Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هذا هو منطق التقدميين المناهضين لترمب في الحزب الجمهوري 

قال لي ريد غالين المؤسس الشريك لـ"مشروع لينكولن" إن أعضاء الحزب الجمهوري "ضحوا بكل مبدأ جمهوري كانوا قد تبنوه في السابق"

أحياناً يكون دافع الناس للترشح في الانتخابات هو الظلم الذي تعرضوا له (أ ب)

عليك أن تترشح لمنصب سياسي كما لو أنك ستخسر في الانتخابات. إذا كان هناك درس تعلمته من خلال المقابلات التي أجريتها مع بعض مرشحي مجموعة السياسيين التقدميين في أميركا على امتداد السنتين الماضيتين، في إطار مدونة "ذي هاردي ريبورت" الصوتية، فهذا هو فعلاً الدرس الذي تلقنته.

يبدو هذا كرسالة غريبة يمكن استخلاصها من المقابلات مع أشخاص لم يكونوا ليتحدثوا معي لولا أنهم يحاولون الفوز في الانتخابات للحصول على منصب عام. إذن لماذا قد يرغب أي شخص بخوض التحدي الهائل الذي ينطوي عليه الترشح للانتخابات، وهو يتوقع سلفاً أنه سيخسرها؟ من الأكيد أن كل من يقرر أن يخوض التجربة كمرشح سياسي يريد الفوز، أليس كذلك؟

حسناً، غالباً ما يكون الواقع ليس على هذا المستوى من البساطة. وبالنسبة لمرشحين يحاولون تحدي الوضع السياسي القائم، فإن الحملة لا تتعلق بنجاحهم على المدى القصير. والأكثر أهمية هو أنهم يحاولون بناء حركة سياسية أوسع من خلال النضال بحماس بالغ لتحقيق الأهداف التي يؤمنون بها، وذلك بصرف النظر عن النتيجة المباشرة لصناديق الاقتراع.

إن هؤلاء المرشحين التقدميين أظهروا كيفية تشبثهم بمبادئهم، وتصرفهم بشرف وكرامة. وفيما يتأجج الجدال حول شغور مقعد في المحكمة العليا بسبب رحيل القاضية روث بادر غينسبورغ، كان قرارهم التشبث القوي بمبادئهم متناقضاً بشكل صارخ مع الجمهوريين الذين تراجعوا عن سابقة هم أنفسهم كرسوها في عام 2016. وكما قال لي رييد غالين، المؤسس الشريك لـ"مشروع لينكولن"، إن أعضاء الحزب الجمهوري قد "ضحوا بكل مبدأ جمهوري كانوا قد تبنوه في السابق".

غالباً ما يسعى السياسيون الذين يخوضون التحدي الانتخابي، ممن أجريت مقابلات معهم في الأشهر الأخيرة، إلى إزاحة شخص من المنصب الذي لا يزال يتبوأه منذ سنوات عدة. وهم يعتبرون الطرف الأضعف بالمقارنة مع خصومهم الذين رسخوا أقدامهم جيداً، إذ يفتقر المرشحون الجدد للتمويل والكوادر والحملات الدعائية. وهم ليسوا معروفين بالاسم خلافاً لمنافسيهم الذين يمسكون المنصب في الوقت الراهن والمشهورين في أنحاء الدائرة الانتخابية. وكثيراً ما يقوم هؤلاء السياسيون التقدميون بحملاتهم الانتخابية دون دعم مركزي من حزبهم، كما أنهم كثيراً ما يروجون لسياسات لا تعتبر جزءاً من الاهتمامات السائدة بين الناخبين.

وهذا ما حصل على سبيل المثال لـ جين بيرلمان، التي ترشحت في الدائرة الانتخابية الـ23 في فلوريدا لمجلس النواب، من دون أن تحظى بدعم حزبها، كما أن أفكارها اعتبرت تقدمية بشكل مفرط. وبعدما خابت محاولتها للفوز في الانتخابات الأولية للحزب الديمقراطي، واصلت الترويج لهذه السياسات لأنها، حسب ما ادعت في مقابلتها للمدونة الصوتية، مقتنعة أن "القضايا التي نتحدث عنها كسياسة تقدمية ستكون جزءاً من الجدال الرئيس في أماكن أخرى".

ولدى سؤال لكل من المرشحين الذين أجريت مقابلات معهم، سواء في أجزاء ليست قابلة للنشر أو في الشطر الذي سجل في المدونة، عن احتمالات الفوز في حملاتهم التي تكاد تكون حظوظها بالنجاح معدومة، أجابوا جميعاً بفيض من التفاؤل والحماس لا حدود لهما. وشرحوا بصبر وجهات نظرهم بأن القضايا التي يناضلون في سبيلها أكثر أهمية بكثير من أن يعتمدوا موقف المتفرج أمام ما يجري، بدلاً من أن ينخرطوا في العملية السياسية. في هذا السياق، خاطب آدم كريستينسن، وهو الآخر مرشح نيابي عن الدائرة الانتخابية الثالثة في فلوريدا، جمهور المدونة الصوتية قائلاً يجب على السياسيين أن يدركوا أنه "ما لم تتفهم فعلاً كيف هو الوضع بالنسبة للناس العاديين، وكيف هو الوضع بالنسبة لأناس مثلنا، فإنك لن تستطيع أن تمثلنا".

هذه هي الروح التي شهدتها مرة تلو أخرى، فيما كان هؤلاء السياسيون المحتملون يعرضون أنفسهم لصدمة خوض التجربة الانتخابية، مع العلم أنهم يتمتعون في بعض الأحيان بحياة ناجحة على الصعيدين الشخصي والمهني، ويعلمون حق العلم الثمن الذي سيدفعونه هم وعائلاتهم في إطار الحملة الانتخابية.

وأحياناً يكون دافع الناس للترشح في الانتخابات هو الظلم الذي تعرضوا له هم أو بعض معارفهم. وفي كل الحالات، فقد رفض هؤلاء الخيار الأسهل المتمثل في خدمة المصالح الخاصة ومحاباة المؤسسة السياسية، واختاروا بدلاً من ذلك النضال من أجل القضية التي يؤمنون بها بقوة. بعد كل شيء، وكما تتساءل شخصية لين مانويل في المسرحية الغنائية "هاملتون": "إذا كنت تقف من أجل لا شيء، فما الذي سيؤدي إلى سقوطك؟". هذا سطر جذاب من عمل يحقق رواجاً في المسرح الغنائي العالمي، بيد أنه يجسد أيضاً رسالة مهمة موجهة لكل من يسعى إلى تبوؤ منصب عام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد إنهاء كل حلقة من العمل مع أحد المرشحين الذين قد يعتبرون ممن يصارعون للسير عكس التيار، وجدت نفسي مرة تلو الأخرى، معجباً بعزيمتهم. قد لا يحققون نصراً انتخابياً هذه المرة، لكنهم من الواضح أنهم يفعلون ما في وسعهم لتحويل الاتجاه السياسي برمته. وهذا الأمر من شأنه أن يعطينا الأمل جميعاً، نحن المؤمنون بالديمقراطية.

وعلى الرغم من أن الإخفاق مرجح بالنسبة لكثير من المرشحين التقدميين في الانتخابات الأميركية الراهنة، فإن هدفهم الأكثر واقعية هو خلق تأثير إيجابي، يترك بصمة أمل في عالم غالباً ما تسوده الفوضى والخوف.

إن النقاشات التي أثارتها هذه الحملات المتواصلة؛ وحتى تلك التي تواجه صعوبات، بالإضافة إلى القضايا التي تسلط الضوء عليها، كل هذه العوامل تؤدي إلى تغيير نمط الحوار. وأحد هذه الأمثلة على ذلك يتمثل في المحادثة المتعلقة بـ"الرعاية الطبية للجميع" (ميدكير فور أول). فقد كانت هذه الفكرة حتى سنوات قليلة خلت، هامشية، يؤيدها بيرني ساندرز وترفضها غالبية أعضاء الكونغرس. أما الآن، فقد صار دعم فكرة منح "الرعاية الطبية للجميع" أساساً أشبه بالامتحان للديمقراطيين. صحيح أن ساندرز لم يفُز بترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، لكن من الصحيح أيضاً أن جهوده ساعدت على الاعتراف بهذه القضية وإضفاء الشرعية عليها من أجل حل محتمل لأزمة الرعاية الصحية في أميركا. وثمة فكرة أخرى تحظى بدعم متزايد؛ نظراً لإلحاح التقدميين عليها وهي "الدخل الأساسي الشامل"، وأعتقد شخصياً أننا قد نسمع المزيد عن ذلك في السنوات المقبلة.

لقد باتت الأفكار التي اعتُبرت يوماً متطرفة تحظى حالياً بالقبول كجزء من التفكير السائد. ومن خلال الترويج لأفكار يؤمنون بها، حتى وإن كانت هذه الأخيرة غير قادرة على ترجيح كفتهم سياسياً، وبالتالي غير مفيدة لهم من هذه الناحية، يبدو المرشحون التقدميون أحياناً مصدر إلهام لآخرين للانضمام إلى الحملة، والتطوع، أو على الأقل المشاركة في التصويت. وفي بعض الأحيان، قد يحرزون النصر فعلاً، كما حصل للنائبة ألكساندريا أوكاسيو – كورتيز، التي مثَّل نجاحها عام 2018 رافعة لجهود الآخرين.

إن الحملات التي يقوم بها المرشحون الذين كنت محظوظاً بما فيه الكفاية لإجراء مقابلات معهم، توفر لنا جميعاً مصدر إلهام. دعني أقل ببساطة: لا تخف من الفشل في تحقيق هدفك الشخصي المباشر، لأن الأثر البعيد المدى الذي قد تحدثه، يمكن أن يكون هائلاً.

(إدوارد هاردي هو مقدم "ذا هاردي ريبورت")

© The Independent

المزيد من آراء