Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا خصصت مئة مليار جينه إسترليني لمشروع طموح عن فحوص كوفيد، هل يستحقها؟

فلنتخيل أن برنامج "مونشوت" نجح، لكن قد يفتقد المبرر المنطقي في الاقتصاد

يعد التوسع في فحوص كورونا أداة رئيسة في كبح الجائحة (ميديسركيل.كوم)

في المؤتمر الصحافي الذي عقده الأربعاء الماضي، برر بوريس جونسون القيود الجديدة المفروضة على عدد الناس الذين يستطيعون الالتقاء اجتماعياً، وتحدث أيضاً عن خطة "مونشوت" Moonshot [بمعنى "الطموح"] للتعامل مع فيروس كورونا ببرنامج جماعي للفحوص سيعطي 10 ملايين شخص يومياً نتائج فحوصاتهم خلال بضع دقائق.

وتتلخص الفكرة في أن الناس لن يضطروا إلى الانتقال إلى مراكز الفحوص، ومعالجة العينات في المختبرات لن تكون ضرورية.

ووفق رئيس الوزراء، "تتطلب خطتنا، خطة "مونشوت" هذه التي أصفها، جهداً تعاونياً عملاقاً من الحكومة وقطاع الأعمال وخبراء الصحة العامة والعلماء وخبراء الخدمات اللوجستية وكثيرون جداً غيرهم. ويجري ذلك العمل الآن. وسنسرعه على مدار الساعة حتى نصل إلى الهدف. ونأمل في أن يصبح هذا النهج واسع الانتشار بحلول الربيع".

وسرعان ما وجدت مستندات حكومية طريقها إلى وسائل الإعلام، التي أشارت إلى أن البرنامج قد يكلف 100 مليار جنيه إسترليني (128 مليار دولار). وهذا، بعبارة لطيفة، مبلغ كبير.

إذ سيفوق ضعفي الميزانية السنوية للدفاع الوطني وسيساوي ضعفي ميزانية النقل. وسيوازي أيضاً تقريباً المبلغ الذي تنفقه الحكومة على التعليم. وسيزيد عن نصف إنفاق الحكومة البريطانية على الرعاية الصحية.

وفي المقابل، من المشكوك فيه أن تتمكن الحكومة من إنفاق هذا المبلغ من المال في فترة قصيرة من الزمن. وقد أكد "مكتب مسؤولية الميزانية" باعتباره الجهة المسؤولة عن التوقعات في وزارة المالية، أن الإدارات الحكومية كثيراً ما تنفق أقل من ميزانياتها الرأسمالية المخصصة لها، في إشارة إلى الأموال المخصصة لمشاريع البنية التحتية والبناء، ويحتسب المكتب هذا النقص في الإنفاق عندما يقدم توقعاته في شأن المالية العامة.

وعلاوة على ذلك، يضيف المكتب أن "التاريخ ( ) يبين أن زيادة الإنفاق الرأسمالي بسرعة أمر صعب في شكل خاص، ما يؤدي إلى نقص أكبر في الإنفاق بالمقارنة مع ما يحصل عندما تتطور حدود الإنفاق بسلاسة نسبية".

إذاً، فمن قبيل السذاجة المفرطة الاعتقاد بأن الحكومة يمكن أن تنثر 100 مليار جنيه إسترليني من الإنفاق العام على البنية التحتية لبرنامج جديد للفحوص من الآن وحتى الربيع المقبل، إذا استند [ذلك الاعتقاد] إلى تلك الأسس وحدها.

ومن المرجح أن تبرز تساؤلات في شأن الهدر والفساد، وفق ما تشهد على ذلك المحاولات المتعجلة من الحكومة لزيادة إمدادات معدات الحماية الشخصية في الأشهر الأخيرة، من طريق الشراء من موردين ذوي جدارة غير مثبتة.

