Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب يراهن على التصنيع المحلي لانعاش اقتصاده في ظل أزمة وباء كورونا

تسعى الرباط إلى الحد من عجز الموازنة وخلق وظائف جديدة تخفض معدل البطالة

حقق المغرب اكتفاءً ذاتياً من الأقنعة الواقية المصنعة محلياً كما يصدر كميات منها (رويترز)

عمل المغرب خلال السنوات الأخيرة على دعم الصناعة المحلية، بهدف توفير ملايين الدولارات التي تُصرف في صفقات استيراد منتجات عدة. ويتجه هذا البلد نحو حصر المنتجات التي يقدر على إنتاجها ومنع استيرادها، إضافة إلى حصر الصفقات العمومية بالصناعة المحلية، في إطار خطة الإنعاش الاقتصادي التي فرضتها تداعيات جائحة كورونا.

ضرورة دعم الصناعة المحلية

ويقول الباحث الاقتصادي رشيد ساري إن "المغرب كما هو حال دول أخرى، مطالَب بتشجيع الإنتاج المحلي أمام استفحال أزمة كورونا، وتأثيرها في جلب العملة الصعبة، في الوقت الذي تراجعت فيه الصادرات في مجموعة من القطاعات إلى أكثر من 80 في المئة". وأضاف أن "تركيبة الاقتصاد المغربي، الذي يعتمد على صناعات السيارات والسياحة والفلاحة، تضع الرباط أمام خيار واحد، يتمثل في استيراد مواد الطاقة والمستلزمات الطبية والحبوب، لأن الموسم الفلاحي الحالي عرف عجزاً قُدِّر بـ 68 مليون قنطار. كما تضررت العائدات من العملات الأجنبية بشكل كبير، مما اضطُر البلاد إلى تحرير خطها الائتماني من العملة الصعبة في حدود ثلاثة مليارات دولار".
ورأى "ضرورةً في تشجيع المنتَج المحلي، للحد من عجز الموازنة، وخلق فرص عمل جديدة تمكن من خفض معدل البطالة الذي وصل إلى أكثر من 12 في المئة، وهو رقم قياسي"، مؤكداً أن "التوجه نحو الاستيراد يجب أن يكون للضرورة القصوى، وعلى المنتَج المحلي أن يكون ذا جودة عالية".

استرجاع مناصب الشغل

من جانبها، أكدت الحكومة المغربية أن سياستها المعتمدة للحد من تداعيات كورونا في المجال الصناعي بدأت تثمر، إذ قال وزير الصناعة والتجارة حفيظ العلمي أمام مجلس النواب، إنه تم استعادة 93 في المئة من الوظائف في قطاع الصناعة خلال يوليو (تموز) الماضي، و100 في المئة بالقطاع الصيدلي و97 في المئة في قطاع السيارات، و92 في المئة في النسيج والجلد.

وأكد العلمي أن "الاستراتيجيات التي اعتمدتها الحكومة أعطت نتائج جيدة بفضل المنظومات الصناعية، كما تمّ بلوغ الأهداف المسطَّرة لعام 2020، خصوصاً ما يتعلق بخلف فرص عمل، إذ استُحدث أكثر من خمسة آلاف وظيفة"، مشيراً إلى "التداعيات الكبيرة للجائحة على الصعيد الدولي، ما أثر في الاقتصاد المغربي الذي يرتبط بشكل كبير بالاقتصادات الأجنبية".

صنع في المغرب

وكان المغرب أعلن في وقت سابق خلال الجائحة عن تصنيع جهاز تنفس اصطناعي، بانتظار المصادقة على مدى مطابقته للمعايير المعتمدة. وقال وزير الصناعة إن "المشروع وصل إلى مراحل متقدمة، ويوجد لدى وزارة الصحة لتتبع التدابير والمراحل، وذلك بهدف أن يكون جاهزاً في الأسواق قريباً"، مشيراً إلى "تصنيع 500 جهاز تنفس اصطناعي. ويمكن للشركة المصنّعة أن تجهّز 1000 جهاز خلال أسبوع. كما حققت البلاد اكتفاءً ذاتياً من الأقنعة الواقية المصنعة محلياً، وتصدرها الآن إلى بعض الدول، من بينها فرنسا".

كما أصبح المغرب مصنّعاً للسيارات، إذ فاق الإنتاج المليون سيارة. وكان تقرير لوكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، اعتبر أن الرباط "تشكل استثناءً" بالنظر إلى ما يعانيه القطاع عالمياً، بسبب التداعيات السلبية لوباء كورونا. وأكد التقرير أن المملكة المغربية "لا تزال من بين الأسواق الأكثر جاذبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك من حيث خلق فرص الإنتاج على الرغم من الأزمة العالمية، إذ حصلت على أعلى نتيجة من حيث نمو إنتاج السيارات بلغت 83.9 من أصل 100 نقطة".

تسريع التنمية الصناعية

وأطلقت الحكومة المغربية خطةً لتسريع التنمية الصناعية (2014 - 2020)، باعتبار أن "الرباط توجد على طريق الانفتاح والتقدم بفضل اختياراتها الاستراتيجية في مجال التنمية، ووضعت استراتيجيات قطاعية هادفة سيكون من شأنها تسريع دعم هذا التوجه، إذ التزم المغرب في توجهه هذا باتباع دينامية نمو تعززت بقوة منذ انطلاق مخطط إقلاع، وتوقيع الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي في 2009".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويمكن تسجيل إنجازات بارزة خصوصاً في خلق آلاف الوظائف، وزيادة صادرات صناعية بنسبة 22 في المئة، وتطور ملحوظ في البنيات التحتية، واستقرار شركات رائدة في الصناعة العالمية بالبلاد، مما رفع الاستثمارات المباشرة الخارجية إلى 23 في المئة كنسبة سنوية متوسطة منذ عام 2009. ومكّنت هذه الإنجازات المغرب من البروز على الخريطة العالمية كوجهة صناعية ذات صدقية وتنافسية عالية، بحسب معطيات وزارة الصناعة والتجارة المغربية التي تأمل في رفع حصة الصناعة من الناتج المحلي الخام بتسع نقاط، من 14 في المئة إلى 23 في المئة خلال عام 2020.

بنك المشاريع

وأطلقت الحكومة المغربية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي آلية بنك المشاريع، التي تعتبر إحدى لبنات استراتيجية الإنعاش الصناعي لمرحلة ما بعد الجائحة. وتأمل الحكومة أن تشكل تلك المشاريع تعويضاً للواردات التي تكلف خزينتها 10,2 مليار درهم، في حين يشكل اعتماد 500 مشروع، فرصةً للمغرب لتعويض واردات بحدود 34 مليار درهم (3.7 مليار دولار أميركي).
وأكد العلمي أن "الفرص التي يتيحها البنك تتحول اليوم إلى مشاريع مستحدِثة لفرص العمل، ومولِّدة للقيمة المضافة، ومن شأنها تعزيز النسيج الصناعي المغربي، عبر إحداث مهن في خدمة السوق المحلية والتصدير".

ووقعت وزارة التجارة والصناعة ثماني اتفاقات في قطاع الصناعات الغذائية، لإنجاز مشاريع استثمارية بقيمة 620 مليون درهم (67 مليون دولار)، ستسمح باستحداث 1630 وظيفة جديدة، وتحقيق رقم معاملات إضافي يُرتقب أن تزيد قيمته على 914 مليون درهم (99 مليون دولار) خلال عام 2023. وتتعلق هذه المشاريع بإنجاز وحدات صناعية إنتاجية خاصة بالصناعات الغذائية.

وأبرمت في قطاع النسيج والجلد أربع مذكرات تفاهم واتفاقين، بقيمة استثمارية تبلغ نحو 220 مليون درهم (23 مليون دولار)، وستسمح هذه المشاريع التي تهدف إلى إنجاز وحدات تصنيع منتجات مختلفة، مثل نسيج الألبسة ومنتجات التنظيف غير المنسوجة وخيوط النسيج، بخلق 1350 منصب عمل جديد، وتحقيق رقم معاملات تزيد قيمته على 354,944 مليون درهم (38 مليون دولار).

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد