Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قياس حرارة الفراشات يكشف المخاطر التي تتهدد البيئة والمناخ

أسلوب جديد يمكن من إدارة الموائل والمساحات الطبيعية بشكل أفضل

صورة استُخدِمَتْ فيها كاميرا تعمل بالأشعة ما تحت الحمراء وتُظهِر حرارة  جسد الفراشة (بابيولار ساينس.كوم)

نبه علماء احتجزوا 4 آلاف فراشة برية في المملكة المتحدة، وسجلوا درجات حرارتها، إلى أن بعض أشهر أنواع الفراشات في البلاد مهددة بسبب انهيار المناخ وفقدان موائلها الطبيعية.

فقد سجل علماء من "جامعة كامبريدج" درجات حرارة 29 نوعاً مختلفاً من الفراشات، باستخدام مصائد شبكية محمولة، قبل إطلاق سراحها مرة أخرى.

يشار إلى أن جميع الفراشات تشكل كائنات خارجية الحرارة، أي أنها لا تستطيع توليد حرارة أجسامها، وتعتمد حرارتها على وجود شروط بيئية ملائمة. في المقابل، كشفت الدراسة أن تأثير التغيرات في المناخ وعوامل بيئية أخرى، على بعض أنواع الفراشات جاء أكبر من بعضها الآخر.

واستطراداً، وجد العلماء أن الفراشات الأكبر حجماً وذات الألوان الفاتحة كالفراشات البيضاء الكبيرة والكرنبية، من بين أنواع الحشرات التي تتكيف بشكل أفضل مع ارتفاع درجات الحرارة البيئية. ويعود السبب في ذلك إلى قدرتها على إمالة أجنحتها الكبيرة العاكسة وفقاً للشمس، واستخدامها لصد حرارة الشمس بعيداً عن أجسامها أو توجيهها نحوها. كذلك بدا أن أعداد هذه الأنواع إما مستقرة أو آخذة في الزيادة.

في المقابل، تواجه الأنواع الأكثر ألواناً كفراشة الطاووس و"بشورة الصيف" صعوبة أكبر في التحكم بدرجة حرارة أجسامها، فيما تكافح بشدة الأنواع الأصغر حجماً كالفراشة الحورائية الصغيرة.  

وفي المنحى نفسه، توصلت الدراسة نفسها أيضاً إلى أن بعض أنواع الفراشات تعتمد على العثور على بقعة محددة تبلغ فيها الحرارة درجة معينة ضمن المناخ المحلي للمساحات الطبيعية، كي تتمكن من التحكم في درجة حرارة أجسامها. وقد لاحظ الباحثون أن نسبة التفاوت في درجات حرارة الهواء، جاءت متفاوتة كثيراً. فمثلاً، تكون بقعة من الأرض في الظل أكثر برودة من تلك المعرضة بالكامل للشمس. وعلى نحو مماثل، ثمة أنواع كالفراشات النحاسية توصف بأنها "متخصصة في الحرارة"، لكنها تعاني انخفاضات أكبر في أعدادها على مدار الأربعين عاماً الماضية.

وفي صورة إجمالية، فإن الأعداد آخذة في الانخفاض لدى ثلثي أنواع الفراشات في المملكة المتحدة. ويرجع ذلك إلى خسارة الموائل الطبيعية وتجزئتها، فيما أدت زيادة المساحات الطبيعية المفتقدة إلى التنوع، إلى إزالة عدد من المناخات المحلية الحيوية، التي تحتاجها الفراشات من أجل بقائها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ذلك الصدد، ذكر العلماء أن أزمة المناخ تعمل على مفاقمة تلك المشكلة، لأنها تتسبب في مزيد من الظواهر الجوية المتطرفة، وتزيد في تقلب درجات حرارة.

"ثمة أنواع من الفراشات، لا تجيد التحكم في درجة حرارتها من خلال تغييرات سلوكية طفيفة، بل بالاعتماد على اختيار موطن مصغر يتمتع بدرجة الحرارة المناسبة. ومن المرجح أن [تلك الأنواع] تعاني أكثر من غيرها بسبب التغير المناخي وفقدان الموائل"، بحسب الدكتور أندرو بلادون، زميل قسم علم الحيوان لأبحاث ما بعد درجة الدكتوراه في "جامعة كامبريدج"، وهو المؤلف الرئيس للتقرير.

وأضاف الدكتور، "نحن بحاجة إلى جعل المساحات الطبيعية أكثر تنوعاً كي نساعد في الحفاظ على عدد من أنواع الفراشات الموجودة لدينا. حتى داخل الحدائق، يمكننا ترك العشب ينمو لفترة أطول، إذ توفر مناطقه أماكن أكثر برودة وظِلالاً بالنسبة إلى أنواع عدة من الفراشات. وفي المحميات الطبيعية، يمكن رعي بعض المناطق، أو جزها مع ترك مناطق أخرى على حالها. ونحتاج أيضاً إلى حماية العناصر التي تكسر رتابة المساحات الطبيعية الزراعية، كالأسيجة النباتية والسواقي والخنادق وبقع الغابات".

وفي منحى متصل، ذكر العلماء الذين أجروا الدراسة المشار إليها آنفاً، أن نطاق درجات الحرارة في المساحات الطبيعية التي تتمتع بمرتفعات وعناصر متنوعة، يكون أكثر اتساعاً من حاله في المناطق المسطحة والرتيبة، ونتيجة لذلك تكون الأولى أكثر ملاءمة للفراشات.

وأضاف الباحثون، "ينطبق هذا على مقاييس تتراوح بين كيلومترات و سنتيمترات. ويعني ذلك أنها تمتد من سفوح التلال إلى المساحات المزهرة. إذ يخلق هذا التنوع المنهجي مناخات محلية مختلفة يستخدمها عدد من الفراشات في تنظيم درجة حرارة أجسامها".

في ذلك الصدد، يذكر أن الفراشات جزء حيوي من العالم الطبيعي، الذي يدعم جنسنا البشري. إذ تقوم الحشرات، بما فيها الفراشات، بتلقيح حوالي 85 في المئة من محاصيلنا الزراعية، ما يعني أنها تقدم خدمة حيوية تقدر قيمتها بمليارات الجنيهات الإسترلينية عالمياً.

ووفق الباحثين أنفسهم، "ستؤدي حماية مجموعة متنوعة من الأنواع الحيوية إلى توفير مرونة على المدى الطويل. وإذا انخفضت أعداد أحد الأنواع، فستقوم أنواع أخرى بسد الفجوة. كذلك تعد الحشرات مصدراً مهماً في تغذية أنواع عدة أخرى، بما في ذلك الطيور".

ووفق كلمات قائد البحث، الدكتور إد تيرنر من "متحف علم الحيوان" بجامعة كامبريدج، "بينما نخطط تدابير حمائية بهدف معالجة آثار التغير المناخي، سيكون من المهم ألا يقتصر فهمنا على متطلبات الموائل الطبيعية بالنسبة إلى أنواع الفراشات المختلفة وحدها، بل يجب أن نفهم أيضاً متطلبات درجة الحرارة التي تحتاجها. ومن خلال هذا الفهم الجديد للفراشات، يجب أن نكتسب القدرة على إدارة الموائل والمساحات الطبيعية في بشكل أفضل كي نحمي الفراشات، وربما حشرات أخرى أيضاً".

وتذكيراً، وسع عدد من أنواع الفراشات مدى انتشاره في اتجاه الشمال خلال الثلاثين سنة الماضية، مع ازدياد الدفء في الأماكن الشمالية بسبب التغير المناخي.

لكن نطاق انتشار الأنواع التي تكيفت مع بيئات أكثر برودة يتقلص.

وفي ذلك الصدد، ذكر الفريق البحثي أنه "يجري تعقب تلك الاتجاهات في مجموعات الفراشات ككل. في المقابل، لم تعمل الدراسات السابقة على البحث في كيفية الاستجابة الفردية للتغيرات الصغيرة في درجات الحرارة لدى الفراشات التي تشكل تلك المجموعات".

وأضاف الدكتور بلادون، "أُفضِلُ اعتبار الفراشات مدخلاً إلى الحل. إذا تمكنا من مشاركة الناس في الحفاظ على الفراشات، فستكون تلك خطوة أولى في جعلهم يهتمون بالحشرات على نطاق أوسع".

نُشرت هذه الدراسة في "مجلة علم بيئة الحيوان" Journal of Animal Ecology.

© The Independent

المزيد من بيئة