حذَّر عدد من العلماء من أنّ انتقال عدوى "كوفيد- 19" من البشر إلى الحيوانات البرية يمثل "خطراً كبيراً" بحسب وصفهم، ما يطرح تهديداً محتملاً على الأنواع المهدَّدة أصلاً بالانقراض.
وفي التفاصيل يرد أنّ دراسات عدةّ توصّلت إلى أدلة مثبّتة على أن 60 نوعاً في أقل تقدير من الحيوانات الثديية الواسعة التنوّع على غرار الأسود ودببة الـ"باندا" والحيتان البيضاء وسناجب الأرض وقرود "مكاك"، معرّضة لخطر الإصابة بفيروس كورونا. ويضاف إلى ذلك عدم وضوح المعلومات بشأن تعرّض كائنات حية أخرى كثيرة للخطر نفسه أيضاً.
وفق الباحثين، بمجرد أن ينتقل الفيروس إلى الحيوانات يضحى في مقدوره أن يتفشى على نحو جامح في صفوف تلك الكائنات الحية، ويُحتمل أن يتسبَّب بتفشٍ جديد لدى البشر أيضاً.
بعد مراجعة عشرات من الدراسات السابقة حول فيروس كورونا لدى الحيوانات، خلُص علماء أحياء هولنديون إلى أنّ "مروحة واسعة من الثدييات البعيدة الصلة عن بعضها بعضاً، يُحتمل أن تكون عرضة للإصابة بالعدوى". وكذلك لاحظوا أنه "بشكل عام، يتعذّر التنبؤ" بمدى ضعف تلك الأنواع أمام الإصابة بالفيروس أو قدرتها على مقاومته.
واستطراداً، أشار أولئك العلماء إلى ضرورة اتخاذ تدابير وقائية صحيّة من جانب البشر الذين يحتكون بأي حيوان ثديي بريّ، وذلك لحماية الحيوان نفسه وتفادي نشوء "مستودع في الحياة البرية" لفيروس "كوفيد- 19" من شأنه أن يقوض الجهود المبذولة للقضاء على ذلك المرض.
في سياق متصل، ذكرت الباحثة الرئيسة في الدراسة صوفي غريسيلز، وهي باحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في علم الفيروسات التطوري في "جامعة لوفان الكاثوليكية" في "فلاندرز" البلجيكية، إنه "حريّ بنا حقاً أن نتفادى جعل وبائنا مشكلة لدى كثير من أنواع الكائنات الحية".
وأضافت، "من الصعب السيطرة على فيروس "سارس- كوف- 2" لدى البشر، لكم أن تتصوّروا ماذا سيحدث في حال انتشر الداء بين الثدييات البرية. يمكن أن تُصاب (الحيوانات البرية) بالمرض أيضاً، وتشكِّل تالياً خزاناً تنقل عبره العدوى إلى البشر مرة أخرى، لكننا لا نستطيع أن نطلب من الحيوانات ارتداء أقنعة الوجه والحفاظ على مسافة من بعضها بعضا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على نحو مشابه، حذَّر باحثون في "كلية لندن الجامعية" UCL في دراسة منفصلة صدرت الأسبوع الحالي، من أنّ عشرات الحيوانات تشمل الأنواع المستأنسة كالخنازير والخيول والأغنام، ربما تكون عرضة لتفشي فيروس كورونا "الذي قد يهدِّد الأنواع المهددة بالانقراض أو يضرّ بأرزاق المزارعين".
في المقابل، أقرت الدراسة البلجيكية أيضاً بأنّ الحيوانات الموضوعة في الأسر ونظيرتها الداجنة، يمكن أن تكون كذلك معرَّضة لخطر الإصابة بـ"كوفيد- 19". وكذلك أشار الباحثون في تلك الدراسة إلى أنّ القواعد الخاصة بمنع انتقال العدوى من الإنسان إلى الحيوان صبّت تركيزها غالباً حتى الآن على الحيوانات الأليفة وحدائق الحيوان، وليس على الحياة البرية.
في مسار مختلف، نبّه الباحثون أنفسهم أنّهم إلى أنّ تفشياً للمرض بين الحيوانات البرية قد يكون سريعاً، ما يعني أن "السيطرة عليه ستكون أكثر استعصاءً. وليس مستبعداً أيضاً أن يطرح (التفشي) إمكانات جديدة أمام التغيَرات التطورية في الفيروس، مع عواقب محتملة على قابلية انتقاله وتسبِّبه بالمرض لدى البشر، وكذلك بالنسبة إلى نجاعة اللقاح"، وفق ما كتبه الباحثون في مجلة "مامال ريفيو" ("مجلة الحيوانات الثديية" Mammal Review المتخصصة).
في سياق مماثل، حثّ أولئك العلماء أيضاً على ضرورة اتخاذ تدابير سلامة إضافية في المجالات التي تزداد فيها مخاطر انتقال العدوى من إنسان إلى حيوان، على غرار ما تكونه الأحوال في البحث العلمي، وحماية الحياة البرية، وعلم الحراجة، ومكافحة الآفات، والاستشارات الأيكولوجية، وإدارة البيئات الطبيعية، والسياحة المتصلة بالحياة البرية، فضلاً عن أماكن إيواء الحيوانات.
وكذلك أشار الباحثون أنّ أيّ شخص يقترب من الحيوانات البرية ضمن مسافة ضيقة ينبغي عليه أن يبتعد عنه جسدياً قدر المستطاع، وأن يرتدي أقنعة وجه وقفازات، وأن يعقِّم المعدات بصورة متكرِّرة.
وأضافوا، "مع التأثير المدمِّر المحتمل على البشر والثدييات البرية كليهما، الذي سيترتّب عن انتقال عدوى "سارس كوف- 2" إلى الحياة البرية، فإننا نحثّ الناس على اتخاذ احتياطات صحية معقولة عند الاحتكاك بأي نوع من الثدييات البرية".
كذلك دعا الباحثون إلى "مراقبة" الثدييات المنزلية والضالة "على نحو فاعل" بغية التعرف إلى أيّ علامات مبكرة لتفشي فيروس كورونا.
© The Independent