Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتياح سوداني بعد موافقة ترمب على إزالة الخرطوم من قائمة الإرهاب

ترحيب أوروبي والقرار سيسهم في عودة البلاد إلى النظام المالي والمصرفي العالمي

"لم يكن الشعب السوداني في يوم من الايام داعياً او راعياً للإرهاب" (أ ب)

نزلت تغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي كتبها على "تويتر" الاثنين 19 أكتوبر (تشرين)، بموافقته على رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، الذي بات وشيكاً، في ضوء إعلان الحكومة دفع مبلغ 335 مليون دولار لأسر ضحايا تفجيرات سفارتي واشنطن في كينيا وتنزانيا، والمدمرة كول في اليمن حيث شنها تنظيم القاعدة عامي 1998 و2000 على التوالي، برداً وسلاماً على الشعب السوداني، الذي ظل طيلة الساعات الماضية يترقب صدور هذا القرار بفرحة كبيرة، خصوصاً بعد تأكيد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك توفير مبلغ التعويضات المطلوب من مواردها الذاتية، وذلك لما سببه قرار الحظر الأميركي من أضرار بالغة على اقتصاد البلاد، فضلاً عن العزلة الدولية لها التي ضربت العلاقات أكثر من عقدين.

وأشار حمدوك في خطاب بثه التلفزيون الرسمي، إثر تغريدة ترمب، إلى أن رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب سيسهم في عودته إلى النظام المالي والمصرفي العالمي، ويؤهله للإعفاء من ديونه التي تجاوزت 60 مليار دولار، مؤكداً تمكن بلاده من توفير مبلغ تعويض ضحايا تفجيري المدمرة كول وسفارتي أميركا بنيروبي ودار السلام من عائدات صادرات الذهب.

أضاف رئيس الوزراء إن "التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لرفع اسم البلاد من هذه القائمة تطلب جهود سنة من التفاوض، ونتطلع لأن يخطر ترمب الكونغرس رسمياً بإزالة اسم السودان، لأن هذا القرار يمثل أقوى دعم للانتقال نحو الديمقراطية في السودان ولشعبه، إذ إن تصنيفه على قوائم الإرهاب كلّفه كثيراً وأضر ضرراً بالغاً".

وتابع حمدوك، "لم يكن الشعب السوداني في يوم من الأيام داعياً أو راعياً للإرهاب، لذلك منذ أن تسلمنا المسؤولية في العام الماضي بدأنا حواراً جاداً مع الإدارة الأميركية لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وظللت في اتصال دائم مع أبناء وطني أبلغهم بأننا اقتربنا من هذه اللحظة واليوم تحقق ذلك"، ولفت إلى أن النقاش الذي أداره الخبراء السودانيون مع الإدارة الأميركية لأكثر من سنة توصل إلى تخفيض مبلغ العقوبات من 10 مليارات دولار أو تزيد إلى بضع مئات من الملايين.

وأشار إلى أن هذا القرار يتيح إمكانية أفضل وظروفاً أحسن لإدارة الاقتصاد بآليات وسياسات جديدة ومتكاملة وأكثر فعالية، كما يفتح الباب واسعاً لتأكيد عودة السودان المستحقة إلى المجتمع الدولي وتعزيزه، فضلاً عن أنه يؤكد ويؤرخ للبداية الفعلية للخلاص من التركة الثقيلة للنظام المعزول، إذ ظللنا محاصرين من كل العالم.

بناء المؤسسات الوطنية

تابع رئيس الوزراء، "سيعود السودان بموجب هذا القرار إلى النظام المصرفي والمالي العالمي بعدما كنا نتعامل مع بنك واحد في كل العالم لتحويلاتنا، كما يساعد على فتح الباب واسعاً للاستثمارات الإقليمية والدولية، إذ بقينا نعاني من ذلك كثيراً، والأهم أن المهاجرين الذين ظلوا منذ أن اندلعت الثورة التي أطاحت نظام البشير يتحرقون للزمن الذي يستطيعون فيه تحويل مساهماتهم المالية إلى بلادهم بطريقة سليمة وواضحة، ومن خلال المؤسسات الرسمية، فضلاً عن أن القرار الأميركي يساعدنا في الاستفادة القصوى من التكنولوجيا التي حرمنا منها فترة طويلة جداً".

وبيّن حمدوك أن القرار يساعد في بناء المؤسسات الوطنية كالخطوط الجوية والبحرية والسكك الحديدية، التي تهدمت بنياتها بسبب حظر استيراد قطع الغيار، وشدد على أن الطريق طويل أمامنا ونحتاج للتخطيط الجاد والعمل للاستفادة القصوى من هذه الفرصة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ضوء أخضر

تعليقاً على هذا القرار المرتقب وتأثيره في الاقتصاد، قال أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعات السودانية حسن بشير محمد نور، "وجود بلادنا في قائمة الدول الراعية للإرهاب يشكل عقبة في أداء الاقتصاد من نواح عدة مباشرة وغير مباشرة، فمن الناحية المباشرة يحرمنا من التعامل عبر النظام المصرفي الإقليمي والدولي سواء ما يتعلق بالمقاصة الدولية بالدولار، ومنع التحويلات النقدية والتدفقات المالية إلى داخل البلاد وخارجها، بالتالي يلحق أثراً وضرراً بالغين في الاقتصاد، إلى تأثيره في الاستثمار الأجنبي المباشر لأن معظم الشركات والمؤسسات المالية والتمويلية الكبرى في العالم تضع حساباً كبيراً لواشنطن خوفاً من العقوبات التي يمكن أن تتعرض لها في حال التعامل مع السودان".

وأكد أن البلاد ظلت طيلة العقدين الماضيين محرومة من الاستثمارات الأجنبية والتعامل مع الأسواق العالمية، ومن مزايا إعفاء الديون الخاصة بالدول الفقيرة، وكذلك عدم استفادتها من تحويلات المغتربين في بلدان المهجر، حتى أن ما تم من تعاملات كان بموجب ضوء أخضر من الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي، فإن رفع اسم السودان من القائمة سيفتح أبواباً كثيرة من ناحية التعامل مع المؤسسات المالية العالمية، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والاستفادة من إعفاء الديون، إضافة إلى إتاحة الفرصة لتدفق الأموال داخل البلاد من ضمنها رؤوس الأموال الأميركية، وتحويلات المغتربين، فضلاً عما كان يعانيه سياسياً بأن وجود  كدولة منبوذة، على الرغم من أن الأمر خفت حدته بعد ثورة ديسمبر (كانون الأول).

أضاف محمد نور، "بالتأكيد أن أميركا تمثل أقوى اقتصاد عالمي وتسيطر على المؤسسات الدولية، فضلاً عن تأثيرها الكبير في المحافل الدولية المالية، وبالتالي، فإن وقوفها ضد أي دولة، حتى لو عظمى سيكون له تأثير كبير في أدائها الاقتصادي، فما بالك بدولة فقيرة، إضافة إلى جوانب أخرى تتعلق بالكفاءة الاقتصادية من ناحية الحصول على التكنولوجيا والمعلومات وقطع الغيار وغيرها، فما دفعه السودان من مبلغ مالي نظير الاستفادة من تلك الميزات يعتبر بخساً للغاية".

العلاقات مع إسرائيل

وكان الرئيس دونالد ترمب قال إنه يعتزم رفع الخرطوم من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعدما تودع الحكومة مبلغ 335 مليون دولار تعويضات لضحايا الإرهاب الأميركيين وعائلاتهم.

وجاء في تغريدته أن "حكومة السودان الجديدة التي تحرز تقدماً كبيراً، وافقت على دفع 335 مليون دولار للأميركيين من ضحايا الإرهاب وعائلاتهم. بمجرد إيداع المبلغ سأرفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. أخيراً، العدالة للشعب الأميركي وخطوة كبيرة للسودان".

وكانت وكالة "رويترز" نقلت عن مسؤولين أميركيين أن إدارة ترمب بصدد الاتفاق مع السودان على رفعه من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وأن الإعلان عن ذلك قد يكون خلال أيام، وقال أحد المسؤولين إن "الاتفاق قد يؤشر إلى بداية تحركات من الخرطوم نحو إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، في أعقاب خطوات مماثلة في الأسابيع الأخيرة من الإمارات والبحرين بوساطة من واشنطن"، لافتاً إلى أن العمل لا يزال جارياً في ما يتعلق بالتفاصيل.

ترحيب أوروبي

في الردود الدولية، رحّب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بإعلان الرئيس الأميركي عزمه رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وكتب بوريل على "تويتر" أن "النية التي أعلنتها الولايات المتحدة لسحب السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب لها أهمية بالغة"، وأضاف أن هذه الخطوة "تعزّز اندماج السودان في المجتمع الدولي وانخراطه في الاقتصاد العالمي"، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي يدعم بشكل كامل العملية الانتقالية في السودان.

تعاون الخرطوم

ويعود تصنيف السودان دولة راعية للإرهاب إلى عهد الرئيس المعزول عمر حسن البشير، وهو ما يجعل من الصعب على حكومته الانتقالية الحصول على إعفاء عاجل من الديون أو على تمويل أجنبي.

ويرى كثيرون أن هذا الأمر لم يعد مستحقاً بعد عزل البشير في أبريل (نيسان) 2019، علماً أن الخرطوم تتعاون منذ فترة طويلة مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب.

وتمثلت نقطة الخلاف الرئيسة في المحادثات بين الولايات المتحدة والسودان في إصرار الأخير على عدم ربط أي إعلان لرفع الخرطوم من القائمة صراحة بإقامة علاقات مع إسرائيل.

ولا تزال الخلافات قائمة بين المسؤولين السياسيين والعسكريين السودانيين في ما يتعلق بمدى تحسين العلاقات مع إسرائيل ووتيرة المضي في ذلك.

المزيد من العالم العربي