Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"التوأم" علاقة تبدأ في الرحم وتبقى الأمتن على مدى الحياة

عائلات التوائم تعيش حالات فريدة من الحب المضاعف والعناية والاهتمام المزدوجين

ايميه صياح وتوأمها تيو وكيلي (اندبندنت عربية) 

سناء ووفاء، عينان خضراون، شعر أسود قصير متجعد، طول واحد، تلبسان جاكيت موحد باللون الأزرق فوق المريول المدرسي. وهما في صف مدرسي واحد، قلائل هم الطلاب الذين يميزون بينهما، وقد أجادتا هذه اللعبة، التي لطالما كانت مصدر تسلية لهما في الحي والمدرسة وبين الأقارب. حتى أن والدتهما وهي أم لـ7 آخرين، كانت لا تنتبه إذا لم تدقق في ملامحهما، وكانتا تخدعانها مراراً وتكراراً، خاصة عن بعد.

كانت سناء أكثر اجتهاداً في المدرسة، وكثيراً ما اضطرت إلى تلاوة الأمثولات الشفهية أمام الأساتذة مرتين. وكان الطلاب يتواطؤون معهما، فيلهون الأستاذ أو المعلمة لتتبادل وفاء وسناء أماكنهما بسرعة البرق.

المتطابق والمختلف

ليس كل التوائم متشابهة هكذا. فالتوأم المتماثل أو المتطابق، كحال وفاء وسناء، ناتج عن انقسام بويضة واحدة ملقحة، وغالباً ما يكون التشابه كبيراً، وكذلك الشيفرة الجينية وفئة الدم، بينما التوأم المختلف فينتج عن تلقيح بويضتين أو أكثر، ويحدث ذلك، إما لأسباب وراثية أو تناول أدوية أو تلقيح صناعي، وقد يصل إلى ستة توائم في بعض الأحيان.

وتوجد حالات مختلفة قد ترافق الحمل بتوأم، مثل "متلازمة التوأم المتلاشي" التي تحدث في أسابيع الحمل الأولى وهي عبارة عن "إجهاض تلقائي" يختفي فيها جنين أو أكثر، إذ يمتص بواسطة الجنين الآخر أو المشيمة.

ويوجد حالات توأمين ملتصقين يتشاركان الجسد ذاته، أو جزءاً منه، برأسين متباعدين أو متحدين. وهي حالات قليلة في العالم، بعضها يمكن فصله من خلال عمليات جراحية، بينما يكون بعضها الآخر خطراً، قد يفقد خلالها أحد التوائم أو كلاهما حياته.

منذ النبضة الأولى يلتقي التوائم في رحم الأم. وتذكر بعض الدراسات أنهما يشعران ببعضهما البعض، وترفض فكرة تواصلهما المبكر في المشيمة. ولكن ما أن يبصرا النور حتى يتلازما ويشكلا فريقاً صلباً، ويصبحا توأماً بالروح أيضاً في أغلب الأحيان.

أم لتوأم، وأب لثلاثة توائم، وأخ توأم يشاركون "اندبندنت عربية" قصصهم.

نعمة مضاعفة

مقدمة البرامج والممثلة اللبنانية إيميه صياح التي تعيش في دبي، وأصبحت أماً للمرة الأولى منذ نحو 10 أشهر لتوأم، صبي وبنت سمتهما تيو وكيلي، تقول، إنها في اللحظات الأولى لمعرفتها أنها حامل بتوأم "كانت الفرحة فرحتين، والنعمة نعمتين". لم تفكر بالخوف والهواجس، ولم تستوعب في البداية ما ينتظرها. ومع التحضير وقرب موعد الولادة بدأت تستشعر المسؤولية الآتية وصعوبتها، ولكن الفرح والامتنان كانا مسيطرين على الجو العام.