على الرغم من ذلك، لنتخيل أن البرنامج ["مونشوت"] أمكن إنجازه بنجاح. هل سيكون منطقياً من الناحية الاقتصادية في ضوء حجم تكلفته المقدرة؟

ثمة حجة نظرية، بالتأكيد. إذا سمح برنامج فاعل وموثوق به للفحوص الجماعية للاقتصاد بإعادة فتح أبوابه بالكامل، بدلاً من أن يعاني من إغلاقات محلية أو حتى وطنية، فستتوفر بالتأكيد منافع اقتصادية كبيرة من ذلك.

ويقدر "مكتب مسؤولية الميزانية" مبدئياً أن مستوى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة بحلول 2025 قد يكون أقل بما يتراوح بين ثلاثة وستة في المئة عما جرى توقعه قبل الأزمة، نتيجة للندوب الناتجة عن ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض استثمار الشركات في الأعمال. وهذا يساوي نقدياً ما يتراوح بين 60 و120 مليار جنيه من الناتج الضائع في ذلك العام وحده. وستكون الخسائر التراكمية في الناتج من الآن وحتى ذلك الحين أكبر بكثير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

لذا، إذا جرى تنفيذ برنامج ثوري للفحوص الجماعية ومنع تلك الندوب، يمكن للمنافع الاقتصادية للبرنامج أن تفوق تكاليفه. واستطراداً، قد يسدد الاستثمار تكاليفه في شكل عوائد ضريبية أعلى تأتي من اقتصاد أكبر حجماً بالمقارنة [مع وضعه الآن].

في مقلب مغاير، حتى لو كان البرنامج المقترح موثوقاً به على نطاق واسع، فمن شأن حجمه الهائل أن يتسبب بتعقيدات.

وبحسب المتخصص في الإحصاء السير ديفيد شبيغلهالتر، فإن أي فحص من شأنه أن يعطي بعض النتائج الإيجابية الكاذبة، بمعنى وجود أشخاص يُخْبَرون أنهم مصابون، لكنهم ليسوا كذلك في الواقع. ومع توسيع نطاق الفحوص، يزداد عدد الأخطاء.

ووفق شبيغلهالتر، "حتى لو بلغت نسبة النتائج الإيجابية الكاذبة واحداً في المئة من الناس، ويكونون غير ناقلين للعدوى، وكانت الفحوص شاملة للبلاد كلها، يكون 600 ألف قد صُنِّفوا بأن لديهم نتائج إيجابية [بمعنى وجود الفيروس عندهم] من دون داع".

وفي مستند يعود إلى الأسبوع الماضي، أشارت "المجموعة الاستشارية العلمية الحكومية للطوارئ"، وهي الفريق الرسمي الحكومي للاستشارات العلمية، إلى أن شرط العزل لمدة 10 أيام قد يجعل إجراء فحوص مرتين أسبوعياً للسكان يتسبب في عزل حوالي ثلاثة في المئة من الناس في أي وقت من الأوقات.

وبعبارة أخرى، من الممكن أن تكون نتيجة نظام الفحوص الجماعية اضطراباً اقتصادياً إضافياً إذا اضطر الملايين من الناس في الأسبوع إلى التوقف عن العمل أو السفر، لأن الفحص الجديد أشار خطأ إلى أنهم يعانون من الفيروس.

في منحى متصل، يتفق خبراء الصحة العامة على أن فحوص فيروس كورونا على نطاق واسع تشكل أداة مهمة جداً في مجال الصحة العامة، بانتظار أن نحصل على لقاح عملي. وكذلك يؤيد معظمهم توسيع الفحص في المملكة المتحدة من قدرته الحالية البالغة حوالي 350 ألف فحص يومياً.

وتتمثل المشكلة في الخطاب عن خطة "مونشوت" الصادر عن الحكومة، في أنه يخاطر بإزاحة الموارد والاهتمام الرسمي، بعيداً عن الجهود اللازمة في زيادة القدرة وحل المشاكل الموجودة فعليّاً في نظام البنية التحتية الخاصة بالفحوص، لمصلحة شيء من العلاج التكنولوجي الطوباوي، وربما غير الواقعي.

© The Independent

المزيد من متابعات