Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تذوب قومية العفر في توجهات رئيس الوزراء آبي أحمد؟

ما زال معترفا بها سياسيا في مختلف عهود إثيوبيا منذ القرن التاسع عشر

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد (أ ف ب)

توفي السلطان حنفري علي مرح، زعيم قومية العفر وسلطان سلطنة أوسا العفرية الاثنين، عن عمر ناهز الـ 70 سنة. شغل السلطان علي مرح منصب حاكم إقليم العفر في أوائل تسعينيات القرن الماضي، وهو أحد القادة المؤسسين لجبهة تحرير عفر عام 1972 التي قاومت النظام الشيوعي في إثيوبيا، وتولى زعامة السلطنة الواقعة في شمال شرق إثيوبيا، خلفاً لوالده السلطان علي مرح حنفري الذي توفي في أبريل (نيسان) عام 2011.

السلطنة العفرية 

يرجع تأسيس السلطنة إلى القرن التاسع عشر خلال عهد السلطان الأكبر محمد حنفري (سلطان أوسا). ويروي التاريخ ما كان بينه وبين منليك الثاني ملك الحبشة من علاقة كدليل على استقلال الكيان العفري وتميزّه عن الأحباش في التقاليد واللغة والمعتقدات. وظلت سلطنة عفر معترفاً بها على مختلف عهود إثيوبيا على نهج السلطنات المحلية. وخلال عهد الامبراطور هيلاسلاسي كانت لها وضعيتها ذات الخصوصية في إشراف السلطان علي مرح على رعيته المسلمة في الأحوال المدنية وفض المنازاعات، وتطوير الاقليم داخل كيان الدولة الإثيوبية. وجمعت السلطان الوالد علي مرح وأولاده علاقة خاصة بالسعودية التي لجأ إليها خلال العهد الماركسي للرئيس منغستو هيلا مريام عام (1974-1991).

تقع السلطنة العفرية شمال شرق إثيوبيا، تحدّها من الشمال (أريتريا)، ومن الجنوب (الصومال الغربي)، ومن الشرق جيبوتي، ومن الغرب أجزاء من اقليم اروميا، ويقدر عدد سكانها بثلاثة ملايين نسمة جميعهم من المسلمين، وتعرف هذه المنطقة إصطلاحاً "بالمثلث العفري". وتتمدد جغرافيتها السياسية لتشمل جيبوتي وأجزاء من أريتريا وجميع هذه المناطق ذات ولاء نفسي لسلطانها في إثيوبيا.

تتألّف معظم أراضي السلطنة العفرية من السهول والوديان وتتنوّع درجات الحرارة في أرجائها بحكم البيئات الطبيعية. يعطي موقعها الاستراتيجي، وخصوبة أراضيها، ووفرة المياه وكميات الطمي التي يجلبها نهر أواش من مرتفعات الحبشة، ميزات اقتصادية. خطى السلطان حنفري علي مراح على درب والده في تطوير السلطنة، وإدخال وسائل الزراعة الحديثة، وجلب الخبراء والمهندسين للإشراف على مزارع القطن والفواكه والخضروات والحبوب المختلفة. وتشتهر السلطنة أيضاً بالثروة الحيوانية وكميات من المعادن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حسب الوصف التاريخي تعتبر سلطنة العفر الوحيدة التي احتفظت بوجودها في منطقة القرن الإفريقي وداخل الدولة الإثيوبية حيث شابهتها العديد من الممالك التاريخية التي نشأت في الداخل الإثيوبي كممالك جما، وشوا، وقرب سواحل البحر الأحمر كممالك عدل وإيفات، إلا أنها انهارت ولم يتسنى لها الصمود. خلال عهد الرئيس الراحل ملس زيناوي ظلت للسلطنة مكانتها المرموقة حيث مثّل العفريون إلى جانب القوميات الأخرى داخل تحالف "الجبهة الديمقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية" دوراً هاماً في إسقاط النظام الشيوعي.

تعتبر القومية العفرية والقومية الصومالية شرائح هامة في المجتمع الإثيوبي إلى جانب القوميات الرئيسية الأخرى كقومية الارومو وقومية امهرا، وقومية تقراي، وللقومية العفرية ترتيباً متقدماً ضمن هذه القوميات بحكم عدد السكان، ومساحة الاقليم الذي يشكل خمس مساحة إثيوبيا، فضلاً عما يحتفظ به من أراض زراعية خصبة وثروات حيوانية متعددة. 

