Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مناظرة ترمب - بايدن الأخيرة أكثر هدوءا وتنظيما فمن ربحها؟

خبراء يستبعدون تغييراً ملحوظاً في السباق الانتخابي بعد هذه المواجهة

مع إدراكهما أنها الفرصة الأخيرة لعرض مواقفهما من القضايا الشائكة أمام جمهور واسع متباين التوجهات على مستوى الولايات الأميركية الخمسين، قدم الرئيس دونالد ترمب والمرشح الديمقراطي جو بايدن في مناخ اتسم بالهدوء والنظام، حججهما النهائية للناخبين في المناظرة الرئاسية الثانية والأخيرة في مدينة ناشفيل بولاية تينيسي، قبل 12 يوماً فقط من يوم الانتخابات، فمن ربح هذه المناظرة، وهل من تغيير متوقع في السباق الانتخابي بعد المناظرة؟

هدوء ونظام

لا شك أن المناظرة الأخيرة كانت أكثر تنظيماً من المرة الأولى التي التقى فيها المرشحان في سبتمبر (أيلول) الماضي، إذ لم يقاطع أحدهما الآخر سوى مرات قليلة، في ظل ضوابط أكثر صرامة على وقت التحدث وكتم الصوت في الدقيقتين الأوليين، في حدث استمر 90 دقيقة وتميز بمقاطع مدتها 15 دقيقة، شملت ملفات السياسة الخارجية والاقتصاد والعرق وتغير المناخ ومكافحة فيروس كورونا وأسلوب قيادة البلاد.

وبينما كانت المناظرة أكثر فائدة للمشاهدين الذين أرادوا أن يشاهدوا ترمب وبايدن على منصة المواجهة للمرة الأخيرة قبيل الانتخابات، يتناولان كل القضايا في مناظرة رئاسية حقيقية وموضوعية سيطرت جائحة كورونا على بدايتها، إلا أن المناظرة تركت انطباعاً في النهاية يماثل الانطباع الذي خلفته المناظرة الأخيرة بين ترمب وهيلاري كلينتون عام 2016، عندما كان ترمب أكثر انضباطاً، وكانت تلك نقطة تحول مفصلية بالنسبة له مع الناخبين المحافظين الذين وقفوا على الحياد قبل أن ينتخبوه في النهاية ويصل إلى البيت الأبيض.

فرصة جيدة لترمب

ففي هذه المناظرة الموضوعية والمتوازنة إلى حد بعيد، لم يفقد ترمب رباطة جأشه، ما قد يطمئن بعض الناخبين المغرمين بسياساته على الرغم من طباع سلوكه وتعليقاته التي سيطرت عليه في بعض الأحيان خلال المناظرة.

وتعتبر إليزابيث دايز المحللة السياسية في صحيفة "نيويورك تايمز" أن المناظرة ليلة سعيدة بالنسبة للرئيس ترمب، بفضل الصمت القسري لزر كتم الصوت وربما أيضاً بسبب انضباطه الذاتي، وسط كثير من المواجهات المنطقية والسياسات المتباينة، على الرغم من التشتيت والمعلومات الخطأ التي قدمها كل من المرشحين، خصوصاً فيما يتعلق بخطر فيروس كورونا.

ونجح ترمب، المتراجع في استطلاعات الرأي والذي يحتاج بشدة إلى تغيير دفة السباق الانتخابي في آخر فرصة فردية له، في تسجيل لحظات قوية ضد خصمه بايدن حين دافع عن سجله بشأن جائحة فيروس كورونا، بينما انتقد بايدن لفشله في العمل على مجموعة متنوعة من المقترحات الديمقراطية أثناء توليه منصب نائب الرئيس، محذراً من أن الأولويات الديمقراطية بضرورة إغلاق الأعمال خلال الجائحة ستعيق الاقتصاد.

