Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استعادة البرية 30 في المئة من أراضي العالم قد توقف الانقراض

الهدف 30x30 "حاسم" في الحيلولة دون فقدان الأنواع الحيوية وانهيار المناخ بشكل "يخرج عن السيطرة"

دراسة جديدة تؤكد على ايجابيات ترميم النظم البيئية على مستوى العالم (غيتي)

إبان الشهر الماضي، تعهَّد القادة السياسيون من 64 دولة حول العالم بالسعي إلى "عكس مسار خسارة التنوع البيولوجي" خلال العقد المقبل عن طريق تأمين الحماية لـ30 في المئة من الأراضي والمحيطات بحلول عام 2030.

ويتمثل الهدف 30x30 في الحفاظ على الأراضي ومجاري المياه والبحار من أجل حماية العالم الطبيعي ومكافحة الأزمة المناخية.

ووفقاً لدراسة حديثة ذات صلة، يمكن لإصلاح 30 في المئة من النظم البيئية المتدهورة وإعادتها إلى حالتها الطبيعية أن يُحدثا تأثيراً ضخماً، سواء لإنقاذ أعداد كبيرة من الأنواع الحيوية، أو لتقليص مستويات ثاني أكسيد الكربون (غاز من غازات الدفيئة السامة) في الأجواء.

نحو 27 باحثاً من 12 بلداً أسهموا في إعداد هذه الدراسة. وبعد تقييمهم الغابات والمروج وأراضي الأحراش والأراضي الرطبة والنظم البيئية القاحلة، اتضح لهم أن حماية 30 في المئة من المساحات التي تحظى بالأولوية، كفيلة بوقف ما يزيد على 70 في المئة من حالات الانقراض المتوقعة وامتصاص أكثر من 465 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، أي خفض كمية الكربون التي تكدست في غلافنا الجوي على مدى القرنين الماضيين بنسبة 49 في المئة، إذا ما اقترنت بصيانة النظم البيئية التي لا تزال تحافظ على شكلها الطبيعي.

وقال برناردو ستراسبرغ، المعد الرئيس للدراسة، إن "المضي قدماً بخطط واستراتيجيات لإعادة مساحات طبيعية شاسعة إلى حالتها الطبيعية عامل حاسم في إبقاء أزمتي المناخ والتنوع البيولوجي المستمرتين تحت السيطرة".

وأضاف "لقد أثبتنا أننا لو تذاكينا في اختيار المساحات الطبيعية التي يجدر بنا ترميمها، فسيكون بمقدرونا شطب قضايا المناخ والتنوع البيولوجي والميزانية من قائمة المهام العالمية الطارئة".

إن الدراسة بتحديدها الدقيق للنظم البيئية المدمرة التي ينبغي ترميمها في العالم من دون الإضرار بالإنتاج الزراعي، هي الأولى في نوعها توفر دليلاً على التأثير العميق في الجهود المبذولة لصون التنوع البيولوجي والمناخ والأمن الغذائي حيثما تم الترميم.

وقال فريق البحث إن الاستصلاح قد يكون أقل تكلفة بـ13 مرة عندما يتم في المواقع الأكثر أولوية.

وهذه الدراسة هي الأولى من نوعها كذلك التي تركز على إيجابيات ترميم النظم البيئية للغابات وغير الغابات على مستوى العالم.

"الدراسات التي سبقتها ركزت بشكل خاص على الغابات والتشجير، وكان ذلك أحياناً على حساب المراعي الوطنية أو النظم البيئية الأخرى التي قد يؤثر تدميرها سلباً في التنوع البيولوجي، ولا بد من تلافيه بأي ثمن"، بحسب ما قاله الدكتور ستراسبرغ.

ستراسبرغ أضاف "صحيح أن إعادة إحياء الغابات أمر مهم للغاية في مجال التخفيف من حدة الاحتباس الحراري وحماية التنوع البيولوجي، لكن إعادة إحياء النظم البيئية الأخرى لا تقل عنها أهمية".

وتُعد هذه الدراسة امتداداً للتحذيرات الملحة التي أطلقتها الأمم المتحدة للتنبيه من إمكانية خسارتنا مليون نوع حيوي في العقود القادمة، والإضاءة على فشل أكثرية دول العالم في محاولاتها الرامية إلى بلوغ أهداف التنوع البيولوجي لعام 2020، بما فيها ترميم 15 في المئة من النظم البيئية حول العالم.

وفي الوقت الحالي، واستعداداً لمؤتمر الأطراف في "اتفاقية التنوع البيولوجي (CBD) الذي سيُعقد في مدينة كونمينغ الصينية في 2021، تضاعف الدول جهودها في سبيل التخفيف من حالات الانقراض الجماعي.

ومن المأمول أن يشهد المؤتمر توقيع إطار عالمي جديد لحماية الطبيعة، والأكيد أن الدراسة التي شارك في إعدادها أحد المعنيين في "اتفاقية التنوع البيولوجي"، ستثري المناقشة في الترميم البيئي، وستعطي نظرة ثاقبة عن إعادة إحياء النظم البيئية والكيفية التي يمكن أن تساعد بها في معالجة أهداف متعددة.

ففي إطارها، استخدم الباحثون تقنيات رسم الخرائط وتحليل المواقع التي يمكن أن تحقق أسرع المكاسب لتقييم 2870 مليون هكتار من النظم البيئية العالمية التي تحولت بالفعل إلى أراضٍ زراعية، 54 في المئة منها كانت في الأصل غابات، و25 في المئة كانت مروجاً، و14 في المئة أراضي الأحراش، و4 في المئة أراضي قاحلة، و2 في المئة كانت أراضي رطبة. كما قدروا حجم الفوائد التي يمكن أن تطال التنوع البيولوجي والانبعاثات الكربونية بأقل التكاليف مع ترميم كل نظام، لكن الحدود الوطنية، والطريقة التي تتعامل بها كل دولة مع أزمة التنوع البيولوجي هي بحد ذاتها تحدٍ كبير؛ لذا لما عمل الباحثون على المستوى العالمي – غير المقيد بالحدود الوطنية – نجحوا في تطوير حلول نموذجية يمكن استخدامها للحصول على أكثر من 90 في المئة من الفوائد المحتملة لإعادة (تشكيل) الحياة البرية من أجل التنوع البيولوجي، و82 في المئة من الفوائد المتعلقة بالحد من تغير المناخ. ونجحوا كذلك في خفض التكاليف بنسبة 27 في المئة مع الحث على اتخاذ الإجراءات اللازمة في المواقع الأكثر ملاءمة.

وبعد إلقائهم نظرة عميقة على فوائد الترميم البيئي على المستوى الوطني، مع إقدام كل دولة على ترميم 15 في المئة من غاباتها، توقعوا ارتفاع التكاليف بنسبة 52 في المئة وانخفاض فوائد التنوع البيولوجي وفوائد المناخ بـ28 في المئة و29 في المئة على التوالي.

وفي هذا الصدد، اعتبر ستراسبرغ أن "هذه النتائج تسلط الضوء على الأهمية القصوى للتعاون الدولي في الوصول إلى هذه الأهداف".

وتابع قائلاً "لكل دولة دور مختلف عن الأخرى؛ لكن كل الأدوار متكاملة وتصب في مصلحة تحقيق أهداف عالمية شاملة بشأن المناخ والتنوع البيولوجي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورداً على القلق (القائم) من أن ترميم النظم البيئية قد يتسبب بالتعدي على الأراضي المخصصة لإنتاج المحاصيل، دأب الباحثون على احتساب كم عدد النظم البيئية التي يمكن إعادة إحيائها من دون التقليل من الإمدادات الغذائية، ووجدوا أنه بالإمكان ترميم 55 في المئة أو 1.6 ملايين هكتار من النظم البيئية التي تم تحويلها بالفعل إلى أراضٍ زراعية، من دون تعطيل إنتاج الأغذية، أو المس به بأي شكل من الأشكال.

ويمكن تحقيق ذلك من خلال "تكثيف إنتاج الغذاء بطريقة مستديمة ومخططة تخطيطاً جيداً"، على أن يترادف مع خفض الفضلات الغذائية والتوقف عن تناول الأطعمة التي يتطلب إنتاجها مساحات كبيرة من الأراضي، وتتمخض عنها انبعاثات غير متناسبة من الغازات الدفيئة، كاللحوم والأجبان.

"ومع استعادة المسؤولين الحكوميين تركيزهم على أهداف التنوع البيولوجي والمناخ العالمي تدريجياً، نرى أنه من الممكن لدراستنا أن تمنحهم المعلومات الجغرافية الدقيقة التي يحتاجون إليها لاتخاذ خيارات مستنيرة بشأن النظم البيئية التي تستدعي الترميم"، بحسب ما قاله البروفسور روبن شازدون، أحد المشاركين في إعداد الدراسة التي جذبت وتجذب انتباه صناع السياسات والمنطمات غير الربحية والقطاع الخاص نتيجة ارتفاع تكلفة جهود الترميم وفوائدها.

"ننوي المساعدة في إحقاق الترميم على نطاق واسع من خلال مواءمة المصالح المالية والاجتماعية - الإيكولوجية، وفي الوقت نفسه زيادة التأثيرات على الطبيعة والناس وتحسين عائدات المستثمرين وتقليص المخاطر التي قد تواجههم"، أردف ستراسبرغ.

وأعرب فريق العلماء عن أمله بأن توفر أبحاثه أدلة دامغة لصناع السياسات الذين يسعون خلف "أساليب متيسرة وفعالة لتلبية أهداف الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي والمناخ والتصحر".

"فالترميم البيئي لو تم بطريقة منسقة ومتزامنة مع حماية النظم البيئية السليمة وتحسين الاستفادة من الأراضي الزراعية، حل لا مثيل له، وإن كان لا يزال حتى الآن غير مستغل بشكل جيد".

(نشر البحث في مجلة "نايتشور" Nature)

© The Independent

المزيد من بيئة