تتجه أنظار خبراء العمارة المسيحية صوب قطعة أرض في منطقة السقيلبية بريف حماة، المعروفة بغالبيتها المسيحية، لتخط أيديهم فوقها تصاميم كنيسة مشابهة لأهم كنائس المشرق، "آيا صوفيا" في تركيا، والتي حُولت إلى مسجد منذ فترة قريبة.
النسخة السورية
ويعمل فريق هندسي وخبراء واختصاصيون محليون بجهد لرسم عمارة مشابهة لإحدى أكبر الكاتدرائيات في العالم، إلا أن الأعمال الهندسية لا تزال في بدايتها، إذ يتجه التصميم الهندسي ليقارب الكنيسة الأم، خصوصاً في شكلها الظاهري وقبابها، إضافة إلى استشارات هندسية روسية، بحسب ما أكد مصدر مطلع لـ "اندبندنت عربية".
في وقت يذكر المصدر ذاته اهتماماً رسمياً روسياً بتشييد الكنيسة السورية، أخذ الاهتمام يتصاعد من قيادات في مركز القاعدة الروسية في ريف اللاذقية.
وتضيف المعلومات أن الكنيسة الجديدة تماثل في تصميمها الكنيسة الأرثوذكسية الأشهر لدى الروس، بعدما أثار قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في يوليو (تموز) الماضي جدلاً بتحويلها إلى مسجد بعد أن كانت متحفاً.
وكُتب على حجر أساس الكنيسة الرمزية في سبتمبر (أيلول) الحالي "ببركة مطران حماة وتوابعها نيقولاوس بعلبكي، ومباركة روسيا الاتحادية ممثلة بقائد تجمع القوات الروسية العاملة في سوريا العماد ألكسندر يوريفيتش تشايكو، وُضع حجر أساس كنيسة آيا صوفيا".
الجارة اليونانية
على الجهة المقابلة، يجد مراقبون أن قرار تحويل كنيسة يونانية إلى مسجد في منتصف شهر أغسطس (آب) الفائت، أثار كثيراً من الاستفزاز، لاسيما أن الرئيس التركي على شفير حرب مع جارته اليونانية، وأيضاً هي فرصة لتعزيز أسهمه الانتخابية والشعبية، وكسب مزيد من التيارات الإسلامية في بلاده.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلّق النائب التركي المعارض والمنتمي لحزب "الشعوب الديمقراطي" غارو بايلان حول القرار قائلاً إنه "تضحية برمز في بلادنا المتعددة الثقافات"، ما أرغم اليونانيين على استنكار هذا التصرف، حيث باتت كنيسة "آيا صوفيا" المدرجة ضمن قوائم التراث العالمي لدى "يونيسكو" بما تحويه من جداريات وفسيفساء وفن معماري، مُهددة بالخطر، وأعلنت عن ذلك رسمياً بالتزامن مع تحويل كنيسة بيزنطية ثانية إلى مسجد خلال شهر أغسطس الماضي.
طالت القرار في حينها انتقادات واسعة من قيادات ورجال دين داخل سوريا وخارجها، وجاء تعليق الخارجية الروسية عقب قرار تحويل كنيسة الحكمة الإلهية إلى مكان لعبادة المسلمين، بأنه "شأن داخلي".
في مقابل ذلك، رحب مجلس المفتين في روسيا بقرار القضاء التركي إعادة افتتاح آيا صوفيا للعبادة، وذلك خلال تصريحات صحافية أدلى بها نائب رئيس المجلس دمير مهاتدينوف، كما أعرب في سياق تصريحه عن ضرورة حماية الزخارف المسيحية الموجودة في البناء.
تطلع روسي
في غضون ذلك، تحث موسكو الخطى نحو الإعلان عن كنيسة جديدة تحمل الاسم نفسه والمواصفات المعمارية نفسها، إذ يجد مراقبون أنه من الصعب جداً استنساخ كاتدرائية تضاهي جمال وبراعة "آيا صوفيا" التي بُنيت في إسطنبول وقت كانت تسمى قسطنطينية، عام 532 للميلاد.
وبينما اعتبر نائب رئيس مجلس الدوما الروسي فيتالي ميلونوف، أن "قرار تشييد الكنيسة السورية يظهر أن سوريا دولة لديها إمكان الحوار السلمي وتأثيره الإيجابي"، لوّح ناشطون معارضون للنظام إلى كون أنقرة دشنت العام الماضي كنيسة من دون أن تهدم أي مكان لعبادة المسيحيين في البلاد.
و"السقيلبية" كلمة آرامية تعني المقاوم، وهي ذات غالبية مسيحية، تقع شمال غربي مدينة حماة، وتبعد عنها 48 كيلومتراً، وقد تعرضت لهجمات من فصائل متطرفة، وشُكلت داخلها فرق عسكرية مدافعة من أهالي المدينة لصد هجمات المتشددين.
في هذه الأثناء، يؤكد قائد الدفاع الوطني في "السقيلبية" نابل شفيق عبدالله أن هذا الشروع تخليد لكنيسة "آيا صوفيا" في القسطنطينية، بعدما هدم أردوغان العلاقات الحضارية والإنسانية، كاشفاً أنه "سيُقام في ساحة الكنيسة نصب تذكاري لضحايا الدفاع الوطني والجيشين الروسي والسوري".
من جهة أخرى، تنظر الأوساط المعارضة للنظام السوري بريبة إلى التدخل الروسي، وإظهار الكرملين على أنه حامي المسيحيين في الشرق، بينما هم يسعون إلى التقرب من الجمهور الموالي تمريراً لمصالحهم الاقتصادية في سوريا.