مزايا التحكم الذاتي

وعلى الرغم من تعرضه لبعض الهجمات الحادة، كان ترمب أكثر اعتدالاً وتحكماً في نفسه بعد أن أدت التلاسنات والشتائم المتبادلة في إبعاد العديد من المشاهدين في المناظرة الأولى، مع أن صفاته الترمبية طغت عليه بضع لحظات حين شن هجوماً ضد بايدن باعتباره سياسياً قديماً، مما يتوقع أن يكون له صدى لدى العديد من مؤيديه الذين يرونه مقاوماً لمستنقع الفساد السياسي في واشنطن، في حين سيكون من الصعب على بايدن بعد ما يقرب من خمسة عقود في السياسة، أن يقدم نفسه باعتباره قائداً لتيار التغيير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفيما تصور حملة بايدن هذا السباق باعتباره استفتاء على قيادة ترمب، كرر الرئيس ما فعله عام 2016، حين صور نفسه على أنه رجل أعمال غير منخرط في الفساد السياسي، بينما صور خصمه بايدن على أنه سياسي فاسد.

مكاسب وخسائر

وتقول سوزان ميلساب أستاذة الاتصال الجماهيري في جامعة أوتيربين، إن ترمب كان فعالاً في إثارة بعض النقاط التي أراد طرحها، وتشابه جزء من خطابه مع مسيراته الانتخابية، وتمكن من الإجابة على مجموعة واسعة من القضايا التي كان يربطها دائماً بالاقتصاد وتنشيط قطاع الأعمال، حتى فيما يتعلق بالسياسات العرقية في البلاد وهو ما يفضل مؤيدوه الحديث عنه.

بالنسبة للتوقعات، فقد فاز ترمب كما يقول جاكوب طومسون أستاذ الإعلام في جامعة نيفادا، على اعتبار أن أداءه كان أفضل بكثير مما كان عليه في المناظرة الأولى، كما أنه أبلى بلاء حسناً في كبح جماح أعصابه، ونجح في تعكير صفو المياه لبايدن من خلال طرح أسئلة شخصية، مما يمثل خطاباً مؤثراً لقاعدة ترمب الجماهيرية.

لكن الرئيس فشل في مخاطبة الجماهير من غير قاعدته حسب طومسون، وكانت محاولاته إثارة التعاطف جوفاء فيما يخص إجابة بايدن حول عزمه التخلص التدريجي من صناعة النفط.

مصادر قوة بايدن

أما من حيث الجوهر والأسلوب، فقد كان أداء بايدن أفضل، حيث تحسن أداؤه منذ المناظرة الأولى بالمقارنة مع ترمب، من حيث استخدامه نبرة تعاطفية مرات عدة وتصوير نفسه كرئيس سيعمل على توحيد البلاد، وتصريحه حول أهمية الابتعاد تدريجياً عن الوقود الأحفوري.

وليس من المستغرب أن يقدم بايدن وترمب رؤيتين مختلفتين بشكل كبير حول معالجة قضية التغير المناخي، إذ اعتبر بايدن أنه تهديد وجودي للبشرية، بينما فسر ترمب سبب قراره بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية المناخ، وهو إنقاذ الاقتصاد الأميركي الذي كان سيتكلف تريليونات الدولارات.

وعلى الرغم من انحراف بايدن عن مسار الإجابة في مواضيع عدة وهو ما ضبطه ترمب متلبساً، فإن بايدن كان الأقوى فيما يتعلق برؤيته لفترة ولايته في حال فوزه بالانتخابات.

وقدم نفسه كرجل يمتلك خططاً محددة سواء فيما يتعلق بمرض كوفيد-19 أو بالنسبة للاقتصاد، والرعاية الصحية أو في قضية العدالة العرقية، في حين كان ترمب في حيرة من أمره عند مناقشة قضية مئات الأطفال الذين فصلتهم إدارة الهجرة والحدود عن والديهم.

إفشال إستراتيجية ترمب

في حين أن إستراتيجية ترمب المتمثلة في الحد من مقاطعة الخصم والسماح لبايدن بالتحدث بشكل أكبر على أمل أن يرتكب نائب الرئيس السابق زلة لسان أو تعثراً في الكلمات كانت إستراتيجية سليمة، غير أن بايدن لم يرتكب خطأ فادحاً ينتظره ترمب من أجل تغيير دفة السباق.

بالنسبة للناخبين الذين ما زالوا يحاولون حسم رأيهم، كانت تلك هي المرة الأولى التي يشاهدون فيها بايدن في موقف يواجه فيه بتحديات كثيرة ويحاول عرض قضيته مباشرة أمام الرئيس ترمب، ولهذا اتبع بايدن سياسة تحويل أرض المعركة إلى الخصم. فعلى سبيل المثال حينما شن ترمب هجوماً على بايدن ونجله هانتر بقوة واتهمهما بالفساد، لم يهتز بايدن وشن هجوماً معاكساً وسريعاً بشأن ملف الرئيس ترمب الضريبي والحساب المصرفي له في الصين.

وعلى الرغم من أن هجمات ترمب ضد بايدن حول مشروع قانون الجرائم، يمكن أن يساعد في تقويض شعبية بايدن مع بعض الناخبين السود، فإن الزعيم الديمقراطي كان قوياً بقدر كبير في إستراتيجيته لتحويل دفة النقاش ووضع خصمه الجمهوري في موضع الدفاع، مما يبدد الشكوك حول حدة قدراته العقلية.

أكثر من ذلك أن بايدن تمكن من صوغ السباق على أنه فرصة لانتخاب رئيس جديد من شأنه أن يوحد دولة منقسمة بشدة، وهو أمر يؤلم كثيراً من الأميركيين.

هل من تغيير في السباق؟

لم يتضح بعد التأثير المباشر للمناظرة الأخيرة على آراء الناخبين وخصوصاً المترددين منهم الذين لم يحسموا أمرهم، وعلى الرغم من قلة عددهم وتأثيرهم وسط حالة استقطاب هائلة بين أنصار ترمب ومؤيدي بايدن، فضلاً عن تصويت عشرات الملايين بالفعل في صناديق الاقتراع، فإن غالبية المراقبين يرون أن خطاب ترمب ربما لا يكفي لتغيير دفة السباق بشكل ملحوظ.

وتمثل أكبر تحول خطابي من الرئيس ترمب، في أنه توقف عن الحديث عن الاضطرابات وأعمال العنف والشغب، وأنه رجل القانون والنظام في معرض خطابه عن قضية المساواة العرقية وحركة حياة السود مهمة، فقد تخلى ترمب عن هذه الحجة، ربما بسبب استطلاعات الرأي التي تظهر أن بايدن أكثر تأييداً من الناخبين الذكور السود مقارنة ببقية المرشحين الديمقراطيين.

الهجرة والقيادة

ولعل قضية الهجرة التي حلت في نهاية المناظرة، في أعقاب الأخبار التي تفيد بأن مئات الأطفال الذين تم فصلهم عن آبائهم لا تتوافر بيانات عن أسماء والديهم، أسهمت في خفض سقف التوقعات في إحداث تغيير في السباق الانتخابي، نظراً لكونها إحدى أكثر القضايا إثارة للقلق في البلاد، فيما كان السياسيون يصفون على مدى عقود ملف الهجرة بأنه أمر ملح يحتاج إلى معالجة في هذه المرحلة.

كما شكل السؤال الأخير للنقاش تناقضاً صارخاً بين المرشحين حين سئل كلاهما عما سيقولانه للشعب الأميركي عند التنصيب للرئاسة، ففي حين قال ترمب، إن النجاح الاقتصادي سيوحد البلاد، محذراً من أن ذلك لن يحدث في عهد بايدن، تحدث نائب الرئيس السابق مباشرة إلى الأميركيين حول كيف سيكون رئيساً للجميع.

وعلى الرغم من أن هذه الليلة مرت بهدوء، لكنها لن تكون المرة الأخيرة التي يستمع فيها الناس لكلا المرشحين قبل يوم الانتخابات، ومع ذلك ستظل جوانب المناظرة تحت المجهر خلال الأيام القليلة المقبلة بما في ذلك أداء كريستين ويلكر مذيعة ومراسلة قناة "إن بي سي" التي أدارت المناظرة، والتي اعتبرها البعض أفضل في ملاحقة المرشحين والإصرار على الإجابات من كريس والاس مذيع شبكة "فوكس نيوز" الذي أدار المناظرة الأولى، على الرغم من اتهامها من الإعلام المؤيد للرئيس ترمب بأنها قاطعته أكثر من بايدن، وأن أسئلتها كانت لينة مع نائب الرئيس السابق مقارنة بأسئلتها الحادة مع الرئيس ترمب.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات