Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كورونا: اللقاح الروسي "آمن ويحفز جهاز المناعة"

يقول خبراء إن الدراسة لم تثبت فعاليته بعد

اللقاح الروسي واحد من عشرات اللقاحات التي يجري تطويرها في العالم (رويترز)

يبدو أن اللقاح المضاد لفيروس "كورونا" الذي كشفت عنه روسيا، من دون اختباره بشكل كاف، آمن ويحفز رد فعل مناعياً مضاداً من الجهاز المناعي، بحسب ما أظهرت تجارب طبية أولية.

اللقاح واسمه "سبوتنيك في" Sputnik V، الذي أعلن الكرملين في أغسطس (آب) الماضي أنه سيدخل مرحلة الإنتاج الضخم في سبتمر (أيلول) الجاري على الرغم من أنّه أثار قلقاً دولياً بالغاً، لم يتسبّب بتأثيرات سلبية كبيرة في الجسم، وأدّى إلى تحفيز الأجسام المناعية المضادة لدى جميع الأشخاص الذين شاركوا في جولتين صغيرتين من فحوص طبية أولية. نُشرت هذه النتائج في المجلة الطبية "ذا لانسيت" The Lancet يوم الجمعة المنصرم.

في سياق متصل، قال خبراء لم يشاركوا في الدراسة إن النتائج التي تمخضت عنها الأخيرة "مشجعة إنما ضيقة النطاق"، ولم تثبت بعد فاعلية اللقاح أو استعماله الآمن.

وأعلن الكرملين أن "سبوتنيك في" نال موافقة الجهات التنظيمية في 11 أغسطس، ما يجعله اللقاح الأول في العالم المضاد لـ"كوفيد- 19" الذي يحصل على ترخيص لاعتماده، كاشفاً أنه يخطط لبدء حملة تحصين شاملة في سبتمبر. لكن عدداً من الخبراء استهجنوا إعلان روسيا ورأوا أنه "غير أخلاقي" و"متهور" و"أخرق"، بحسب وصفهم، ذلك أن اللقاح لم يخضع بعد لاختبارات على عدد كبير من البشر في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، علماً أنها ضرورية لإثبات الفاعلية وسلامة الاستخدام.

وانطلقت المرحلة الثالثة من تجارب اللقاح، الذي طوره "معهد غاماليا للبحوث" في موسكو العاصمة الروسية، الأسبوع الحالي وستشهد في نهاية المطاف إعطاء الحقنة لـ40 ألف متطوع.

وتناولت الدراسة المنشورة في "ذا لانسيت" المرحلتين الأولى والثانية من التجارب، اللتين تضمان عدداً قليلاً من المشاركين وترميان إلى معرفة ما إذا كان الدواء يجدي نفعاً، وما إذا كان يخلّف آثاراً جانبية أو ينطوي على أي مخاوف تتعلق بالسلامة، فضلاً عن التوصل إلى المستويات المناسبة من الجرعة.   

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 شارك ما مجموعه 76 متطوعاً في المرحلتين التجريبيتين اللتين اختبرتا تركيبة مجمّدة من اللقاح المقرر اللجوء إليه على نطاق واسع في سلاسل توريد عالمية متوفرة راهناً، ونسخة أخرى محفوظة بطريقة "التجميد المجفف" جرى تطويرها بغية توزيعها في مناطق نائية. وحث اللقاح على ظهور رد فعل مناعي مضاد لدى جميع المشاركين في غضون 21 يوماً من أخذ الجرعة، ولم تُرصد أية آثار ضارة خطيرة على مدى 42 يوماً.

يبدو أن "سبوتنيك في" حث أيضاً على توليد الجسم استجابة الخلايا التائية T-cell  [نوع من خلايا الدم البيضاء وهي جزء أساسي من الجهاز المناعي]، التي من شأنها أن تساعد في توفير حماية طويلة الأمد ضد الفيروس.

يذكر أن اللقاح الروسي واحد من عشرات اللقاحات التي يُعمل على تطويرها حول العالم. وفي هذا المجال، تبين أن لقاحاً مرشحاً مضاداً لـ"كوفيد- 19" ابتكره باحثون في جامعة "أكسفورد" البريطانية يوفر استجابة مناعية قوية ضد الفيروس وهو آمن للاستخدام، وذلك وفق نتائج نُشرت في يوليو (تموز) الماضي متصلة بالمرحلتين الأولى والثانية من تجارب تضمنت ألفاً و77 شخصاً.

ولم تعتمد المرحلتان التجريبيتان الروسيتان الأولى والثانية، اللتان أُجريتا في مستشفيين روسيين، معياري التعمية والعشوائية، أي أن المشاركين كانوا يعلمون سلفاً بشأن تلقيهم اللقاح، ولم يجرِ توزيعهم عرضياً على مجموعات علاج مختلفة.

وكان المتطوعون بالغين وأصحاء تتراوح أعمارهم بين 18 و60، ولجأوا إلى العزل الذاتي ما إن جرى تسجيلهم لخوض التجربة، وأمضوا الـ28 يوماً الأولى التي تلت تلقيهم اللقاح في المستشفى.

قال الدكتور أوهيد يعقوب، كبير المحاضرين في وحدة "بحوث السياسات العلمية" في جامعة "ساسكس" البحثية البريطانية: "عادة، تمثل دراسة من هذا القبيل الأساس الذي يُستند إليه في البحث فيما إذا كان ينبغي المضي قدماً في تجارب أكبر والتكاليف المترتبة على ذلك. وفي ذلك الإطار، تبدو نتائج الدراسة مشجعة من ناحيتي السلامة والفاعلية الممكنة".

وأردف كبير الباحثين قائلاً، "ولكن، في سياق موافقة الجهات التنظيمية، لا يقترب تصميم المرحلتين الأولى والثانية من الدراسة وحجمهما إطلاقاً من الحدّ الكافي لمعايير الموافقة المُعترف بها على نطاق واسع. لم تكن الدراسة عشوائية، ولا كبيرة بالقدر الكافي لاكتشاف المشكلات النادرة المتعلقة بالسلامة".

في تعليق مستقل نشرته "ذا لانسيت" إلى جانب الدراسة، قال الدكتور نيور بار- زيف من "المركز الدولي للحصول على اللقاحات" في بالتيمور بالولايات المتحدة الأميركية، إن نتائج التجربة كانت "مشجعة ولكنها صغيرة".

وكتب يقول: "إن القدرة على توليد المناعة (الاستمناع) immunogenicity تبشر بالخير، على الرغم من أن شيئاً لا يمكن استنتاجه بشأن "الاستمناع" لدى الفئات العمرية الأكبر سناً، ولم تتبين بعد الفاعلية السريرية لأي لقاح مضاد لـ"كوفيد- 19. صحيح أن النتائج المتعلقة بسلامة الاستخدام مطمئنة حتى الآن، بيد أن الدراسات ما زالت صغيرة جداً على أن تكون قادرة على تناول الآثار السلبية الخطيرة الأقل شيوعاً أو النادرة."

وأقرّ الباحثون الروس من جهتهم، بالحاجة إلى إجراء اختبارات إضافية بغية تقييم اللقاح ضمن مجموعات مختلفة من الناس، بما في ذلك الفئات العمرية الأكبر سناً والأشخاص الذين يكابدون حالات صحية مسبقة.

أما البروفيسور ألكسندر غينتسبيرغ، مدير "معهد غاماليا للبحوث"، فزعم أن "تدابير غير مسبوقة اُتخذت لتطوير لقاح مضاد لـ"كوفيد- 19" في روسيا"، وأن الدراسات السريرية الأولية "أفضت إلى حصول اللقاح على الموافقة المؤقتة".

وفي تصريح أدلى به وزير الصحة الروسي الأسبوع الماضي، كشف أن "الدُفعات الكبيرة الأولى" من اللقاح ستقدم الشهر الحالي، مع دعوته العاملين في مجال الرعاية الصحية والمدرسين إلى تلقي جرعة اللقاح قبل غيرهم من الناس، بصفة "طوعيّة تماماً".

بيد أن علماء دوليين حذروا من أن نتائج التجارب الروسية الأخيرة لم تشر إلى أي شيء لتبديد المخاوف بشأن السرعة في تعميم حقن اللقاح.

وتطرق إلى نتائج الدراسة أيضاً الدكتور مايكل هيد، وهو زميل بحوث أقدم في قسم الصحة العالمية في "جامعة ساوثهامبتون"، فقال إنه "في هذه المرحلة، لا نعرف ما إذا كان اللقاح يؤتي مفعوله فعلاً- هذا ما ستخبرنا به المرحلة الثالثة من تجارب".

"تكتسي ثقة الجمهور في أي لقاح مرخص له أهمية بالغة، والطروحات الصادرة عن كل من روسيا والولايات المتحدة التي تشير إلى احتمال التعجيل في إنتاج اللقاح من دون إجراء بحوث كافية، شائكة. يجب أن نتحلى بالصراحة والشفافية بشأن نجاعة كل اللقاحات المرشحة وسلامة استخدامها. في النهاية، حري بنا ألا نصب وقوداً إضافياً على النار التي تشعلها جماعات الضغط الرافضة للقاحات".

© The Independent

المزيد من صحة