حوالي 2مليار دولار أميركي)، أو أقل من 0.07 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي البريطاني اليوم.

للإشارة، فإن هذا التقدير مبني على احتمال عدم الوصول إلى أي اتفاق على الإطلاق مع اليابان، بدلاً من تمديد العمل بالاتفاق المبرم بين الاتحاد الأوروبي واليابان عام 2018 والذي تستفيد منه بريطانيا الآن.

وفي حين تعتقد وزارة التجارة الدولية أن نصوص الاتفاقية المبرمة مع طوكيو حول تدفقات البيانات وبعض المجالات الأخرى تمثل تحسناً مقارنة بالاتفاق المبرم بين الاتحاد الأوروبي واليابان، يرى معظم الخبراء مزاعم كهذه غير مقنعة.

ويقول توماس سامبسون الخبير الاقتصادي في مؤسسة البحوث "المملكة المتحدة داخل أوروبا متغيرة" UK in a Changing Europe: "إن الاتفاق مع اليابان شبيه جداً بالصفقة بين طوكيو والاتحاد الأوروبي في معظم القطاعات".

"فحين أُعلن الاتفاق للمرة الأولى، سارع المسؤولون إلى إبراز إيجابيته بخصوص فتح مجال أوسع للمواد الزراعية، وفي ما يتعلق ببعض المؤشرات الجغرافية Geographical Indications، لكن يبدو أن الأمر مبالغ فيه. لقد بذل المسؤولون جهداً أكبر شيئاً ما بخصوص البيانات، لكن من الصعب القيام بتوقعات جديرة بالمصداقية حول ما إذا كان الأمر سيحقق فارقاً كبيراً".

ونصح الخبير الاقتصادي في كينغز كوليدج لندن، هولغر هسترماير، الحكومة بوضع حد للمبالغة حول الاتفاقات الممدد العمل بها، باعتبارها تقدماً مهماً سيحقق منافع اقتصادية إضافية، وطالبوا لندن باعتماد الصراحة بشأن الصعوبات التي ستواجهها الشركات البريطانية والمستهلكون البريطانيون من خلال الاتفاقات التجارية الجديدة في مجالات مثل معايير المواد الغذائية.

وقال هولغر هسترماير "تقوم وزارة التجارة الدولية بعمل جيد في برنامج استمرار التجارة، لكن مهمتها تتعلق بالحصول على ما كان لدينا فقط. فهذه الاتفاقات استمرار لما كان في السابق، ولا تتعلق بإتاحة فرص جديدة".

"متى ستنتهي ضرورة الترويج لبريكست؟ لقد تم بريكست – ولا يمكن إلغاؤه في المستقبل المنظور. فلنناقش بأمانة أين نتجه، وأين نريد أن نتجه؟".

وأفاد بيان حزب المحافظين بأن الاتفاقات التجارية الجديدة بعد بريكست ستسمح "بإثراء أنفسنا" في بريطانيا وأشار إلى طموحات تتعلق بإبرام اتفاقات للتجارة الحرة تغطي 80 في المئة من تجارة المملكة المتحدة خلال السنوات الثلاث المقبلة، تشمل بداية الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا.

لكن تحليل الحكومة البريطانية نفسها عام 2018 وجد أن الاتفاقات مع هذه البلدان من المرجح أن تحقق دفعاً بعيد الأجل للناتج المحلي الإجمالي البريطاني يساوي نحو 0.1 في المئة فقط.

وشرح سامبسون أن منافع هزيلة كهذه كانت نتيجة لقيام المملكة المتحدة حالياً بجزء صغير نسبياً فقط من التجارة مع هذه البلدات مقارنة بقيامها بنصف تجارتها الإجمالية مع الاتحاد الأوروبي، وأن الاتفاقات التجارية الجديدة تميل إلى أن تكون أقل شمولاً من السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي.

وقال "تعني هذه الأمور أن الآثار المجمعة ستكون صغيرة بغض النظر عن النموذج الذي تخضع له".

وقالت السيدة رينيسون من "معهد المديرين" إن أولوية الأعمال ليست إبرام اتفاقات جديدة بل الحفاظ على الاتفاقيات الموجودة.

وقالت "يعتبر معظم مديري الشركات أن اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي هي على رأس أولوياتهم التجارية لكنهم يصنفون الاستمرارية مع شركاء تجاريين آخرين على أنها أكثر أهمية من الاتفاقات التجارية الجديدة، ولا سيما في مجال التصنيع مع دول مثل تركيا (مثلا) التي تستفيد من معاملة تفضيلية (مع دول الاتحاد) منذ فترة طويلة من خلال الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي".

وبموجب قانون الإصلاح الدستوري والحكم لعام 2010، يتعين عرض المعاهدات الدولية على البرلمان لمدة 21 يوم عمل قبل التصديق عليها. وقالت السيدة ثورنبيري، في رسالتها إلى ليز تروس، إن مكتب مشاريع القوانين العامة في البرلمان أبلغ حزب العمال بأن مجلس النواب من المقرر أن ينقطع عن العمل للاحتفال بعيد الميلاد بدءاً بـ17 ديسمبر، لذلك فإن 11 نوفمبر هو آخر يوم يمكن فيه تقديم الاتفاقات مع احترام الحد الأدنى من التدقيق لـ21 يوماً.

لكن قانون الإصلاح الدستوري والحكم ينص أيضاً على السماح بتدقيق أقصر في "حالات استثنائية".

وقالت السيدة ثورنبيري للسيدة تروس في رسالتها "ما يجعل هذا الوضع السيئ والمخزي أسوأ هو أننا عندما ننظر إلى طول الوقت الذي كان على إدارتكم أن ترسل فيه هذه الاتفاقيات، وتضمن التدقيق البرلماني السليم، وتحمي تجارتنا الحرة المستمرة، نجد أن تجنب هذا الوضع كان ممكناً".

© The Independent

المزيد من اقتصاد