Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النظام السوري يرفع سعر البنزين مثيرا استياء الشارع

يشكل إصلاح مصفاة بانياس الحل الوحيد للتخفيف من الأزمة في ظل العقوبات ونقص الواردات من إيران

ينتظر السوريون في طوابير تمتد على مسافة كيلومترات للحصول على الكمية المحددة لهم من البنزين (اندبندنت رعبية)

عبثاً يحاول السوريون ملء خزانات مركباتهم بما تيسر لهم من لترات وقود قليلة بعد انتظار يدوم أياماً ضمن طوابير محطات البنزين المتفرقة في الداخل السوري، حيث تصطف السيارات الخاصة والعامة، على مسافة كيلومترات في محاولة يائسة للظفر بالكمية المسموح تعبئتها وهي 40 لتراً لكل سيارة في الأسبوع.
وباتت هذه المادة من ضمن أولويات متطلبات الشارع السوري، بعد ما كانت قبلاً تعتبر من "الرفاهيات" نظراً لتوفرها واستهلاك كميات كبيرة منها دون اكتراث، إلا أن المواطنين صدموا بقرار حكومي برفع سعر البنزين.



انعكاس ليس بمحله!

وفرض قرار رفع سعر اللتر الواحد من البنزين (الأوكتان) نفسه على الحياة الاقتصادية في البلاد، إذ زاد ثمنه من 575 ليرة سورية إلى 850 ليرة، ما يعادل نصف دولار أميركي حسب الصرف الرسمي، مما أشعل جدلاً حول نجاعة هذا القرار.
وقال صناعي سوري إن "قرار الزيادة ترك تأثيره بشكل أو بآخر على الحياة العامة"، مضيفاً "صحيح أن الزيادة جاءت لترفع من سعر لتر البنزين الحر غير المدعوم من الدولة، إلا أنها أتت في توقيت غير مناسب وتسببت بفرض أسعار إضافية على المواد والسلع الغذائية والاستهلاكية".
من جانبه، رأى الباحث الاقتصادي السوري، رضوان مبيض أن "القرار تسبب بمضاعفات على الأسواق السورية، ولاح تصاعد في قائمة أسعار المواد الأساسية مثل الحليب والأجبان والخضار وغيرها، في وقت تدعم الدولة مواد مثل البنزين والخبز". وأضاف أن "رفع سعر الوقود، زاد من النفقات على المواد التي يتحملها المستهلك وحده، بينما التاجر لا يعبأ بكل هذه الزيادة".

من جهة أخرى، أيد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السوري، طلال البرازي في معرض تعليقه على الزيادة التي توصل إليها عقب مناقشة في إحدى جلسات البرلمان، معتبراً "أن فئة مالكي السيارات فقط ستتحمل تبعات زيادة أسعار البنزين".

وقابل تصريح الوزير موجة غضب شعبية، بسبب العواقب المترتبة على الزيادة، حيث ستنعكس مباشرةً على أجور النقل، في ظل غياب الرقابة على سيارات الأجرة.

في موازاة ذلك، يقدم البنزين المدعوم للسائقين والمستحقين له عبر ما يسمى "البطاقة الذكية"، بينما لا يمثل دعماً للوقود أمراً جديداً بل يعود وفق الباحث مبيض إلى خمسة عقود مضت وتحديداً منذ عام 1963، ما دعم بالتالي منتجات مثل "الرز والسكر والكهرباء"، وبما فيها البنزين والمازوت بنسبة 40 في المئة. إلا أن دراسات اقتصادية أجريت قبل سنوات من اندلاع الحرب الأخيرة في عام 2011، كشفت أن هذا الدعم يذهب إلى غير مستحقيه وتستفيد منه الطبقة الغنية أكثر مما تستفيد منه العائلات الفقيرة. كما شجع على التهريب مع تكليف خزينة الدولة أعباء إضافية.



الدخل المعدوم

وكانت الحكومة السورية الحالية المشكلة في 30 أغسطس (آب) الماضي، اصطدمت في أول أيام عملها، بأزمة وقود خانقة، عللتها بخضوع مصفاة بانياس (غرب) للصيانة.
وعزا مسؤول بارز في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، رفع سعر البنزين إلى "أن سعر تلك المادة في سوريا منخفض عن سعرها في الدول المجاورة".
وأشعل هذا القرار الذي رفع سعر الوقود (الأوكتان) بنسبة 8.47 في المئة استياءً عارماً من قبل السوريين، الذين ردوا عبر وسائل التواصل بالقول إنه "إذا كان لا بد من مقارنة المصاريف وأسعار الوقود بالدول المجاورة، لا بد ألا تنسى الحكومة مقارنتها بدخل الفرد أيضاً الذي يوجد فيه تفاوت كبير".
وأشار الباحث الاقتصادي إلى وجود تخبط في القرارات والإعلان عنها، "فتوقيت الزيادة لا يتناسب مع الواقع المعيشي لأبناء البلد في ظل العقوبات".

في المقابل، لا يتجاوز معدل الراتب الشهري للعامل في سوريا بأحسن حالته، 100 ألف ليرة أي ما يعادل 50 دولاراً أميركياً، في وقت يحظر قانون العقوبات الأميركي (قيصر) بعد دخوله حيز التنفيذ، التعامل مع النظام السوري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


التهريب والصيانة

من جهة ثانية، ومع عودة أزمة الوقود إلى الواجهة، يرجح سوريون استمرار الأزمة وطول أمدها، معتبرين أن موضوع صيانة مصفاة بانياس وتوقفها عن العمل ليس إلا ذريعة.
ويقابل تلك الأجواء، تأكيدات رسمية عن انفراج كبير سيحصل عما قريب. ويأتي ذلك كله، وسط نشاط حركة البيع الحر لتلك المادة والمتاجرة بها في ما يسمى "سوق سوداء"، فيما شكل نقص التوريدات من الحليف الإيراني، الذي يواجه هو الآخر عقوبات على كيانات وشخصيات، عبئاً إضافياً على النظام السوري.
وفي حين ترددت أنباء غير مؤكدة عن رسو ناقلة نفط على الساحل السوري في الأول من أكتوبر، لم تؤكد ذلك الجهات الرسمية أو تنفيه، لا سيما أن ملف التوريدات النفطية محاط بسرية وكتمان شديدين.
وأوقفت الجمارك اللبنانية ناقلة نفط يونانية قبالة سواحلها كانت في وارد إجراء عملية التفاف لإفراغ حمولتها في موانئ سورية، يينما يتواصل التهريب على الحدود الجنوبية السورية مع لبنان، الذي عادةً ما كان يمثل نافذةً اقتصادية لسوريا، بينما يغرق اليوم بمشاكل مالية واقتصادية وسياسية.

المصفاة الأمل!

في هذه الأثناء، يحتاج السوق السوري إلى 4.5 مليون لتر من البنزين يومياً، بحسب وزارة النفط، بينما يشارف المخزون الاحتياطي على الانتهاء، مع انقطاع الواردات المقبلة من حقول النفط التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الشمال الشرقي والجزيرة السورية.
ومع ذلك كله، ليس أمام النظام السوري إلا العمل على تصليح مصفاة بانياس وإعادتها إلى العمل، وإلا ستتحول الكارثة الاقتصادية إلى إنسانية مع دخول فصل الشتاء، في ظل غياب المحروقات ومواد التدفئة والوقود الضروري لتشغيل المولدات الكهربائية التي تستفيد منها المستشفيات وغيرها من المباني.

المزيد من العالم العربي