القومية والوطنية

بعد سقوط النظام الماركسي وتولي الرئيس ملس زيناوي الحكم شكل اقليم عفر كياناً سياسياً معترفاً به ضمن النظام الفيدرالي الذي ضم وقتها تسعة أقاليم هي اقليم الارومو، اقليم أمهرا، واقليم التيجراي، واقليم بني شنقول قمز، والاقليم الصومالي، واقليم جنوب إثيوبيا، واقليم هرر، واقليم قامبيلا، والاقليم العفري إضافة لاقليم أديس أبابا الإداري. واحتفظت هذه الأقاليم بطابعها القومي وفق ما كفله لها الدستور بالاحتفاظ بالخصائص القومية من لغات، وثقافة، وتنافس اقتصادي في ما تملكه من ثروات متباينة. وخلق هذا نوعاً من تغليب القومية، وأثرّ كثيراً على استقرار إثيوبيا خلال المرحلة السابقة، ما حدا برئيس الوزراء آبي أحمد إلى تبني فلسفة جديدة في النهج الفيدرالي تقوم على تغليب الإنتماء الوطني على الإنتماء القومي، بدأها بتشكيل حزب "الازدهار" كبديل للحزب الحكومي السابق "الجبهة الثورية الديمقراطية للشعوب الإثيوبية" (حزب ملس زيناوي). ولاتزال خطوات أحمد في خلق كيان إثيوبي جامع تلقى صعوبات في تذويب القوميات الإثيوبية التي بلغ تعدادها الآن عشرة أقاليم بعد انفصال قومية السيداما وتشكيلها أقليماً عاشراً حيث هناك مطالبات لقوميات أخرى تسعى للإنفصال عن كيانها الاقليمي كقومية ولايتا التي يضمها اقليم جنوب إثيوبيا إلى جانب قوميات أخرى صغيرة. 

تحديات المرحلة

ويرى المراقبون أن من أهم التحديات التي تواجه المرحلة القادمة تحت رئاسة آبي أحمد هي إدارة الفيدرالية ضمن الأهداف الكبرى للدولة الإثيوبية نحو تحقيق السلام الاجتماعي، والتنمية التي يقودها مشروع سد النهضة. جدير بالذكر أن خطط ومشاريع الحكومة التنموية ظلت تصطدم في بعض الأحيان بتعصبات قومية في بعض الأماكن تتسبب في تعطيل نشاط الشركات المستثمرة خاصة في المشاريع الزراعية. 

كما تشكل الأزمة الدستورية في الانتخابات المؤجلة تحدياً رغم نجاح الحكومة تجاوزه عبر التفويض الذي حصلت عليه من البرلمان باعتماد تفسيرات دستورية لحين ما تراه من تاريخ مناسب لعقد انتخابات جديدة.

هذا وتشهد المرحلة استقراراً على الرغم من سوء التفاهم مع بعض القوى السياسية التي تتقدمها قومية التيجراي "القيادة السابقة لإثيوبيا" والرافضة لمبدأ تأجيل الانتخابات.

ظلت قومية العفر عبر قيادتها السابقة تمثل سنداً ودعماً لحكومة آبي أحمد عبر تنظيمها السياسي جبهة تحرير العفر المشارك حالياً في الحزب الحكومي "الازدهار"، كما حظي الاقليم بدعم حكومي مركزي في العديد من المشاريع المحلية القومية، انعكست إيجاباً على حياة أهله. وكان رئيس الوزراء قد إستطاع إقناع السلطان العفري بالعودة من منفاه الإختياري بالولايات المتحدة إبان أول زيارة له لأميركا بعد تولية السلطة. 
 
مواساة سياسية

وأعرب رئيس الوزراء الإثيوبي عن حزنه العميق إزاء وفاته، وأضاف عبر حسابه على في تويتر "يحزنني سماع نبأ وفاة السلطان حنفري علي مرح، متقدماً بأخلص التعازي القلبية وأصدق المواساة لأهله وذويه وأصدقائه". كما قدم رئيس جمهورية جيبوتي اسماعيل عمر غيلي ورئيس الوزراء جيبوتي تعازيهم عبر صفحاتهم الرسمية. وقد تم دفن السلطان الإثنين في مسقط رأسه بمنطقة أيساعتا باقليم عفر بجوار والده. 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير