تستعد الحكومة المصرية لطرح سندات سيادية خضراء للمرة الأولى، على أن تستخدم الحصيلة في تمويل مشاريع تضع سياسة الحفاظ على البيئة والمناخ على رأس أولوياتها، بقيمة مبدئية تصل إلى 500 مليون دولار.
وتمتلك مصر حزمة مشاريع خضراء مؤهلة للتمويل الدولي، تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 1.9 مليار دولار أميركي، موزعة على عدد من القطاعات، يختص قطاع الطاقة المتجددة منها بـ 16 في المئة، ويستحوذ قطاع النقل النظيف على 19 في المئة، وتتضمن الحزمة 26 في المئة لقطاع الإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي، فيما ستستخدم 39 في المئة للحد من التلوث والسيطرة عليه.
تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب
من جانبه، قال وزير المالية المصري محمد معيط، في بيان، إن طرح السندات الخضراء الحكومية السيادية بالأسواق العالمية يسهم في تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب باقتصاد البلاد، ودعم مستويات نموها الحالية والمستقبلية. وأضاف أن هذا نوع من السندات يسهم أيضاً في جذب مزيد من المستثمرين الذين يهتمون بالعوائد البيئية والمالية، وتحسين التصنيف البيئي لمصر.
وتابع أن مكتب "Vigeo Eiris"، أحد الجهات التابعة لوكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، أجرى المراجعة المستقلة والتقييم اللازم لإطار العمل، ليتماشى مع أولويات الاستدامة الاستراتيجية لمصر.
استخدام العائد في مشاريع على أجندة الأمم المتحدة
وأكد معيط، "حصلنا أيضاً على رأي طرف ثان قوي في شأن جودة المشاريع الصديقة للبيئة المؤهلة وإطارها"، لافتاً إلى أن العائد من السندات الخضراء سيستخدم في تمويل المشاريع التي تعكس التزام مصر بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، بمختلف أبعادها سواء الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في ضوء "رؤية مصر 2030".
مشيراً إلى أنه تم وضع إطار العمل الخاص بالتمويل الأخضر السيادي، بعد عقد اجتماعات ومشاورات عدة مع وزارات التخطيط والتنمية الاقتصادية والبيئة والكهرباء والطاقة المتجددة والنقل والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، التي أعدت قوائم بالمشاريع صديقة البيئة المؤهلة، والمعلومات المطلوبة وفقاً للاستشارات المُقدمة من مستشاري هيكلة الطرح "Crédit Agricole CIB and HSBC"، وأن المجلس الوطني لتغير المناخ برئاسة رئيس مجلس الوزراء المصري يتولى إدارة سياسات المناخ في البلاد، لضمان التنسيق المستدام والفعال بين أجهزة الدولة في هذا الشأن.
البنك الدولي يقدم المساعدة الفنية
وأكدت المدير الإقليمي للبنك الدولي بمصر مارينا ويس، استعداد البنك الدولي باعتباره رائداً عالمياً في التمويل المستدام، لتبادل المعرفة والخبرة مع الحكومة المصرية، وتقديم المساعدة الفنية لتخصيص ما بعد الإصدار وإعداد التقارير السنوية اللازمة، على نحو يساعد في تطوير هذا "الحل التمويلي المستدام الجديد بيئياً واجتماعياً واقتصادياً".
وقالت رئيس السندات المستدامة ببنك "HSBC" فارنام بيد جولي، ورئيس الخدمات المصرفية المستدامة ببنك "CA-CIB" أنطوان روز، إن إطار العمل للسندات والصكوك الخضراء الخاص بمصر يتوافق مع مبادئ السندات الخضراء لرابطة أسواق رأس المال الدولية، حين تضمن الإجراءات المتبعة لضمان الشفافية والإفصاح في ما يتعلق باستخدام العائد والأثر البيئي، مع الحفاظ على أفضل الممارسات الدولية، وفقاً لبيان وزارة المالية المصرية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الحكومة خصصت 7 في المئة للسندات الخضراء
وخصصت الحكومة المصرية نحو سبعة في المئة من إجمالي برنامج السندات الدولية، التي تعتزم طرحها خلال العام المالي الحالي 2020 - 2021، لطرح السندات الخضراء، عندما اعتمدت برنامجاً يستهدف طرح سندات بالأسواق الدولية، بقيمة إجمالية تبلغ سبعة مليارات دولار.
وقالت وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد، إن تفشي جائحة كورونا كشف مدى حاجة دول العالم، وليس مصر فقط، إلى التوسع في إنشاء المشاريع الخضراء، وتحفيز المستثمرين للدخول في شراكات لتمويل مشاريع صديقة للبيئة.
وأضافت لـ "اندبندنت عربية"، أنه "على المستوى المحلي قبل وأثناء تفشي جائحة كورونا ركزت الحكومة المصرية على دمج معايير الاستدامة مع عمليات التنمية كافة من خلال مدخلين، أولها التنسيق مع وزارة التخطيط لاعتماد معايير الاستدامة في الخطة الوطنية التي تمول من موازنة الدولة العامة، والثاني يتمثل في العمل مع وزارة المالية لطرح السندات الخضراء، مما يشجع القطاع الخاص للدخول فيها"، مؤكدة "السعي إلى دمج التمويل الأخضر في استثماراتنا المحلية، سواء كانت هذه الاستثمارات من موازنة الدولة أم من خلال الشراكة مع القطاع الخاص".
400 مليار دولار مقابل السندات الخضراء العام الحالي
ويشير موقع "climate bonds" الدولي المتخصص في حصر السندات الخضراء بحسب دراسة تحليلية، على أنه يتوقع ارتفاع قيمة السندات الخضراء نهاية العام الحالي إلى 400 مليار دولار، وهو رقم قياسي عالمي جديد، بعد أن قفزت قيمتها نهاية 2019 لتصل إلى 255 مليار دولار، بزيادة بلغت نسبتها 49 في المئة، مقارنة بالقيمة التي سجلتها في 2018، البالغة 171.1 مليار دولار أميركي.
وتشير بيانات سندات المناخ، إلى أن أكبر سوق دولية للسندات الخضراء في 2019 كانت الاتحاد الأوروبي، بقيمة 106.7 مليار دولار من الإصدارات السنوية، وبشكل إجمالي تمثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي 73.7 في المئة من إجمالي السندات الخضراء التي تم إصدارها العام الماضي، حيث بلغ إجمالي الإصدارات للصين بموجب اللوائح المحلية أكثر من 53 مليار دولار، تتضمن 30 مليار دولار من قيمة هذه السندات التي تتماشى مع التعريفات الدولية لسندات المناخ.
وبلغت عائدات السندات الخضراء العام الماضي 25 مليار دولار، اقتنصت الطاقة النظيفة النصيب الأكبر منها بواقع 31.5 في المئة بقيمة 80.2 مليار دولار، تلتها المباني منخفضة الانبعاثات الكربونية، بنسبة 29.3 في المئة بقيمة 74.8 مليار دولار.
كورونا تخفض إصدارات السندات الخضراء
وبعيداً عن التوقعات، انخفضت إصدارات المؤسسات المالية للسندات الخضراء للنصف تقريباً خلال العام الحالي، عندما حولت الجائحة أولوية البنوك لتلبية حاجات عملائها الحاليين للتخفيف من أثر التباطؤ الاقتصادي.
وخفضت وكالة موديز توقعاتها في شأن مبيعات السندات الخضراء خلال 2020 من 300 مليار دولار إلى ما بين 175 و225 ملياراً، مؤكدة أن هذا هو الاتجاه حول العالم بما في ذلك اليابان، التي سينخفض إصدار السندات الخضراء بها خلال 2020 للمرة الأولى منذ سبع سنوات، بالرغم من إصدارها كمية قياسية من السندات الخضراء وصلت إلى 2.7 مليار دولار خلال الربع الأول، وفقا لـ "ستاندرد آند بورز".
ما هي السندات الخضراء؟
وفق البنك الدولي، تعد السندات الخضراء بمثابة صك استدانة يصدر للحصول على أموال مخصصة لتمويل مشاريع متصلة بالمناخ أو البيئة والاستخدام المحدد للأموال، التي يتم الحصول عليها لمساندة تمويل مشاريع معينة، وهو ما يميز السندات الخضراء عن نظيرتها التقليدية، حيث يقيّم المستثمرون الأهداف البيئية المحددة للمشاريع التي تهدف السندات إلى مساندتها.
ومن ضمن أهم المشاريع التي يمكن إصدار سندات خضراء لتمويلها، مشاريع الطاقة المتجددة، وكفاءة استخدام الطاقة والإدارة المستدامة للنفايات، والاستخدام المستدام للأراضي والنقل النظيف، والإدارة المستدامة للمياه، والتكيف مع تغير المناخ والمدن الجديدة.
ويؤكد البنك الدولي أن السندات الخضراء تساعد أيضاً في زيادة الوعي بالبرامج البيئية للمصدّرين، وتبيّن أنها أداة فاعلة في زيادة الوعي، وفتح حوار موسع مع المستثمرين في شأن المشاريع التي تساعد على التصدي لتغير المناخ وغيره من التحديات البيئية.