وفاجأت إيميه جمهورها ومتابعيها بصور توأمها، إذ لم تذكر أنها تحمل توأماً إلا للعائلة ثم للأصدقاء المقربين، قبل الولادة. وقالت إن الحمل لم يكن سهلاً بل متعباً ومزعجاً طوال الوقت، وإنها خلال الفترة القليلة التي ارتاحت فيها، كانت تعمل على التحضيرات وشراء الحاجيات. عند الولادة كان أهلها معها. وكانت هي وزوجها فريد نجار المسؤولين عن كل التفاصيل، وكذلك أمها التي لم تتركها. لكن إيميه تقر بأن شعور التملك تجاه الطفلين سيطر عليها، فلم تكن ترضى أن يقوم أحد بأي شيء لهما. إلا أن هذا متعب جسدياً وعقلياً باعترافها. لكن لأنها بطبعها تحب الكمال في كل شيء، كانت تريد أن تفعل كل شيء بيدها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولأنها أنجبت أثناء إقفال البلاد بسبب انتشار فيروس كورونا بقيت هي وزوجها مع التوأم طوال الوقت، إذ إن "فريد لم يسافر كعادته للعمل، وكل مشاريع التصوير في عملي كان مؤجلة". وعلى الرغم من عدم الخروج وإبقاء التوأم داخل المنزل طوال الوقت وعدم ملامستهما الشمس والهواء، ولا رؤية وجوه جديدة، ما قد يؤثر على نموهما وتفاعلهما مع الحياة، فإنها تشعر أنها كانت بمثابة إجازة أمومة وأبوة طويلة زادت من اللحمة والترابط بين أفراد العائلة الأربعة.

وبسبب كون التوأم، صبياً وبنتاً، كان التسوق ممتعاً بالنسبة لصياح، فكان عليها أن تختار ما يليق بهما معاً في الأسلوب (style) والجو العام مع الاختلاف في الألوان.

أما بالنسبة للمصاريف الأخرى، فيستهلك التوأم بطبيعة الحال الأمور مضاعفةً، وتقول إيميه "أفتح علبة الحليب صباحاً، وتفرغ بعض الظهر، أما الحفاظات فأشتريها بكميات هائلة".

"رأسي تضاعف"

ولأنها أم للمرة الأولى ولتوأم، تقول إنها بدأت تفكر بكل شيء مزدوج، سريرين، كرسيين، صحنين إلخ... وتضيف "رأسي يعمل بطريقة مزدوجة. كل شيء جديد علي، لم أستوعب في البدء ماذا أشعر، وماذا أرى، وماذا أفعل".

أما الاستيقاظ ليلاً ففيه تحد كبير، فالتوأم ينامان في غرفة واحدة، وبالتالي قد يوقظ أحدهما الآخر، لذلك تسارع إيميه عند استيقاظ أحدهما إلى نقله بسرعة إلى مكان آخر. وأشارت إلى أن جعل أوقات نومهما متشابهة على الرغم من محاولتها ليست عملية سهلة أبداً، فالمفاجآت دائماً بالانتظار ليلاً ونهاراً.

وتخبر إيميه أن علاقة الطفلين مذهلة، فهما يسليان بعضهما البعض ويلعبان "حتى أنهما يتواصلان بأصوات وبنغمات طويلة كأنهما يتحدثان بلغة لا نفهمها. وفي حال استيقظ أحدهما، ولم يجد الآخر نشعر أنه يبحث عنه وأنه ضائع، وتعود ابتسامته ما إن يراه".

لا تجد إيميه كلمة لوصف مشاعرها "فلا كلمة حب وعشق وغرام وأي كلمة أو تعبير في العالم، يمكن أن أجدها كافية لوصف مشاعري تجاههما".
 


جرحت يدي كي لا يحزن

في المقابل، يشعر المحامي نادر قبلان (40 عاماً) أن علاقته بتوأمه محمد كأنها علاقة مع نفسه. ويقول إنهما لا يتشابهان بالشكل، ولكن طريقة تفكيرهما ومواقفهما وآرائهما متطابقة "كان يكفي أن يسأل واحد منا عن أي أمر ليجيب عن الاثنين"، على حد تعبيره.

أمضى نادر ومحمد طفولتهما إلى جانب أخوين آخرين و4 أخوات، ويجتمعان بالعائلة دائماً، ولكن علاقتهما مميزة إلى حد انعكاسها على عائلة كل منهما. فحتى زوجتاهما متقاربتان ومثلهما الأولاد.

وكان نادر يتمنى لو أنجب توأماً بسبب النموذج الجميل في علاقته بتوأمه، ويقول إن زوجته لبنى كادت "تجن" حينها بسبب المسؤولية الكبيرة. ويخبر أنه عندما اشترى سيارة وكانا يخرجان، لم يكن محمد يسأله إلى أين ومتى نعود ولا يضع شروطاً مثل باقي إخوته، فهما متناغمان جداً. أما عن طفولتهما فيقول إنهما قضيا وقتهما معاً، "نادراً ما ارتدينا الثياب ذاتها، ولأننا لا نتشابه في الملامح الخارجية كان الجميع يتعرف علينا بسهولة، ولطالما شعرت أننا شخص واحد في نسختين بسبب تطابق تفكيرنا".

ومن قصص الطفولة يذكر نادر أنه في مرحلة المدرسة الابتدائية، جرح محمد نفسه بقلم الرصاص "فكان رد فعلي أن قلت له فوراً: حبيبي ما تزعل (لا تحزن)، ومسكت القلم وأدخلت الرصاص بيدي مثله وما زالت آثارها حتى اليوم".



كل أسبوع ولد!

في سياق آخر، قرر الطبيب المصري طارق علي، الذي يعيش في الولايات المتحدة منذ 5 سنوات، في عمر الـ34، وكانت زوجته السابقة في عمر 32، أن ينجبا أطفالاً، وبسبب وضع صحي معين لجآ إلى التلقيح الصناعي.

ويخبر طارق أنه "في الزيارة الأولى، قال الطبيب مبروك، وإن الحمل نجح من دون أي تفاصيل. أما في الأسبوع الثاني، فقال مبروك لديكما توأم". وأضاف طارق، أنه صدم لأنه احتاج لفترة للتعود على فكرة أن يصبح أباً فكيف أبا لتوأم. إلا أنه وبعد أسبوع آخر، قال الطبيب إن لديه خبراً جيداً وآخر سيئاً. فسألاه عن الخبر الجيد، فأجاب بأن التوأم بصحة جيدة. أما عن الخبر الآخر فرد أنه "ليس سيئاً تماماً، ولكن يوجد جنين آخر ما جعل المجموع ثلاثة". فأجاب طارق مازحاً، إنه لن يزور الطبيب لاحقاً، "إذ قد يظهر طفل إضافي في كل أسبوع".

ويروي أن حمل زوجته كان جيداً على الرغم من انزعاجها من ضغط الدم العالي، وأن الأطفال ولدوا قبل أوانهم، وبقوا لفترة في العناية المركزة في قسم التوليد. في الفترة الأولى بعد الولادة، وظف طارق مساعدة يومية وممرضة ليلية في المنزل، وكان يقسم وزوجته وقتهما للاهتمام بالثلاثي. وأضاف أن "خزانة كاملة كانت مخصصة فقط للحفاضات، وكل احتياجات الأطفال كانت مضروبة في ثلاثة وما زالت".

وأشار طارق إلى أن الأولاد الذين يبلغون 4 سنوات من عمرهم اليوم، "لا يشبهون بعضهم، لا في الشكل ولا في الشخصيات. لكل منهم طبعه الخاص. صوفيا عاطفية وحنونة، كاميليا جريئة ومشاكسة، وآدم المسكين يتبع خطوات كاميليا". ولفت إلى أن الأطفال الثلاثة يغارون من بعضهم البعض، ويتنافسون للحصول على الاهتمام والوقت من الأهل، "أحياناً كاميليا لا تحتاج لأن أمضي الوقت معها، في حين أن صوفيا تكثر من الأسئلة لجعلي أقضي معها وقتاً أطول، وتمطرني بأحاسيسها وتعبيرها عن الحب".

ويقول، إنه يرى بحسب تجربته أن التوأم، الثنائي أو الثلاثي، لا يحتاجون إلى كثير لملء وقتهم لأنهم يلعبون مع بعضهم البعض ويكتفون ببعضهم، ولا يطلبون الذهاب لزيارة أطفال آخرين طوال الوقت.

أما في عملية شراء الثياب، فيعتبر طارق أن ذلك سهل من ناحية المقاس لأن العمر هو ذاته، أما السلبي في الأمر، فهو أن الأطفال يكبرون معاً، فلا تترك الثياب للولد الأصغر، مثلما يحدث عادةً مع الأطفال من أعمار مختلفة.

ويحرص طارق في عيد ميلاد أطفاله، على جلب هدية مختلفة لكل منهم. وكما لا يجعلهم يرتدون ذات الثياب كي لا يبدوا نسخاً متشابهة، ولتنمية شعورهم بالفرادة والتميز والإبداع. وأضاف أن الأولاد يمضون معه 3 أيام في الأسبوع، و4 مع أمهم حالياً. وفي الأيام الخاصة به، يتفرغ لهم ويقضي وقتاً جيداً معهم، بينما يتفرغ في الأيام الأخرى لنفسه واحتياجاته وتنمية ذاته.

المزيد من منوعات